المحتوى الرئيسى

الألمانى «كليكامب».. صاحب الضربة البحرية الأولى فى الحرب العالمية الثانية «للحرب العالمية أسرارها» (7) | المصري اليوم

09/18 22:35

«ماتت الجدة»، كانت تلك كلمة السر المتفق عليها فى برلين، بين الزعيم النازى أدولف هتلر وقادته العسكريين، للهجوم الوهمى على الحدود البولندية، لإعلان الحرب العالمية الثانية الأكثر ضراوة فى التاريخ البشرى، من أجل ضم مدينة دانزيج ذات الغالبية الألمانية، شمال بولندا، والتى أقرتها اتفاقية فيرساى عام 1919، بإعلان نهاية الحرب العالمية الأولى، وأنها منطقة حرة لا تتبع ألمانيا ولا بولندا، وكان ميناؤها، الذى يقع فى بحر البلطيق، أصبح فيما بعد تابعًا لبولندا، ما أثار غضب الألمان، منذ العام 1920 حتى العام 1939.

اليهودى البولندى «جرينزبان».. افتتح محرقة الهولوكوست بـ«5» رصاصات «للحرب العالمية أسرارها» (6)

ستالشميت Vs سالميد.. ضابط فاز بالحرب مرتين دخلها ألمانيًا وخرج فرنسيًا «للحرب العالمية أسرارها» (5)

المراهق النمساوي «هيتزينور» القناص الأكثر فتكًا.. «للحرب العالمية أسرارها» (2)

وفكر النازيون فى خطة من أجل إعلان الحرب وضم المدينة، التى تفصل بين ألمانيا وجغرافيتها، بروسيا الشرقية، وكانت تتبع ألمانيا، وأصبحت لاحقًا تتبع روسيا.

ففى 31 أغسطس، موه بعض الألمان وعددهم 6، بقيادة أحد ضباط الأمن السرى، ستورمبانفهرر، وألفريد ناوجوك، التابعين لفرقة Freischärler Kommando غير النظامية، ليخبر الجميع، بعملية «جلايفتز»، من تخطيط قائد الأمن العام النازى، رينارد هايدريتش، الرجل ذى القلب الحديد، كما كان يلقبه هتلر، بعدما ذهبوا إلى الحدود البولندية الألمانية، وأطلقوا النيران، على محطة البث فى شمال ألمانيا، مرتدين زى الجيش البولندى.

وكى تبدو العملية ذات مصداقية، تم استقطاب جثة رجل ألمانى من سجون الجستابو، مات بسبب المخدرات، وكان يدعى فرانسيسك هونيوك، وتم نقل جثمانه من قبل رجلين من البوليس السرى الألمانى، إلى محطة البث، قبل العملية بيوم، وتم إطلاق النار على رأس جثته.

«كان لحادث لجلايفيتز والعمليات المماثلة زخم سياسى محلى، وكان الأمر يتعلق بتبرير الذات للشعب الألمانى. على أى حال، لم يعد الناس فى الخارج يصدقون هتلر، كان هذا شيئًا من الماضى مع انتهاك اتفاقية ميونيخ فى عام 1938، وفق المؤرخ الألمانى، جون زيمرمان، من الدائرة العلمية فى البوندستاج الألمانى.

ووفقا لزيمرمان، فإن رجال قوات الأمن الخاصة، المتنكرين فى زى بولنديين، الذين نفذوا العملية، التى تسببت فى الحرب، تغلبوا على فنيى البث الأربعة وحبسوهم؛ ثم قطعوا بث البرنامج، وقروا إذاعة بيان باللغة البولندية، ولكن المشكلة التى واجهتهم أن اذاعة البث لم يكن لديها ستوديو لتسجيل أى كلمة، إلا أن أحد الفنيين الألمان تصرف وحل المشكلة، وتم قراءة البيان من قبل الألمان: «انتبه انتبه هنا جلايفتس، جهاز الإرسال فى أيدى بولندا.. لقد حانت ساعة الحرية، وتم إذاعة خطاب آخر مدته 4 دقائق، يقال فيه «تحيا بولندا.. تحيا بولندا».

وفى ألمانيا، بدأت آلة الدعاية، فى وقت مبكر، ليخرج هتلر على الجميع بساعتين، من مدينة «أوبير سالزبرج» الألمانية، ليقدم الأسباب الدعائية لبدء الحرب الأشرس فى التاريخ، محذرا من أن هناك حوادث متزايدة على الحدود مع بولندا.

وقال هتلر فى آخر خطاب له، قبل إعلان الحرب: «هناك وقائع كثيرة حدثت فى بولندا، آخرها حادثة أمس، التى قالت فيها بولندا إن الألمان فى هذه المناطق أقلية؛ فلذلك هم يقفون الآن فى موقف المعتدى، وفق وكالة الأنباء الألمانية DPA.

وقال لقادته العسكريين بعد الخطاب: «بغض النظر عما إذا كانت العملية ذات مصداقية أو لا، فلن يُسأل المنتصر فيما بعد عما إذا كان يقول الحقيقة أم لا؟، وأعلن الحرب سرًّا بين قادته، وفق موقع راديو شمال ألمانيا NDR».

وقبل العملية بـ17 يوما، استدعت القيادة البحرية العليا فى برلين، بقيادة الأدميرال، كارل دونيتز، الكابتن جوستاف كليكامب، قائد سفينة تدريب ألمانية حربية، تدعى «شليسفيج هولشتاين»، ليعلمه الخطة كاملة، وغادرت السفية ليل 24 أغسطس 1939، إلى منتجع SWINOUJSCIE فى بولندا فى زيارة صداقة وهمية، بذرائع كاذبة، لترسو فى ميناء مدينة «دانزينج»، المستهدف، وبشكل غير رسمى نقلت السفينة 225 من مشاة البحرية الألمانية فى بروسيا الشرقية إلى المدينة.

ويعود تاريخ «كيلكامب» البحرى، إلى 1 إبريل 1913، قبل الحرب العالمية الأولى بعام واحد، إلى البحرية الإمبراطورية الألمانية، وشارك «كيلكامب»، فى الحرب الأولى عام 194، وتلقى ترقية عام 1915، وفى 1918 عمل ضابط مراقبة بحرية، وظل فى البحرية حتى عام 1935، وتم تعيينه قائدا على سفينة «شليسفيج هولشتاين»، التى سيقودها حتى النهاية، وبعد جولة تدريبية فى أمريكا الجنوبية، عاد عام 1939 لتبدأ الحرب العالمية الثانية بها.

يقول «هانز لوتس»، أحد جنود السفينة: «فى صباح يوم 25 أغسطس عام 1939، وصلت السفينة «شليسفيج هولشتاين»، إلى ميناء دانزيج، موضحا أنه فى ذلك الوقت عندما كان يعمل ميكانيكيًا على متن السفينة، لم يسمح لهم القائد «جوستاف» بالذهاب إلى الشاطئ، ولم يُسمح لمشاة البحرية بالقيام بذلك، مشيرا إلى أنه سمح لهم الصعود على ظهر السفينة فقط، فكان ينتظر هو وزملاؤه استعارة الملابس لتمويه أنفسهم.

وأوضح أنه فى الساعة 4:45 من فجر الجمعة 1 سبتمبر 1939، وجهوا السفينة للهجوم على «فيستر بلاتا»، وهى شبه جزيرة قبالة «دانزنج»، حيث يوجد للجيش البولندى مخزن ذخيرة محصن به طاقم من 218 جنديًّا من النخبة.

وانتظر الكابتن جوستاف، ساعة كاملة، وأعلن عن أول ضربة من سفينته فى تاريخ الحرب العالمية الثانية، الساعة 5:45 فجر ذات اليوم، التى خلفت أكثر من 60 مليون قتيل، ما بين مدنى وعسكرى، ووفق مؤرخين ألمان، كان النازيون يطمحون لضم دانيزنج، ذات الأغلبية الألمانية، بعدما خسرت الإمبراطورية الألمانية، المدينة التى أصبحت تحت حماية عصبة الأمم، وتم إغلاقها من قبل بولندا، وكان النازيون يصفون بالمدينة بأنها شوكة فى خاصرة الاشتراكيين، ومركز معركة دعائية بقيادة جوزيف جوبلز، الذى طالب صراحة فى مايو 1939، أى قبل الحرب بـ4 أشهر، بضم المدينة إلى الوطن (الرايخ الثالث).

وطلب من الألمان عبر الراديو الحضور إلى أجهزة استقبال الراديو؛ لأن هتلر سيلقى خطابًا الساعة 10 صباحًا، أى بعد بدء الحرب بـ5 ساعات، فى مبنى الراخستاج فى برلين، ووفق قناة ZFD الألمانية، فإن هتلر وهو يترجل من سيارته كان يطلق عبارات سيئة على البولنديين، تعكس ما يحدث على الأرض بحقيقة كاملة، لافتًا إلى أنه جعل الألمان يعتقدون أن حربًا دفاعية عادلة يتم شنها.

وقال خلال الخطاب: «لا أريد محاربة النساء والأطفال، لقد نفذت القوات البحرية الضربة الأولى، وأعطيت لقواتى الجوية المهمة، لتقتصر هجماتهم على الأهداف العسكرية، وإذا اعتقد الخصم أنه يستطيع قراءة ترخيص للقتال بأساليب عكسية من جانبه؛ فسوف يتلقى إجابة بأنه سيفقد سمعه ورؤيته».

ووفقا للمؤرخ الألمانى، رالف زيرباك، فإن عملية «جلايفتز» كانت جزءا من تخطيط رئيسى الاستخبارات النازية، هاينرك هيملر، ورئيس الأمن العام، رينارد هايدريتش، الذى ظل يساعد هتلر بخططه، وصولا إلى هذه الخطة من أجل غزو بولندا.

وفى بولندا، دارت المعارك الحربية، من كليكامب، قائد السفينة، الذى أطلق القذائف، لحظة سماع خطاب هتلر، وأمر بإطلاق النار من بنادق المدفعية الرئيسية والمتوسطة والخفيفة للسفينة، نحو مستودع العبور العسكرى البولندى على الجزيرة «فيستربلاتا»، وانضمت مدافع مضادة لطائرات الحرب، وسقطت الصواريخ على الجزء الجنوبى الشرقى من شبه الجزيرة.

وكان الهدف من الضرب، الذى استمر 7 دقائق فقط، تدمير جزء من جدار مستودع يحوى الذخيرة، وكان هذا القسم عقبة أمام هجوم النازيين، بقيادة الملازم فى البحرية الألمانية «كريجسمارينه»، فيلهلم هينينجسن، وبدأت المدافع الرشاشة، التى تم نشرها، على الجانب الآخر من قناة الميناء، مقابل الجزيرة.

وفى نفس اليوم، شنت القوات الجوية الألمانية هجمات على بلدة ويلون البولندية الصغيرة، ما أسفر عن مقتل ألف شخص، فى الوقت الذى قال فيه هتلر: «إنها عمليات عسكرية بحتة وستبعد عن المدنيين».

فى 2 سبتمبر، تم سحب «شليسفيج هولشتاين»، إلى عمق الميناء، ورست فى محطة سكة حديد فيستولا، حيث أطلق النار على الموقع البولندية، وتم إعادة إطلاق النار، فى 4 سبتمبر، وفى 5 سبتمبر تم إطلاق النار على محطة إذاعة جدينيا، وبعد يومين فى الصباح، تم سحب البارجة إلى منطقة أخرى، وأطلق منها النار على جزيرة «فيستر بلاتا» حتى استسلم البولنديون.

وبعد استسلامهم، فى الجزيرة، أبحرت السفينة الألمانية، بقيادة «كيليكامب»، إلى منطقة مخرج الميناء، وكانت تقصف مناطق أخرى، وتكرر إطلاق النار فى اليوم التالى، ووجهت النيران ضد القوات البولندية فى أوكسوى.

ووفق مؤرخين بولنديين، فى كتاب «فويجنا شماتوفا جلوزة II»، أو «الحرب العالمية الثانية بالألوان»، فإنه فى ديسمبر 1938، تولى الرائد هنريك سوتشارسكى القيادة البحرية البولندية فى دانيزنيج، وكانت فرقته تقوم بدوريات فى الجدار، ورأى سفينة ضخمة تتجه نحوه، وتمكن من الصراخ «أوه، تبًّا»، عندها بدأت النيران تنفجر فى الجزيرة من بنادق 280 مللم، وبدأ الألمان فى اكتساح الجزيرة، وأصيب الجندى البولندى، كونستانكى جيزيرسكى، فى عنقه، ومات بعدها ليكون أول جندى قتيل فى الحرب العالمية الثانية، وبعد معارك ضارية، لمدة 5 أيام استسلم البولنديون للألمان، بعد مقتل 20 جنديابولنديا، فى المقابل قتل 30 ألمانيا، وتشير بيانات أخرى إلى أن الألمان فقدوا 70 جنديا، على رأسهم القائد فيلهلم هينينجسن.

ووفق المؤرخ البولندى، ماريك فيجاكوفسكى، أمين متحف بيلا البولندى، فإن الألمان أغلقوا الحدود، عقب الضربتين البحرية والجوية، وتلتهما البرية، وأصبحت الدفاعات الجوية بالرشاش فقط، هى المتواجدة بقيادة جندى أو اثنين، أما المؤرخ البولندى، زينون شمانكيفيتش، فقد أوضح أن الجندى، بيوتر كونتيشكا، ربما يكون هو أول من قتل فى الجيش البولندى وفى الحرب عامة، حتى أعلن فى وقت لاحق بعد الحرب، وزير الدولة للثقافة والتراث الوطنى، البولندى، ياروسلاف سيلين، أن كونستانكى جيزيرسكى، هو الجندى الأول فى قتلى الحرب.

وعلى الرغم من ذلك، تم تلقى أمر الاستسلام بعدم التصديق، ولم يرغب معظم الجنود البولنديين فى الاستسلام، كما اعتقد المؤرخان أن الألمان فوجئوا باستسلام البولنديين، وعندما سأل «جوستاف كليكامب» قائد البولنديين فى هذه المعركة، سوتشارسكى: ما عدد قتلاكم؟ أجاب: 20 فقط، ما جعل الألمان فى حيرة لأنهم فقدوا 3 أضعاف هذا العدد، موضحين أن الألمان تعاملوا مع الأسرى البولنديين من القادة وقتها بشرف كبير؛ لأنهم كانوا مدافعين مخلصين عن وطنهم.

وظل الجنود البولنديون يرددون شعر الجندى، البولندى، كونستانتى إلديفونس جاوتشينسكى، أمام الألمان، «وعندما تهب الرياح الباردة وينتشر الحزن حول العالم، سنبحر فى وسط وارسو، نحن جنود (فيستر بلاتا)».

وفى 11 سبتمبر، وفى ذروة ضرب ميناء أوكسوى، خلال هذه الفترة، لم تدخل السفينة بقيادة «كليكامب»، مياه خليج دانيزنيج خوفًا من الغواصات البولندية.

وبعد بضعة أيام من الاستراحة، فى 18 سبتمبر، اصطحب «كليكامب» كاسحات ألغام إلى المنطقة، ورست السفينة فى الميناء، لحظة وصول الأدميرال الألمانى، شموندت فى 19 سبتمبر ورفع العلم.

وفى 21 سبتمبر، استقبل «كليكامب» أدولف هتلر، الذى وصل إلى الجزيرة البولندية، وسار أمام البحارة المجتمعين، وأطلقت السفينة 13 من نيرانها ليس نحو هدف بل لتحية الزعيم النازى.

وفى 23 سبتمبر، أطلقت السفينة مع شقيقتها السفينة «شليزين» طلقاتها ضد المدينة وبعد يوم احتلوها وغادروا المكان، وفى 27 سبتمبر وصل «كليكامب» منطقة «أورلو» وأصيبت سفينته بطلقات بولندية، وتراجع إلى مدينة «دانزينج»، وفى 12 أكتوبر توجه نحو «شيونوجيسى» ثم إلى «كيل» ببولندا، حتى 15 ديسمبر.

وفى إبريل 1940، شارك فى احتلال الدنمارك، واحتل موانئ «نيبورج وكورسور»، وبعد سقوط فرنسا فى يونيو 1940، تم تعيين كليكامب، فى «كاليه» شمال فرنسا، فى عملية أسد البحر فى 29 أغسطس 1940، من أجل التحضير لغزو بريطانيا، وبعد إلغاء غزو بريطانيا، انتقل كليكامب إلى القيادة البحرية العليا 1943.

ومن مارس 1943 حتى نهاية عام 1944، عمل كليكامب، بعد ترقيته إلى أدميرال، حتى علم بخبر قصف سفينته، التى رافقته طوال حياته، وكانت شاهدة على الضربة البحرية الأولى للحرب العالمية الثانية، فى غارة بريطانية كبيرة على «جدينيا» فى ديسمبر 1944، وكان السبب المباشر للغارة هو تسليم صور السفن المتمركزة فى «جدينيا»، من قبل الشباب البولندى من فرقة الكشافة السرية، بقيادة يواكيم يواكيمتشيك، المشارك فى حملة سبتمبر وانتفاضة وارسو، إلى القيادة البريطانية.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل