المحتوى الرئيسى

"الحويج".. حكاية ضابط مصري توفى على طاولة مفاوضات استرداد طابا

09/29 21:54

عادة ما نقع تحت تأثير أن الشهيد هو من يموت فى ساحة القتال، بينما الحقيقة أن ميادين الشهادة واسعة، وليست جميعها مليئة بالرصاصات والقنابل، فهناك من يموت من أجل بلده دون نقطة دماء واحدة.. ولعل أحد أبرز هؤلاء الأبطال هو الشهيد الرائد محمد كامل الحويج، وضابط الاتصال المسؤول فى مفاوضات استرداد طابا.

عام 1986، كان شاهدًا على فراق "الحويج" للحياة، مات بطلًا مدافعًا عن رمال سيناء، خلال معركة مصر الدبلوماسية مع الجانب الإسرائيلي، لتحرير باقى أرض سيناء، واسترداد طابا، ليسجل اسمه في السجلات العسكرية بحروف من نور، رغم عدم تكريمه بالشكل الذي يستحقه.

المباحثات المصرية الاسرائيلية لاسترداد طابا آنذاك، تمت فى مدينة "هيرتزيليا"، شمال تل أبيب، وضم الوفد المصرى أسماء كبيرة فى عالم الدبلوماسية من بينهم محمد كامل الحويج، الذى كان مسؤولًا، لخبرته بالحدود المصرية بسبب عمله في شرم الشيخ، والدروات التدريبية التي أثقل بها خبرة في الطبوغرافيا، وقدرته على تحديد علامات الحدود خاصة العلامة "91" الشهيرة فى مباحثات طابا، والتي أخفتها إسرائيل وحاولت تغيير جغرافيتها.

حينما أشارت عقارب الساعة للواحدة صباحا، يوم 14 أغسطس 1986، صعدت روح "الحويج" إلى بارئها، خلال جلوسه على طاولة المفاوضات، نتيجة أزمة قلبية حادة بسبب الإجهاد الشديد، ليدون التاريخ قصة شهادة بطولية دون طلقة رصاص واحدة، حبًا في الوطن وتمسكًا برمال أراضيه.

فى عمر الرابعة والثلاثين، ودع القائد رجاله وترك مهمته لأبطال آخرين، بعد أن قطع شوطًا كبيرًا بها، وجاء فى خطاب هيئة شئون ضباط القوات المسلحة بعدها أنه توفى في أثناء تأدية مهام عمله، قبل أن تقيم له إسرائيل جنازة عسكرية فى مطار تل أبيب، حيث وصفته الصحافة الإسرائيلية بالضابط المتشدد، ويقصدون أنه كان صعبًا خلال عملية التفاوض.

رحل "الحويج" في صمت، لكن صورته لم تفارق ذاكرة أسرته، حسب حديث زوجته السيدة ماجدة عبدالعال، التي قالت إن زوجها كان يعمل في إدارة الإتصال بالمنظمات الدولية، المسؤولة عن المفاوضات خلال اتفاقية كامب ديفيد، والتي أرسل لها وفد دبلوماسي وعسكري، كان الأخير برئاسة اللواء فاروق لبيب رئيس المخابرات الحربية  آنذاك، وكان زوجها من بين رجال الوفد منهم أبوه، وأصغر أعضاءه سنًا.

قبل عيد الأضحى بيومين عام 1986، سافر "الحويج" وودع أرملته وأبناءه "إسلام" الأكبر، الذي كان عمره آنذاك عامان ونصف، و"أحمد" الصغير والذي لم يكمل من عمره 14 يومًا، وفي الفجر ركب رفقة الوفد الطائرة وذهب للدفاع عن الأرض المسلوبة، قبل أن يعود من هناك شهيدًا.

تروي أرملة الشهيد الراحل، آخر لحظات في عمره، "تعب شوية في المفاوضات وسند دماغه على الترابيزة اللي كانت قصاده، حاول الدكتور مفيد شهاب إنه يصحيه، ولما لقاه مردش طلعوا بيه بسرعه على المستشفى، قبل ما أمر الله ينفذ"، وفقًا لما قالته السيدة ماجدة لـ"الوطن".

في أثناء مشاهدة مسلسل الساعة السادسة على التليفزيون، انقطع البث امباشر وأعلن خبر هام باستشهاد "الحويج"، ذلك المشهد الذي تتذكره أرملة الشهيد جيدًا، لافتة إلى أن الوفاة جاءت نتيجة الإجهاد الشديد، بعد أن ظل مستيقظ يومين كاملين، دون أن يلقى طوال الـ34 عاما الماضيين التكريم الذي يستحقه ويصبح منسي. 

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل