المحتوى الرئيسى

السيارات ذاتية القيادة

09/26 22:06

في مساء الثامن عشر من شهر مارس سنة 2018 وبالتحديد في الساعة التاسعة و39 دقيقة مساء في مدينة تمبا بولاية أريزونا الأمريكية كانت إيلين هيرزبرج ذات التسعة والأربعين ربيعاً تعبر الشارع الواسع ذي الأربع حارات وهي تدفع دراجتها، لتندفع سيارة متوسطة الحجم وتصدمها. تنتقل إيلين بسرعة إلى المستشفى لتتوفى في نفس الليلة متأثرة بجراحها. السائق المتسبب في الحادثة لم يهرب ولم يخَف ولم يبك لأنه ببساطة ليس بشراً. إنها كانت سيارة تجريبية ذاتية القيادة من شركة أوبر!

القاتل كان جهاز كمبيوترو إيلين هي أولى الضحايا.

عندما بحث محققو المجلس الوطني لسلامة النقل المعلومات المسجلة بالسيارة أثناء الحادث وجدوا أن السيارة لم تستخدم الفرامل عندما كانت إيلين تمر من أمامها وحتى ست ثواني قبل الإرتطام، وبالسرعة التي كانت تسير بها السيارة (69 كم/س) كان لابد من استخدام الفرامل قبل هذه المدة الزمنية. هل في الموضوع خطأ ما في السيارة؟ الحقيقة أنه لا يوجد خطأ في البرمجيات المستخدمة في السيارة ولا المجسات ولا يوجد خطأ ميكانيكي. كل شيء كان يعمل كما هو مخطط له، وهذا هو المؤسف في الموضوع. البرنامج المسؤول عن التعرف على الأشياء خارج السيارة لم يتعرف على إيلين وتعرف فقط على "جسم غير معروف" (أي لم يستطع أن يحدد أنه بشري) وعندما اقتربت السيارة من إيلين وقبل أقل من ثانيتين من الإرتطام تعرفت السيارة بدقة أكثر على هذا الجسم غير المعروف وعرفت أنه جسم بشري ولكن مع ذلك لم تُستخدم الفرامل، كان الوقت قد فات على كل حال على تفادي الإصطدام ولكن كان من الممكن تقليل قوة الاصطام وزيادة إحتمال إنقاذ إيلين. لم تُستخدم الفرامل لأن السيارة كانت مبرمجة ألا تستخدم الفرامل لو كانت ستسبب صدمة قوية (توقف مفاجئ) لمن هو في داخل السيارة. في التجارب الحالية يوجد قائد بشري في داخل السيارة للتدخل في حالات الطوارئ لكن السائقة (في حالتنا هذه) لم تستطع التدخل إلا قبل ثانية واحدة من الإرتطام.

الآن في 2020 تقدمت التقنيات عن 2018 خاصة وأن شركات كبرى مثل جوجل و أنفيديا وتسلا ونيسان تطور تكنولوجياتها للسيارات ذاتية القيادة. لكل هل يمكننا أن نثق بتلك السيارات الآن؟

حالياً لا توجد سيارات ذاتية القيادة بشكل كامل، وحتى السيارات التجريبية يوجد بها سائق بشري للتدخل وقت الخطر. هناك تصميمات مختلفة لتلك السيارات ولكن المشترك بينها أن بها عدد كبير من المجسات (sensors) تراقب المنطقة حول السيارة من كافة الإتجاهات. هذه المجسات تساعد السيارة على بناء خريطة متكاملة للمنطقة المحيطة وقد تستخدم الليزر أو تقنيات تشبه السونار أو الرادار أو الكاميرات أو كلها معاً، كل شركة لها تصميمها الخاص. البرمجيات داخل السياراة تدرس هذه الخريطة وترسم مسار للسيارة ثم ترسل إشارات تحكم للأجهزة الميكانيكية للسيارة. هذه البرمجيات تعتمد على الذكاء الاصطناعي ولكن الصعوبة هنا أن تلك البرمجيات يجب أن تتخذ قرارها بسرعة وإلا تسببت السيارة في حوادث. ما يزيد الأمر صعوبة أن تلك الخريطة للمنطقة المحيطة تتغير كلما تحركت السيارة. إذا فنحن نحتاج برمجيات ذكاء اصطناعي متقدمة تتخذ قرارات سريعة لهذا يجب أن تكون السيارة مجهزة بأجهزة كمبيوتر عالية السرعة، ومنخفضة الاستهلاك للطاقة، وهذه صعوبة أخرى ناهيك عن تصميم تلك البرمجيات بحيث تحافظ على حياة من هم في داخل والسيارة ومن في خارجها. السياراة أيضاً تتصل بالأقمار الصناعية وبالسيارات الأخرى القريبة منها إذا كانت مجهزة لذلك لأن كل تلك المعلومات تساعد البرمجيات على إتخاذ قرارات أكثر دقة.

هناك حوادث أخرى للسيارات ذاتية القيادة كان سببها سائقين بشريين في سيارات أخرى تسير بجوار تلك السيارة ذاتية القيادة. السائق البشري "فهلوي" وهذا قد يربك أجهزة الكمبيوتر في السيارات التي تمت برمجتها على إحترام قواعد المرور. أعتقد أن الحوادث ستقل كثيراً إذا كانت كل السيارات في الشوارع ذاتية القيادة، لكن إذا كان البعض ذاتي القيادة والبعض الآخر بشري القيادة فإحتمال الحوادث أكبر.

مازالت أمامنا عدة سنوات قبل أن نرى كل السيارات في الشارع ذاتية القيادة لأن ذلك سيحتاج ليست فقط إلى تكنولوجيا أكثر تطوراً ولكت سيحتاج إلى استعداد إجتماعي وإقتصادي للدول لأن ذلك سيعني إختقاء مهنة القيادة، فماذا سيفعل كل هؤلاء السائقون؟ في إعتقادي أن اول مركبات ستتحول إلى القيادة الذاتية ستكون القطارات والأوتوبيسات وسيارات نقل البضائع ويمكن في البداية تخصيص حارات ثابتة لها في الشوارع.

نرشح لك

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل