المحتوى الرئيسى

وجهة نظر: اتفاق السلام وداع للدولة الفلسطينية!

08/14 22:28

ليس ضروريا تبني ذات المصطلح، لكن ومن وجهة نظر تحليلية، أصاب الرئيس الفلسطيني محمود عباس حين وصف الاتفاق التاريخي بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة "خيانةً" للقضية الفلسطينية.

الإعلان عن اتفاق لتطبيع علاقات إسرائيل والإمارات لم يكن مفاجئا للكثير من المراقبين، فقد كان هناك تعاون بين البلدين منذ وقت طويل، لكن خطوة إقامة العلاقات بينهما رسميا تنبئ بمزيد من التعاون في قضايا مشتركة عدة، فما هي؟

رحب وزير الخارجية الألماني هايكو ماس باتفاق إقامة علاقات بين إسرائيل والإمارات، معتبرا ذلك "خطوة تاريخية"، مؤكدا في الوقت نفسه تمسك بلاده بـ"حل الدولتين القائم على التفاوض المباشر" كأساس للسلام الدائم في المنطقة.

اهتمت كبريات الصحف الألمانية باتفاق السلام الإسرائيلي الإماراتي، وخلصت العديد من التعليقات إلى أنه "صفقة" مربحة لجميع الأطراف، لكن هناك من تساءل عمّا إذا كان سيخدم عملية السلام في المنطقة، غير أن الإجابة كانت مخيّبة.

ذكر غاريد كوشنر، مستشار الرئيس الأمريكي ترامب، أنه سيتم الإعلان قريباً عن اتفاقيات سلام بين إسرائيل ودول عربية أخرى، فمن هي بناء على رؤية المحللين والمراقبين وتقديراتهم؟

وافقت أبو ظبي على صفقة غير ملحة، تهدف إلى تجميد وليس إلى إنهاء خطط الضمّ الإسرائيلية للأراضي الفلسطينية، كما شدد على ذلك رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو فور الإعلان عن الاتفاق. 

هذا يثير التساؤل حول ما إذا لم يكن بإمكان الإمارات العربية المتحدة تحقيق المزيد لـ"أشقائها الفلسطينيين" خلال المفاوضات السرية مع إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية. من الواضح أن هذا الأمر لم يحض بقدر كبير من الأهمية بالنسبة لهم. لديهم أولويات استراتيجية مختلفة - تضامنهم المزعوم مع الفلسطينيين هو نفاق خالص. 

إنه وضع جائر ومرير بالنسبة للفلسطينيين. لكنه يوازي تحولا لا رجعة فيه: لم تعد إسرائيل، وإنما إيران وبشكل متزايد تركيا أيضاً، البلدان اللذان باتت العديد من الدول العربية تعتبرهما "دخلاء" خطيرين في مناطقها. وإحتواء هذين الخصمين أصبح من الأولوية القصوى لهذه البلدان. وإذا ما تعلق الأمر بإيران على وجه الخصوص، فإن هذه الدول تعتبر إسرائيل شريكاً طبيعياً وبدرجة أكبر جذاباً للغاية: هذه الدولة عسكريا وتقنيا أضجت على درجة عالية. كما أن هذه الدول العربية ترى في إيران وحلفاءها في سوريا ولبنان والعراق واليمن وقطاع غزة، وعن حق، التهديد الأخطر على أمنها القومي. 

كان متوقعا رفض طهران وأنقرة لهذه الصفقة وبعبارات شديدة اللهجة. غير أن اتفاق الطرفين سيتيح لهما الفرصة للإطلال على العالم الإسلامي والتباهي بأنهما داعمان لا يقهران للفلسطينيين،وبالتالي تعزيز نفوذهما و(التشديد) على أحقيتهما في قيادة المنطقة، وكذلك الأمر بالنسبة لهذين البلدين (تركيا وإيران)، "التضامن" مع الفلسطينيين ما هو في واقع الأمر سوى ذريعة رخيصة. فالأمر يتعلق فقط بمصالحهما الخاصة.

راينر زوليش الخبير في قضايا الشرق الأوسط في مؤسسة DW

الحقيقة تكمن في أن الفلسطينيين خسروا كفاحهم من أجل دولة مستقلة حقيقية إلى جانب إسرائيل منذ زمن بعيد. فهذا الأمر لم يعد في الوقت الراهن موجودا على الأجندة الدولية، ليس فحسب، بسبب سياسة الاستيطان الإسرائيلية، أو بسبب التحول في وجهة أولويات الدول العربية، أو بسبب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي يكابد من أجل ولاية رئاسية جديدة، وإنما السبب يعود أيضا إلى فشل القيادة الفلسطينية على مدى عقود من الزمن في تطوير رؤاها الخاصة وفي حشد دعم دولي فعّال لمطالبهم بعيدا عن الاحتجاج والعنف. 

ولذلك فهم على الأٌقل يتحملون جانبا من المسؤولية في تشكل تحالفات جديدة في الشرق الأوسط على حساب المصالح الفلسطينية وبالتأكيد ستعلن دول أخرى قريبا وخاصة من دول الخليج عن اتفاقيات سلام جديدة مع إسرائيل. بالنسبة للفلسطينين هو تطور مأساوي، لكنه بالنسبة لباقي دول المنطقة مؤشر جيد. 

في الـ 14 من أيار/ مايو 1948 أعلن رئيس الوزراء ديفيد بن غوريون قيام دولة إسرائيل. وكانت أمريكا أول الداعمين لتلك الدولة والمعترفين بها ورُفع علم الدولة الجديدة أمام مبنى الأمم المتحدة في نيويورك. قيام إسرائيل فتح الباب على مصراعيه لـ"صراع الشرق الأوسط".

اليهود أكبر مكون في المجتمع الإسرائيلي. ويصل عدد سكان الدولة العبرية اليوم أكثر من 8٫5 مليون نسمة. وينعت اليهود موطنهم الحالي بـ"أرض الميعاد"، إذ يعتقدون أن الرب وعد إبراهيم وعاهده على أن تكون هذه الأرض لنسله، وبأنها الأرض التي سيعود إليها اليهـود.

"عيد الاستقلال" بالنسبة للإسرائيليين هو ذكرى "النكبة" بالنسبة للفلسطينيين. فبسبب حرب 1948 فقد فلسطينيون كثر بيوتهم ومورد رزقهم. وقدر عدد الذين خرجوا من بلدهم حينذاك بـ 700.000 فلسطيني، يُنعتون اليوم باللاجئين الفلسطينيين.

تعددت الحروب بين إسرائيل وجيرانها العرب، ففي 5 حزيران/ يونيو 1967 نشبت حرب جديدة بين الدولة العبرية وبين كل من مصر وسوريا والأردن، لتكون الثالثة في سلسلة الصراع العربي الإسرائيلي. لكنها سرعان ما انتهت بنصر إسرائيلي واستيلائها على قطاع غزة والضفة الغربية وسيناء وهضبة الجولان.

يُقدر عدد اللاجئين الفلسطينيين اليوم بحوالي 5 مليون لاجئ فلسطيني. وحسب وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (أونروا)، فإن اللاجئين الفلسطينيين يوجدون بـ 58 مخيم في الأردن ولبنان وسوريا وقطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية. وتُطلق كلمة "لاجئ" على الخارجين من فلسطين بعد نكبة 1948، في حين يقال "نازحون" لمن غادروا فلسطين بعد "نكسة" 1967.

يعيش اللاجئون الفلسطينيون أوضاعاً اجتماعية واقتصادية قاسية في المخيمات. فقد كشفت أونروا في تقاريرها عن الأوضاع المزرية لهؤلاء، والتي تمتاز عموماً بالفقر وبالكثافة السكانية وبظروف الحياة المكبلة. علاوة عن بنية تحتية غير ملائمة كالشوارع والصرف الصحي. ويشار إلى أن اللاجئين الفلسطينيين في هذه المخيمات لا "يملكون" الأرض التي بني عليها مسكنهم، في حين يمكنهم "الانتفاع" بالأرض للغايات السكنية.

الأونروا هي وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى. وتعمل على المساعدة والحماية وكسب التأييد لهم، وذلك إلى أن يتم التوصل إلى حل لمعاناتهم. وتخصص الوكالة مدارس وعيادات صحية ومراكز توزيع داخل المخيمات وخارجها. تم تأسيس الوكالة بموجب القرار رقم 302 (رابعا) الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة.

في 6 تشرين الأول/ أكتوبر 1973 قام الجيشان المصري والسوري بهجوم مفاجئ على القوات الإسرائيلية المرابطة في سيناء وهضبة الجولان. حقق الجيش المصري هدفه من الحرب بعبور قناة السويس وتدمير خط بارليف واتخاذ أوضاع دفاعية. انتهت الحرب رسمياً مع نهاية 24 أكتوبر مع خلال اتفاق وقف إطلاق النار الموقع بين الجانبين العربي الإسرائيلي.

في 19 تشرين الثاني/ نوفمبر 1977 فاجئ الرئيس المصري أنور السادات العالم بزيارته إلى إسرائيل، لتنطلق مفاوضات سلام شاقة برعاية أمريكية وتتوج في سبتمبر/ أيلول 1978 بتوقيع اتفاقات كامب ديفيد، التي تبعها توقيع معاهدة السلام في 26 آذار/ مارس من عام 1979. أنهت المعاهدة حالة الحرب وانسحبت إسرائيل من شبه جزيرة سيناء. لم يحظ السلام بالتأييد في العالم العربي، إذ اعتبرها العرب آنذاك "خيانة" للفلسطينيين.

بعد شهور من المفاوضات السرية الموازية لعملية السلام التي انطلقت في مدريد عام 1991 تم في 13 من سبتمبر/ أيلول 1993 في حديقة البيت الأبيض توقيع اتفاق أوسلو الذي كان إعلاناً عن المبادئ حول ترتيبات الحكم الذاتي الانتقال. حصل كل من ياسر عرفات وإسحاق رابين وشيمون بيريز على نوبل للسلام. لكن المعاهدة قوبلت برفض فصائل فلسطينية لها. انعقدت جولات كثيرة لاستكمال السلام الذي تعثر باندلاع الانتفاضة الثانية.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل