خطر اليمين المتطرف.. أصابع الاتهام للشرطة الألمانية

خطر اليمين المتطرف.. أصابع الاتهام للشرطة الألمانية

منذ 3 سنوات

خطر اليمين المتطرف.. أصابع الاتهام للشرطة الألمانية

يطلق الجاني على نفسه اسم "ضابط أركان في فرقة الحماية" النازية، وهي رتبة تشير إلى فظاعات التاريخ الألماني خلال حقبة النازيين حين تم قتل ملايين اليهود الأوروبيين وممارسة القتل والإرهاب. والآن في عام 2020 تلقت الفكاهية الألمانية إديل بيدار تهديدا بالموت موقَع من الجاني الذي يحمل رتبة تلك الخدمة النازية. وبيدار فكاهية ناجحة تتناول العنصرية اليومية ضد المهاجرين وتحمل ملايين الألمان على الضحك والتفكير. وهذه القضية ليست فقط مقلقة، بل مثيرة من الناحية السياسية، لأن آثار الجاني تقود مباشرة إلى الشرطة الألمانية. فرسالة التهديد ضد إديل بيدار تحتوي على معلومات شخصية مأخوذة من حاسوب تابع للشرطة في ولاية هسن وسط غربي المانيا.\nشنت السلطات في ولاية شمال الراين-ويستفاليا الألمانية حملة مداهمات ضد عدد من رجال الشرطة للاشتباه في اشتراكهم في مجموعات دردشة يمينية متطرفة. وزير الداخلية في الولاية وصف ما تم الكشف عنه بأنه "عار على الشرطة".\nأشعلت رسائل التهديدات النازية المرتبطة بحواسب شرطة ولاية هيسن، جدلا حادا بين السياسيين والخبراء الأمنيين الذين يحذرون من تغلغل اليمين المتطرف داخل أجهزة الدولة. قضية بالغة الحساسية تتطلب حلولا ينخرط فيها الجميع. \nمنذ نهاية الأسبوع تُروّج في الإنترنت مقاطع فيديو تُظهر استخدام الشرطة الألمانية للعنف بشكل غير مبرر. المشاهد تُذكّر بسلوك موظفي الشرطة في الولايات المتحدة الأمريكية، ما أشعل جدلا سياسيا في ألمانيا حول حدود عنف الشرطة.\nتهديد بالقتل عبر رابط إلى حاسوب الشرطة\nوعلمت بيدار عن التجسس عليها من الصحيفة:" ما أجده فعلا غريبا هو أنه لم يتصل بي أحد من الشرطة. ولا أحد قال بأننا نتحكم في القضية ولا تقلقين نحن نحميك. أشعر بأنه تم التخلي عني، ويبدو أن وضع التهديد سيان بالنسبة إلى الشرطة"، كما تقول بيدار في مقابلة مع صحيفة "تاغستسايتونغ".\nالفنانة الكوميدية إيدل بيدار تلقت رسائل تهديد\nوبيدار ليست هي الحالة الأولى: فالعديد من السياسيات من حزب اليسار سبق وأن تلقين منذ 2018 رسائل تهديد الكترونية مشابهة. وحتى هؤلاء الأشخاص تعرضوا للتجسس عبر حاسوب للشرطة في ولاية هسن. وفي الأثناء تجري النيابة العامة تحقيقات. رئيس الشرطة في هسن، أودو مونش استقال الثلاثاء. ويتعرض وزير الداخلية في الولاية، بيتر بويت للضغط. وهو يعتبر أنه من الممكن وجود شبكة يمينية داخل الشرطة. "أتوقع من شرطة هسن أن لا تدخر جهدا لتبديد هذه الشبهة"، كما قال بويت في مؤتمر صحفي ويعتزم الان تعيين محقق خاص.\nوهذه الحوادث أثارت جدلا على مستوى المانيا: هل توجد عنصرية بنيوية داخل الشرطة؟ وهل توجد شبكات يمينية متطرفة توغلت داخل الدولة؟ وبالنسبة إلى نقابة الشرطة الجواب واضح:" ليس لدينا داخل الشرطة الألمانية عنصرية في بنية نظام الشرطة"، كما قال نائب الرئيس يورغ راديك لدويتشه فيله. وإذا وُجدت حوادث عنصرية أو يمينية متطرفة، فإنها حالات فريدة "ويجب إجراء التحقيقات بوسائل قانونية". وراديك ونقابته يجدون بهذا الموقف دعما واسعا من السياسيين. لكن الضغط على السلطات الأمنية في ألمانيا يزداد ليس فقط بسبب الاحتجاجات الشعبية مؤخرا في الولايات المتحدة الأمريكية ضد عنف الشرطة العنصري هناك. \nشرطي يميني متطرف يجمع 50.000 طلقة\nوقائمة الحوادث المقلقة طويلة. ففي أكبر ولاية المانية شمال الراين وستفاليا تم لتوه إعفاء 29 شرطية وشرطي من خدمتهم، لأنهم تبادلوا في مجموعات دردشة عبر الانترنيت صورا لهتلر ومشاهد عنف ضد لاجئين. وفي شمال ألمانيا أسس شرطي جنائي مجموعة دردشة يمينية متطرفة أعدت "قوائم أعداء" بأسماء آلاف السياسيين والصحفيين والنشطاء. وخلال عمليات تفتيش وجدت الشرطة مسدسات وقذائف و 50.000 عيار ذخيرة نارية. وهذه المجموعة تضم الكثير من أفراد الشرطة والجنود.\nيورغ راديك من نقابة الشرطة الألمانية\nكما يوجد بانتظام كتابات على الجدران بالصليب المعكوف وعبارات معادية للمسلمين في أكاديمية الشرطة في برلين وبراندنبورغ. وفي حالات إجرامية مثيرة في العقود الماضية أثارت الشرطة الانتباهبسبب تحقيقات أحادية الاتجاه تلقي الشبهات على الضحايا المهاجرين عوض التحقيق في جميع الاتجاهات.\nوالمثال المشهور هو سلسلة الاغتيالات التي نفذتها "الخلية النازية السرية" التي قتلت بين عام 2000 و 2007 تسعة تجار من أصول أجنبية وشرطية المانية. وسلطات الأمن المسؤولة اشتبهت على وجه الخصوص في عائلات الضحايا. ولم يتوقف القتل عن طريق الشرطة، بل من خلال انتحار اثنين من أعضاء "الخلية النازية السرية" في عام 2011. وفشل الشرطة وأجهزة المخابرات قاد إلى تشكيل العديد من لجان التحقيق البرلمانية. وفي النهاية تحدث حتى سياسيون محافظون عن فشل الدولة. ويبدو أن القليل فقط تغير منذ تلك اللحظة.\nوتنتقد مجموعات حقوقية في المانيا منذ سنوات بأن التمييز اليومي ضد أشخاص من بشرة مختلفة لا يُؤخذ على محمل الجد. "بالتحديد عندما نتحدث عن مؤسسات حكومية يوجد هنا فهم ضيق جدا للعنصرية"، كما ينتقد طاهر ديلا من مبادرة أفراد سود في المانيا الذي أوضح أن "هناك عنصرية متجذرة".\nمظاهرة ضد العنصرية وعنف الشرطة في برلين بعد مقتل الأمريكي جورج فلويد\nوما ينقص في المانيا هي أرقام موثوقة حول بنية وحجم المواقف العنصرية داخل الشرطة. ولتوه رفض وزير الداخلية الألماني هورست زيهوفر دراسة يتم من خلالها رصد السلوك العنصري لدى الشرطة الألمانية بالرغم من أن المجلس الأوروبي أوصى بها للألمان. وهذا خطأ، كما يعتبر طاهر ديلا في حديث مع دويتشه فيله. "عنف الشرطة العنصري قد يؤدي إلى حالات وفاة. وهذا ينطبق على الولايات المتحدة الأمريكية وكذلك على المانيا ـ رغم كل الاختلافات بين البلدين. فعدم إلقاء الضوء على المشاكل الهيكلية لا يقود إلى التحسن". أما خبير شؤون الشرطة رفاييل بير فيشكو وفي مقال لمجلة "ديرشبيغل" فقد اشتكى من تعامل خاطئ لسلطات الأمن الالمانية مع هذا الموضوع الشائك وتحدث عن موقف رافض خطير من جانب الشرطة.\nوهذه الاعترافات تتطابق مع استنتاجات جهاز المخابرات الداخلية الذي عرض في 9 يوليو/ تموز تقريره لعام 2019. وتحدث وزير الداخلية الألماني عن تنامي قوي لمعاداة السامية واليمين المتطرف والعنصرية ووصف اليمين المتطرف بأنه أكبر تهديد للأمن في المانيا.\nيعد الأنغولي آمادو أنتونيو كيوا من أول ضحايا عنف اليمين المتطرف في ألمانيا، وقد هاجمته مجموعة من النازيين الجديد في 24 تشرين الثاني/ نوفمبر 1990، وقتله المهاجمون ومثلوا بجثته.\nمبنى في مدينة مولن شمال ألمانيا، تعرض لهجوم نفذه النازيون الجدد في 23 تشرين الثاني/ نوفمبر 1993، وأسفر إحراق البناء عن مصرع 3 أشخاص من أصول تركية، والبمنى كان يسكنه بشكل أساسي مهاجرون أتراك إلى ألمانيا.\nيمينيون راديكاليون بمدينة أيرفورت. لأكثر من 10 سنوات ينشطون في إطار ما يسمي بالخلية النازية السرية انطلاقا من مدينة تسفيكاو بشرق ألمانيا. ومن بين المتهمين بجرائم متنوعة أوفه موندلوز وأوفه بونهارت ومانفريد لودر (صورة ملتقطة للثلاثة في عام 1996)\nصورة تظهر 3 من ضحايا هجوم اليمين المتطرف، حيث هاجم ذوو الرؤوس الحليقة مرقصاً للديسكو في ألمانيا في 19 كانون الثاني/ يناير 2003، وقتلوا طعنا 3 شبان يظهرون في الصورة.\nقتلت خلية "إن إس يو" اليمينية المتطرفة عشرة أشخاص على الأقل من عام 2000 إلى 2007. تسعة من الضحايا من أصول أجنبية، كانوا يعيشون كلهم في ألمانيا. كما قتلت المجموعة الارهابية شرطية ألمانية. وقد قُتل الضحايا بدم بارد.\nمجهولون يلقون براس خنزير في باحة مسجد بمدينة لايبزغ في 15 تشرين الثاني/ نوفمبر 2013. ويُحسب إضرام الحرائق في مآوي اللاجئين أو في البنايات المخصصة لإيواء اللاجئين أحداث - وإن لم تقتصر على ولايات شرق ألمانيا - على اليمين المتطرف وعلى كارهي الأجانب بصفة عامة واللاجئين بصفة خاصة.\nفي عام 2014 سجل 47 اعتداء ذي دوافع عنصرية في شرقي ألمانيا، على الرغم من عدد السكان فيها لا يشكل سوى 17 بالمائة من إجمالي سكان البلاد. صورة لعنصر من حليقي الرؤوس في برلين عام 2015.\nكثيرا ما شهدت مدن شرق ألمانيا احتجاجات متكررة ضد اللاجئين وتنديد بالمستشارة ميركل التي يتهمونها بفتح الأبواب على مصراعيها أمام "من هب ودب" دون أن تعير اهتماما لمخاوفهم ومشاكلهم. الصورة من تظاهرات في مدينة فرايتال ضد اقامة مراكز ايواء اللاجئين عام 2015.\nعناصر من اليمين المتطرف يستعرضون قوتهم في مدينة ماغديبورغ في 16 يناير 2015، وذلك في مناسبة لاحياء ذكرى قيام الحرب العالمية الثانية. وتسجل مدن شرق المانيا على وجه الخصوص ارتفاعا متسارعا في عدد الموالين لحركات اليمين المتطرف والنازيين الجدد.\nصورة من عام 2016، لعنصر من اليمين المتطرف ألقي القبض عليه بعد مهاجمته المرشحة لمنصب عمدة كولونيا هنريتا ريكر قبل يوم من انتخابها. الصورة تظهر المتهم وهو يدخل صالة المحكمة في دوسلدورف في 29 نيسان 2016.\nأوفه أوتسي اوبالا صاحب المطعم اليهودي في مدينة كيمنيتس، يصف للصحفيين ما جرى في هجوم نفذته مجموعة من المقنعين المعادين لليهود والسامية، ويكشف عن اصابته في كتفه بحجر رماه به المهاجمون المقنعون في (27 آب / اغسطس 2018).\nمحموعة من النازيين الجدد يرفعون الصليب المعقوف وقد توهج فيه اللهيب في نيسان/ ابريل 2018. الصورة من طقوس خاصة جرت في منطقة لم يعلن عنها تمجيدا للحزب النازي.\nشهدت مدينة هاناو بولاية هسن مقتل 9 أشخاص في موقعين مختلفين ليلة 19 شباط/ فبراير 2020، ثم عثرت الشرطة بعد الجريمة بساعات على جثة المشتبه بأنه مطلق النار على الأشخاص التسعة وعلى على جثة والدته في مسكنه.

الخبر من المصدر