المحتوى الرئيسى

النمنم: صلاح الدين أحرق "دار الحكمة" واُستخدمت الكتب في مستوقدات الفول (حوار)

09/13 09:06

قال الكاتب الصحفي حلمي النمنم وزير الثقافة السابق، أن إبادة الكتب ارتبط بفترات سقوط الممالك وزوال الأمم أو مروروها بحالات من الضعف والهوان، كما ارتبط بفترات التحولات والتغيرات الأيدولوجية للدول.

وذكر "النمنم" في حواره لـ "الوطن" أشهر المكتبات التي تعرضت للإبادة في البلاد العربية والعالم، على مر التاريخ، مشيرا إلى حجم الخسائر الناجمة عن هذه الوقائع:

*ما أبرز المكتبات التي تعرضت للتدمير في المنطقة؟

من أبرزها مكتبة الإسكندرية القديمة، والتى حرقت قبل ظهور الإسلام، ومجىء العرب إلى مصر، وليس صحيحا أن عمرو بن العاص هو من حرق المكتبة، كما كان يتردد من قبل، ففى العهد الروماني كان هناك عهد من الفوضى وقتها، يجعلنا لا نستطيع تحديد المسؤول عنها بشكل دقيق، وسيذكر التاريخ أنه عندما جاء سليم الأول إلى القاهرة، في 1517 ميلادية، وعند عودته إلى إسطنبول سرق الكثير من المخطوطات منها مكتبة قنصوه الغوري بالكامل، ومكتبات المماليك بالكامل، وكانت مكتبات ضخمة، سرقت ونهبت ونقلت إلى إسطنبول، ومنها بعض المخطوطات موجودة إلى الآن.

*ما أبرز الوثائق التي نهبت نتيجة هذه الوقائع؟

حاليا أراجع كتاب "مجالس السلطان الغوري" الذى ترجمه الدكتور عبدالوهاب عزام في الثلاثينيات، وهذا الكتاب كان في الأصل مخطوطة باللغة التركية سرقت من مكتبة قنصوه الغوري، وعليها ختمه الخاص، وسرقها سليم الأول ونقلها إلى تركيا، ولى كتاب بعنوان "أيام سليم الأولى في مصر"، أتحدث فيه عن تفاصيل سرقاتهم، فقد سرقوا الأبواب والشبابيك والأعمدة الرخامية من المساجد بمصر ونقلوها لإسطنبول وكذلك الأرضيات الباركيه والبلاط، ومعهم الحرفيين لكى لا يقوموا بعمل أرضيات بديلة.

وفي هذا الصدد واقعة أخرى معروفة في تاريخنا في مصر، أنه في أثناء ثورة القاهرة الثانية خلال الحملة الفرنسية على مصر، وحينما دخل الفرنسيون إلى الأزهر بالخيول، وضربوا الجامع بالمدافع، واحترقت بعض الأروقة، نهب بعض العلماء المصاحبين للحملة دخلوا ونهبوا المخطوطات، ومنها موجودة في فرنسا إلى الآن، وأبرزها مخطوطة نادرة للمصحف.

*وما أبرز المكتبات التي تم تدميرها فى المشرق العربي؟

مكتبة بغداد، فعند اجتياح المغول لبغداد، وكان في عام 1256 ميلادية، 656 هجرية، ألقى المغول بالكتب فى نهر دجلة، درجة أن المغول عملوا بها جسرا على النهر، من كثرة وضخامة الكتب، وفى فترة الحروب الصليبية تم حرق أو نقل جميع خزائن المخطوطات، وهى تقابل المكتبة في العصر الحالى، وكل هذه الخزائن الموجودة في القدس ودمشق وحلب وطرابلس الشام، معظمها حُرق أو نُقل إلى أوربا.

*كيف تم تقييم الخسائر الناجمة من هذه الوقائع؟

تبلغ قيمة الخسائر من حريق مكتبة الإسكندرية، نحو 800 ألف لفافة على أقل التقديرات، وكانوا فى الماضى يسمون الكتاب لفافة أو بردية كلمة كتاب التى ظهرت مع الأديان، أما مكتبة بغداد فكانت تضم كتبا من التراث الإسلامي إلى جانب جميع ما تضمنته حركة الترجمة الدولة الإسلامية في ذلك الوقت، والمغول وقتها عمدوا إلى تدمير بغداد بالكامل وليس المكتبة فقط، والتي كثير تحتوي على كتب التراث الإسلامي في حكم المفقودة ولا نعرف عنها شيئا. ومكتبة غرناطة التى تدمرت مع سقوط أسبانيا كانت أكبر المكتبات الموجودة في أوربا وقتها، كونها تضم أضخم تراث فكري موجود في الغرب بالكامل آنذاك.

*هل يرتبط تدمير الكتب بالحرق في الحروب فقط؟

ليس في أوقات الحروب فقط، فعندما جاء فترة صلاح الدين الأيوبى إلى مصر، نحن نعرف قيمته في مصر والشرق، أنه انتصر في معركة حطين، لكن هناك وجهة نظر ترى أن أهمية صلاح الدين ليس في ذلك وإنما في كونه أعاد مصر والشرق العربي إلى المذهب السني، لكن خلال هذا التحول حدث أنه أحرق مكتبة دار الحكمة الموجودة في القاهرة التى كانت تضم التراث الشيعي كاملا، إلى درجة أن الكتب أخذها صناع الفول المدمس، ليوقدوا بها مستوقد عمل الفول في القاهرة، وهذا يعيدنا إلى ما تحدثنا عنه في البداية أنه عندما تم توجيه اللوم إلى الذين أحرقوا مكتبة دار الحكمة، حيث أرادوا تبرير هذا الحريق وشرعنته، فقام بترويج حكاية أن عمرو بن العاص أحرق مكتبة الإسكندرية بأمر من عمر بن الخطاب، وبالتالي فهم من أطلقوا شائعة أن عمرو هو من أحرق مكتبة الإسكندرية.

*هل يعني ذلك أن العرب أبرياء من حرق مكتبة الإسكندرية؟

البحث العلمي الغربي الحديث أثبت براءة عمرو بن العاص من تهمة إحراق المكتبة، وفي عام 2004، عُقد مؤتمر في مكتبة الإسكندرية لمناقشة موضوع حريق المكتبة، وأرسل المؤرخ الشهير برنارد لويس ورقة بحثية ألقيت في المؤتمر، وأكد المؤرخ أن العرب أبرياء تماما من تهمة حرق المكتبة. وحدث ذلك أيام الثورة الصينية الكبرى بقيادة ماو تسي تونج في الستينات، وهو لا يُطلق عليه حريق، لكنه استبعد الأفكار القديمة بالكامل للتكريس لأفكار ماو تسى تونج، وحدث شيء مشابه أيام هتلر، أى أنه عن تغير المذاهب أو الأفكار، والتحولات الأيدولوجية الكبري، يحدث نوع من الاستبعاد تراث بالكامل، وليس حريق بالضرورة، وكذلك في البوسنة بعد الحرب في التسعينات، تم تدمير كل شىء فيها بعد الحرب، ومنظمة اليونسكو تستعمل كلمة "إبادة" فيما يخص الكتب حتى تشمل كافة أشكال التدمير.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل