المحتوى الرئيسى

عضو البرلمان الأوروبى: العلاقات مع تركيا وصلت إلى أدنى مستوياتها

11/29 19:09

قال كوستاس مافريدس، عضو البرلمان الأوروبى، إن دعوة البرلمان لفرض عقوبات قاسية ضد تركيا، قبل أيام من انعقاد قمة الاتحاد الأوروبى المقررة فى ١٠ ديسمبر المقبل، توجه رسالة واضحة لقادة الاتحاد حول إرادة المواطنين الأوروبيين وموقفهم من السياسات التركية التوسعية، وتلقى بالمسئولية على عاتق قادة الاتحاد من أجل التحلى بالبصيرة للمضى قدمًا فى فرض عقوبات اقتصادية وعسكرية ضد أنقرة بسبب أفعالها غير القانونية التى تؤثر على مصالح وأمن الاتحاد.

وأضاف، فى حواره مع «الدستور»، أن تركيا تهدف لخلق أمر واقع جديد فى منطقة «فاروشا» القبرصية، من خلال جلب المستوطنين إليها بشكل غير قانونى، مع اتباع «روح الغزو»، والسياسة التوسعية فى سوريا والعراق وليبيا وغيرها، مشددًا على أن أى تأخر عن فرض العقوبات على أنقرة والتصدى لسياستها سيجعل المنطقة كلها تعانى وستدفع الإنسانية ثمن ذلك بالدم.

■ طالب البرلمان الأوروبى بفرض عقوبات قاسية ضد تركيا.. فهل تتوقع أن يعلن قادة الاتحاد عقوبات رادعة ضدها فى القمة المقررة فى ١٠ ديسمبر المقبل؟

- للمرة الأولى، يتبنى البرلمان الأوروبى بأغلبية ساحقة مثل هذا الموقف القوى ضد تركيا، ويطلب اتخاذ إجراءات حقيقية وفرض عقوبات صارمة على تركيا، ردًا على أفعالها غير القانونية.

ورغم أن القرار ليس ملزمًا، إلا أن البرلمان الأوروبى وجّه رسالة واضحة وقوية إلى قادة الاتحاد الأوروبى قبل قمتهم المرتقبة، وحاليًا تقع المسئولية على عاتق المجلس الأوروبى وحده، لأن أى قرار مختلف سيكون ازدراء للقيم والمبادئ الأوروبية، ومتناقضًا مع إرادة المواطنين الأوروبيين، كما عبّر عنها ممثلوهم فى البرلمان الأوروبى.

■ هل ترى أن ألمانيا ستدعم العقوبات على تركيا بعدما اختارت التعامل الدبلوماسى معها فى الفترة الماضية؟

- ألمانيا، بصفتها الدولة التى تترأس المجلس الأوروبى لهذه الدورة، لديها دور رائد تلعبه تجاه اتخاذ قرار فرض العقوبات على تركيا. فحتى الآن، كان دور برلين أكثر انسجامًا مع مصالحها الخاصة، وليس مع مصالح الاتحاد الأوروبى.

وأعتقد أن هذا هو الوقت المناسب لفرنسا لقيادة أوروبا فى دورها الجيوسياسى تجاه الدفاع والأمن. فحتى الآن، تتصدر فرنسا المشهد، بالتعاون مع اليونان وقبرص، لكن قرار العقوبات يتطلب الإجماع، مع الأخذ فى الاعتبار العلاقات الاقتصادية لبعض الدول الأعضاء فى الاتحاد الأوروبى، سواء مع تركيا أو مع الأقليات التركية فى أوروبا، وهى مهمة لن تكون سهلة.

لكن يتعين على المجلس الأوروبى أن يضع فى اعتباره أن الإنسانية كلها ستدفع لاحقًا ثمن اتباع سياسة الاسترضاء تجاه أى دولة توسعية، وأن تحظى قيادته بالبصيرة للمضى قدمًا فى فرض عقوبات حقيقية اقتصادية وعسكرية على تركيا بسبب أفعالها غير القانونية التى تؤثر على مصالح وأمن الاتحاد الأوروبى، لأن هذا هو الخيار الوحيد.

■ لماذا احتلت قضية «فاروشا» القبرصية كل هذا الاهتمام الأوروبى؟

- من المعروف أن تركيا غزت قبرص فى عام ١٩٧٤، وأنا نفسى أحد اللاجئين الذين طردتهم القوات التركية من منازلهم فى هذا الوقت، ومنذ ذلك الحين احتلت القوات التركية الجزء الشمالى من الجزيرة القبرصية.

واهتمام أوروبا بمنطقة «فاروشا» يرجع إلى الإجراءات التركية غير القانونية فى هذه المنطقة، وهى إجراءات تعد جزءًا من سياسة الرئيس التركى، رجب طيب أردوغان، التوسعية العثمانية الجديدة، التى شهدنا تنفيذها فى السنوات الأخيرة، سواء فى سوريا أو ليبيا أو ناجورنو قره باغ، وغير ذلك.

وفى قبرص، تهدف تركيا إلى خلق أمر واقع جديد، من خلال جلب المستوطنين بشكل غير قانونى إلى شمال قبرص وفتح منطقة «فاروشا» أمام الاستيطان بشكل غير قانونى، وتوطين أشخاص من غير سكانها الشرعيين.

من أجل ذلك، اعتمد البرلمان الأوروبى بأغلبية واضحة قرارًا قويًا ضد هذه الأنشطة غير القانونية، وأدان هذه الأنشطة فى الجزء الشمالى المحتل من قبرص، وحذّر من أن فتح المنطقة المحاطة بسياج منذ الغزو التركى فى عام ١٩٧٤ يقوض آفاق الحل الشامل لمشكلة قبرص، ويؤدى لتفاقم الانقسامات وترسيخ التقسيم الدائم للجزيرة.

ولذلك أيضًا، دعا الاتحاد الأوروبى تركيا إلى سحب قواتها من قبرص، ونقل منطقة «فاروشا» إلى سكانها الشرعيين، تحت الإدارة المؤقتة للأمم المتحدة، وفقًا لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم ٥٥٠ لسنة ١٩٨٤، مع الامتناع عن أى أعمال من شأنها تغيير التوازن الديموجرافى فى الجزيرة من خلال سياسة الاستيطان غير القانونية.

■ أخيرًا.. كيف تقيّم السياسة التركية الحالية ومدى توافقها مع القيم الأوروبية والإنسانية؟

- أرى أن روح الغزو هى السائدة فى المشهد السياسى التركى الحديث، وفى تدخلات أنقرة الإقليمية، وهى متجذرة فى «قانون السيف» العثمانى، أو فكرة «الفاتح» الذى يمكن أن يحكم دولة أو منطقة محتلة وفقًا لرغباته، بمعنى أن تركيا عادت بالزمن إلى فترة الطموحات العثمانية.

وكلنا رأينا بالفعل آثار هذه السياسة التركية التوسعية فى العراق وسوريا، واحتلال عفرين، والذبح والقمع المستمرين للأكراد، وشهدنا أيضًا، اعتداء تركيا على ليبيا بنقل مرتزقة وجهاديين وتوريد أسلحة، وكل ذلك كان ضد قرارات مجلس الأمن الدولى.

وداخل الاتحاد الأوروبى، وسّعت تركيا العثمانية الجديدة احتلالها غير الشرعى للمنطقة الشمالية من جمهورية قبرص، عبر غزو المنطقة الاقتصادية الخالصة لقبرص فى البحر المتوسط، كما أعلنت عن أعمال غير قانونية مماثلة ضد اليونان فى بحر إيجه.

وهذا التوسع التركى تسبب فى ردود أفعال قوية وتحركات ضد أنقرة من دول مهمة داخل الاتحاد الأوروبى، مثل فرنسا، ودول أخرى من خارجه، على رأسها مصر والإمارات والمملكة العربية السعودية، وأعتقد أن أى يوم يمر دون استجابة دولية منسقة لمواجهة التوسع التركى سيجعل المنطقة والإنسانية كلها تعانى، وسيتسبب فى تراكم التكلفة ودفع الثمن بمزيد من الدم والمعاناة.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل