المحتوى الرئيسى

بين الوباء وقطاع الطرق.. الأمن الغذائي في نيجيريا مهدد بالخطر

09/23 13:19

قبيل بدء زراعة المحاصيل في مايو، زار عبدالله حسن وجيني مزرعة أحد جيرانه في شمال نيجيريا لمناقشة كيفية تجهيز الحقول. ما حدث بعد ذلك دفعه إلى التخلي عن مصدر رزقه منذ 25 عاما.

وبينما كان الرجلان يتجاذبان أطراف الحديث، فتح قطاع طرق يمتطون دراجات بخارية النار عليهما. تمكن واجيني، 62 عاما، من الفرار، بينما بقي صديقه لحماية ماشيته. وتم العثور عليه قتيلا وسط بركة من الدماء، وسُرقت أبقاره.

وذكرت وكالة "بلومبرج" للأنباء أن جرائم القتل الوحشية هذه أصبحت أكثر انتشارا في بلد يمكن أن يكون العمل فيه بالزراعة مهنة خطرة بسبب التوترات الدينية والعرقية المستمرة منذ أمد طويل، بل وفي الآونة الأخيرة، الجريمة المنظمة. بالإضافة إلى أن المزارعين كانوا يضطرون بالفعل إلى مواجهة الفيضانات أو الجفاف. كل هذا يلحق الضرر بقطاع الزراعة في الوقت الذي تشتد فيه حاجة نيجيريا إليه.

ويتردد صدى مفهوم الأمن الغذائي -الوصول إلى مصدر رزق يعتمد عليه للسكان- في جميع أنحاء العالم في عصر فيروس كورونا وسلاسل التوريد المعطلة. ولكنه في أكبر اقتصاد في إفريقيا له أبعاد عديدة.

تسبب الوباء في ارتفاع أسعار المواد الغذائية في دولة تستورد أكثر من 10% من احتياجاتها الغذائية. يعمل ثلثا السكان في شكل ما من أشكال الزراعة.

ومع ذلك، يفتقر معظم المزارعين إلى وسائل الاستثمار في البذور الجيدة والأسمدة والري والآلات، وكل ذلك أعاق إنتاج المحاصيل. بالنسبة للكثيرين، أدى تغير المناخ إلى جعل حالتهم أكثر صعوبة.

وأفادت بلومبرج بأنه في حين سعى المزارعون بأعداد كبيرة في المناطق الشمالية التي كانت خصبة في السابق لايجاد عمل جديد ، يضطر الباقون بشكل متزايد إلى التعامل مع العصابات التي تسعى لابتزاز الأموال من خلال احتجاز الناس والأراضي والماشية للحصول على فدية.

وقال واجيني عبر الهاتف من قريته في ولاية كاتسينا إنه توقف عن زراعة المحاصيل ويخطط للمغادرة إلى مدينة قريبة لفتح محل بقالة.

وتمثل الولاية جزءا من سلة الخبز في نيجيريا، وهي مركز للأرز والقمح والذرة الرفيعة، وهي حبوب تستخدم في الغذاء وكعلف للحيوانات.

وقال واجيني، وهو موظف حكومي متقاعد اعتمد على الزراعة لزيادة دخله وتوفير طعامه وطعام زوجتين و17 ابنا يعولهم: "الوضع الأمني ​​غير موات. لقد كانت انتكاسة كبيرة للزراعة في المنطقة".

وتأتي التحديات مع توقع العالم لزيادة حادة في انعدام الأمن الغذائي بسبب تداعيات وباء كورونا. وقد يقع ما يصل إلى 132 مليون شخص إضافي على مستوى العالم في قبضة الجوع هذا العام.

وعلى مستوى العالم، تصاعدت المخاوف من حدوث أزمة غذائية كاملة، حيث قيد بعض مصدري الحبوب الرئيسيين الشحنات بسبب الوباء، مما كشف ضعف البلدان التي تعتمد على التجارة الدولية في سلعها الأساسية. وتهدف دول بداية من سنغافورة إلى دول الخليج الآن إلى زيادة إنتاجها الغذائي المحلي.

وتعد نيجيريا، التي يبلغ تعداد سكانها 200 مليون نسمة، البلد الأكثر اكتظاظا بالسكان في أكثر قارة في العالم معاناة من انعدام الأمن الغذائي.

وبات إنتاج الغذاء محليا مهما بدرجة أكبر في ظل الصعوبة التي يواجهها المستوردون في الحصول على الدولار لدفع ثمن الشحنات من الخارج بعد انهيار أسعار النفط الذي استنزف احتياطيات العملات الأجنبية.

وحذر حاكم ولاية النيجر أبو بكر ساني بيلو في أبريل قائلا: "إننا نتجه نحو المجاعة والموت جوعا".

ونقلت "بلومبرج" عن نامدي أوباسي، كبير مستشاري نيجيريا في مجموعة الأزمات الدولية بالعاصمة أبوجا، القول: "لا تتمتع الدولة بالاكتفاء الذاتي في إنتاج الغذاء بأي شكل. لذلك عندما تتعطل سلسلة استيراد الأغذية الدولية ثم تتعطل الزراعة أيضا محليا، فهذا في الحقيقة مركب مثير للقلق للغاية بالنسبة للبلد".

كانت نيجيريا تنتج في ستينيات القرن الماضي ما يكفيها من الغذاء، وكانت أكبر منتج في العالم لمحاصيل مثل الفول السوداني وزيت النخيل. ولكن الحكومات اللاحقة أعطت الأولوية لقطاع النفط على حساب الاستثمار في الزراعة.

ويحاول الرئيس النيجيري محمدو بخاري، الذي ولد ونشأ في ولاية كاتسينا، تنسيق إحياء ذلك منذ انتخابه في عام 2015 من خلال الحد من واردات الأرز والمواد الغذائية الأخرى مع تعزيز الميكنة الزراعية .

وتهدف هذه الجهود إلى توفير 5 ملايين فرصة عمل في قطاع الزراعة وتهيئة ما يصل إلى 100 ألف هكتار من الأراضي الزراعية الجديدة لكل ولاية من ولايات نيجيريا البالغ عددها 36 ولاية.

ويرفع الرئيس شعار "فلننتج ما نأكله ونأكل ما ننتجه".

ومن ناحية أخرى، أمر بخاري البنك المركزي بالتوقف عن توفير النقد الأجنبي لاستيراد الأغذية والأسمدة كجزء من الجهود الجارية لتعزيز الإنتاج الزراعي المحلي والحفاظ على الدولارات الشحيحة.

يشار إلى أن درجات الحرارة المرتفعة حولت بعض الحقول الشمالية الخضراء إلى صحراء وسط نقص في إمدادات المياه.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل