المحتوى الرئيسى

"الأنيميا المنجلية" مرض مزمن يهدد الأطفال

11/25 11:23

 قبل 12 عاماً، استيقظ على كوشة وزوجته ليكتشفا أن طفلتهما صاحبة العامين ونصف العام «هند» تعانى من ارتفاع فى درجة حرارتها، وقتها أيقن الزوجان أن عليهما التوجه فوراً إلى مدينة مرسى مطروح التى تبعد عن واحة سيوة، محل إقامتهما، 300 كيلومتر، تقطعها السيارة فى 4 ساعات، لنقل كيس دم، لأنه العلاج الوحيد للطفلة التى تعانى من مرض «الأنيميا المنجلية»، لكن القدر كان له رأى آخر، لأن الطفلة لم تستطع الانتظار وخطفها الموت من بين ذراعى والدتها قبل الوصول إلى بنك الدم فى مطروح.

«هند» لم تكن هى الفقيدة الوحيدة لأسرة على كوشة بسبب مرض الأنيميا المنجلية، لأنه فقدَ طفلته «ياسمين» وهى فى عمر العامين، ليبدأ بعدها «كوشة» رحلة البحث عن علاج لمرض خطف منه طفلتين، بينما أصاب ثلاثة أطفال من أبنائه: إبراهيم، 8 سنوات، وهند، التى سماها والدها على اسم أختها المتوفاة، وعبدالله، عامان.

الأعراض التى داهمت «هند» كانت ارتفاعاً فى درجة الحرارة، يصاحبه اصفرار فى الوجه والعين، وآلام متفرقة فى الجسم، وهى نفس الأعراض التى هاجمت شقيقها «إبراهيم»، ما جعل «كوشة» يتوجه إلى أحد أطباء مدينة مطروح للكشف على صغيره، وعن هذه التجربة قال: «عندما رأى الطبيب إبراهيم سألنى: هل أنت وزوجتك أقارب؟ فأجبته بالإيجاب، فطلب منى على الفور إجراء تحليل الفصل الكهربائى لابنى، وهو تحليل بسيط يتم من خلاله أخذ عيّنة من دم المريض ووضعها بالجهاز الذى يقيّم مكونات الدم لمعرفة إذا ما كنت تحتوى على عناصر تسبب مرض الأنيميا المنجلية من عدمه»، وجاءت النتائج أنه مصاب بمرض الأنيميا المنجلية، فعلم «كوشة» أن زواج الأقارب أحد أسباب الإصابة بهذا المرض.

عدم توافر الدم باستمرار لم يكن المشكلة الوحيدة لـ«كوشة» وغيره من أبناء الواحة، فرغم تمتعهم بتأمين صحى تكفل من خلاله الدولة صرف علاج لهم بالمجان، فإن عدم توافر طبيب أمراض دم فى محافظة مطروح للكشف على طفله وتجديد صرف العلاج له، يضطره إلى قطع 8 ساعات بالسيارة إلى التأمين الصحى بالإسكندرية بعد حصوله على جواب تحويل من التأمين الصحى بمدينة مطروح، لطبيب تخصص أمراض دم، يكشف على طفله ويجدد له صرف دواء «الأنيميا المنجلية»، ثم يعود بقرار التجديد مرة أخرى إلى التأمين الصحى فى مطروح ليصرف الدواء، ومنها إلى سيوة، وهو ما يكلفه وقتاً طويلاً، بالإضافة إلى مبالغ مالية تصل إلى 3 آلاف جنيه نظير انتقالاته، وأحياناً مبيته هو وأسرته.

«كوشة» وغيره من أهالى الواحة يرون أن مطالبهم بسيطة تتلخص فى أن توفر لهم وزارة الصحة والسكان أمرين: الأول طبيب أمراض دم، والثانى السماح لأهالى سيوة الأصحاء بالتبرع بالدم فى مستشفى سيوة المركزى بدلاً من أن يقطع الأهالى مسافة 4 ساعات للوصول إلى بنك الدم فى مطروح.

وحول سبب انتشار مرض الأنيميا المنجلية فى واحة سيوة، قالت الدكتورة آمال البشلاوى، أستاذ طب الأطفال وأمراض الدم بطب قصر العينى بجامعة القاهرة، إن زواج الأقارب وعدم قيام الأهالى بإجراء فحوصات ما قبل الزواج هما سبب انتشاره بمعدل كبير فى سيوة والواحات، ويعود ذلك إلى الهجرات التى شهدتها مصر من قبَل مجموعة من القبائل القادمة من شمال أفريقيا فى عصر الملك رمسيس الثانى، واستوطنت هذه الأماكن بحكم قربها من منطقة الشمال الأفريقى واستقرارها فى الصحراء الغربية وتزاوجهم من بعضهم.

وأضافت «البشلاوى»: «أستقبل حالات كثيرة فى عيادتى الخاصة من سيوة والواحات البحرية، أغلبهم أقارب من عائلة واحدة، ومرض الأنيميا المنجلية أحد أمراض الدم الوراثية المزمنة وينتقل من الوالدين اللذين يحملان جينات غير سليمة من البيتا جلوبين (HBB)، وهو أحد مكونات الهيموجلوبين الرئيسية، إلى الأبناء، ويحمل كل واحد منا نسختين من HBB فى الجينات الخاصة بنا، أحدهما ينتقل من الأم والآخر من الأب، فإذا كان أحد الوالدين يحمل جيناً منهما غير سليم، فإن الابن يكون لديه جين سليم وآخر غير سليم، وبالتالى يكون حاملاً للمرض وغير مصاب به ولا تظهر عليه أى أعراض، أما فى حالة إذا كان الأب والأم يحمل كل منهما جيناً غير سليم فوفقاً للمعادلات الوراثية فإن احتمالية انتقال الجينين غير السليمين للابن، وبالتالى إصابته بالأنيميا المنجلية، تصل إلى 25%، بمعنى أن كل مولود يمكن أن يكون معرّضاً للإصابة بالمرض بنسبة 25%، كما أن احتمالية انتقال جين سليم وآخر غير سليم نسبتها 50% لكل مولود، وقد يكون الطفل حاملاً للمرض ولا تظهر عليه أى أعراض، وهناك احتمالية ألا ينتقل الجينان غير السليمين 25%، لذلك نجد فى حالة على كوشة أن ابنته الكبيرة غير مصابة بالمرض، بينما أصيب 5 من أولاده بالمرض، ومن هنا تأتى أهمية إجراء فحوصات ما قبل الزواج حتى نحمى الأطفال ثمرة الزواج من المرض».

وحول سبب تسمية الأنيميا المنجلية بهذا الاسم، قالت «البشلاوى» إن دم الإنسان يمتلئ بخلايا الدم الحمراء التى تحتوى على البروتين المسمى بالهيموجلوبين، والمسئول عن تكوينه جين البيتا جلوبين HBB، ووظيفة الهيموجلوبين هى نقل الأكسجين لتغذية الأعضاء الحيوية فى جسم الإنسان، ووقتها تكون خلايا الدم الحمراء مقعرة الشكل ومرنة لسهولة انتقالها عبر الأوعية الدموية إلى أعضاء الجسم المختلفة، أما فى حال الإصابة بمرض الأنيميا المنجلية، فيواجه الهيموجلوبين مشكلة نتيجة وجود خلل فى جين البيتا جلوبين، ووقتها تتخذ كرات الدم الحمراء شكل الهلال أو المنجل، وتتراكم داخل الأوعية الدموية، ما يؤدى إلى انسدادها، وبالتالى عدم قدرتها على توصيل الأكسجين اللازم إلى العظام والمفاصل والأجهزة الحيوية فى الجسم، ويشعر المريض بألم شديد، محذرة من أن إهمال هذا المرض يؤدى إلى حدوث مضاعفات كبيرة تؤدى إلى حدوث شلل نصفى وتضخم فى الكبد والطحال، وينتهى الأمر بالوفاة فى بعض الأحيان.

وأكدت أن هذا المرض مزمن، وعلاجه يكلف الدولة مبالغ كبيرة، حيث تغطيه الدولة من خلال التأمين الصحى، والعلاج يكون عبارة عن «الهيدروكسى يوريا»، واسمه الدارج «الهيدرا»، وهو أحد العلاجات التى تُستخدم لعلاج الأمراض السرطانية، ويساعد هذا الدواء على تحفيز الجسم على إنتاج ما يسمى الهيموجلوبين الجنينى، الذى يتميز بإنتاج خلايا دم حمراء طبيعية يمكنها نقل الأكسجين بكفاءة عالية، ويتراوح سعر هذا الدواء ما بين 700 و1200 جنيه حسب البلد المنتج له.

وفيما يتعلق بوجود علاجات نهائية للقضاء على مرض الأنيميا المنجلية، قالت «البشلاوى» إن هناك علاجات ولكنها مكلفة جداً ولا يستطيع البعض تحمل نفقتها، أبرزها إجراء عملية تغيير النخاع «الخلايا الجذعية»، ويتم من خلالها إزالة نخاع المريض واستبداله بنخاع سليم قادر على إنتاج خلايا دم سليمة، وتتطلب هذه العملية مجموعة من العوامل منها وجود توافق فى الأنسجة بين المريض وأحد إخوته، أما العلاج الثانى فهو العلاج الجينى، الذى يعمل على إحداث تغيير وراثى فى الخلايا الجذعية الدموية للمريض، بحيث تعمل على تعزيز إنتاج الهيموجلوبين الجينى كما يفعل دواء الهيدرا «هيدروكسى يوريا».

وشددت على أنه يمكن منع انتشار الأمراض الوراثية من خلال التوعية المستمرة، وبالتالى يمكن أن توفر الدولة 5 أضعاف المبالغ التى تنفقها لعلاج أصحاب الأمراض الوراثية، مضيفة: «لا بد من تفعيل فحوصات ما قبل الزواج فى الأماكن التى تنتشر فيها الأمراض الوراثية من خلال التوعية بأهميتها فى صلاة الجمعة والمدارس».

«إجراء فحوصات ما قبل الزواج أمر إلزامى أقرته الدولة لتوثيق عقد الزواج، وفقاً للمادة 31 مكرر من القانون رقم 143 لسنة 1994 فى شأن الأحوال المدنية، التى اشترطت ضرورة إجراء الفحص الطبى للراغبين فى الزواج، للتحقق من خلوهما من الأمراض التى تؤثر على حياة أو صحة كل منهما، ورغم ذلك فإن هذا الإجراء ما زال شكلياً فى الأماكن المحافظة التى يحكمها الطابع القبلى»، هكذا تحدَّث «كوشة» عن فحوصات ما قبل الزواج، مؤكداً أنه يمكن استخراج شهادة الفحوصات الطبية دون إجراء تحاليل فعلية، والسبب فى ذلك أنه أمر غير مرحّب به فى الواحة بحكم العادات والتقاليد، واعتبار أن الأمر «عيب».

كلام «كوشة» جعلنى أتوجه إلى وحدة الرعاية الأساسية، وإخبار العاملين أننى أريد استخراج شهادة طبية لشقيقى، لإتمام عقد قرانه، وهناك تم سؤالى عن صور بطاقته الشخصية هو وعروسه وصور شخصية لهما، أخبرتهم أننى أريد معرفة الأوراق المطلوبة، فكانت الإجابة أنهم يريدون رؤية العروسين ليتأكدوا من شكلهما الخارجى أنهما صحيحان، بالإضافة إلى الأوراق السابقة، فعاودت سؤال الطبيب: هل سيتم أخذ عينات دم لهما لتحليلها؟ فأجاب: «لا»، سوف يتم الاكتفاء برؤيتهما، وأنهما سوف يحصلان على الشهادة فى غضون 30 دقيقة.

عدم جدية الفحوصات الطبية قبل الزواج، خاصة فى حال زواج الأقارب، أمر تطرَّق له الدكتور طارق توفيق، مقرر المجلس القومى للسكان، نائب وزيرة الصحة والسكان، فى ورقة معرفية بعنوان «زواج الأقارب فى مصر»، وهى صادرة عن المجلس القومى للسكان فى أبريل الماضى، بالتعاون مع الدكتور شريف الجمل، مدير عام الإدارة العامة للبحوث بالمجلس، مؤكداً عدم وجود استراتيجية قومية للتقليل من زواج الأقارب والحد منه، وبالتالى الحد من مشكلات العيوب الوراثية عند الأطفال، ومن ضمنها مرض الأنيميا المنجلية.

وأكد «توفيق» أن معظم التحاليل الخاصة بالزواج فى مصر تحاليل عامة وليست متخصصة، مثل تحاليل وجود الجينات الوراثية الخاصة بأمراض معينة وتحليل الكروموسومات والاستشارة الجينية، لافتاً إلى أن هذه الفحوصات تم اختزالها فى فحص سريرى ليس مصحوباً بأى مشورة خاصة بالأمراض الوراثية أو فحص الجينات، بالإضافة إلى عدم وجود سجلات فى مصر لحصر الأمراض الجينية والوراثية لمتابعة حجم المشكلة والأسباب المؤدية لها، مقترحاً أن يضم الحصر السكانى الشامل القادم طبيباً حاصلاً على تدريب فى الأمراض الوراثية، بالإضافة إلى حصر زواج الأقارب.

وطالب «توفيق» بضرورة أن تتبنى الحكومة حملة توعية للحد من الأمراض الوراثية، خاصة بين الأسر التى تمتلك تاريخاً مرضياً وراثياً ويحدث فيها زواج من الدرجة الأولى، ومن بين أهداف هذه الحملة التعريف بأهمية فحوصات ما قبل الزواج ووضع مجموعة من الآليات لتفعيلها، أبرزها الحصول على البيانات الشخصية كاملة، وطرق الاتصال، ومعرفة التاريخ المرضى للعائلة مفصلاً للأمراض الوراثية والعيوب الخلقية والأمراض السارية، وتحاليل أوَّلية تضم صورة دم تظهر بها نسبة الهيموجلوبين ونوعه وعامل ريثوس وفصيلة الدم، وهو أمر مهم يساعد على اكتشاف أمراض الدم الوراثية، بما فيها الأنيميا المنجلية، بالإضافة إلى تحاليل أكثر تخصصاً للكشف عن باقى الأمراض الوراثية مثل تحليل الكروموسومات والجينات الوراثية والإنزيمات.

ويرى الشيخ عمر راجح، شيخ قبيلة أولاد موسى، وهى واحدة من 13 قبيلة سيوية تمثل سكان سيوة البالغ عددهم نحو 35 ألف مواطن، أن تغيير ثقافة المجتمع السيوى يجب أن يأتى من الداخل، نظراً لطبيعة المجتمع المحافظ التى لا يفهمها سوى أبنائه، والذى ما زال أغلبه يرى المرض عيباً، والمطالبة بإجراء فحوصات ما قبل الزواج أمراً غير مقبول، خاصة أنه فى المجتمع السيوى لا يمكن رفض الزواج من شخص ينتمى لعائلة كبيرة ومحترمة لأنه مريض أو حامل للمرض.

انتشار المرض مع غياب التوعية جعل «راجح» وغيره من شيوخ القبائل الأخرى يقومون بتدشين مشروع يهدف إلى إجراء تحاليل الفصل الكهربائى لـ11 ألف حالة من سن عام حتى 16 عاماً، على مدار عامين ونصف، للكشف عن الأشخاص الحاملين لجينات الأنيميا المنجلية، الذين يشكلون خطورة فى حال زواجهم من أشخاص مثلهم حاملين للجين، لأن أطفالهم يكونون أكثر عرضة للإصابة بالمرض، وهو ما جعل الجمعية تقوم باستيراد جهاز تحليل الفصل الكهربائى من الخارج، وتوقيع بروتوكول تعاون مع مديرية الصحة بالمحافظة، يستهدف قيام المديرية بتوفير مكان داخل مستشفى سيوة المركزى لتدشين معمل لتحليل العينات، فضلاً عن توفير طاقم تمريض يقوم بسحب العينات.

وتابع «راجح»: «فى البداية قامت الرائدات الريفيات بالذهاب إلى المنازل وعمل حصر بأسماء وأعداد الأطفال المستهدفين مع إجراء توعية لهم عن المرض، وبعد انتهاء الحصر توجهت فرق تمريض لأخذ عينات من الأطفال، وكان ذلك فى ديسمبر من العام الماضى، إلا أن الأمر توقف بسبب انتشار فيروس كورونا»، لافتاً إلى أنه بعد انتهاء التحاليل سيتم تسليم النتائج بسرية إلى مديرية الصحة والسكان لاتخاذ ما تراه مناسباً، مؤكداً أن الأهالى يحصلون على نتائج أطفالهم فى سرية تامة، وأنه فى حال وجود شخص حامل للمرض يتم تقديم النصيحة لأهله بأن زواج ابنهم من شخص حامل للمرض ينتج عنه أطفال مصابون.

لم يختلف حال ياسر على عرفة وصديقه عبدالرحمن عبدالمحسن، وهما من أهالى الواحات البحرية، عن حال «كوشة»، فرغم المسافة التى تقدر بـ400 كيلومتر بين الواحتين، فإنهما يعانيان من انتشار المرض الوراثى ذاته، فتجربة «ياسر» مع المرض بلغت 17 عاماً، فقدَ خلالها طفله «أحمد» الذى اكتشف إصابته فى سن العام ونصف العام، وأدى المرض إلى تآكل عظامه حتى وصل التآكل إلى عموده الفقرى، ومات الصغير صاحب الـ8 سنوات أثناء عودته من مستشفى أبوالريش للأطفال فى حادث سيارة قبل 3 سنوات، لم ينجُ منه سوى والده واثنين من إخوته وتوفى هو ووالدته.

وقال «ياسر»: «لم يكن أحمد الوحيد المصاب بالأنيميا المنجلية، فقد رزقنى الله بزياد 11، عاماً، وريتاج، 6 سنوات، إلا أن حالتهما المرضية كانت بسيطة مقارنة بحالة شقيقهما الأكبر، الذى كان يتطلب منى التوجه بشكل دورى إلى مستشفى أبوالريش بالقاهرة، الذى يبعد عن الواحات البحرية نحو 5 ساعات بالسيارة، لتلقى الرعاية اللازمة، فى ظل نقص الإمكانيات الطبية فى الواحات البحرية، وعدم وجود طبيب أمراض دم، وكذلك عدم توافر أكياس الدم باستمرار».

بعد إنجاب «ياسر» 3 أطفال مصابين بالأنيميا المنجلية قرر أن يقوم بإجراء فحوصات ما قبل الزواج له ولزوجته الثانية، وهو ما نتج عنه طفل معافى، وأضاف: «فحوصات ما قبل الزواج فى الواحات البحرية أمر روتينى، وكثير من الأهالى لا يتقبلونها، فى ظل مجتمع بدوى محافظ تحكمه العادات والتقاليد بيد من حديد، حتى وإن تمت التحاليل وثبت أن الزوج يحمل مرضاً وراثياً أو الزوجة، فلن يتم إيقاف الزواج لأنه قد يؤثر على سمعة الفتاة على وجه الخصوص ولن تحظى بفرصة زواج أخرى».

عدم توافر طبيب أمراض دم جعل وزارة الصحة والسكان تطبق خاصية الكشف عن بُعد، حيث يقوم طبيب الأطفال بمستشفى الواحات بفحص الطفل بناء على توجيهات طبيبة أمراض الدم، وهو أمر لم يلقَ قبولاً كبيراً بين الأهالى، وجعل عبدالرحمن عبدالمحسن يتكفل بعلاج طفلته «لاميتا»، المصابة بالأنيميا المنجلية، على نفقته الخاصة، والتوجه كل شهرين إلى طبيبة أمراض دم فى محافظة الجيزة، وقال: «أقوم بإجراء مجموعة دورية من التحاليل كل شهرين للتأكد من أن المرض لم يؤثر مع الوقت على الوظائف الحيوية للأعضاء الداخلية لطفلتى، ورغم ذلك اكتشفت أن المرض أثَّر على طحالها، خاصة أن دواء الهيدروكسى يوريا يُعد علاجاً كيميائىاً له تأثيرات على المدى البعيد».

المعاناة المادية والنفسية التى يواجهها «عبدالرحمن» جعلته يتمنى أن تتغير العادات والتقاليد التى لا تتقبل فكرة إجراء فحوصات ما قبل الزواج لأبناء الواحات، وراهن على الزمن فى تغيير هذه الفكرة، مؤكداً أنه سوف يشترط على زوج ابنته المستقبلى إجراء فحوصات ما قبل الزواج، فهو لا يريد أن تعيش ابنته نفس المعاناة مع أطفالها، ولا أن يكرر التجربة مع أحفاده.

وأكد الدكتور محمد ضاحى، رئيس هيئة التأمين الصحى بوزارة الصحة والسكان، أن عدم توافر أطباء تخصص دم فى عيادات التأمين الصحى فى مطروح والواحات البحرية سوف يتم حله مع دخول منظومة التأمين الصحى الشامل الجديدة لهذه المناطق، والتى تستهدف رفع كفاءة المنشآت الطبية وسد العجز فى التخصصات الطبية المختلفة، مؤكداً أنه سيتم تشدين خريطة شاملة للأمراض.

وحول عدم جدية فحوصات ما قبل الزواج وغياب التوعية بخطورة زواج الأقارب، المسئول عنها قطاع الرعاية الأساسية والتمريض بوزارة الصحة والسكان، قالت الدكتورة هناء سرور، رئيس القطاع، إن وزارة الصحة تمتلك أكثر من 5400 وحدة صحية ومركز صحى، والرقابة على هذا العدد الكبير تكون موزعة بين وزارة الصحة والمديريات الصحية والإدارات الصحية فى المحافظات، وأنه مع ارتفاع هذا العدد قد يحدث قصور فى تقديم الخدمة الطبية، مطالبة الأهالى بتقديم شكاوى فى حال وجود مشكلة.

وأضافت «سرور»، التى كانت تشغل منصب وكيل وزارة الصحة بمحافظة الجيزة، التابعة لها الواحات البحرية إدارياً، أنها خلال هذه الفترة توجهت إلى الواحات البحرية وتلقت شكاوى من الأهالى بعدم توافر الأدوية وأكياس الدم وأنهم يضطرون إلى قطع مسافة كبيرة للحصول على الدواء، وأنها قامت بحل هذه المشكلة وتوفير الأدوية للأهالى وصرفها من الواحات البحرية.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل