المحتوى الرئيسى

بعد تسريبات للسفير الأمريكي .. هل يكون دحلان بديلاً لعباس؟

09/18 20:09

أثارت تقارير متضاربة  لصحيفة "إسرائيل اليوم" جدلا داخل الأوساط الفلسطينية السياسية والشعبية بعدما نقلت عن السفير الأمريكي في إسرائيل ديفيد فريدمان، قوله إن واشنطن تفكر في استبدال الرئيس الفلسطيني، بالقيادي المفصول من فتح محمد دحلان. الصحيفة الإسرائيلية عادت بعد نحو 9 ساعات، وعدّلت التصريح.

ففي البداية، نقلت الصحيفة أمس الخميس (17 سبتمبر/ أيلول)عن فريدمان، قوله إن واشنطن تدرس إمكانية تعيين دحلان المقيم في الإمارات، كزعيم فلسطيني بدلا من الرئيس عباس وأكد "نحن نفكر في ذلك، لكن ليست لدينا رغبة في هندسة القيادة الفلسطينية". ثم عدّلت الصحيفة الحوار، وجعلته ينفي وجود نية لواشنطن بتغيير القيادة الفلسطينية.

وبالرغم من هذا التعديل إلا أن العديد من الخبراء والمراقبين الفلسطينيين، أكدوا على خطورة هذا التصريحات، بالرغم من تعديلها لاحقا، معتبرين أنها بالون اختبار من أجل فحص القبول الشعبي لهذا التغيير.

وفي حديث مع DW عربية أكد الباحث في الشأن الفلسطيني والمقيم في ألمانيا حكم عبد الهادي من خطورة تقليل هذه التصريحات، وقال:"علينا ألا نستهتر بالمشروع الأمريكي-الإسرائيلي-الخليجي جزئيا فهو لا يصبو فقط إلى ابتلاع القضية الفلسطينية وإنما إلى السيطرة على الشرق الأوسط كله عسكريا بقوة إسرائيل وبدعم مالي خاصة من الإمارات والسعودية". وتابع" من الواضح أن أمريكا لا تريد أن تضحي بعساكرها في هذه المنطقة التي سنشهد فيها حروبا كثيرة بالوكالة كما هو الحال في ليبيا". وحذر عبد الهادي من أن أية محاولة لفرض دحلان من الخارج، ستؤدي إلى  ثورة أو حرب داخل الساحة الفلسطينية،  مؤكداً أنه يعتبر "جثة سياسية" داخل الضفة الغربية وغزة، بمعنى عدم قبوله شعبيا.

الرئاسة الفلسطينية ندّدت،  بتصريحات ديفيد فريدمان، وقال الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، في تصريح نقلته وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية "وفا"، إن "سياسة التهديد والضغوط المستمرة ومحاولات الابتزاز الأمريكية للرئيس والقيادة، سيكون مصيرها الفشل". وأكد على أن الشعب الفلسطيني وحده من يقرر قيادته وفق الأسس الديموقراطية، وليس عبر التهديد والوعيد. وقال "السلام لن يكون بأي ثمن، والتطبيع والضم الإسرائيلي لأراض في الضفة الغربية مرفوض تماماً".

كما أعلنت حركة "حماس"، رفضها تصريحات فريدمان، مؤكدة في بيان تناقلته وسائل إعلام محلية رفضها استبدال القيادي المفصول من حركة "فتح" محمد دحلان بالرئيس محمود عباس. وقال الناطق باسم الحركة حازم قاسم لوكالة الأناضول إن "هذه التصريحات مرفوضة، وتؤشر على المنطق العنجهي الذي يحكم السياسة والموقف الأمريكي بمختلف القضايا".

إرسال Facebook google+

مدير مركز مسارات للأبحاث السياسية في رام الله هاني المصري أكد في حوار هاتفي مع DW عربية أن الولايات المتحدة تقصد بهذه التسريبات "الضغط على أبو مازن من أجل تعديل موقفه من صفقة القرن، ودفعه إلى جراء تغييرات على موقفه الرافض من الصفقة الأمريكية". واستبعد المصري قدرة دحلان على فرض نفسه سياسيا مؤكدا أن دحلان حاليا خارج الجسم السياسي الفلسطيني، لذلك فإن محاولة إعادة انتخابه أو فرضه غير قابلة للتنفيذ حاليا.

ويرى الباحث من رام الله أن الأمكانية الوحيدة لدحلان هي موت الرئيس الفلسطيني، وحدوث صراع سياسي بعده، ما قد يمكن من طرح اسمه مستقبلا، بيد أن الباحث أكد أنها فرصة ضعيفة جدا وذلك لوجود آليات إيجاد بديل لعباس ضمن فتح وضمن السلطة الفلسطينية. وأوضح "الآليات لإيجاد بديل لعباس معروفة، وداخل فتح سيتم إيجاد بديل له من داخل اللجنة التنفيذية لحين حدوث انتخابات داخل الحركة"، وتابع: "بالنسبة للسلطة ونظرا لحل المجلس التشريعي الفلسطيني وهو بمثابة البرلمان، فمن المفترض أن يتدخل المجلس المركزي الفلسطيني والذي يمثل تجمع أعضاء اللجنة التنفيذية لفصائل منظمة التحرير لتحديد خليفة لعباس لحين حصول انتخابات رئاسية جديدة".

صورة من الأرشيف تجمع الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالمعارض محمد دحلان.

وكان محمد دحلان قد ندد على حسابة الرسمي بالخطة الأمريكية، داعيا إلى عدم الإنجرار إلى هذا "الخداع"، وقال: "إذا كان ما نسب للسفير الأمريكي لدى دولة الاحتلال صحيحا، فذلك لا يزيد عن كونه تكتيكا مخادعا هدفه إرهاب البعض وزعزعة الجبهة الداخلية وأتمنى من الجميع أن لا نقع في شرك مثل هذه التكتيكات المهندسة بدقة". وتابع "من لاينتخبه شعبه لن يستطيع القيادة وتحقيق الإستقلال الوطني وأنا محمد دحلان كلي إيمان بأن فلسطين بحاجة ماسة الى تجديد شرعية القيادات والمؤسسات الفلسطينية كافة وذلك لن يتحقق إلا عبر إنتخابات وطنية شاملة وشفافة ولم يولد بعد من يستطيع فرض إرادته علينا".

معضلة تجديد القيادة الفلسطينية

الباحث والكاتب الفلسطيني حكم عبد الهادي، قال إن السلطة الفلسطينية يقع على عاتقها  أيضا جريرة ما حصل من إرباك في الشارع الفلسطين، مؤكدا أن عدم وجود نائب لعباس وقيادات منتخبة حقيقية تمثل الشعب الفلسطيني؛ جعل لهذه الدعوات الأمريكية صدى واسعا. وقال: "الشعب الفلسطيني من حقه إيجاد قيادة شعبية جديدة شابة، تحمل مشاكله، خاصة مع تبين فشل الخطة السياسية الفلسطينية والتي فشلت في إيقاف تطبيع دول عربية مع إسرائيل، وبدا واضحا عجزها عن فرض مناقشة هذا الأمر داخل أروقة الجامعة العربية".

وكان مجلس الجامعة العربية في دورته العادية 154 علي مستوى وزراء الخارجية الأربعاء (التاسع من سبتمبر/ أيلول) قد اختتم فعالياته وسط خلافات عربية حول إدانة  الاتفاق الأمريكي الإماراتي الإسرائيلي بناء علي طلب فلسطين.  ولم يتوصل وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم الافتراضي بالدورة العادية لمجلس جامعة الدول العربية، إلى مشروع قرار بشأن التطبيع بين الإمارات وإسرائيل، وسط مطالب فلسطينية برفض الاتفاق.

بيد أن الباحث هاني المصري يرى أن عباس "يتعمد حاليا عدم وضع خليفة له وذلك من أجل الضغط على أمريكا وإسرائيل سياسيا"، وقال المصري: "القيادة الأمريكية تدرك أن من سيأتي حاليا خليفة للرئيس الفلسطيني محمود عباس سيكون موقفه السياسي أضعف من عباس، وذلك لأمور كثيرة، أهمها عدم وجود قيادات وأحزاب قوية قادرة على فرض أجندتها داخل المجتمع الفلسطيني". وتابع المصري: "مروان البرغوثي مثلا له شعبية لكنه معتقل لدى إسرائيل". وأوضح: أمريكا لا تريد فرض قيادة جديدة حاليا ولا كانت طالبت ذلك بشكل صريح، هي لا تريد "أنطوان لحد" جديدا في المنطقة، بل تريد رئيسا له شعبية، ويكون قادرا على فرض أجندته من أجل الموافقة على الخطة الأمريكية، المتمثلة بصفقة القرن، وهذا غير متوفر حاليا".

لم تنجح قمة كامب ديفيد، التي عُقدت في يوليو/ تموز عام 2000، وجمعت آنذاك رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود براك، ورئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات، بوساطة الرئيس الأمريكي آنذاك بيل كلينتون في التوصل إلى اتفاق بشأن وضع القدس أو ترسيم الحدود بين إسرائيل والأراضي الفلسطينية. وبعدها انطلقت شرارة الانتفاضة الثانية في سبتمبر/ أيلول عام 2000 على إثر زيارة ارييل شارون للمسجد الأقصى.

على إثر الانتفاضة الثانية، قررت إسرائيل الانسحاب الجزئي من الأراضي الفلسطينية. وانسحبت بعض القوات الإسرائيلية من قطاع غزة، ليتم بعدها إخلاء جميع المستوطنات الإسرائيلية البالغ عددها 21 مستوطنة في القطاع، وفقًا لخطة ارييل شارون. وبنت إسرائيل جداراً عازلاً يصل طوله إلى 750 كيلومتراً حول الضفة الغربية، بهدف منع وقوع هجمات.

بلغ الصراع في الشرق الأوسط ذروته عام 2006. في حين كانت إسرائيل تشن حرباً ضد حزب الله في لبنان، ساد الصراع الداخلي بين حركتي فتح وحماس على السلطة. وفي عام 2007، أضعف انقسام السلطتين الفلسطينيتين في الضفة الغربية وقطاع غزة ـ والذي لا يزال مستمراً حتى اليوم ـ الجانب الفلسطيني.

في ديسمبر/ كانون الأول 2008، شنت إسرائيل هجمات اسمتها عملية "الرصاص المصبوب" على مجموعة أهداف في غزة. الهدف من هذه العملية كان إضعاف حركة حماس والقضاء عليها. وسبق الضربة العسكرية الإسرائيلية، تصعيد للصراع بين حركتي فتح وحماس. لكن بعد سيطرة حماس على القطاع، عاد التوتر. وفي يناير/ كانون الثاني عام 2009، انتهى الصراع بوقف إطلاق النار وانسحاب القوات الإسرائيلية من قطاع غزة، وفقًا للمصادر الفلسطينية.

بقي الصراع مستمراً عام 2009، وفي 14 نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2012، اغتال سلاح الجو الإسرائيلي، نائب القائد العام لكتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، أحمد الجعبري، ما أجج الصراع بين الجانبين. في 21 نوفمبر/ تشرين الثاني، بدأت إسرائيل عملية اسمتها "عمود السحاب". بعدها وافقت الحكومة الإسرائيلية وحماس على وقف إطلاق النار مرة أخرى.

تعد حرب غزة عام 2014 أو ما يعرف بعملية "الجرف الصامد" الصراع العسكري الأكثر عنفاً بين الإسرائيليين والفلسطينيين خلال العشرين سنة الماضية. الحرب، التي استمرت سبعة أسابيع، تسببت في مقتل أكثر من ألفي شخص.

في مايو/ أيار عام 2018، تم نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، بعد اعتراف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بالقدس عاصمة لإسرائيل. القرار أثار موجة احتجاجات واسعة، استمرت لأسابيع وخلفت أكثر من ألفي جريح و حوالي خمسين قتيلاً.

لا تزال سياسة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب تجاه الشرق الأوسط تثير الكثير من الجدل. وقد أثار اعترافه مؤخرا بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان، ردود أفعال دولية غاضبة عبرت عن مخاوفها من تأجيج الصراعات والحروب في منطقة الشرق الأوسط.

تجدد التصعيد مرة أخرى بين الإسرائيليين و الفلسطينيين، بعد شن الطائرات الإسرائيلية غارات على غزة رداً على إطلاق صاروخ منها على شمال تل أبيب أواسط مارس/ آذار 2019. وعلى إثرها ازدادت وتيرة التصعيد في غزة واستهدفت الغارات الإسرائيلية مكتب زعيم حركة حماس إسماعيل هنية.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل