مؤامرة قطر.. ضد قطر

مؤامرة قطر.. ضد قطر

منذ 3 سنوات

مؤامرة قطر.. ضد قطر

المؤامرة التي تنكشف، لا تعود مؤامرة. ليس لأنها تُصبح مشاعا، فيتداولها ويعرف تفاصيلها كل الناس، بل لأن المستور من أهدافها لا يعود قابلا للتحقيق، بحكم عوامل المنع والصد التي تنشأ لتعترضها.\nالاستمرار في مؤامرة مكشوفة يظل أمرا ممكنا على أي حال، ولكنه يتطلب عدة أشياء متلازمة: الأول، أن تكون قادرا على مضاعفة التمويل. والثاني، أن تكون مستعدا لتلقي العواقب. والثالث، أن تكون ذا "رأس ناشف". وهذا غالبا ما يقلب السحر على الساحر، فتتحول من مؤامرة على الغير إلى مؤامرة على الذات.\nمنذ انكشاف تسجيلات "الحمدين" مع العقيد معمر القذافي، والمؤامرة القطرية لتمزيق الدول العربية وتفتيت مجتمعاتها، عن طريق تغذية وتمويل منظمات الإسلام السياسي، الاخوانية منها والصفوية، والمؤامرة القطرية انتهت إلى مؤامرة على النفس، وذلك بمجرد أن تغلب "الرأس الناشف" على المنطق الذي كان يملي عليها التراجع.\nوفي الواقع، فقد كان انسحاب الحمدين، ولو الشكلي، من السلطة، والتعهدات التي قطعها الأمير الجديد الشيخ تميم بن حمد في اتفاق الرياض "2013"واتفاق آليته التنفيذية "2014" واتفاق الرياض التكميلي "2014"، محاولة للتراجع والاعتذار عما حصل. ووجدت الدول العربية المعنية أن الصفحة يمكن أن تنطوي، قبل أن تعود لتكتشف أن "المؤامرة" – الفضيحة ظلت قائمة، وأن التراجعات وتوقيع تلك الاتفاقات كان مجرد لعبة خداع هزيلة، غير مفهومة المعاني.\nالسر وراء انقلاب قطر على نفسها ما يزال موضع تقديرات متفاوتة، فالمرء لا يعتذر عن جريمة ثم يعود فيرتكب أسوأ منها، من دون دافع مضاد. وفي الحال، فإنه يمكن تبني افتراضات كثيرة حول ذلك، ولكن بمقدار ما يتعلق الأمر بالنتيجة، فإنها كشفت عن ضرر لم يُصب أحدا أكثر مما أصاب قطر نفسها.\nالمقاطعة العربية وحدها جعلت قطر تدفع ثمنا باهظا من العزلة عن الأشقاء الخليجيين، ومن العواقب الاقتصادية المباشرة.\nالكل يعرف الآن أن قطر آثرت أن تمضي في مؤامرتها على نفسها قُدما، فسعت إلى بناء تحالفات مضادة، أقل ما يمكن قوله فيها أنها تحالفات عدوانية، مع دولتين إقليميتين هما إيران وتركيا لا تخفيان مطامعهما، كما لا تخفيان جرائمهما أصلا. وهما بقيتا تستعينان بعصابات ومليشيات ومرتزقة ومنظمات إرهاب، لكي تعملا كل من اتجاه، على تدمير الدول التي وقعت تحت سيطرتهما.\nوالواقع، بكل ما انطوى عليه من عواقب كارثية في العراق وسوريا ولبنان واليمن، يكشف حجم الجريمة التي تعرضت لها هذه البلدان، ونحن هنا إنما نتحدث عن شعوب دفعت الملايين، ثم الملايين من أبنائها ثمن تلك الجريمة. وهو أمر يغذي الآن الدعوات من أجل محاكمة قطر، على ما موّلت به تنظيمات الجريمة، وذلك بالمقدار نفسه لمحاكمة نظام الولي الفقيه في إيران، ونظام السلطان العثماني الجديد في تركيا.\nالشيء الساطع في هذا كله، هو أن قطر حملت وزرا ما كان يجدر بها أن تضعه على أكتافها من الأساس، وعندما يكون الوزر هو عذابات الملايين من البشر الذين حرموا من حياتهم أو من أرزاقهم أو من منازلهم، فلا تدري أي جحيم يمكنه أن يتسع لمن يحمله في الدنيا والآخرة.\nوثمة من الجرائم، ما قد لا تتسع له مغفرة أيضا. الإصرار وحده على مواصلة الجريمة، يكفي دليلا على أن العقاب لا بد أن يأتي ليذيق المجرمين بما عملوا.\nولقد أنفقت قطر ما يقرب من 100 مليار دولار حتى الآن على تمويل تنظيمات الإرهاب وتسليحها في سوريا وليبيا والعراق، وبينما حصلت إيران على عوائد تزيد عن 20 مليار دولار بين نقد وتجارة، فقد حصلت تركيا على مساعدات تزيد عن 30 مليار دولار، الجزء الأعظم منها نقدا.\nالغالبية العظمى من المواطنين القطريين يدركون حجم الكارثة التي يصنعها المال الذي تنفقه سلطتهم للاستمرار في تنفيذ تلك المؤامرات.\nإنهم يدركون أن النظام القطري لن ينجو من عواقب المساءلة عما فعل. كما أنه لن ينجو من المحاكمة، عندما تتكشف كل الحقائق، وعندما يتقدم الضحايا للكشف عما وقع لهم من أضرار وآلام ومصائب.\nسوف يكتشف القطريون إن مؤامرة قطر الكبرى، التي جمعت كل المؤامرات، صغيرها وكبيرها، إنما كانت ضد قطر، أكثر مما كانت ضد أي أحد.

الخبر من المصدر