المحتوى الرئيسى

السفير المصري لدى جوبا لـ«الشروق»: ندعم رفع العقوبات الدولية عن جنوب السودان

09/22 10:41

- السفير محمد قدح: زيارة وزير الري حظيت باهتمامً خاص من المسؤولين في جنوب السودان.. وجوبا تطلع إلي الإستفادة من الخبرات المصرية العريقة في مجال الري

- الإستثمارات المصرية بجنوب السودان تقدر بنحو 2 مليار دولار.. وأمام المستثمرين المصريين فرص واعدة في مجالات الطاقة والبترول والزراعة والثروة الحيوانية

- الجالية المصرية في جنوب السودان صغيرة العدد ولكنها نشيطة ومؤثرة.. و500 منحة سنويا من القاهرة لطلبة الجامعات بجنوب السودان.. و120 أخري لتدريب الكوادر في مختلف المجالات

أكد السفير المصرى لدى جنوب السودان، الدكتور محمد منصور قدح أن العلاقات بين القاهرة وجوبا استراتيجية وقوية على المستويين الرسمى والشعبى، مشيرا إلى دعم مصر لرفع العقوبات الدولية المفروضة على جوبا.

وأوضح السفير المصرى فى حوار مع "الشروق" على هامش الزيارة الاستثنائية لوزير الرى الدكتور محمد عبدالعاطى إلى دولة جنوب السودان قبل حوالي أسبوعين، أن تلك الزيارة حظيت باهتمام خاص من القيادة السياسية والحكومة الجنوب سودانية، وتؤكد على عمق التعاون بين البلدين على الأصعدة كافة، إذ تم بحث العديد من المشروعات والدعم بتقنيات وامكانات وأنظمة رى حديث والاستفادة من الخبرات المصرية العريقة فى مجال الرى. وإلى نص الحوار:

* كيف ترى العلاقات المصرية - الجنوب سودانية في الوقت الراهن؟

ــ العلاقات بين القاهرة وجوبا استراتيجية وقوية، ويتجلى ذلك على مستوى الدوائر الرسمية الجنوب سودانية والمصرية، وعلى المستويين الإقليمى والدولى أيضا، لارتباطها باعتبارات عدة، مثل "نهر النيل، والبُعد الأمنى الجنوبى القومى لمصر" واعتبار أن مصر والسودان وجنوب السودان كانوا دولة واحدة لما يزيد على قرن من الزمان.

واليوم.. العلاقات بين البلدين تمر بأفضل حالاتها على مستوى القيادة السياسية والمستوى الشعبي أيضاً، لاسيما أن الرئيس عبد الفتاح السيسي ونظيره الجنوب سودانى سيلفاكير ميارديت حريصان على التواصل واللقاءات المستمرة فيما بينهما، ومن المؤكد أن ذلك يعمل على تدعيم العلاقات الثنائية ويوفر غطاءً استثنائياً لتوطيدها في المجالات كافة.

وأعتقد أن تلك الأبعاد تدعم تطور العلاقات الثنائية بصورةً نوعية، وذلك بفضل المتابعة والتواصل المستمر بين الرئيس السيسي والرئيس كير، فالأخيرعندما يتحدث دوماً عن الرئيس السيسي يقول "أخي الرئيس المصري" والعكس أيضاً، ومن ثم يؤثر ذلك بالإيجاب على المستويات الحكومية والدبلوماسية بين البلدين.

* ما هي أهم أوجه التعاون بين البلدين؟

- هناك تعاون ثنائي متميز بين مصر وجنوب السودان في القطاعات الحكومية المختلفة، مثل "الري، التعليم، الصحة، الكهرباء" وغيرهم، وهناك مصلحة مشتركة بين "مصر والسودان وجنوب السودان" بأن يكون هناك مزيد من الاندماج والتكامل بينهم.

كما أن هناك مصالح مشتركة أخرى في التعاون القطاعي في مختلف المجالات، لاسيما أن جنوب السودان دولة ناشئة وحديثة ولا زالت تواجه العديد من التحديات الضخمة لاسيما الاقتصادية، وتحتاج إلى الدعم المصري في قطاعاتً عدة وأبرزها "الصحة، والتعليم"، كما أن جهود التنمية بجنوب السودان أصبحت تحتل المرتبة الأولى من اهتمامات حكومتها، فالدولة مَرت بتجربة في غاية الصعوبة عقب استقلالها عام 2011، وهي الحرب الأهلية عام 2013 وحتى 2015، ومن 2016 وحتى 2017، فلم يكن لدى الدولة والحكومة متسع من الوقت أن يتم التركيز على جهود التنمية، ولكن في اللحظة الراهنة هناك اتفاق سلام يتم تنفيذه مما يبعث على التفاؤل ويؤكد على طى صفحة الحرب الأهلية.

* على هامش زيارة وزير الري لجنوب السودان.. ما أهمية تلك الزيارة في ذلك التوقيت؟ وما هي أبرز مجالات التعاون في هذا المجال؟

- الزيارة حظيت بإهتمام خاص من القيادة السياسية والحكومة الجنوب سودانية، وهذا ما أشارت إليه لقاءات وزير الري خلال الزيارة، ولها أهمية خاصة لاسيما في هذا التوقيت. كما أكدت الزيارة على عمق التعاون بين البلدين على الأصعدة كافة، والإستثمار في مجال الموارد المائية بشكل يحقق مصالح مشتركة في البلدين، لاسيما أن الدولة تواجه ظاهرة الفيضانات بشكل سنوي ينتج عنه تدمير كبير لمناطق بعينها، وأبرزها "جونجلي، أعالي النيل، وبحر الغزال"، وآفق التعاون بين البلدين في هذا القطاع غير محدودة.

كما هناك مشروعات تم بحث إنشاءها مثل "سدود حصاد الأمطار" لضمان تقليل مخاطر الفيضانات وتوفير مورد مياه مستدام على مدار العام للمواطنين، كما تم بحث مشروعات تعاون بمجال تطهير المجاري المائية في "بحر الجبل، وبحر الغزال"، فضلاً عن الدعم بتقنيات وامكانات وأنظمة ري حديث والإستفادة من الخبرات المصرية العريقة في مجال الري.

* كيف ترى الوضع الداخلي بجنوب السودان في الوقت الراهن؟

- هناك اتفاق سلام تم توقيعه عام 2018، شهد تقدم ملحوظ في تنفيذ بنوده، كما أن الدولة تعمل حالياً على إحلال السلام والاستقرار بها ومن ثم كلما استقرت الأوضاع عزز ذلك من فرص المسؤولين لتجاوز تحديات التنمية التي لا تقل صعوبة عن تحديات تحقيق الأمن والسلام، ومصر تدعم جنوب السودان في مختلف المجالات إنطلاقاً من علاقات ودية شديدة وأهداف ومصالح مشتركة، خاصةً فى ظل الظرزف الصعبة التى تمر بها الدولة حاليا بسبب جائحة كورونا وتراجع أسعار النفط وأزمة الفيضانات.

* وماذا عن الدعم السياسي المصري على الصعيدين الإقليمي والدولي لاسيما في ظل العقوبات الدولية المفروضة على جنوب السودان؟

- الدولة المصرية لديها موقف واضح تجاه فكرة العقوبات الدولية بشكلً عام بشأن جميع الدول المفروض عليها ذلك، وهو إن أداة العقوبات عادة ما يكون لها مردود سلبي وليس إيجابي، ومن يدفع ثمنها هو المواطن وليست الدوائر الحاكمة، وإنطلاقاً من ذلك المبدأ ومن التنسيق السياسي بين القاهرة وجوبا على مستوى الأطر الإقليمية والدولية مثل "الاتحاد الأفريقي، والأمم المتحدة" تؤكد مصر على ضرورة مراجعة العقوبات المفروضة على دولة جنوب السودان، ومن ثم تخفيفها تدريجياً تمهيداً لرفعها نهائياً، بما يعكس التقدم في تنفيذ اتفاق السلام المنشط ويلبي احتياجات الشعب ولا يحرمه من حقوقه في التنمية.

* هل نتوقع زيارة مرتقبة من الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى جنوب السودان؟

- شعب وحكومة جنوب السودان يتطلعان بالفعل إلى زيارة من الرئيس السيسي، ولكن يرتبط ذلك بتحديد الوقت المناسب.

* ماذا عن العلاقات الثنائية على المستوى الشعبي؟

- العلاقات على المستوى الشعبي هامة للغاية، وتعزز وتحقق ما لا يمكن تحقيقه عبر الدوائر الرسمية بكل سهولةً ويسر، ومصر كعادتها تفتح أبوابها لاستضافة جميع الأشقاء خاصة في أوقات المِحن والظروف الصعبة، وعلى رأسهم المواطنين الجنوب سودانيين الذي يستطيعون السفر إلى مصر في أي وقت دون عقبات، وبها جالية تتخطى ما يقرب من 70 ألف مواطن جنوب سوداني وهي أرقام ليست رسمية، لأن الدولة المصرية تستقبل الأشقاء أو ضيوف مصر كما وصفهم من قبل الرئيس السيسي، ولا يتم تسجيلهم كلاجئين بل يندمجون داخل المجتمع ويعيشون على قدم المساواة مع المصريين، ولذلك يكون من الصعب إحصاء الأعداد بصورةً مستمرة، والذين تم تسجيلهم بشكلً رسمي في المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين هم الاستثناء وليسوا القاعدة، وهناك أرقام أخرى غير رسمية تُشير إلى بلوغ عدد الجالية الجنوب سودانية في مصر إلى مليون مواطن جنوب سوداني.

أما عن الجالية المصرية في جنوب السودان، هي جالية صغيرة العدد ولكنها نشيطة ومؤثرة، حيث أن أعضاءها يعملون في مجالاتً هامة بالدولة.

* ماذا عن الإستثمار المصري في جنوب السودان؟

- هناك العديد من الشركات الكبرى في قطاعاتً مختلفة، وأبرزهم "شركة سامكو" والتي تعمل على تنفيذ إحدى الطرق الأربعة الكبرى بالدولة وهو الطريق الذي يربط بين العاصمة "جوبا" وبين مدينة "كايا" على الحدود الأوغندية، وتُعد مشروعات تطوير البنية التحتية والطرق إحدى أولويات الحكومة الجنوب سودانية وتهتم بها بشكل استراتيجي، بالإضافة إلى "شركة السويدي" والتي تعمل على تنفيذ مشروع محطة لإنتاج الطاقة الشمسية على أطراف العاصمة جوبا لتوفير طاقة للعاصمة والمناطق المحيطة بها، وهو مشروع رائد حيث سيوفر طاقة شمسية بحجم20 ميجا/وات، فضلاً عن مشاريع رائدة منذ عقود تنفذها "شركة المقاولون العرب" ولكنها متوقفة في الفترة الحالية، وهناك "شركة أوراسكوم للإنشاءات" في طريقها للإستثمار في جوبا، لإعادة تأهيل الطريق الوحيد الرابط بين مدينتي "جوبا ونيمولي"، و"شركة بتروجيت" فى طريقها لافتتاح فرع فى جوبا، فضلاً عن شركات مصرية أخرى متخصصة فى مجالات الأدوية والنفط والملاحة النهرية والأثاث.

* هل هناك رقم تقديري لحجم الاستثمارات المصرية بجنوب السودان؟

- ليس هناك أرقام رسمية، ولكن حسب تقديري لا تقل عن 2 مليار دولار، وأعتقد إنها أكبر من ذلك.

والحكومة المصرية حريصة على دعم وتشجيع الاستثمار المصري بجوبا، ومن ثم أتوجه بدعوة للمستثمرين المصريين للعمل في جنوب السودان، لاسيما إنها دولة تمتلك العديد من الموارد الطبيعية وبها فرص استثمارية كبيرة، وحسب طبيعة العلاقات السياسية والشعبية المتميزة مع مصر لدينا حظوظ أكبر من غيرنا، ومن المفترض أن نكون في مقدمة المستثمرين بها والاستفادة من تلك الفرص غير المستغلة، وهناك فرص استثمارية واعدة في مجالات "الطاقة ولاسيما الكهربائية، الثروة الحيوانية، الزراعية، التعدين، والبترول".

وأؤكد أن الحرب الأهلية بالدولة انتهت، وحسب الموقف الراهن بين مختلف الأطراف لا عودة للحرب مجدداً وهناك توافق بينهم على ذلك، وأي تخوف من انتكاسة اتفاق السلام مجرد تخوف مبالغ فيه.

* ماذا عن الدعم المصري للمواطن الجنوب سوداني بشكلً مباشر؟

- المواطن الجنوب سوداني يضع مصر في المقدمة عند بحثه عن فرص للتعليم، والعلاج، أو السياحة، ولذلك هناك حاجة مُلحة لزيادة الدعم المصري للمواطن في مجالات "الصحة، والتعليم، والتدريب، وبناء القدرات"، وأشير إلى أن أهم رصيد لمصر في دولة جنوب السودان هو "التعليم"، وأذكر أن أول لقاء لي مع الرئيس سيلفاكير قالي لي "نقدر لمصر إنها استضافت أبناءها وتلقوا التعليم بها، ولولا إنكم علمتوا أبناءنا لما كانت هناك حكومة جنوب سودانية قادرة على إدارة الدولة"، حيث أن مصر بدأت في تقديم المنح الدراسية منذ سبعينيات القرن الماضي عقب توقيع اتفاقية أديس أبابا، ولذلك معظم الكوادر السياسية الحالية بالدولة خريجي الجامعات المصرية إلا استثناءات تلقت تعليمها في دولً أخرى.

* على ذكر ملف التعليم.. كم تبلغ عدد المنح المصرية لجنوب السودان؟

- مصر تقدم منح لطلبة الجامعات وطلبة الدراسات العليا ما يقرب من 500 منحة سنوياً، وبمجال تدريب الكوادر في مختلف المجالات ما يقرب من 100 لـ 120 منحة سنوياً.

* وبشأن ملف الصحة.. ماذا عن التعاون في هذا المجال؟

- التعاون في هذا المجال مستمر من سنوات طويلة، مصر أقامت ثلاثة عيادات طبية في جنوب السودان، أشهرهم عيادة "جوبا" وأقامتها منذ 10 سنوات، وعيادتين بـ "أكون في ولاية بحر الغزال، وبور" ولكن لظروف الحرب الأهلية توقفت العيادتين عن العمل ولحقت بهما عدد من الخسائر، ومؤخراً تم تطوير العيادة المصرية الصغيرة في العاصمة إلى مركز طبي كبير متطور بها ما يقرب من 12عيادة متخصصة تمس احتياجات المواطن العلاجية، بالإضافة إلى صيدلية ومعمل تحاليل متطور، يُشرف عليه فريق عمل من الأطباء المتميزين ويعمل المركز على خدمة جميع فئات المجتمع بأسعار رمزية.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل