المحتوى الرئيسى

آباء السوشيال ميديا.. خانوا الأمانة

09/24 18:59

خبير قانونى: استغلال الأبناء جريمة عقوبتها مزدوجة.. سجن مشدد وغرامة

أستاذ فلسفة: المجتمع يتعرض لموجة عنيفة من الغزو الأخلاقى

الخبراء : مطلوب وضع معايير صارمة لضبط استخدام وسائل التواصل الاجتماعى

 دار الإفتاء تحذر من « التيك توك» وأخواتها

«اللى يعيش ياما يشوف».. عبارة قالها الأجداد ويوما بعد آخر تتأكد صحتها.. وآخر ما كشفته الأيام هو تراجع كبير فى نوعية الآباء الذين تنفطر قلوبهم على ابنائهم خوفا عليهم، وظهور جيل جديد من الأباء الذين يعتبرون أبناءهم دمى فى ايديهم يفعلون بها ما يشاءون، ولا يتورعون عن تقديم فلذات أكبادهم قرباناً لشهواتهم،حتى ولو كانت تلك الشهوة مجرد ضحكة عابرة أو تحقيق «ترند» على السوشيال ميديا!.. ووصلت الكارثة الأخلاقى لدرجة ظهور أمهات- مع الاعتذار للقب أم – شاركن بناتهن تسجيل فيديوهات مخلة بالآداب!

اليوتيوبر أحمد وزوجته زينب، شكلا معا نموذجا من أجيال آباء السوشيال ميديا، الذين بهرتهم أضواء العالم الافتراضى، فدفعتهم إلى البحث عن شهرة زائفة، ووجدا ضالتهما فى تسجيل مقطع فيديو لابنتهما – 3 أعوام–بهدف تحقيق أعلى مشاهدات على يوتيوب، فأصيبت الطفلة بحالة من الهلع الشديد فور رؤيتها والدتها تتلون لها بشكل مخيف، فتصاب الطفلة بالهلع والرعب بينما تسخر الأم من خوف ابنتها وإلى جوارها وقف الاب معقباً بكلمات ساخرة.

«شيرى هانم وابنتها».. نموذج آخر صارخ من آباء آخر زمن، حيث شاركت ابنتها تصوير فيديوهات مخلة بالآداب، وألقت قوات الأمن القبض عليها فى مصر الجديدة بتهمة نشر فيديوهات خادشة للحياء العام.

وكشفت التحقيقات أن «شيرى هانم» وابنتها «زمردة» قامتا بتسجيل فيديوهات مخلة على «تيك توك»، وقد حصلت هذه المقاطع على مشاهدات تجاوزت الـ9 ملايين مشاهد وآلاف المتابعين، كما حصلت الأم على مبالغ طائلة نظير تلك الفيديوهات، ولكى تتهرب من الجهات الرقابية تقوم الأم بتغيير محل اقامتها بين الشقق المؤجرة وتغير أيضاً أرقام هواتفها لتضليل رجال الأجهزة الأمنية، ولكنها فى النهاية سقطت فى أيدى العدالة بعدما تم ضبطها داخل احدى الشقق بمصر الجديدة.

وحكاية «م.ع» واحدة من أكثر قصص ضياع الأمومة فى قلوب بعض الأمهات، حيث انتهزت فترة غياب الزوج لتمارس الحرام مع عشيقها فى شقتها، وذات مرة فوجئت بوجود طفلها أمامها أثناء وجودها فى أحضان عشيقها ولكى تتخلص منه فى هدوء أعطته جرعة مخدرات لكى يتغيب عنها ويعطيها الفرصة فى ممارسة الحرام!

لم يتحمل جسد الطفل جرعة المخدرات فتوفى على الفور، ليتلقى قسم شرطة المعصرة بلاغاً من أحد المستشفيات باستقبال الطفل ضحية شهوات والدته، وتمكنت قوات الأمن من القبض عليها وعلى المتهم «م.ف» بدائرة القسم.

قال عصام محمود جاد، خبير قانونى، تجاوزات عدد من أولياء الأمور مع ابنائهم خلال الفترة الأخيرة كانت أكثر وضوحا بعد جائحة كورونا، حيث شاعت بعض الفيديوهات وتداول الإعلام بعض الوقائع التى تعكس وجود خلل مخيف فى بعض الأسر.

وتابع: القانون المصرى رقم 12 لسنة 1996 والمعدل بالقانون 126 لسنة

وأضاف: يعاقب بالسجن المشدد مدة لا تقل عن خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائتى ألف جنيه كل من باع طفلاً أو اشتراه أو عرضه للبيع، وكذلك من سلمه أو تسلمه أو نقله باعتباره رقيقاً، أو استغله جنسياً أو تجارياً، أو استخدمه فى العمل القسرى، أو فى غير ذلك من الأغراض غير المشروعة، ولو وقعت الجريمة فى الخارج، كما يعاقب بذات العقوبة من سهّل فعلاً من الأفعال المذكورة فى الفقرة السابقة أو حرض عليه ولو لم تقع الجريمة بناءً على ذلك ومع عدم الإخلال بأحكام المادة (116 مكرراً) من قانون الطفل، تضاعف العقوبة إذا ارتكبت من قبل جماعة إجرامية منظمة عبر الحدود الوطنية.

وأشار الخبير القانونى إلى أن قضية اليوتيوبر أحمد وزوجته زينب، تناقش على مستوى اجتماعى تتداخل فيها جميع الأطراف، خاصة أن اتهامات الإساءة ليست اعتيادية بالنسبة للشعب المصرى، حيث إنها تختص باستغلال الأطفال عبر الإنترنت وهو نوع من الاستغلال نشأ مع انتشار الوسائل الإلكترونية والسوشيالميديا.

وتابع: الدولة لديها قانون حول الاستخدام الأمن للإنترنت تسعى من خلاله إلى وضع قواعد محددة واضح، وذلك لتوفير الحماية للأطفال على الإنترنت من خلال وضع إطار عمل قانونى وتشريعى، وفقاً لما تنص عليه الاتفاقيات الدولية وتحديداً اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل لعام 1989.

قال الدكتور وائل أحمد عبدالله، مدرس فلسفة العلوم والتفكير العلمى بجامعة سوهاج، إن السلوك الذى قام به اليوتيوبر أحمد حسن وزينب فى ابنتهما «إيلين»، والمنتشر هذه الأيام، يعد سلوكاً غير سوى، لأن ما قاما به من سلوك أساء كثيرا لطفلتهما من خلال استغلالها وتخويفها والتربح من خلالها عبر قناتهما على موقع اليوتيوب الشهير، مما أدى إلى حدوث اضطراب نفسى مؤقت لدى الطفلة وفقدانها الثقة فى والديها وفيمن حولها كما هو واضح من الفيديو المتداول، الأمر الذى له بالغ الأثر على مستقبل الطفلة النفسى، والذى قد يؤثر على مستوى الصحة النفسية والعقلية للطفلة إذا تعرض الطفلة لمثل هذه السلوكيات مرة أخرى.

وأضاف: «استغلال القُصر والحيوانات، وتقديم المحتويات غير السوية عبر موقع اليوتيوب والتربح من خلالها يعد من كبرى التحديات الأخلاقى التى تواجهنا فى هذا العصر الرقمى، حيث تم غزو مجتمعاتنا، وخاصة العربية منها، بثقافات كثيرة غريبة عنها، وللأسف نستقبلها ونقلها تقليداً أعمى، كأن هذه الثقافات هى التى تمثل التقدم والتنوير، لكن لا بد علينا كمجتمع عربى أن نستقبل الثقافات الأخرى بنظرة تحليلية نقدية، أى نأخذ منها ما يفيدنا وما يتوافق مع ثقافتنا ومجتمعنا العربى، دون التفريط فى عاداتنا وتقاليدنا وقيمنا وأخلاقياتنا العربية السوية الأصيلة.

وتابع: إننى أنظر إلى الفيديوهات غير السوية التى يضج بها موقع اليوتيوب نظرة مغايرة، فلا أنظر إلى السياق نفسه الذى خرج منه الفيديو، أية فيديو، بل أنظر إلى سياقات أخرى كثيرة يعيشها كثيرون من مشاهدى هذه الفيديوهات، تلك السياقات المغايرة لسياق الفيديو المشاهد، والتى بها أطفال ومراهقون قد يحاولون تقليد السلوكيات المسجلة فى الفيديو بطريقة غير آمنة وغير مسئولة، وما يترتب على ذلك من كوارث قد تعرض حياة كثيرين للخطر.

وطالب أستاذ الفلسفة المجتمع بمحاربة هذه الظاهرة، من انتشار محتويات الفيديوهات غير السوية؛ لأنه قد يترتب عليها تغيير كثير من قيمنا وعاداتنا وأخلاقياتنا الأصيلة، وذلك لأن الذى صنع شهرة هؤلاء هو المجتمع نفسه، خلال مشاهداته وإعجاباته واشتراكاته فى هذه القنوات التى تقدم محتوى قد لا يتوافق مع ثقافة المجتمع العربى، فالمجابهة تأتى من المجتمع لأن هؤلاء اليوتيوبر نتاج ثقافة المجتمع التى ساهمت فى تسطيحها أمور كثيرة.

وقال «عبدالله» إن الحل يكون من خلال وضع معايير أخلاقية جديدة تتناسب مع مستجدات العصر الرقمى، حيث إن المعايير الاخلاقية التقليدية غير كافية لمواجهة هذه التحديات الجديدة التى كان منها هذه الأيام سلوك أحمد حسن وزينب تجاه بنتهما. كذلك يمكن تشريع قوانين تمنع استخدام الأطفال القصر والكائنات الحية واستغلالهما استغلالاً مسيئاً للتربح من خلالها، وكذلك يجب منع تقديم أية محتوى غير هادف إلى تعريف المجتمع بقيمة من القيم الأساسية العليا، كقيمة الحق أو قيمة الخير أو قيمة الجمال، أو أى قيمة مستمدة من هذه القيم. كما يمكن تشريع قانون لفرض ضرائب على التربح من خلال اليوتيوب أو التسويق الإلكترونى التجارى، والذى أصبح يمثل مصدراً كبيراً من مصادر الدخل هذه الأيام. كما أن هناك كثيراً من المقترحات التى يمكن تطبيقها والتى تعمل على ضبط استخدامات التكنولوجيا، وتراعى كذلك حقوق وواجبات الجميع فى عصر أصبحت فيه خصوصياتنا ومشاعرنا مصدراً لجلب الربح.

تحذيرات شديدة وجهها مرصد الفتاوى التكفيرية التابع لدار الإفتاء المصرية، للأسر من استخدام ابنائهم تطبيق التيك توك، مشيرا إلى أن تطبيق الفيديوهات القصيرة الذى ينشر محتوى ترفيهياً، تنشط مؤخراً عليه بشكل مكثف دعاية للجماعات الإرهابية التى تستفيد من التكنولوجيا والتطبيقات الحديثة فى نشر أفكارها وعملياتها الإرهابية.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل