المحتوى الرئيسى

حكاية الملعونين.. «بيت المقدس» من التأسيس إلى الانهيار.. وماذا حدث مع أبناء القبائل في سيناء؟ (2- 3)

11/30 06:31

يواصل «أمان»، خلال الحلقة الثانية، رصد بداية تأسيس «تنظيم بيت المقدس» الإرهابي بعد تغيير اسم التنظيم من «بيت المقدس» إلى «ولاية سيناء»، تحت قيادة التكفيري المكنى "أبوهمام الأنصاري"، ومعه نوابه كمال علام، وشادي المنيعي، وسلمى المحسانة، والذين تمركزوا في سيناء وأعلنوا مبايعة "أبوبكر البغدادي"، أمير تنظيم "داعش"، ليتحول التنظيم إلى "ولاية سيناء".

«بداية تأسيس تنظيم بيت المقدس»

البداية كانت من خلال «توفيق فريج»، الذي عمل مساعدا لزعيمي جماعة «التوحيد والجهاد» خالد مساعد ونصر الملاحي، وفقا لبيان نعيه الصادر عن جماعة الأنصار في 14 مارس 2014.

2009، كان عام «فريج» الأخير داخل المعتقل عقب الإفراج عنه عن عمر يناهز الثامنة والأربعين؛ لتكون انطلاقته من تاجر العسل المقيم بمزرعته بالعريش إلى إرهابي تطارده الأجهزة الأمنية، وتزوج من شقيقة الشيخ فيصل الحمادين، وهو أحد رجال السلفية المشهورين فى شمال سيناء.

استغل «توفيق» علاقته بقبائل سيناء وشبابها عقب تفجيرات طابا وشرم الشيخ 2005، لتكون النواة الأولى لتنظيم جهادي، رفقة أصدقائه؛ ليترك عمله تاجرًا للعسل ليقود خلية إرهابية مع عناصره الجديدة، والتي شملت المعتقل السابق محمد خليل عبدالغني النخلاوي، قريب المحكوم عليه بالإعدام في قضية طابا أسامة محمد عبدالغني النخلاوي، وشقيق عصام النخلاوي المقتول في اشتباك مع ضابط الأمن الوطني القتيل بالعريش محمد أبوشقرة في يونيو 2013، وشقيق صبري النخلاوي خبير تجهيز السيارات المفخخة بالولاية.

«هروب المعتقلين من السجون فى يناير بداية تكوين التنظيم»

2011، وهروب المعتقلين من السجون، كان بمثابة النواة الحقيقية لتكوين تنظيم «بيت المقدس»، حيث تواصل «توفيق فريج» مع بعض المعتقلين المفرج عنهم والفارين من السجون، والتقى في أبريل 2011، بواسطة عضو الجماعة والمعتقل السابق محمد النخلاوي، المعتقل المفرج عنه محمد عفيفي، إذ سبق لهما التعرف على بعضهما البعض في معتقل الفيوم، وهو ما كشف عنه الرجل الثاني في التنظيم «محمد علي عفيفي بدوي » محامٍ (أمير سرايا أنصار بيت المقدس فى دلتا مصر)، بأنه كان معتقلًا بالسجون وكان صاحبًا لجلال أبوالفتوح، أحد قيادات تيار السلفية الجهادية، وأنه في غضون شهر أبريل 2011، وعلى إثر إنهاء اعتقاله التقى المتهم الثالث محمد بكري هارون، الذي التزم دينيًا منذ صغره وكانت له شخصية قيادية يستطيع من خلالها أن يؤثر على كل من يتعامل معه.

كما التقى أيضًا محمد السيد منصورى المكنى بـ«أبوعبيدة»، والسابق تعرفه عليهما أثناء فترة اعتقالهما، وبعد خروجه اتفقا مع المتهم «بكرى هارون» على السفر للجهاد فى سوريا، وبعد فشلهما فى السفر اتفقا على التواصل مع العناصر التكفيرية بسيناء، وتمكنا من التواصل مع عدد من معتنقي ذات الأفكار بسيناء، وتمكنا من لقاء توفيق محمد فريج زيادة مكنى «أبوعبدالله»، زعيم جماعة أنصار بيت المقدس، والمكنى «أبوعماد» مسئول التواصل والعلاقات ومتابعة الإعلام بالجماعة، واتفقوا خلال اللقاء على تبعيتهم لجماعة أنصار بيت المقدس وتأسيس ذراع لها بمنطقة الوادي، المحافظات جميعها عدا سيناء ومدن القناة، عن طريق تكوين عدد من الخلايا العنقودية تعمل كل منها بمعزل عن الأخرى، تكون مهمتها تخفيف العبء عن الجماعة فى سيناء.

وأسس «زيادة»، قائد التنظيم، هيكلًا تنظيميًا للجماعة قائمًا على إنشاء خلايا عنقودية تعمل كل منها بمعزل عن الأخرى، تلافيًا للرصد الأمنى، وتولى ضم عناصر للجماعة من معتنقى الأفكار التكفيرية من الهاربين من السجون فى 28 يناير 2011، وممن تلقوا تدريبات عسكرية على يد عناصر تنظيم القاعدة بالخارج وآخرين تم استقطابهم.

كان «عفيفي» الرجل الأهم في التنظيم، حيث كان مسئولا عن المتابعة والإشراف على الخلايا العنقودية بالمحافظات، عن طريق التواصل مع مسئول كل مجموعة منهم دون علمه بكافة أعضائها وفقًا لأمنيات الجماعة، وإصدار التكليفات العامة بالعمليات العدائية التي تنفذ ضد القوات المسلحة والشرطة والمسيحيين، وكذا المتابعة والإشراف على الخلايا المتخصصة بالجماعة.

وأعد «عفيفي» محورًا أمنيًا لأعضاء الخلايا لاستحالة ملاحقتهم، تمثل فى عدم التعامل بالاسم الحقيقي حتى مع قادتهم، والدأب على استعمال الأسماء الحركية فيما بينهم، وقطع كافة علاقاتهم السابقة وتغيير هواتفهم المحمولة، وعدم الصلاة فى مساجد معينة، كما أعد لهم محورًا فكريًا تمثل في دراسة فقه الجهاد تمهيدًا لتنفيذ أغراض التنظيم، ومحورًا عسكريًا تمثل في تدريبات عسكرية بسيناء.

ولدرايته بالعمليات الإرهابية نجح عفيفي في استقطاب المختصين من الجماعات، حيث كوّن خلية المهندسين واعتمد في تكوينها على ذوى الخبرة الهندسية من أعضاء الجماعة، الذين يتولون تصنيع الدوائر الإلكترونية للتفجير وعقد الاجتماعات المكثفة، حتى توصلوا لتقنيات خاصة في تصنيع الدوائر الإلكترونية للتفجير، منها ما يسمى دائرة الشباك، ويجرى بها التفجير عن بُعد باستخدام الهاتف المحمول عن طريق الاتصال بالهاتف الموصل بالعبوة المتفجرة، ويتم الرد تلقائيًا ثم إدخال رمز الشباك لإحداث التفجير، وتقنية أخرى هى ضبط الدائرة للتفجير فى توقيت محدد سلفًا، يصل لمدة شهر لاحق، وكذا لكون الخلية الكيميائية من خريجي الكليات العلمية وكليات العلوم اختص أعضاؤها بإجراء التجارب لتصنيع أفضل المواد البادئة للتفجير.

الرجل الثالث في التنظيم «محمد بكرى محمد هارون عبدالعزيز»، واسمه الحركي طارق زياد (تم إعدامه في خلية عرب شركس)، تلقى تدريبات أمنية وعسكرية بسيناء لمدة أسبوعين خلال شهر مارس عام 2012، درس خلالها علم رفع المنشآت وهندسة المتفجرات وفك وتركيب الأسلحة الناريةـ الكلاشنكوف، البيكا، المسدس ـ وأعقب ذلك استخدام عملي لتلك الأسلحة، وتفجير عبوة متفجرة، وأشرف قبل تلقيه تلك الدورة على سفر وإعداد مجموعتين من أعضاء الجماعة لحضور تلك الدورة، أولاها فى بداية عام 2012.

أنشأ «توفيق فريج» معسكرات بسيناء والإسماعيلية لإعداد عناصر الجماعة من خلال دورات عسكرية لتأهيلهم بدنيًا ورفع قدراتهم القتالية، حيث يتم تدريبهم على كيفية استخدام الأسلحة النارية وحرب المدن والشوارع، وإعداد وتصنيع العبوات المفرقعة وكيفية استخدامها، تمهيدًا لتنفيذ عمليات إرهابية بالبلاد.

اتخذ قيادات التنظيم من شمال سيناء معسكرات للتدريب في الجبال، حيث عملوا على استقطاب العناصر الراغبة في الانضمام إلى التنظيم وتسفيرهم إلى سيناء للتدريب على السلاح وعمليات الاغتيال، وتلقيهم دورات تدريبية على فك وتركيب الأسلحة وصناعة المواد المتفجرة، ومدة كل دورة تدريبية منها تقارب 14 يومًا، تبدأ بتدريبات بدنية ودراسة العلوم والتكتيكات العسكرية وفك وتركيب الأسلحة النارية، ثم الانتقال في اليومين الأخيرين للدورة للمناطق الجبلية، والتدريب الفعلي على الرماية بأسلحة نارية متعددة، مثل الكلاشنكوف والمسدسات والأسلحة الآلية المتعددة والبيكا، بهدف إعدادهم بدنيًا وعسكريًا، تمهيدًا لتنفيذ عمليات عدائية.

وكانت إسرائيل، وخطوط الغاز التي تمر عبر أراضي سيناء إلى إسرائيل، الهدف الأول للتنظيم، وبعد الإطاحة بالرئيس المعزول مرسي وسّعت الجماعة نشاطها، وبدأت بالتركيز على قوات الأمن والجيش المصريين في سيناء، ثم وسّعت في عملياتها لتشمل العاصمة القاهرة ومحافظة الجيزة وبعض المناطق الأخرى.

«الدعم المالي لعناصر بيت المقدس»

كشفت الذراع الثانية في تنظيم بيت المقدس عن أنهم كانوا يحصلون على التمويل والدعم المالي الخاص بهم من خلال تحويلات مالية من دولة عربية، يتم تحويلها من المتهم محمد أحمد العدوى شلباية، حركى «عادل»، بإجمالى مبلغ مليون وسبعمائة ألف جنيه أنفقت على أوجه نشاط الجماعة من احتياجات وأسلحة وغيرها وعلى عناصر الجماعة الهاربة، علاوة على مبلغ خمسين ألف جنيه من توفيق فريج.

كما اعتمد التنظيم فى تمويله على الأموال التي تأتي من خلال هجومهم على محلات الذهب المملوكة لمواطنين نصارى، حيث تم السطو على محل إسكندر واصف للمشغولات الذهبية بكفرالشيخ، بتاريخ ديسمبر 2013، والاستيلاء منه على ما يعادل 3 ملايين جنيه مشغولات ذهبية، والسطو المسلح على أموال مكاتب البريد، والاستيلاء على 126 ألف جنيه من مكتب بريد الشيخ زايد بالإسماعيلية.

مايو 2013، استولى عناصر «بيت المقدس» على نصف مليون جنيه من مكتب بريد بلقاس بالدقهلية، ومليون و200 ألف جنيه، بالإضافة إلى 25 ألف دولار من سيارة نقل أموال تابعة لبنك سوسيتيه جنرال بالإسماعيلية في أغسطس 2013، و60 ألف جنيه من مكتب بريد صقر قريش بالمعادى في ديسمبر 2013، و365 ألف جنيه من مكتب بريد عزبة شلبي بالمطرية في مارس 2014، و300 ألف جنيه من جهاز الصراف الآلى التابع لفرع البنك التجاري الدولي بمسطرد في مايو 2014، وفقًا لمذكرات النيابة العامة.

استخدم عناصر «بيت المقدس» كافة الأسلحة الخفيفة والثقيلة التي كانوا يحصلون عليها، حيث امتلكوا قاذف «آر بى جى»، و33 صاروخ كاتيوشا أحضرها توفيق في أكتوبر 2013، كما أن أحد عناصر التنظيم حصل على دورات تدريبية على تجهيز المفرقعات بألوية الناصر صلاح الدين بقطاع غزة، وقام عناصر من حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، فرع التنظيم الدولي لجماعة الإخوان بقطاع غزة، بتدريب المتهمين في معسكرات تابعة لكتائب عزالدين القسام، الجناح العسكري للحركة، كما أمدوهم بمعلومات عن طرق إعداد وتصنيع المواد المفرقعة، وبالأموال والأسلحة.

والتحق عدد من عناصر «بيت المقدس» بجماعات تابعة لتنظيم القاعدة الإرهابي بدولة سوريا، وتلقوا تدريبات عسكرية بها، كما تسلل "عبدالرحمن محمد راشد عواد"، و"أحمد جمال حسن سلمى"، حركى "وليد"، و"أحمد أشرف عبدالرحمن سرحان"، مكنى "أبوحمزة"، أحد عناصر خلية كتائب الفرقان المنبثقة عن التنظيم، فى أبريل 2012 لقطاع غزة، والتحقوا بمعسكرات تدريب كتائب عزالدين القسام هناك، بمعرفة كل من المدعو أيمن نوفل والمدعو رائد العطار، المنضمين لكتائب عزالدين القسام، وتلقوا تدريبات عسكرية تمثلت فى التكتيكات العسكرية والحركية والاقتحام وتطهير المبانى وقطع الشوارع وحرب المدن والعصابات، وكيفية استخدام الأسلحة النارية والآلية بمختلف أنواعها وقذائف الهاون، وإعداد المتفجرات بتوصيل الدوائر الكهربائية، كما شاركوا بمناورتين عسكريتين.

ووفقًا لاعترفات هانى مصطفى أمين عامر، المتهم الخامس بالتنظيم، فإن مسئول الإمداد بالجماعة أحاطه بعزمهم شراء عشرة صواريخ "كاتيوشا"، قيمة الواحد منها ستة آلاف جنيه، وقد تمكنوا من شراء تلك الصواريخ، وتهريبها للبلاد عن طريق الحدود السودانية، وأخفوها بمنطقة الصف بالجيزة، ونقلت عقب ذلك لمخزن بمدينة الشرقية، وتلفت على إثر الحريق الذى نشب بذلك المخزن.

ووفقًا لمذكرات أمن الدولة الدولة، اعتمد التنظيم في تمويله على ما تمده به كتائب القسام من أسلحة وذخائر وأموال، حيث أمدته بمجموعة من البنادق الآلية "كلاشنكوف" وقاذفين وقذائف (آر. بي. جي) وقنابل يدوية ومائة كيلوجرام من مادة (تي. إن. تي) وصواعق تستخدم في التفجير وبندقية قنص ومسدسين عيار 9مم، ومبلغ مالي يقدر بنحو ثمانية وعشرين ألف دولار.

قائد التنظيم تعاون مع «كمال علام وعشماوي وناصر أبوزقول»

عمل «فريج»، خلال فترة تأسيس تنظيم بيت المقدس، على البحث عن العناصر الخطرة التي لها باع في العمليات العسكرية والذين تلقوا تدريبات عسكرية مختلفة، حيث نجح فى الالتقاء بكمال علام وهشام عشماوي وناصر أبوزقول»، وتمكن فريج من تكوين مجلس شورى يرأسه أمير التنظيم توفيق محمد فريج زيادة، و9 خلايا موزعة على المحافظات، و6 مجموعات نوعية مكلفة بمهام مختلفة.

ونجح توفيق في تأسيس أخطر الخلايا الإرهابية، وتضم الخلايا التسع: «خلية الفرقان» بقيادة محمد أحمد نصر، و«خلية القاهرة الكبرى والمنطقة المركزية» بقيادة محمد منصور حسن، وتشمل محافظات القاهرة، والجيزة، والقليوبية، باستثناء منطقة المطرية المخصص لها مجموعة منفردة بقيادة عمر رفاعى سرور، مفتي شورى جماعة المرابطين بليبيا والذي تم تصفيته مؤخرًا، و«خلية الإسماعيلية» بقيادة محمود محمد سالمان، و«خلية الدقهلية» بقيادة أحمد محمد السيد عبدالعزيز السجينى، و«خلية كفرالشيخ» بقيادة مصطفى حسنى عبدالعزيز الكاشف، و«خلية الشرقية» بقيادة إبراهيم عبدالرحمن السيد عوض، و«خلية بنى سويف» بقيادة محمد عاشور مصطفى طه، و«خلية الفيوم» بقيادة سعد عبدالعزيز عبدالمجيد طلب، و«خلية قنا» بقيادة محمد السيد منصور.. وفيما يخص المجموعات النوعية الست، فهى تتشكل من عناصر بخلايا الجماعة، وآخرين يكلفون بمهام محددة، وتعمل تحت إشراف محمد على عفيفى بدوى ناصف، مسئول الجماعة بقطاع الوادي، ومحمد السيد منصور القيادي الجهادي.

«مجموعة التنفيذ» بقيادة أشرف على حسانين الغرابلى، وضمت عددًا من أعضاء الجماعة ممن تلقوا دورات بدنية وعسكرية، وذوى الخبرة فى استخدام الأسلحة النارية والمفرقعات، والمشاركة فى حرب المدن والشوارع، «مجموعة الرصد والتتبع وجمع المعلومات» بقيادة محمد بكرى هارون، وتتولى رصد أفراد القوات المسلحة والشرطة والقضاة، وعدد من السياسيين والإعلاميين.

«مجموعة الإعداد والتجهيز»، أو ما يُعرف بـ«اللجنة الهندسية»، بقيادة عبدالرحمن محمد سيد محمد أبوالعينين، وتضم عناصر مؤهلة عسكريًا ومدرّبة فنيًا، وتلقى أعضاؤها دورات كثيرة لتصنيع المفرقعات، وتتولى إعداد وتجهيز المفرقعات ودوائرها الكهربائية والإلكترونية، وتحديد طرق التنفيذ، سواء تفخيخ سيارات أو المنشآت المختلفة، وكيفية زرع العبوات الناسفة، وغير ذلك.

«مجموعة تدبير الإيواء والإقامة والهروب ونقل الأسلحة» بقيادة محمد السيد منصور حسن إبراهيم، ومهمتها توفير مقار لإيواء عناصر الجماعة عقب تنفيذ عملياتهم الإرهابية، وتأمين تحركاتهم بعيدًا عن الرصد الأمنى، وتهريب الأسلحة من مكان إلى آخر.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل