المحتوى الرئيسى

خاص - مذكرات مصري شارك في احتلال الحرم المكي مع جهيمان العتيبي

09/22 18:03

التقيته للمرة الأولى في شبرا بمنزله البسيط عقب خروجه من سجن العقرب شديد الحراسة، يدعى أسامه الأشموني أحد المتهمين في أحداث الزاوية الحمراء خلال فترة التسعينيات، أجريت حواري معه ثم سألني بعدها، ألا تريد أن تجري حوارا مع عبد المنعم سلطان أحد المتهمين في أحداث الحرم المكي أو قل أنه الشاهد الوحيد على الواقعة التي ظلت شبه مخفية أكثر من 40 عاماً، وافقته بحماس شديد.

أيام قليله والتقيت الشاهد في منزله بعزبة خير الله بعد صلاة المغرب، كان هادئاً ودوداً مثقفاً بشكل مدهش، قبل إجراء الحوار تحدثنا عن الزحام والسياسية وارتفاع درجة الحرارة والكثير من الأمور التي تشير إلى إلمامه الواسع بملفات عديدة رغم حبسه أكثر من 15 عاماً.

بدأنا الحوار الذي استغرق قرابة 3 ساعات، تطرق فيها لدراسته وسفره إلى المملكة العربية السعودية وتأثره بجماعة جهيمان العتيبي، تلك الفرقة التي تخصصت في علوم ودراسة آخر الزمان.

من وقت لآخر كان يخبرني أنه لا يفهم حقاً ماذا حدث أو كيف؟ فبعيداً عن الجانب السياسي للقضية واعتقاله بسببها، كان يفكر دائما كيف يمكن لأشخاص من جنسيات متعددة أن يرون نفس الشخص قبل أن يعرفوه

كيف بدأت القصة؟

في نهاية عام 1979 نشأت جماعة في السعودية أطلق عليها الأمن السعودي "جماعة جهيمان" تخصصت في دراسة الفتن واشتهرت بالأفكار السلفية المتشددة كان يرأسها جهيمان العتيبي قائد عملية "أحداث الحرم" والذي لم يخطط لتلك العملية إلا بعد أن تعرف علي "محمد عبد الله القحطاني".

الرجل الذي كثرت حوله الرؤي أنه المهدي المنتظر ربطته به صلة قرابة ما لبثت أن تحولت إلي تنظيم يدعو لمناصرة المهدي المنتظر، وفي شهر محرم من العام الهجري 1400 قرروا دخول الحرم واقتحامه لمبايعة المهدي المنتظر.

 ما هي علاقة الشاهد الوحيد بالقضية؟

 عبد المنعم عبد الحميد سلطان من مواليد شبرا، خريج مدرسة التوفيقية الثانوية درس في المعهد الصحي بإمبابة لمدة عامين، سافر بعدها إلي السعودية للدراسة في جامعة محمد ابن سعود عام 1979، وبعد إقامته في السعودية 3 أعوام لم يحالفه الحظ للدراسة في الجامعة الإسلامية فالتحق بكلية أصول الدين.

كان لهذا الشاهد منهجاً خاصاً، فلم يؤمن بالتنظيمات الإسلامية المتشددة أو الجماعات الإرهابية، حتى فرقة السلف التابعة لجهيمان العتيبي لم يؤمن بها حتى أنه كان ينكر منهجها في الانتقاص من العلماء والحط من قدرهم، قائلاً لي: "رغم أنهم كانوا أصدقاء وزملائي في الجامعة إلا أنني لم اقتنع بفكرة المهدي المنتظر، خاصة وأنني كان لدي بعض التحفظات علي سلوكهم فقد كانوا يتجرأون علي العلماء وينتقصون من قدر علمهم ولم يكن لديهم التوقير للعلماء، وقد عرضت قضية المهدي المنتظر علي أهم علماء في المملكة العربية السعودية، مثل الشيخ الألباني والشيخ ابن حميد رئيس هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر في المملكة وقتها  وعبد العزيز الباز، بعضهم أيدها وآخروين عارضوها ما كان سبباً في شق الصفوف بين الجماعة".

محمد عبد الله القحطاني والرؤى!

كان المتخصصون في هذه الجماعة يرون أن محمد عبد الله القحطاني، هو المهدي المنتظر فبجانب ملامحه وشخصيته، كان يأتي وافدين من دول أخرى من باكستان والهند وجنسيات أخرى قالوا إنهم رأوه في رؤى قبل أن يعرفوه.. كانوا يتفاجئون عندما يروه، الأمر كان غريباً وغير مفهوم.. قائلا: "ظهرت في الفترة الأخيرة عام  1979 عدد من " الرؤي" بشكل غير طبيعي، ولم يكن أيضا بشكل منفرد ، فقد كانت هناك الكثير من "الرؤي" للعشرات جاءو من بلاد مختلفة من الهند وباكستان وبريطانيا وقد دونت هذه الرؤي وتم توثيقها ووصل عددها إلي 300 رؤية مسجلة بأسماء من رؤوها ..وبدأ الناس ينظرون إليه مع كثرة الرؤي أنه المهدي وأنه الرجل المنتظر ".

لم يتجاوز الأمر أشهر حتى أجمع المؤيدين أمرهم وأعدوا العدة وجهزوا السلاح مخططين لاقتحام الحرم المكي، كان معظمهم يجيد استخدام السلاح، حيث خطط للعملية 200 فرداً من جميع الجنسيات فكان من بينهم هنود وفلسطينين وسودانيين وأفارقة، وأكثرهم كان السعوديين ويليهم المصريين.

تورط الشاهد وحدوث الواقعة

"كنت أعرف أنهم يخططون لاقتحام الحرم وكنت أعلم أن هناك احداثا سوف تحدث في هذا التوقيت لكن لم تكن لدي قناعات ولم أنضم إليهم سوي أنني ذهبت إليهم في أعقاب صلاة الفجر في اليوم الاول بحكم أنني أعرف الكثير من الإخوة هناك لذا كان لابد وأن أكون موجودا معهم، ولم أدعمهم أو أحمل السلاح معهم إلا أنني قررت أن أساعدهم انطلاقا من قاعدة تحقيق شروط ظهور المهدي، بمعني أنني لو كنت رأيت تحقيق الآية الخاصة بظهور المهدي كنت سأنضم إليهم، كما أن الوقت الذي دخلت فيه الحرم كان الأكثر هدوئا في الأحداث وكان وقتها من الصعب دخول أي شخص، بينما كان الخروج متاحا، خلال ذلك توقف الآذان والطواف.

تجاوزت الساعة الثانية صباحا ارتفع صوت الرصاص زاد معه عدد القتلي وكان الأمن يريد إرهاق مجموعة "جهيمان" بزيادة إطلاق النيران وقت الليل حتي لا يستطيعون النوم ، فقد مر يومين ولم تحصل مجموعة جهيمان علي أي قدر من النوم، بدأ بعدها الجيش السعودي بضرب المآذن بالمدافع حيث احتلت مجموعة " جهيمان" جميع " المدن " المحيطة بالحرم وكانوا يقفون في أعلاها مصوبين النار نحو قوات الأمن التي بدأت في ضرب القنابل والمدافع، والطيران والهليكوبتر التي كانت في مستوي قريب جدا حيث انخفضت إلي المآذن المملؤة بالقناصين التابعين لمجموعة المهدي المدربين على أعلي مستوي.

نهاية صادمة للأتباع

حاولت الحكومة السعودية منذ اللحظات الأولى حل المشكلة وديا مع جهيمان بالاستسلام ، والخروج من الحرم واطلاق سراح الرهائن المحتجزين إلا أنه رفض، عُطلت الصلاة والمناسك في البيت الحرام لأكثر من 15 يوماً.

تبادل الطرفان اطلاق النيران الكثيفة وأصاب المسجد الحرام ضرر بالغ جرّاء هذه الأحداث، عندما نفذ صبر الحكومة السعودية، تدافعت قواتها معزّزة بقوات الكوماندوز في هجوم شامل استخدمت فيه تقنيات عسكرية جديدة ، لم يعهدها جهيمان واتباعه فسقط منهم الكثير، كان ممن سقط قتيلا صهره محمد بن عبدالله والذي كانوا يدعون انه المهدي المنتظر ، وبسقوطه قتيلا ، صدم اتباع جهيمان صدمة كبيرة، فهم كانوا يعتقدون انه لن يمت، فبدأوا بالانهيار والاستسلام تباعا واستسلم جهيمان ومن بقى من أتباعه.بعد فترة وجيزة، صدر حكم المحكمة باعدام 62 شخصا من أفراد الجماعة، وكان جهيمان من ضمن قائمة المحكومين بالإعدام، بينما تم حبسي 15 سنة في مصر بعد وضع اسمي على قوائم الانتظار.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل