المحتوى الرئيسى

حكم صلاة الجمعة في المسجد بعد ارتفاع إصابات كورونا: اللي يخاف مايروحش

12/04 11:33

وسط وزارة الصحة المصرية، تحذيرات من عدم الالتزام بالإجراءات الاحترازية، في ظل ارتفاع إصابات فيروس كورونا المستجد "كوفيد 19" من جديد، مع تحذيرات من موجة قوية خلال شهري ديسمبر الجاري ويناير المقبل، ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤالا نصه: هل يجوز لمَنْ يخاف الإصابة بهذا الفيروس ألا يحضر لصلاة الجمعة؟ وهل عليه إثم في ذلك؟

قال الدكتور شوقي علام مفتي الديار المصرية، في رده على السؤال، إنه من غلب على ظنه لحوق الأذى والضرر بفيروس كورونا المستجد، جراء الاختلاط بغيره في صلاة الجمعة، بناء على كلام المتخصصين من أهل الطب في المناعة وغيرها، مما يمكن أن يزيد العدوى، فيرخص له عدم حضور الصلاة، ويصليها في البيت ظهرا.

وشدد المفتي، في فتواه التي نشرتها الدار عبر موقعها الرسمي، على أن الشخص الذي تحققت إيجابية مسحته وحمله لفيروس كورونا، يحرم عليه شرعا حضور صلاة الجمعة، لما في ذلك من إلحاق الضرر بالآخرين، لا سيما مع علم الشخص بكون مرضه ذا طابع معد.

أضاف علام: "تمتاز الشريعة الإسلامية الغراء بالتوازن بين مقاصدها الشرعية ومصالح الخلق المرعية، وفيها من المرونة ومراعاة الأحوال والتكيف مع الواقع ما يجعل أحكامها صالحة لكل زمان ومكان، وفي كل الظروف، وهذا يمكن المسلم من التعايش مع الوباء المعاصر مع الأخذ بأسباب الوقاية، دون أن يكون آثما بترك فريضة، أو ملاما على التقصير في حفظ نفسه وسلامتها.

والإسلام إذ فرض الفرائض والشعائر والعبادات، فقد علمنا أنها لم تأت بالحرج والعنت، بل لتزكية النفوس وتطهيرها، إذ قال تعالى: "ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون"، وأناطها بالاستطاعة، فقال تعالى: "لا يكلف الله نفسا إلا وسعها".

وجاءت النصوص، بأن حفظ النفس هو أهم المقاصد العليا التي جاءت بها الشريعة الإسلامية، وأن سلامة الإنسان في نفسه أعظم عند الله حرمة من البيت الحرام؛ فقال تعالى "ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة"، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "لا ضرر ولا ضرار" رواه الحاكم في "المستدرك" وصححه على شرط مسلم، والدارقطني والبيهقي في "السنن"، فإذا تعارضت سلامة الإنسان في نفسه مع واجب من الواجبات أو فريضة من الفرائض؛ قدمت سلامته، وروعيت صحته.

ويؤكد المفتي: "لهذا، فيجب على من حضر صلاة الجمعة، الالتزام التام بما قررته السلطات المختصة والجهات الصحية من أساليب الوقاية وإجراءات الحماية المختلفة، كالتباعد بين المصلين من كل اتجاه، وارتداء الكمامة الطبية، واصطحاب السجادة الخاصة بالمصلي، وترك المصافحة عقب الصلاة، والتعقيم بالمنظفات والمطهرات، وكل ذلك حفاظا على أرواح الناس، وحذرا من انتشار الوباء".

تابع علام: "يجوز شرعا في هذا الصدد لمن غلب على ظنه عدم استطاعته التزام إجراءات السلامة الوقائية، أن يتخلف عن أداء صلاة الجمعة، بناء على كلام المتخصصين من أهل الطب في المناعة وغيرها، مما يمكن أن يزيد في العدوى بفيروس كورونا، لأن خوف الإنسان على نفسه من وقوع الضرر هو من الأعذار التي تبيح التخلف عن حضور الجمعة في المسجد.

وأضاف: (عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر، لم تقبل منه تلك الصلاة التي صلاها» قالوا: ما عذره؟ قال: «خوف أو مرض» أخرجه أبو داود، والدارقطني في السنن، والحاكم في المستدرك، والبيهقي في "السنن الكبرى"، و"الصغرى"، و"معرفة السنن والآثار" قال الإمام البيهقي: "وما كان من الأعذار في معناها فله حكمهما".جاء في "مرقاة المفاتيح" لملا علي القاري (3/ 839، ط. دار الفكر): [(خوف)، أي: هو خشية على نفسه، أو عرضه، أو ماله] اه).

وأوضح أن معنى العذر الوارد في الحديث واسع يشمل كل حائل عن الجمعة مما يتأذى به ويخشى عواقبه؛ يقول الإمام ابن عبد البر المالكي في "التمهيد" (16/ 244، ط. أوقاف المغرب) عند شرحه لحديث: «من ترك الجمعة ثلاث مرات من غير عذر ولا علة؛ طبع الله على قلبه»؛ قال: [وأما قوله في الحديث «من غير عذر»: فالعذر يتسع القول فيه؛ وجملته: كل مانع حائل بينه وبين الجمعة مما يتأذى به ويخاف عدوانه] اه.

وقال العلامة الصاوي في "حاشيته على الشرح الصغير" (5/ 212، ط. دار الفكر): [(عذر يبيح الجمعة) أي التخلف عنها من كثرة مطر أو وحل أو خوف على مال أو مرض أو تمريض قريب ونحو ذلك] اه.

وجاء في "المقدمة الحضرمية" (1/ 45، ط. دار النشر): [أعذار الجمعة والجماعة المطر إن بل ثوبه ولم يجد كنا، والمرض الذي يشق كمشقته، وتمريض من لا متعهد له.. ومن الأعذار الخوف على نفسه، أو عرضه] اه. وقال العلامة المرداوي الحنبلي في "الإنصاف" (2/ 300، ط. إحياء التراث العربي): "(ويعذر في ترك الجمعة والجماعة المريض): بلا نزاع، ويعذر أيضا في تركهما لخوف حدوث المرض" اه.

وقال الإمام ابن حزم الظاهري في "المحلى بالآثار" (3/ 118، ط. دار الفكر): "ومن العذر للرجال في التخلف عن الجماعة في المسجد: المرض، والخوف، والمطر، والبرد، وخوف ضياع المال، وحضور الأكل، وخوف ضياع المريض أو الميت، وتطويل الإمام حتى يضر بمن خلفه، وأكل الثوم أو البصل أو الكراث؛ ما دامت الرائحة باقية، ويمنع آكلوها من المسجد، ويؤمر بإخراجهم ولا بد.. فأما المرض والخوف: فلا خلاف في ذلك" اه.

وعلى ذلك، فكل ما يسبب الضرر والأذى للنفس والغير هو من الأعذار المسقطة لفرض الجمعة في المسجد، ونحن مأمورون بدفع الضرر والأذى، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لا ضرر ولا ضرار» رواه أحمد، فالضرر باعتباره مفسدة يجب رفعه وإزالته إذا وقع، كما يجب دفعه قبل وقوعه.

أكد المفتي، أن من خاف على نفسه حصول الضرر بـ"فيروس كورونا المستجد" من الاختلاط بالآخرين، إذا غلب على ظنه عدم تنفيذ الإجراءات الوقائية الكاملة بالصورة التي تضمن سلامته، فله ترك الجمعة في المسجد، ويصليها في البيت ظهرا، والإثم والحرج مرفوعان عنه حينئذ.

وقال: "لا يصح الاعتراض: بأن الخوف من وقوع الضرر بالفيروس محتمل، فكيف يصح جعله من الأعذار المسقطة للجمعة، لأن سلامة الإنسان في هذه الحالة ليست فقط مرهونة على أخذه وحده بأساليب الوقاية، بل مرتبطة أيضا بمن سيخالطهم ويتعامل معهم، ومع تفاوت طباع البشر والاختلاف في ثقافة التعامل مع الوباء، وفي حرصهم على الالتزام بوسائل الوقاية واستكمال الإجراءات، ومع توقع تهاون البعض فيها، أو حصول التدافع غير المقصود، مع ما قد يستدعيه حضور الصلاة، مما قد يصعب معه الحرص على التباعد المطلوب، يضاف لذلك أن الضرر المحتمل هنا متعد للغير لا قاصر على الشخص نفسه".

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل