المحتوى الرئيسى

سياسي يمني لـ«أمان»: قطر دعمت إخوان اليمن وساعدت تركيا على إقامة خلافة عثمانية (2-2)

09/22 01:50

يواصل الدكتور عبدالحفيظ النهاري، الباحث في الاتصال السياسي ونائب رئيس الدائرة الإعلامية في المؤتمر الشعبي العام، حديثة عن الدعم القطري التركي لجماعة الإخوان والتقارب الإخواني الحوثي بعد انسحاب قطر من التحالف.

وقال «النهاري» في حوار خاص لـ«أمان»: «روج تنظيم الإخوان في اليمن للخلافة العثمانية منذ نشأة تنظيمهم ضمن ثوابتهم في قراءة التاريخ، ومجدوا الغزو والاحتلال العثماني لليمن، وحاولوا تبريره والدفاع عنه وتلميعه، وناصروا عودة الأحزاب ذات المرجعية الدينية في تركيا وفي مقدمتها حزب الرفاه ومن بعده حزب أردوغان البديل»، وإلى نص الحوار الجزء الثاني:

ـ هل هناك تعاون بين الإخوان مع قطر لدعم مشروعها في اليمن؟

منذ أحداث 2011 التي قاد فيها التجمع اليمني للإصلاح ـ إخوان اليمن ـ وحلفاؤه من المتطرفين الإسلاميين في تركيبتهم الثلاثية (المؤسسة الدينية، والقبيلة والجيش) الاحتجاجات وعمليات التخريب ضد النظام، بدا التعاون الإخواني القطري.

- كيف حاول الإعلام القطري وقناة الجزيرة تدمير اليمن؟

روجت قناة الجزيرة للفوضى والتخريب والدفاع عن عنف تلك الجماعات، وتبرير الأعمال الإرهابية وأعمال العنف ضد الدولة وضد المؤسسات الدستورية والديمقراطية في البلاد، مثلما فعلت في كل الدول العربية التي استهدفتها فوضى الأخوان في ما أطلق عليه زورا احتجاجات الربيع العربي، بل إن قناة «سهيل» التابعة لتجمع الإصلاح في اليمن كانت تتناوب في النقل المباشر مع قناة «الجزيرة» وهو ما لم يحدث في أي بلد عربي شهد موجة الاحتجاجات تلك، ودربت القناة القطرية فريقا من الإعلاميين لصالح «سهيل» الإخوانية الناطقة باسمهم، وظلت القناتان تتشاركان في نقل الأحداث وممارسة التضليل والكذب، وظلت «الجزيرة» المنبر الذي يحرضهم ويبرر جرائمهم المرتكبة وسلوكهم الانقلابي على المؤسسات الدستورية.

- كيف استمرت التغطية الإعلامية منذ الحرب حتى انسحاب قطر من التحالف؟

في حرب استعادة الشرعية كان التحالف العربي قد أعلن في 5 يونيو 2017 انسحاب قطر من المشاركة بحرب استعادة الشرعية في اليمن، واعتبر بيان صادر عن التحالف العربي أن المشاركة العسكرية القطرية مع التحالف جاءت للتغطية على دعم الدوحة للإرهاب في اليمن، وتمويل تنظيمات تحاربها قوات التحالف العربي مثل داعش والإخوان والقاعدة ومليشيات الانقلاب الحوثية، وبما يتناقض مع أهداف التحالف، وأن الدعم القطري للتنظيمات الإرهابية أثناء مشاركتها في عاصفة الحزم، جاء استكمالا للدور الذي لعبته في سنوات سابقة، عبر دعم مالي لجماعات إرهابية متصلة بتنظيم القاعدة، وهي تمويلات ساعدت على تقوية حضور تنظيم القاعدة في الجنوب اليمني، ومن ذلك سيطرة التنظيم على سواحل محافظة حضرموت في 2 أبريل 2015م، وعلى حقول النفط والمؤسسات السيادية فيها، وتنفيذ سلسلة من العمليات الإرهابية ضد المعسكرات والمراكز الأمنية والاغتيالات.

- كيف ساعدت قطر جماعة الإخوان على التخريب؟

أخرجت قطر قيادات الإخوان من اليمن وجنبتهم الحرب، وأصبحت أنقرة والدوحة مقرات لقيادات التنظيم الإخواني وعلى رأسهم شيخان الدبعي الذي يقوم بمهام التنسيق بين إخوان الداخل والخارج، وهو متهم بعمليات اغتيال استهدفت قادة وعسكريين يمنيين، وهذا تتويج لاستثمار قطري في التنظيمات المتشددة باليمن على مدار سنوات، وعلى رأسهم حزب التجمع اليمني للإصلاح ـ إخوان اليمن ـ الذي أدرجت الولايات المتحدة أهم قياداته على لائحة الإرهاب الدولي لتسهيلهم الدعم المالي واللوجستي لتنظيم القاعدة هناك، حيث يمتلك حزب الإخوان في اليمن حوالي 90 وسيلة إعلامية جميعها مدعومة من قطر وتركيا.

- ما هدف قطر الأساسي من التحالف منذ أول لحظة؟

خرجت قطر من التحالف العربي لتصبح ظهيرا للحوثيين والإخوان معا، خاصة مع مواجهة الإمارات العربية المتحدة وجماعة الإخوان ومنهم التجمع اليمني للإصلاح المتواجد تحت مظلة الحكومة الشرعية، وأصبحت الجزيرة والإعلام القطري منابر للحوثيين والإخوان على السواء، وكذلك التمويل المالي والعسكري والتنسيق المشترك بين الخصمين العقائديين المذهبيين، الإخوان والشيعة الحوثيين، يوزعون الأدوار بين قياداتهم في الدوحة وفي تركيا، ويتلونون بحسب ما تقتضيه المتغيرات الإقليمية والدولية، ولديهم جيش إلكتروني وإعلامي يمكن معرفتهم بسهولة بمهاجمتهم للإمارات وللسعودية وهم يتقاضون مرتبات ويتبوأون مناصب في حكومة الشرعية.

ـ أشارت بعض التقارير إلى تدريب تركيا لعناصر من إخوان اليمن ليكونوا ذراعا لها.. ما مدى صحة الأمر؟ وإن كان كذلك كيف سيؤثر على المستقبل السياسي لليمن؟

في وقت مبكر من العام 2011 ضبطت السلطات اليمنية باخرة تركية تحمل شحنة أسلحة ـ صناعة تركية ـ ومنها كمية كبيرة من مسدسات كاتمة الصوت، لصالح قيادات الإخوان المسلمين في اليمن، وشهدنا بعدها سلسلة من الاغتيالات لقادة الجيش والأمن السياسي وضباط الدفاع الجوي والطيران الحربي وإسقاط وتخريب طائرات حربية وسلسلة تفجيرات إرهابية كبيرة وعمليات استهدفت الجيش والأمن والمدنيين، تحمل بصمات تنظيم القاعدة بتسهيلات وتغطية من الفرقة الإخوانية المنشقة عن الجيش.

وفكريا روج إخوان اليمن للخلافة العثمانية ضمن ثوابتهم في قراءة التاريخ، ومجدوا الغزو والاحتلال العثماني لليمن، وحاولوا تبريره والدفاع عنه وتلميعه، وناصروا عودة الأحزاب ذات المرجعية الدينية في تركيا وفي مقدمتها حزب الرفاه ومن بعده حزب أردوغان البديل، ويروجون للمنتجات التركية والتبادل التجاري معها، واعتمدت تسهيلات السفر بين البلدين دون تأشيرة، خلال سيطرة الإخوان على السلطة الانتقالية، وتوسع التنسيق التنظيمي والسياسي والعسكري والأمني الذي من شأنه أن يمهد لعودة لنفوذ التركي في اليمن الذي انقطع منذ سقوط الامبراطورية العثمانية بعد الحرب العالمية الأولى.

ومن المسلم به أن مجاميع إخوانية إرهابية يمنية ذهبت للمشاركة في سوريا بدافع عقائدي هو مواجهة المد المذهبي الشيعي وإسنادا لمشروع الخلافة الإسلامية ـ الذي تبناه داعش والجماعات الإرهابية الأخرى ـ مقابل مشروع الإمامة الشيعية، وتدربت في تركيا وسوريا وقاتلت هناك مع الجماعات الإرهابية التي مارست التخريب، وبعد أن ضاقت حلقة الحركات الإرهابية في سوريا كانت تركيا هي الحاضنة لأولئك المقاتلين المتطرفين الذين حظوا برعاية مباشرة منها وبتمويل من قطر وغيرها.

وعمليا من خلال التحالف القطري ـ التركي، تم دخول تركيا على خط الصراع في اليمن والخليج، وتم دعم المقاتلين الإرهابيين من الجماعات الإسلامية ومنهم إخوان اليمن وحلفاءهم من الجماعات الإرهابية المتطرفة.

_كيف استثمرت جماعة الإخوان الحرب لصالحها؟

وزع الإخوان عدد كبير من قياداتهم العليا والوسطية والقيادات الإعلامية واستثماراتهم بين الرياض وقطر وتركيا وماليزيا، وهم يستثمرون المليارات من الأموال هناك ولهم قنوات فضائية تصدر من تركيا منها: قناة «بلقيس» التابعة للإخوانية توكل كرمان، وقناة «سهيل» وقناة «يمن شباب» وقناة «المهرية» وقناة «رشد» التي يشرف عليها الجناح السلفي في تيار الإخوان، ويشرف عليها أحد وزراء الحكومة الشرعية عبد الوهاب الحميقاني وهو أحد المدرجين في قوائم الإرهاب التي أعلنتها السعودية والإمارات والبحرين ومصر.

وأصبحت تركيا منصة تنظيمية لهم، وطنوا فيها استثماراتهم وتملكوا العقارات واستثمروا أموالهم كأفراد وكتنظيم، وأسسوا المنابر الإعلامية والخلايا التنظيمية، وأصبحت تركيا وقطر منطلقا للتنظيم الإخواني وعملياته عبر العالم الإسلامي والعربي.

وبعد التدخل التركي في ليبيا ونقل تركيا للمليشيات الإرهابية من سوريا إلى ليبيا لضرب القوى الوطنية الليبية والتوسع والسيطرة على ليبيا وعلى منابع النفط والغاز هناك، باستدعاء ودعم تنظيم الإخوان في حكومة الوفاق غير الشرعية، تشجع إخوان اليمن واكتسبوا نشوة جديدة وعبروا في خطابهم السياسي والإعلامي عن رغبتهم في استدعاء حليفهم التركي العقائدي والتنظيمي للسيطرة على المنافذ البحرية الاستراتيجية في اليمن، بتمويل وترويج قطري.

وبدأ إخوان اليمن في استحداث بؤر نشاط عسكري وإرهابي جديدة في تعز، وشبوة، وأبين، بغرض النفاذ إلى السواحل الشرقية والغربية، واستعداء شركاء التحرير في الحرب الشرعية مثل قوات الانتقالي في المحافظات الجنوبية، وقوات طارق صالح في الساحل الغربي والمقاومة الوطنية في الحديدة.

وأصبحت عملياتهم تستهدف مباشرة القوات الحكومية وقوات الحزام الأمني، وقوات حراس الجمهورية، والعمالقة، وقوات المقاومة التهامية، وقيادات المؤتمر الشعبي العام، ومسؤولي الدولة ورجالات الأمن والقوات المسلحة، في محافظة تعز وغيرها من المناطق المطلة على السواحل الغربية والشرقية، وأصبح هناك تبادل أحاديث عن عودة مقاتلين من سوريا ووجود مستشارين عسكريين أتراك يدربون جماعات منهم، وأما حملة استعداء الإمارات التي تقودها الجزيرة وإعلام إخوان اليمن جزء من العملية، باعتبار أبوظبي الراعي لتحرير السواحل اليمنية الشرقية والغربية من المليشيات الحوثية الانقلابية، ومن سيطرة المليشيات الإخوانية كذلك، وهذا أصبح أمر واضح.

ومع وجود عناصر إخوانية يمنية في تركيا وفي قطر ومقاتلين منهم في سوريا وفي ليبيا فمن المنطقي أن يكون هناك تدريب ومعسكرات وإعداد برعاية تركية ودعم لوجستي تركي استعدادا لدس أنفها في الشأن اليمني وحماية الإخون هناك، تماما كما هي الأطماع الإيرانية التي أحبطها التحالف من خلال المعركة الطويلة معها.

وبعد 6 سنوات من الحرب ضد الأطماع الإيرانية في السواحل والأراضي اليمنية، يريد الإخوان التمهيد لوضع المناطق المحررة تحت سيطرة تركيا وقطر وتسخير اليمن للتبعية الإخوانية الإقليمية والعالمية، ووضع المنطقة من جديد بين كماشتي المليشيات الإرهابية الشيعية الإيرانية، والمليشيات الإرهابية الإخوانية السلفية، بما يعرض الأمن الاستراتيجي القومي العربي للخطر، ويجعل المنطقة رهينة الإرهاب والأطماع الإقليمية والانقسام المذهبي الإخواني والشيعي، ويضع الجزيرة العربية والممرات وأمن البحر الأحمر والبحر العربي والخليج العربي من جديد في مربع الخطر.

وهذا سيعيدنا إلى مربع الصفر بعد أكثر من خمس سنوات من حرب استعادة الشرعية، وسيشكل عائقا أمام أية تسوية سياسية، وأمام السلام، واستعادة الدولة في اليمن، وسيتسبب في إطالة أمد الصراع وتحويل الحرب إلى حرب أصولية أيديولوجية وصراع إقليمي متعدد وسيشكل خطرا على أمن الخليج وأنظمة الخليج جميعها، وكذلك على أمن مصر ومصالحها الاستراتيجية في البحر الأحمر وفي البحر المتوسط.

ـ هل يمكن خلال الفترة المقبلة احتواء الإخوان أو السيطرة عليهم ضمن ترتيبات سياسية معينة؟

هناك مشكلة كبيرة تتمثل في تغلغل الإخوان في مفاصل الشرعية على المستوى المدني والعسكري والوظيفي، وذلك أن الرئيس الانتقالي عبد ربه منصور هادي صار رهينة بأيدي الإخوان بعد تنكره لحزبه المؤتمر الشعبي العام، وتخليه عنه لصالح الإخوان وتمكينهم من أخونة الجيش ومؤسسات الدولة منذ بداية الفترة الانتقالية.

وتعززت سيطرتهم عليه بعد الانقلاب الحوثي وانفرادهم به، ومن ذلك تعيين نائب له خارج التوافق ونصوص المبادرة الخليجية، وهو الجنرال علي محسن قائد الانشقاق الإخواني في الجيش عام 2011، الامر الذي وضع سلطة الشرعية كلها تحت تحكم تنظيم الإخوان المسلمين عسكريا وإداريا واقتصاديا، وأوقعها في سلسلة من الفساد الكبير الذي عطل الأهداف الاستراتيجية من قيام التحالف وقيام الحرب.

كما حال التجمع اليمني للإصلاح بين الشرعية والاصطفاف الوطني لتعزيز معركة استعادة الشرعية وشكل حاجزا ومانعا لانخراط كثير من القوى الوطنية المدنية مثل المؤتمر الشعبي العام والأحزاب الأخرى الفاعلة، والحريصة على عودة الدولة المدنية الديمقراطية وعودة السلام والاستقرار في اليمن، وتمترست الشرعية وراء اصطفافات وهمية لا تتجاوز أولئك الأفراد القابعين في غرف الضيافة بفنادق الرياض، الأمر الذي أثر على انكماش الشرعية على نفسها لصالح الإخوان ورهن المعركة الوطنية كلها لأجندة الإخوان، وجرجر التحالف وراء قطارهم تحت ضرورات المعركة المصيرية ضد الانقلاب الحوثي والمشروع الإيراني المهدد لأمن المنطقة.

وأصبح خطاب التجمع اليمني للإصلاح (تنظيم إخوان اليمن) صريحا وواضحا في استعداء واستهداف التحالف وبالذات الإمارات والسعودية، وقام بتوزيع الأدوار الإخوانية بين من يبقى في الرياض ومن يتمترس في قطر وتركيا وفي المناطق المحررة.

وصار من الصعب جدا اليوم على التحالف التخلص من تيار الإخوان المسلمين داخل الشرعية بعد أكثر من خمس سنوات من الإهمال وغياب المراجعة والتقييم للتحالفات وللمعركة، إلا إذا توفرت إرادة للتحالف في التقييم الموضوعي وإعادة النظر بجدية في تركيبة السلطة الشرعية التي تآكلت شرعيتها، وفي المنظومة العسكرية التابعة لها، وإلا فإن المعركة تمضي في صالح الحوثيين على الأرض.

وبينما يتسع إدراج تنظيم الإخوان المسلمين عبر العالم كمنظمة إرهابية إلا أن الشرعية ما تزال تحتفظ بهم على رأس قيادتها، والتاريخ الإرهابي لكل شخصية منهم معلوما ومعروفا وعلى أي أحد فقط العودة إلى ملفاتهم.

وأتصور أن شراكة وطنية حقيقية للقوى اليمنية في معركة استعادة الدولة الشرعية كفيلة بأن تحجم تحكم الإخوان في المشهد وخلطهم الأوراق، وأن ذلك كفيل بإعادة تقييم المعركة وتصويبها باتجاه مشروع وطني جامع ودولة مدنية ديمقراطية تضمن المواطنة المتساوية في الحقوق والواجبات والشراكة في الثروة والسلطة وفق سيادة الدستور والقانون.

ـ هل هناك تعاون بين جماعة الحوثي والإخوان؟ وإن كان كذلك ما تأثيره على مستقبل التسوية في اليمن وإنهاء الحرب؟

بالرغم من الخصومة المذهبية والفكرية والتاريخية بين الإخوان والسلفية السنية الذين يطلقون على الحوثيين نعت الروافض، وبين الشيعة الحوثيين الذي يطلقون على الإخوان والسلفيين النواصب ـ أي من يناصبون الإمام علي بن أبي طالب وآل البيت العداء تاريخيا، وبالرغم من نعت الحوثيين للإخوان والجماعات السنية الإرهابية المتطرفة بالتكفيريين، ومقاتلتهم في بداية الأمر في أكثر من منطقة، إلا أن هناك تجارة رائجة ومصالح نمت بين الطرفين خلال سنوات الحرب الست، تمثلت في تجارة النفط والغاز من خلال تزويد مناطق سيطرة الحوثيين بالنفط والغاز تجاريا، وبلغت المبادلات التجارية بينهما مليارات الدولارات خلال سنوات الحرب الخمس، فضلا عن تجارة السلاح وتهريبه.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل