محسن فخري زادة: صراع داخلي إيراني على إرثه

محسن فخري زادة: صراع داخلي إيراني على إرثه

منذ 3 سنوات

محسن فخري زادة: صراع داخلي إيراني على إرثه

القاعدة السائدة هو أن الناس يتحدون في أوقات الشدة، وهل هناك سبب أفضل للوحدة من اغتيال شخصية قيادية، وإن كانت غامضة، على يد عملاء أجانب.\nقد يكون ذلك صحيحا في معظم الحالات، لكن ليس عندما تكون إيران هي الدولة المعنية، وبالتأكيد ليس لدى اغتيال محسن فخري زادة.\nوكان فخري زادة، الذي أطلق عليه البعض لقب "أبو البرنامج النووي الإيراني"، قد أغتيل في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي بالقرب من طهران في عملية تلقي إيران باللوم فيها بشكل لا لبس فيه على إسرائيل.\nوتعهدات إيران بالانتقام والعقاب فور تأكيد مصرعه، وبدا أن الاغتيال قد قرب الفصائل المختلفة في إيران من بعضها البعض لبضع ساعات، لكن ذلك سرعان ما تبدد.\nواندلعت المظاهرات عشية اغتيال فخري زادة وفي اليوم التالي لمصرعه، حيث طالب المتظاهرون بطرد المفتشين النوويين التابعين للأمم المتحدة وهتفوا "الموت لمن يريدون التسوية"، في انتقاد مباشر لحكومة الرئيس الإيراني حسن روحاني.\nوتدعم حكومة الرئيس الإيراني حسن روحاني المحادثات مع الغرب، وفي عام 2015 أبرمت اتفاقا نوويا مع القوى العالمية (جي سي بي أو إيه)، والذي بدأ في الانهيار بعد أن سحب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الولايات المتحدة من الاتفاقية في عام 2018.\nولم يمض وقت طويل قبل أن تدخل الشخصيات المتشددة في المعركة، وتحمل الحكومة المسؤولية.\nفقد زعم النائب البرلماني نظام الدين موسوي أن الحكومة ترفض وصف فخري زادة بأنه عالم نووي لضمان "عدم الإضرار بالمفاوضات النووية".\nومع خسارة ترامب الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة التي جرت في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وإعلان الرئيس المنتخب جو بايدن عن نيته العودة إلى الاتفاق النووي، يعتقد المحللون أن فرص تناول طهران وواشنطن قضايا خارج البرنامج النووي الإيراني قد تحسنت.\nمؤيد أم مناوئ للاتفاق النووي؟\nويقول المتشددون إن نظام التفتيش المنصوص عليه في الاتفاق النووي سمح للوكالة الدولية للطاقة الذرية بالوصول إلى فخري زادة، وكان على الحكومة أن تنفي ذلك الادعاء كل يوم تقريبا منذ عملية الاغتيال.\nويزعم عدد من المشرعين أن الاتفاق النووي سمح لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية التأكد من وجود فخري زادة وقاموا بتسريب المعلومات عنه إلى إسرائيل.\nوقد ذهب البعض إلى أبعد من ذلك، زاعمين أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية أجرت مقابلة مع فخري زادة وجمعت معلومات حساسة عنه مما سهل عملية اغتياله.\nوسرعان ما رفضت وزارة الدفاع المزاعم بأن فخري زادة، الذي كان نائباً لوزير الدفاع وقت مصرعه، قد تحدث إلى مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية.\nوقالت وزارة الدفاع الإيرانية إنها رفضت طلبات من الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة للتحدث إلى فخري زادة الذي كان يقود هيئة الابتكار والبحث فيها.\nونفى وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، كبير المفاوضين الإيرانيين خلال محادثات الاتفاق النووي، الاتهامات على موقع التواصل الاجتماعي إنستغرام في 30 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، قائلا إن الأمم المتحدة كانت على علم بفخري زادة قبل وقت طويل من توقيع الاتفاق النووي، منذ أن فرض مجلس الأمن الدولي عقوبات عليه في عام 2007.\nونشرت الحكومة في اليوم التالي، ولأول مرة، صورا للرئيس روحاني وهو يمنح فخري زادة وسام الخدمة من الدرجة الثانية لدوره في تأمين الاتفاق النووي.\nوقالت وكالة أنباء إيرنا التي تديرها الحكومة إنه حصل على التكريم في 8 فبراير/شباط عام 2016 مع أعضاء آخرين من فريق التفاوض الإيراني، ولكن في أجواء سرية وبعيدا عن وسائل الإعلام والجمهور "لأسباب أمنية".\nوقد أثار الإصدار المفاجئ للصور ضجة في إيران. وقد هدد فريدون عباسي ديواني، النائب في البرلمان والرئيس السابق لمنظمة الطاقة الذرية الإيرانية (إي إيه أو آي) "بالتحدث إلى وسائل الإعلام إذا حاول قبيلة الاتفاق النووي ( المؤيدون للاتفاق) الاستئثار بفخري زادة".\nوفي غضون ساعات بعد نشر الصور، بثت هيئة الإذاعة والتلفزيون الحكومية خلال برنامج تلفزيوني مباشر ما قالت إنه تسجيل صوتي لفخري زادة رافضا احتمال إجراء محادثات مع الولايات المتحدة.\nويقول الصوت في التسجيل: "لا يمكن المساومة مع أمريكا ما دامت أمريكا على ما هي عليه، وطالما أننا نعتزم اتباع القائد الأعلى".\nونظرا لأن فخري زادة ظل بعيدا عن أعين الجمهور ولا يعرف عنه سوى القليل جدا فمن الصعب التحقق مما إذا كان الصوت في التسجيل يعود إليه.\nوفخري زادة ليس أول شخصية بارزة في إيران تتقاتل عليها أجنحة السلطة المختلفة.\nفبعد اغتيال الجنرال قاسم سليماني في غارة أمريكية بطائرة بدون طيار في وقت سابق من العام الجاري، أشاد المسؤولون الحكوميون به وأشادوا بدوره "الاستشاري" الذي ساعد في إبرام الاتفاق النووي.\nوعلى الجانب الآخر، اعتبر منتقدو روحاني هذه الخطوة محاولة من حكومته لتعزيز مكانتها وسط ضغوط متزايدة بسبب ضعف الاقتصاد الناجم جزئيا عن العقوبات الأمريكية.

الخبر من المصدر