المحتوى الرئيسى

هل يمكن أن يكون العنف ضد المرأة "مضحكا"؟ - BBC News عربي

11/25 13:53

تتعرض واحدة من كل ثلاث نساء وفتيات للعنف الجسدي أو الجنسي خلال حياتهن. هذا ما أحصته الأمم المتحدة.

صدر الصورة، Getty Images

تعرف الأمم المتحدة العنف ضد المرأة على أنه "أي فعل عنيف تدفع إليه عصبية الجنس ويترتب عنه أو يرجح أن يترتب عليه أذى أو معاناة للمرأة سواء من الناحية الجسمانية أو الجنسية أو النفسية، بما في ذلك التهديد بأفعال من هذا القبيل أو القسر أو الحرمان التعسفي من الحرية، سواء حدث ذلك في الحياة العامة أو الخاصة."

ويجعل هذا التعريف، العنف ضد المرأة مظلة واسعة تضم تحتها أشكالا مختلفة متنوعة من الممارسات، تتجدد وتستحدث بتطور وسائط التعامل مع المرأة.

وتعد وسائل التواصل الاجتماعي واحدة من حاضنات العنف المسلط على المرأة.

أصدرت منظمة العفو الدولية عام 2018 تقريرا بعنوان "تويتر السام" رصدت فيه "فشل الشركة في احترام الحقوق الإنسانية للمرأة بسبب ردها غير الكافي وغير المؤثر على العنف والإساءة".

وفي سبتمبر أيلول هذا العام نشرت العفو الدولية تقريرا يقول إن "تويتر لايزال يخذل النساء بخصوص العنف والإساءة عبر الانترنت، رغ "الوعود المتكررة يفعل ما يجب لجعل الانترنت مكانا أكثر أمانا للمرأة".

يقول التقرير إن شركة تويتر حققت بعضا من التقدم في هذا الشأن لكنه غير كاف.

وأقرت "تويتر" بأنها بحاجة لمزيد من الجهد في هذا المجال، لكنها أكدت أنها تتخذ مزيدا من الإجراءات الاستباقية لمواجهة الإساءات عبر شبكتها.

وفي الخامس من أكتوبر تشرين الأول هذا العام أطلقت منظمة "بلان انترناشيونال" (plan international) حملة بعنوان "حرية التواجد على الإنترنت" بعد أن أظهر بحث لها تحدثت فيه إلى أربعة عشرة ألف فتاة في اثنين وعشرين بلدا حول العالم، أن أكثر من خمسين بالمئة منهن تعرضن العنف والتحرش على الانترنت.

ويظهر البحث أن واحدة من كل خمس فتيات أجبرت على تحجيم استخدامها لوسائل التواصل الاجتماعي، جزئيا أو كليا، بسبب هذا العنف.

وحسب تقرير "بلان" فإن هذا النوع من العنف يحدث على كل وسائل التواصل الاجتماعي لكن موقع فيسبوك هو الحاضنة الأكبر يليه إنستغرام" و"واتساب" و"سناب تشات" ثم "تويتر" و"تيك توك".

المفارقة هنا هي أن وسائل التواصل الاجتماعي كان من المفترض أن تكون المساحة التي تعطي للمرأة حرية لم تجدها في محيطها الواقعي، وأن تمكنها من التعبير عن رأيها والإسهام في ما يحصل حولها.

لكن كثيرات من النساء وجدن مقابل تعبيرهن عن رأيهن على وسائل التواصل الاجتماعي، تهديدا وتحرشا وتنمرا وأشكالا مختلفة من العنف.

ونادرا ما تكون وسائل التبليغ التي تتضمنها المواقع الاجتماعية فعالة في مواجهة هذا الأمر.

وكلما زاد اختلاف المرأة عن "السائد" كلما زادت فرص تعرضها للعنف. فنجد النساء من المعارضات والأقليات والتوجهات الجنسية المخالفة "للمقبول الاجتماعي" أكثر عرضة للعنف.

بينما يكون التهديد والشتم وبعض أنواع التحرش نوعا صريحا من العنف، فإن على وسائل التواصل الاجتماعي نوعا آخر من العنف المبطن لا يقل خطورة.

وهو العنف ضد المرأة المغلف "بالدعابة" و "الإفيه المضحك" والذي تجد بعض النساء أنفسهن تواطأن معه بغير قصد، أو دُفعن إلى ذلك بفعل خشية اتهامهن بالحساسية المفرطة و"المبالغة في رد الفعل".

تنتشر صفحات اجتماعية هدفها المعلن التسلية والترفيه، لكن محتواها يقوم بالأساس على السخرية من فكرة المرأة القوية المستقلة، والعمل على تصوير هؤلاء النساء صورة المجبرات على دخول هذه الفئة والنادمات المتمنيات العودة إلى "رفاهية" حياة المرأة التي تعتمد على معيلها، أبا كان أو زوجا أو غيره، دون الحاجة للعمل أو الدراسة حتى!

كثير من "الطرائف" التي تنشرها هذه الصفحات، أيضا تصور الأم العاملة في صورة المرأة العصبية التي لا تجد وقتا، وفي أحيان لا تكترث، بأبنائها قدر اهتمامها بعملها وبنفسها.

وليست المرأة العاملة أو المستقلة الهدف الوحيد لمستخدمي هذه الاستراتيجية.

فمحتوى بعض الصفحات مثلا أغلبه سخرية من قدرة المرأة في التحكم في قراراتها واختياراتها وفي "مزاجها" بدعوى "الهرمونات". ومحتوى هذه "الطرائف"، كما يرونها، لا علاقة له طبعا بأي وقائع علمية أو بحثية نفسية كانت أو جسدية، هي مجرد تكريس لصورة نمطية عن المرأة التي لا تفكر بعقلها وإنما تتحكم في حياتها ومصيرها "هرمونات" يفرزها جسدها أثناء تغيرات فيزيولوجية أو نفسية.

الخطير في هذا الأمر أن أغلبية لا بأس بها لا تراه فيه ضيرا ولا تصنفه عنفا، وقد يتعرض من يراه كذلك إلى تنمر وعنف، إذا لم يكن قادرا على مجابهته بنفسه قد يعاني زمنا من تبعاته!

لكن وسائل التواصل الاجتماعي ذاتها التي تحتضن مثل هذا العنف، هي أيضا وسائل نشر حملات التوعية بضرورة إنهاء كل أشكال العنف المسلط على المرأة.

وهي التي تضمن وصول هذه الحملات وأنشطتها إلى أكبر عدد ممكن من النساء

بين اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة في الخامس والعشرين من نوفمبر تشرين الثاني واليوم العالمي لحقوق الإنسان في العاشر من ديسمبر كانون الأول، تمتد فعاليات الحملة الأممية لمناهضة كل أشكال العنف المسلط على المرأة بسبب نوعها الاجتماعي.

وبانطلاق الحملة اليوم، تضاء مبان ومعالم كثيرة حول العالم باللون البرتقالي وهو اللون الذي اختارته الأمم المتحدة لحملتها هذه، اللون الذي يرمز لمستقبل مشرق خال من العنف.

وحملة هذا العام جزء من مشروع أطلقته الأمم المتحدة قبل سنوات يهدف "لإنهاء العنف المسلط على النساء بحلول عام 2030".

وترفع الحملة شعار "تحويل العالم إلى البرتقالي: موّلوا واستجيبوا وامنعوا واجمعوا " وستركز على الدعوة "إلى اتخاذ إجراء عالمي لجسر ثغرات التمويل وضمان الخدمات الأساسية للناجيات من العنف خلال أزمة كوفيد-19" حسب إعلان الأمم المتحدة.

ترتبط الحملة هذا العام ارتباطا وثيقا بتداعيات وباء كورونا العالمي على وضع المرأة. حيث تسببت التبعات الاقتصادية والاجتماعية المختلفة الوباء بزيادة أعداد النساء ضحايا العنف بشكل ملحوظ.

وقالت المديرة العامة اليونسكو في رسالتها بالمناسبة هذا العام إنه قبل انتشار وباء كورونا، كانت نحو 243 مليون امرأة وفتاة تتراوح أعمارهن بين 15 و49 عاما تتعرض للعنف الجسدي أو الجنسي الذي يمارسه أشخاص مقربون، وأن هذه الأعداد تزايدت مع انتشار الجائحة وامتداد تبعاتها إلى مجالات مختلفة.

أهم أخبار مرأة

Comments

عاجل