المحتوى الرئيسى

بايدن والنفط.. من يهمس في أذن الرئيس؟

12/04 22:23

على مدار عقود طويلة تخللتها حروب عدة، تألقت دول وسقطت أخرى، سمعنا وشاهدنا قصص نجاح هائلة وأيضا قصص فشل مريع لدول وسياسيين.

لكن الورقة الدوارة بين صفحات كل تلك القصص كانت ورقة النفط، فهل تعلمنا الدرس؟ وهل استعد العالم لأفكار الرئيس الجديد للولايات المتحدة الأمريكية؟ ومن سيهمس في أذن الرئيس المنتخب جون بايدن؟ خاصة فيما يتعلق بقضايا النفط العالمية.

مبدئيا الجميع يعرف أن جو بايدن "الديمقراطي"، ينتمي لمدرسة من الرأسمالية تميل إلى حماية البيئة وأنه من الذين يحاربون الوقود الأحفوري لوقف أو إبطاء التغير المناخي، إلا أن كل ما تعدى ذلك يحتاج إلى توضيح بسبب كمية المعلومات الخاطئة التي نشرها دونالد ترامب وحملته الانتخابية، وبسبب التفريق بين المأمول والممكن، وبين الحملات الانتخابية وأرض الواقع، وما نتج عن ذلك من تصريحات وتناقضات.

تلك التناقضات التي أغرقت العالم شرقا وغربا شمالا وجنوبا، باتت رهن الإجابة على السؤال الأول: هل استعد العالم لأفكار بايدن وأجندته؟

أجندة بايدن الخاصة، ستدعم الطاقة المتجددة، خاصة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، لكن في المجمل لا أثر لهذه السياسات في الطلب على النفط لسبب بسيط، وهو أن الطاقة الشمسية وطاقة الرياح تستخدم في توليد الكهرباء، وإحصائيا فإن نسبة الكهرباء المولدة من النفط في الولايات المتحدة حوالي 1% فقط، ومن ثم فإن تشجيع الطاقة الشمسية والرياح سيأتي على حساب المصادر الأخرى التي تستخدم في توليد الكهرباء، مثل الفحم، والطاقة النووية، والغاز الطبيعي، كما أن زيادتها عن حد معين يعني أن الطاقة المتجددة تنافس نفسها.

تحمل أجندة بايدن أيضا ملفا لتشجيع السيارات الكهربائية، التي تخفض الطلب على النفط، ما يدفعه أيضا لتشجيع إنشاء البنية التحتية للسيارات الكهربائية بما في ذلك تكثيف عدد محطات الشحن، ومع وجود البنية التحتية سيتشجع بعض الناس على شراء سيارة كهربائية، ولكن هذا سيحدث على مدى سنوات، وليس شرطا أن يكون خلال رئاسة بايدن، إذن فإن مشكلة بايدن أنه من الصعب حاليا زيادة الإنفاق لدعم الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية في ظل عجز تاريخي في الموازنة، وارتفاع مستويات الدين الحكومي الأمريكي إلى مستويات تاريخية.

تاريخيا ارتباط النفط بالسياسة والتصقا على طول الخط، فالنفط والسياسة توأمان، وهناك تداخل كبير بينهما على عدة مستويات، فالعوامل السياسية تؤثّر في أسواق النفط، كما أن النفط يؤثّر في القرارات السياسية، وقامت حكومات الدول العظمى بدعم مصالح شركات بلادها النفطية سياسيا وعسكريا في الماضي، كما وضعت قواعد عسكرية في أماكن محددة لحماية منابع النفط والممرات المائية التي تمر منها الناقلات العملاقة لتأمينها.

الأحداث عبر العقود كثيرة ونذكرها جميعا، أبرزها الحرب العالمية الثانية، والمقاطعة النفطية عام 1973، والثورة الإيرانية في 1979، والحرب العراقية الإيرانية التي بدأت عام 1980، وغزو العراق للكويت في 1990، والحرب التي تلتها، ثم الغزو الأمريكي للعراق، والربيع العربي عام 2011، كما تتضمن المقاطعات الاقتصادية التي فرضتها أمريكا أو الأمم المتحدة على عدد من الدول النفطية، والهجمات الإرهابية على المنشآت النفطية التي يشنها الحوثي بدعم من إيران الغارقة في كره جيرانها اقتصاديا وسياسيا.

فالسياسات المعادية للنفط في عدد من البلاد هي جزء من العلاقة بين السياسة والنفط، فربط هذه الدول بين النفط والتغير المناخي، ثم تبني سياسات بناء على ذلك، هو في النهاية قرار سياسي بغض النظر عن الحقيقة، وعما إذا كانت هذه السياسات ستنجح أم لا، مع ضرورة أن تقدم حلولا لكل هذه التعقيدات والمشكلات.

وهنا نعود إلى أجندة بايدن حيث الدعم الحكومي للطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية، أوجد صناعات معادية للنفط، ومصلحتها تقتضي استمرار العداء للنفط، وهذا يتطلّب إنشاء لوبيات لإقناع السياسيين بالاستمرار في العداء للنفط، وهنا لابد من التفكير مبكرا في من سيهمس في أذن الرئيس الأمريكي المنتخب جون بايدن الذي استقبلته أسواق النفط بارتفاعات كبيرة، حتى لامس برميل النفط الخمسين دولارا في الأسبوع الأخير من نوفمبر محققة ارتفاعا بنسبة 9% في أسابيع قليلة، ما يشير إلى أن برميل النفط سيرتفع أكثر مع موجة كورونا الثانية عكس الموجة الأولى التي فرضت إغلاقا كليا في العالم.

أهم أخبار اقتصاد

Comments

عاجل