المحتوى الرئيسى

هل يمكن لترامب اغتيال زعيم عالمى والفرار بفعلته؟

09/25 21:52

نشر موقع Defense One مقالا للكاتبة Katie Williams.. نعرض منه ما يلى.

لو كان نفذ ترامب رغبته فى اغتيال بشار الأسد، لكان الرئيس السورى أول ضحية لترامب يتم الإعلان عنها فى بلد لا تخوض أمريكا معها حربا. ولكن، ذهب هذا الشرف إلى الجنرال الإيرانى قاسم سليمانى، الذى قُتل بأمر من ترامب. أعلن المقرر الخاص للأمم المتحدة المعنيّ بحالات القتل خارج نطاق القانون أن عملية قتل سليمانى «غير قانونية» بموجب القانون الدولى. لكن المسئولين الأمريكيين اعترضوا على ذلك، ولا يزال الجدل قائما حول شرعية القتل.

الأمر أوضح فى حالة الأسد، فمن المؤكد أن إصدار أمر رئاسى لقتله ممنوعا بموجب السياسة الداخلية الأمريكية والقانون الدولى. لكن اعتراف ترامب على قناة Fox & Friends بداية هذا الشهر بأنه أراد «القضاء» على الأسد عام 2017، سلط الضوء على ممارسات للرئيس يحظرها القانون الأمريكى منذ 1976.

قال جيفرى كورن، أستاذ القانون فى كلية ساوث تكساس للقانون فى هيوستن والمستشار القانونى السابق للجيش الأمريكى، «هناك شعور أن جميع الأدوات متاحة للإدارة الحالية» وعلى مدى الثلاثين عاما الماضية «لم تفعل الإدارات ذلك واخترقوا القيود». وفى مقابلة مع كوشنر، عندما سئل إذا كان يعتبر الاغتيالات أداة شرعية، أجاب بأن ترامب يضع جميع الخيارات على الطاولة، ودافع عن الاغتيالات كرد مشروع على الهجمات الكيماوية فى سوريا.

ولكن هل هذا يعنى أن الاغتيالات مشروعة؟ كلمة «اغتيال» كلمة غامضة، وعلى الرغم من أنه فِعل محظور فى القانون الأمريكى الذى منع أى عضو فى حكومة الولايات المتحدة من الانخراط أو التآمر فى أى اغتيال سياسى، إلا أنه لم يُعرّفه. وهنا تكمن المشكلة، لأن الأمر يتمحور حول السياق.

ما يمكن أن يعد تعريفا رسميا لمفهوم الاغتيال فى الولايات المتحدة موجود فى وثيقة تعرف باسم «مذكرة باركس» لعام 1989، حيث عرف فيه الاغتيال على أنه قتل لأغراض سياسية.. ولكن فى الواقع حظر الاغتيالات السياسية فى الولايات المتحدة تم من خلال تسوية بين الكونجرس والبيت الأبيض سنة 1976، ولذلك يمكن للرئيس تجاوزه، فما القانون الذى يمنعه؟

يشير البعض إلى القانون الدولى.. فعمليات القتل التى تُرتكب إما للدفاع عن النفس أو تُنفَّذ كجزء من نزاع مسلح عمليات مقبولة بموجب القانون الدولى، وبالتالى لن تُعتبر على الأرجح «اغتيالات»، وإذا توافرت هذه الشروط سيعتبر رئيس الدولة من الناحية الفنية هدفًا عسكريًا مشروعًا. ولكن بشار الأسد فى سوريا لا تنطبق عليه هذه الشروط وقتله لاستخدام الأسلحة الكيماوية محظور بموجب القانون الدولى وقانون الولايات المتحدة.

هناك نزاع مستمر حول الظروف التى بموجبها يكون القانون الدولى ملزمًا للولايات المتحدة. فإذا أمر الرئيس بذلك، بموجب مبادئ تفسير الولايات المتحدة للقانون الدولى، فلا يوجد ما يشير إلى تقييد الولايات المتحدة بتطبيق القوة خارج حدودها الإقليمية على مواطن أجنبى.

كان هناك سابقة لذلك. من أشهر الأمثلة قبل قانون 1976 كانت محاولات وكالة المخابرات المركزية اغتيال فيديل كاسترو. لكن فى العقود الأخيرة التزم رؤساء الولايات المتحدة بقيود الحظر. على سبيل المثال بذلت إدارة أوباما قصارى جهدها للإصرار على أنها لم تكن تستهدف الزعيم الليبى معمر القذافى فى تدخلها عام 2011 ــ على الرغم من أن الصراع أقرته الأمم المتحدة، مما يجعل القذافى من الناحية الفنية هدفًا عسكريًا مشروعًا. من السخافة الاعتقاد بأن القذافى لم يكن مستهدفا، ولكن لم توجه انتقادات لعملية اغتياله، ولكن الانتقاد وجه لمحاولات أمريكا بناء الدولة وتغيير النظام وفشلها فى تعلم الدرس من العراق.

وفقًا لتقارير صحفية وما صرح به ترامب، أقنع وزير الدفاع آنذاك جيم ماتيس عام 2017 ترامب بالرد على هجمات الأسد الكيماوية بضربات جوية على أهداف عسكرية بدلا من استهداف الأسد مباشرة. كانت تلك الضربات الجوية أيضًا غير قانونية بموجب القانون الدولى، لأن ميثاق الأمم المتحدة لا يعترف حاليًا بالتدخل الإنسانى كمبرر لاستخدام القوة. لكن تسامح ماتيس منع الولايات المتحدة من تجاوز عتبة اجتنبتها لعقود.

إن العادة جعلت استهداف قوات الأسد مقبولا أكثر من استهداف الأسد. على الرغم من أن كليهما غير قانونيين، ولكن بدا أن أحدهما أكثر شرعية، لأنها لم تُعِد فتح تاريخ الولايات المتحدة الذى كان يقضى على زعماء فقط لشعوره بأنهم لا يحققون منفعة الولايات المتحدة.

من وجهة نظر واقعية، الاغتيال خيار مغرٍ. فالأسد متهم بارتكاب جرائم حرب تتراوح بين استخدام الأسلحة الكيماوية ضد شعبه والتعذيب وشن حملات القصف العشوائى التى نشرت الرعب وقتلت مدنيين. جوهر عمليات الاغتيال هو الرغبة فى الخلاص من مشكلة بشكل سهل، فلماذا يتم التخطيط لحرب لطالما من الممكن قتل شخص ما وتنتهى المشكلة؟

إذن ماذا عن سليماني؟ يصبح الأمر محيرا عندما تستهدف الولايات المتحدة أفرادا تصنفهم إرهابيين ولكن الجيش الأمريكى لا يقاتلهم رسميا. سليمانى يعد إرهابيا، لكن لم يعطِ الكونجرس شرعية لاستخدام القوة ضد إيران فى تصاريحه لعام 2001 و2002 والتى استخدمتها إدارات بوش وأوباما وترامب لمحاكمة الإرهابيين المرتبطين بالقاعدة.. لذلك لا يعتبر قتل البغدادى اغتيالا.

رأت إدارة ترامب أن قتل سليمانى فى بغداد كان قانونيًا لأن الجنرال الإيرانى شكل تهديدًا «وشيكًا»، والذى حددته الولايات المتحدة فى عهد الرئيس باراك أوباما على أنه يشمل تهديدات مستمرة قد لا تتضمن مؤامرة معروفة أو استهداف. بعبارة أخرى، كان قتله مبررًا بموجب القانون الدولى بحجة الدفاع عن النفس، وبالتالى لا يمكن أن يعتبر اغتيالًا. ويقول منتقدو الضربة، بمن فيهم المقرر الخاص للأمم المتحدة، إن الولايات المتحدة لم تظهر أدلة كافية على وجود تهديد وشيك، مما يجعل الضربة غير قانونية.. وعلى الرغم من أن كلمة «اغتيال» تحمل قوة خطابية كبيرة، إلا أنه لا يهم من الناحية القانونية ما إذا كان القتل يُصنف على هذا النحو.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل