بين الوباء وقطاع الطرق.. الأمن الغذائي في نيجيريا مهدد بالخطر

بين الوباء وقطاع الطرق.. الأمن الغذائي في نيجيريا مهدد بالخطر

منذ 3 سنوات

بين الوباء وقطاع الطرق.. الأمن الغذائي في نيجيريا مهدد بالخطر

قبيل بدء زراعة المحاصيل في مايو، زار عبدالله حسن وجيني مزرعة أحد جيرانه في شمال نيجيريا لمناقشة كيفية تجهيز الحقول. ما حدث بعد ذلك دفعه إلى التخلي عن مصدر رزقه منذ 25 عاما.\nوبينما كان الرجلان يتجاذبان أطراف الحديث، فتح قطاع طرق يمتطون دراجات بخارية النار عليهما. تمكن واجيني، 62 عاما، من الفرار، بينما بقي صديقه لحماية ماشيته. وتم العثور عليه قتيلا وسط بركة من الدماء، وسُرقت أبقاره.\nوذكرت وكالة "بلومبرج" للأنباء أن جرائم القتل الوحشية هذه أصبحت أكثر انتشارا في بلد يمكن أن يكون العمل فيه بالزراعة مهنة خطرة بسبب التوترات الدينية والعرقية المستمرة منذ أمد طويل، بل وفي الآونة الأخيرة، الجريمة المنظمة. بالإضافة إلى أن المزارعين كانوا يضطرون بالفعل إلى مواجهة الفيضانات أو الجفاف. كل هذا يلحق الضرر بقطاع الزراعة في الوقت الذي تشتد فيه حاجة نيجيريا إليه.\nويتردد صدى مفهوم الأمن الغذائي -الوصول إلى مصدر رزق يعتمد عليه للسكان- في جميع أنحاء العالم في عصر فيروس كورونا وسلاسل التوريد المعطلة. ولكنه في أكبر اقتصاد في إفريقيا له أبعاد عديدة.\nتسبب الوباء في ارتفاع أسعار المواد الغذائية في دولة تستورد أكثر من 10% من احتياجاتها الغذائية. يعمل ثلثا السكان في شكل ما من أشكال الزراعة.\nومع ذلك، يفتقر معظم المزارعين إلى وسائل الاستثمار في البذور الجيدة والأسمدة والري والآلات، وكل ذلك أعاق إنتاج المحاصيل. بالنسبة للكثيرين، أدى تغير المناخ إلى جعل حالتهم أكثر صعوبة.\nوأفادت بلومبرج بأنه في حين سعى المزارعون بأعداد كبيرة في المناطق الشمالية التي كانت خصبة في السابق لايجاد عمل جديد ، يضطر الباقون بشكل متزايد إلى التعامل مع العصابات التي تسعى لابتزاز الأموال من خلال احتجاز الناس والأراضي والماشية للحصول على فدية.\nوقال واجيني عبر الهاتف من قريته في ولاية كاتسينا إنه توقف عن زراعة المحاصيل ويخطط للمغادرة إلى مدينة قريبة لفتح محل بقالة.\nوتمثل الولاية جزءا من سلة الخبز في نيجيريا، وهي مركز للأرز والقمح والذرة الرفيعة، وهي حبوب تستخدم في الغذاء وكعلف للحيوانات.\nوقال واجيني، وهو موظف حكومي متقاعد اعتمد على الزراعة لزيادة دخله وتوفير طعامه وطعام زوجتين و17 ابنا يعولهم: "الوضع الأمني ​​غير موات. لقد كانت انتكاسة كبيرة للزراعة في المنطقة".\nوتأتي التحديات مع توقع العالم لزيادة حادة في انعدام الأمن الغذائي بسبب تداعيات وباء كورونا. وقد يقع ما يصل إلى 132 مليون شخص إضافي على مستوى العالم في قبضة الجوع هذا العام.\nوعلى مستوى العالم، تصاعدت المخاوف من حدوث أزمة غذائية كاملة، حيث قيد بعض مصدري الحبوب الرئيسيين الشحنات بسبب الوباء، مما كشف ضعف البلدان التي تعتمد على التجارة الدولية في سلعها الأساسية. وتهدف دول بداية من سنغافورة إلى دول الخليج الآن إلى زيادة إنتاجها الغذائي المحلي.\nوتعد نيجيريا، التي يبلغ تعداد سكانها 200 مليون نسمة، البلد الأكثر اكتظاظا بالسكان في أكثر قارة في العالم معاناة من انعدام الأمن الغذائي.\nوبات إنتاج الغذاء محليا مهما بدرجة أكبر في ظل الصعوبة التي يواجهها المستوردون في الحصول على الدولار لدفع ثمن الشحنات من الخارج بعد انهيار أسعار النفط الذي استنزف احتياطيات العملات الأجنبية.\nوحذر حاكم ولاية النيجر أبو بكر ساني بيلو في أبريل قائلا: "إننا نتجه نحو المجاعة والموت جوعا".\nونقلت "بلومبرج" عن نامدي أوباسي، كبير مستشاري نيجيريا في مجموعة الأزمات الدولية بالعاصمة أبوجا، القول: "لا تتمتع الدولة بالاكتفاء الذاتي في إنتاج الغذاء بأي شكل. لذلك عندما تتعطل سلسلة استيراد الأغذية الدولية ثم تتعطل الزراعة أيضا محليا، فهذا في الحقيقة مركب مثير للقلق للغاية بالنسبة للبلد".\nكانت نيجيريا تنتج في ستينيات القرن الماضي ما يكفيها من الغذاء، وكانت أكبر منتج في العالم لمحاصيل مثل الفول السوداني وزيت النخيل. ولكن الحكومات اللاحقة أعطت الأولوية لقطاع النفط على حساب الاستثمار في الزراعة.\nويحاول الرئيس النيجيري محمدو بخاري، الذي ولد ونشأ في ولاية كاتسينا، تنسيق إحياء ذلك منذ انتخابه في عام 2015 من خلال الحد من واردات الأرز والمواد الغذائية الأخرى مع تعزيز الميكنة الزراعية .\nوتهدف هذه الجهود إلى توفير 5 ملايين فرصة عمل في قطاع الزراعة وتهيئة ما يصل إلى 100 ألف هكتار من الأراضي الزراعية الجديدة لكل ولاية من ولايات نيجيريا البالغ عددها 36 ولاية.\nويرفع الرئيس شعار "فلننتج ما نأكله ونأكل ما ننتجه".\nومن ناحية أخرى، أمر بخاري البنك المركزي بالتوقف عن توفير النقد الأجنبي لاستيراد الأغذية والأسمدة كجزء من الجهود الجارية لتعزيز الإنتاج الزراعي المحلي والحفاظ على الدولارات الشحيحة.\nيشار إلى أن درجات الحرارة المرتفعة حولت بعض الحقول الشمالية الخضراء إلى صحراء وسط نقص في إمدادات المياه.\nوتقلص حجم بحيرة تشاد، أكبر مصدر للري في شمال نيجيريا، بنسبة 90% منذ ستينيات القرن العشرين، وفقا لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو). وفي ولاية بورنو شمال شرقي البلاد، تزحف الصحراء الكبرى بمعدل كيلومتر واحد في السنة، حسب تقديرات الحكومة النيجيرية في عام 2018.\nولكن حتى لو بدأت الأسعار في الانخفاض مع انحسار الوباء وعودة سلاسل التوريد، فإن خطر العنف من جانب المجموعات الطائفية والعصابات الإجرامية لا يزال قائما.\nونشرت الحكومة الاتحادية قوات للحفاظ على الأمن، ومع ذلك لم يؤد ذلك إلى وقف موجة نزوح المزارعين من المنطقة خلال السنوات الأخيرة. إذ زاد عدد الذين يغادرون أراضيهم في ولايات كاتسينا وكادونا وجيجاوا وزامفارا شمالي البلاد بأكثر من الضعف في عام 2020، وفقا لرابطة عموم المزارعين في نيجيريا.

الخبر من المصدر