صلاة الجنازة من "السيدة نفسية": التزام بالإجراءات وقليل من المصلين

انتهى الإمام من صلاة العصر مسلّمًا عن يمينه وعن يساره، ومن خلفه المصلون، ليتبع ذلك همسات كسرت السكون الذي كان يعم مسجد السيدة نفسية، في ذلك الوقت القليل الذي يُفتح فيه للصلاة خلال اليوم، تنفيذًا للاشتراطات التي عادت معها المساجد مرة أخرى إلى الصلاة، قبل أن تعود إليها صلاة الجنازة هي الأخرى، بين مجموعة من القرارت الأخيرة، التي اتخذتها الحكومة، تمهيدًا لعودة الحياة إلى ما كانت عليها قبل أزمة كورونا بصورة تدريجية.

بضع دقائق فصلت بين انتهاء إمام المسجد من الصلاة وبين ذلك الصوت الذي اخترق همسات المصلين ملفتًا انتباه الجميع، "فيه جنازة جاية"، ليلتقط الإمام بعدها مكبر الصوت من جانبه مسرعًا قائلا بصوت واضح: "صلاة الجنازة في صحن المسجد"، مكررًا إياها أكثر من مرة.

وقف المصلون ومعهم الإمام واتجهوا جميعًا إلى الخارج، حيث المكان المخصص لصلاة الجنازة في المسجد، ومن الناحية الأخرى، حيث باب المسجد، دخل مجموعة أخرى يحملون على أكتافهم ذلك "النعش"، وعلى وجوههم بدى الحزن واضحًا على متوفاهم، ليأمرهم الإمام بوضع المتوفى على سجادة فُرشت خصيصًا لذلك، قبل أن يلتقط مكبر الصوت آخذَا في مطالبتهم بالالتزام بالإجراءات الاحترازية المحددة لصلاة الجنازة: "ياريت الكل يلتزم بالإجراءات، ونصلي في الأماكن المحددة ونلبس الكمامة.. ياريت نلتزم عشان لو ما التزمناش مش هنصلي".

انتهى الإمام من التأكيد على ضرورة الالتزام بالإجراءات الاحترازية، وأخذ يلقّن المصلين مواصفات صلاة الجنازة بعدما أخبرهم أن المتوفى رجل، إلا أن صوتًا آخر قطع حديث الإمام طالبًا منه الانتظار: "ثانية واحدة يا فضيلة الإمام، فيه جنازة تانية جاية".

دخل النعش الثاني يحمله عدد محدود من المواطنين قبل أن يذهبوا به إلى جوار النعش الذي سبقه تنفيذًا لتعليمات الإمام، صاحب ذلك حركة وأصوات علت بعض الشيء في صحن المسجد، بين عامل يطلب من المصلين الالتزام بالأماكن المخصصة للصلاة، وآخر يسأل عن مكانٍ للوضوء ليخبره أحد العاملين أنه مغلق تنفيذًا للإجراءات الاحترازية.

حالة من الشد والجذب كانت حاضرة بين عدد من ذوي المتوفى الثاني وعدد من العاملين في المسجد، عندما طلب أهل المتوفى أن يصلوا العصر أولا قبل الشروع في صلاة الجنازة، الأمر الذي حسمه الإمام عبر صوته القادم من مكبر الصوت: "صلاة الجنازة أولا ثم صلاة العصر لمن يريد".

فرغ الإمام من صلاة الجنازة، وحمل ذوو المتوفى الأول نعشهم وذهبوا به إلى خارج المسجد، قبل أن يطلب عدد من ذوي المتوفى الثاني إعادة الصلاة عليه بعد انتهائهم من صلاة العصر نظرًا لأن عدد منهم لم يلحق بصلاة الجنازة بسبب بحثهم عن مكانٍ للوضوء، الأمر الذي رفضه الإمام وعمال المسجد، قبل أن يفصلوا مكبر الصوت ويدخل الإمام إلى استراحته داخل المسجد، ليقرر ذوو المتوفى الصلاة عليه بأنفسهم.