المحتوى الرئيسى

«المصري اليوم» تعيد نشر آخر حوار لـ«الثعلب» عن دور سمير الإسكندراني في المخابرات المصرية | المصري اليوم

08/14 16:49

امتلك سمير الإسكندراني حياة ممتلئة بالأحداث، ما بين خطر الاستهداف، وعالم الجاسوسية، والفن، والوطنية، الكثير من الحكايات التي بمجرد قرأتها أو الاستماع لها تشعر بأنك أمام عالم روائي بامتياز، حكاية من حكايات الجاسوسية المفعمة بالمخاطر والفانتازيا، وربما تتشكك في كونها صحيحة، لما فيها من غرابة ومخاطر، وحين ترى بطلها الحقيقي ستشعر مع رومانسيته وعفويته وبساطته وروحة المحبة، بأنه من المستحيل أن يكون ذلك الشخص الذي تستمع لحكايته هو من يقف أمامك الآن.

سمير الإسكندراني.. جنده الموساد الإسرائيلي و«عبد الناصر» اعتمده جاسوس مزدوج

وفاة الفنان سمير الإسكندراني عن عمر يناهز 82

عمرو الليثي ناعيًا سمير الإسكندراني: عاشق لتراب وطنه.. مخلصا لفنه

خصوصية سمير الإسكندراني جاءت من هنا، الشخص البسيط محب الفنون، من غنى باللغة الإنجليزية والعربية، كما له دويتو نادر جدًا مع موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب، هو أيضًا من ذهب بنفسه إلى المخابرات العامة يطلب لقاء أحد المسؤولين بالجهاز الوطني ويصبح من بين أبطال الجهاز الشاهد على فترة مهمة من تاريخ مصر، ويساهم في تقديم كنوز من المعلومات إلى وطنه، كما ساعد في رصد مكان اتصال الجاسوس الهولندي مويس جود سوارد به، وحتى تم القبض عليه وكشف أعضاء شبكة تجسسية كاملة داخل مصر.

رحل الإسكندراني تاركًا رحله مليئة بالدراما، وتستحق حياته بما فيها من مغامرات بين عالم الجاسوسية والفن، وبما قدمه للوطن، أن تكون سيرة تروى للأجيال القادمة، ككثير من الحكايات التي تستحق أن تروى لتقول للأجيال الجديدة إن الوطن باق وإنه يستحق.

وتعيد المصري اليوم نشر حوار للفنان الراحل سمير الإسكندراني أجراه الكاتب الصحفي ورئيس تحرير المصري اليوم الأسبق محمد السيد صالح، يروي فيه عن دخوله عالم الجاسوسية وتفاصيل رحلته من عابدين إلى روما، والعديد من العواصم الأوروبية والقاهرة، وحكايات أخرى عن عالم الفن الذي كان أحد أبطاله أيضًا.

■ في منتصف يوم 11/10/1958 توجه شاب صغير السن إلى جهاز المخابرات العامة وطلب مقابلة أحد المسؤولين لإبلاغه بموضوع خاص بأمن وسلامة الدولة.

وبعد نصف ساعة من هذا البلاغ كان المواطن يجلس أمام أحد المسؤولين بمقاومة التجسس، ليسرد أمامه أسئلة الاستفسار التي كانت توجه إليه وكان هذا الشاب الصغير هو سمير فؤاد الإسكندرانى.

ومن خلال ما قدمه سجلنا التالى:

نشأ في منزل متوسط لوالد يعمل تاجر «موبيليات» في حى عابدين.. وفى هذا الوقت كان له شقيق اسمه سامى يدرس بجامعة جراتز بالنمسا.

والإسكندرانى من مواليد 1938.. وهو طالب بالسنة الثالثة بكلية الفنون الجميلة بالزمالك، قسم الرسم، وهو يجيد الإنجليزية والفرنسية والإيطالية.

التحق خلال دراسته عام 1955 بمدرسة ليلية إيطالية بالقاهرة فكان الأول في الامتحان السنوى، فنال رحلة دراسية لمدة شهر بجامعة بيروجيا بإيطاليا.

وفى عام 1956-1957 واصل دراسته بالمدرسة الليلية وكان ترتيبه الأول ولكنه لم يسافر في هذه السنة.

وفى عام 1957-1958 استمر في دراسته بالمعهد الليلى وكان ترتيبه الأول، تحصل على منحة لقضاء إجازته الصيفية، وسافر إلى إيطاليا في 15 يوليو سنة 1958.

كان سمير الإسكندرانى يقيم في بلدة بيروجيا القريبة من روما والموجود بها الكلية الخاصة بتدريس اللغة الإيطالية لغير الإيطاليين.

وفى يوم 7 سبتمبر كان يراقص إحدى السيدات السويديات في بار الجامعة، فتقدم منه شخص غريب عن الجامعة وشجعه وامتدح إجادته الرقص وهنأه على ذلك وسأله عن اسمه- ثم دعاه للجلوس معه- فلما ذهب إليه كرر عليه إعجابه برقصاته وإجادته الحديث بالإنجليزية وأن ذلك لا يتأتى إلى لمن درس اللغة الإنجليزية في كلية فيكتوريا كولدج بالإسكندرية، وعرض عليه خلال هذه المقابلة رغبته في أن يراه مرة أخرى لزيادة التعارف بعد أن قدم نفسه باسم «سليم».

تقابلا في اليوم التالى، حيث رقصا مع فتاتين وكان سليم في هذه المقابلة يبدو لطيفا سريع البديهة يجيد الإتيكيت.

استمرت مقابلاتهما بعد ذلك عدة مرات توطدت خلالها الصداقة بينهما وعرف منه سمير أنه لا يحب الاختلاط بالمصريين وأنه يعتبرهم حثالة وأنه كان يسميهم فلاحين- وكان ينظر إلى الغرب نظرة تقدير واحترام- وكان سمير يجاريه في هذا الحديث.

اختفى سليم بعد ذلك فجأة دون إشعار سابق ثم عاود الظهور بعد ذلك بصحبة فتاة فنلندية.

في مقابلات أخرى لاحقة سأله سليم عن أهدافه من ناحية التعليم فأجابه سمير بأن والده صاحب معرض موبيليات وأنه يرجو أن يسافر إلى السويد حيث الفن الرفيع في هذه الصناعة، وللدراسة أيضاً، ولكنه لا يتوقع تحقيق ذلك لحالة والده المادية، فسأله عن رأيه فيما لو تمكن من تحقيق رغبته عن طريق القيام بأعمال ترجمة تستغرق منه مدة ثلاث ساعات يومياً نظير 80 ألف ليرة، فرحب سمير بذلك.

وفى مقابلة أخرى ذكر له أن العمل الذي سيسند إليه ربما يكون كومبارس وليس مترجماً في «CINA CITTA» مدينة السينما الإيطالية.

لاحظ «سمير» أن «سليم» يركز على صداقته دون غيره من زملائه كما اكتشف بعض المتناقضات في أقواله، حيث ذكر لبعض زملائه أنه يدرس الإلكترونيات في لندن، بينما ذكر لآخرين أنه يدرس بجنيف، هذا علاوة على وجوده في بلدة بيروجيا المخصصة لدراسة اللغة الإيطالية فقط وبقائه بها دون مبرر- كما علم من بعض أصدقائه أن سليم هذا يحمل جواز سفر أمريكياً- وقد ذكر سليم في حديثة مع سمير أن الإيطاليين يسمونه «سنيور روبروتو أي روبير».

كل هذا دفع سمير إلى مسايرة المدعو سليم ومجاراته، لكنه شك أنه يهودى من الذين غادروا مصر.

عاد سليم إلى منزل سمير ظهر يوم 13 سبتمبر وطلب منه إعداد حقيبته بسرعة ليسافر معه إلى روما. وفى القطار عرض سليم حديثاً منشوراً بمجلة «تايمز الأمريكية» للرئيس جمال عبدالناصر، كما أطلعه على صور لفلاحين يستعملون الشادوف، مع معلومات حول ازدياد نسبة الفقر والجهل والمرض بينهم وعن بلدة «بنى مر» قرية عبدالناصر وذكر له أن الصحفى الذي كتب هذا الحديث أمريكى وأنه لا يعرف مصر جيداً وأن سليم هو الذي أملى عليه هذه البيانات نظير 700 دولار وأنه يكتب في هذه الموضوعات كلما سمحت له الظروف.

أسلم وتزوج مصرية حتى يستطيع المعيشة وسط المصريين فاضطر أهل الزوجة أن يقبلوه لفقرهم وغناه- لذا فهو يشعر في قرارة نفسه بالعطف على اليهود ثم وصلا إلى روما فأقاما في بنسيون «بروتا» ثم في بنسيون «أوروا» بجوار محطة روما وكان سليم يدفع الحساب بمعدل 2000 ليرة يومياً.

وخلال مقابلاتهما كان سليم يمهد لتسليم سمير إلى شخص آخر فكان يذكر له أنه سيقدمه إلى رجل ألمانى مهم، وبعدها كان يؤجل المواعيد التي كان يحددها لمقابلته لزيادة فضوله وشغفه وإشعاره بأهميته.

في يوم 17 سبتمبر اتصل سليم تليفونيا بسمير وطلب منه أن يلبس أفخر الثياب ويتوجه إليه فورا بتاكسى وحدد له مكان المقابلة بجوار محطة روما فلما توجه إليه أعطاه مجلة «تايمز الأمريكية» و2000 ليرة وطلب منه أن يتوجه إلى قهوة «جرسو» بميدان إسبانيا وهى من أكبر المقاهى بروما ودخل سمير القهوة بمفرده حاملاً «التايمز» وبعدها بدقائق أحس بيد تربت على كتفه من شخص ناداه باسمه ودعاه بلهجة غير إنجليزية للدخول إلى ركن من أركان القهوة وقد عرف نفسه له باسم «جونثان أشمت».

التقى سمير مع أشمت بقهوة «جرسو» وحياه بالإنجليزية، ثم سأله عن رأيه في إيطاليا وعما إذا كان يحب أن يمكث بها وعما إذا كان يفضلها عن مصر وعن رأيه في المصريين ونظام الحكم في مصر وعما إذا كان سمير يعتقد بأن نظام الحكم في مصر شيوعى.

كان سمير يجيبه الإجابات التي يعتقد أنها ترضيه وأنه لا يحب المصريين وأن نظام الحكم شيوعى وسيجلب الخراب والفقر.

بدأ أشمت حديثه بأن أهدافه هي إعادة الأموال التي صادرها عبدالناصر من اليهود الذين طردهم لعدم شرعية هذا الإجراء ثم توقف عن الكلام وذكر له بأن تنظيمهم لا يضم إلا الرجال وأن سمير لايزال صغيراً وأعطاه نموذج «بيانات شخصية» وذكر له أنه سيعرضه على تنظيمه ليقدر صلاحيته.

واتفقا على المقابلة الثانية صباح اليوم التالى مباشرة.

وفى المقابلة الثانية، حصل سمير على مبلغ 200.000 ليرة بإيصال وطلب منه أشمت السفر إلى بيروجيا لأداء الامتحان ثم العودة إلى روما يوم 27/9 وحدد له طريقة الاتصال كالآتى:

اصطحبه إلى مكاتب شركة «أمريكان إكسبرس» بروما لتحديد أسلوب المقابلات التالية وقادة إلى حجرة بها دفتر الزيارات وكان مقسماً إلى خانات وطلب منه أشمت أن يختار لنفسه أي اسم واتفقا أن يكون «هورست سام» وأن إقامته الدائمة في هولندا.

عاد سمير إلى روما في اليوم المحدد وتوجه إلى شركة أمريكان إكسبرس حيث نفذ ما اتفق عليه واتصل به أشمت في الصباح وطلب منه الحضور إلى المقهى السابق ذكره.

لاحظ سمير تغييراً في معاملة أشمت له إذ أصبحت معاملته بلطف وبطريقة مستحبة فاصطحبه إلى أحد المطاعم الفاخرة بروما بمنطقة فلابركيزى وتناولا الغداء في مطعم «GASINAVALAGHIERE» ودفع أشمت 9000 ليرة ثمنا لذلك ثم سلمه مبلغ 24.000 ليرة كمصاريف إقامة أثناء الفترة من 27/9 إلى 4/10 «الموعد الذي حدده أشمت ليغادر سمير إيطاليا إلى القاهرة وعلى ظهر الباخرة اسيبريا من نابولى» واتفقا على المقابلة في اليوم التالى في نفس المكان.

وهو ما حدث فعلياً.. وفى هذا اللقاء سأله أشمت هل هو على استعداد للعمل فلما أجابه سمير بالإيجاب اصطحبه في سيارة تاكسى إلى ضواحى روما حيث دخلا المنزل رقم 16 الدور 4 شقة 20 بميدان توماسونى.

وخلال أيام مقابلاتهما في هذا المنزل أيام 29 و30 سبتمبر و1 و2 و3 أكتوبر درب خلالها على الآتى:

أعطى أشمت سمير نوعا من الحبر السرى وقلم حبر وطلب منه أن يكتب بالطريقة الآتية:

القيام بغسل القلم عند كل كتابة ثم التأشير على الجهة التي سيكتب عليها من الورقة بالحبر السرى بعلامة خفيفة ثم يبدأ الكتابة بهذا النوع من الحبر مع عدم الضغط على الورق حتى لا تحدث أثراً مع وضع لمبة كهربائية في الجهة المواجهة على زاوية الانعكاس مع الحبر وعينه- ثم بعد ذلك يضع الورقة في محلول ماء وطباشير بنسبة كوب ماء إلى ملعقة بن من الطباشير وذلك لمدة 15 ثانية- ثم ينشف جيداً بنشاف وتوضع تحت ثقل مستو لمدة 3 ساعات على الأقل ثم تؤخذ الورقة ويكتب الخطاب العلنى على الظهر الآخر.

وأعطاه أشمت مادة لها رائحة الكولونيا وعلمه طريقة إظهار الكتابة وذلك بوضع هذه المادة على الصفحة البيضاء من الخطاب ثم مسح الخطاب بعد فترة بمادة الأمونيا.

وطلب أشمت من سمير عمل معاينة مصحوبة برسم لمحطة روما وكذلك لكبارى المدينة وبعض أماكن أخرى ثم شرح له أشمت رسماً تخيلياً للمصانع الحربية بحلوان وطلب منه رسم هذ الشكل الذي شرحه له وقد قام سمير بذلك خير قيام.

وكان أشمت يصر في تقارير المعاينات التي يقدمها سمير أن يظهر فيها طريقة التحميل وأبعاد البنايات وطولها والتحميل البنائى.

ودربه أيضاً على طريقة كتابة التقارير وكان تركيزه على التقارير العسكرية وكان يشرح له بعض الأمثلة كأن يتخيل بعض المصانع الحربية في مصر ويحدد أنها في طريق المعادى في اتجاه حلوان ويفترض له المقاسات وأرقام أبعادها وأكشاك الحراسة وعدد الجنود وأنواع البنادق والمدافع ومكاتب الاستعلامات ويطلب منه كتابة تقرير بهذه البيانات وأفهمه بأن المقصود من هذا هو اعانته على أن يضمن كتابة تقاريره المطلوبة.

وطلب أشمت من سمير أن يملأ ورقة «عقد» معنون بالآتى:

منظمة البحر المتوسط المناهضة للشيوعية والاستعمار

وهو عبارة عن عقد لمدة سنة قابلة للتجديد ووقع عليه أشمت في مكان الرئيس وطلب منه التوقيع عليه ويتضمن العقد إقرار سمير «العضو الجديد» بأنه تحت الاختبار لمدة ثلاث أشهر يتقاضى عن كل شهر مائة دولار وهى أشهر اكتوبر ونوفمبر وديسمبر ويتعهد فيه بأن ينفذ تعليمات رئيسه التي يستمدها من رئيس المنظمة.

بعد ذلك سلمه مبلغ 300 دولار بإيصال وطمأنه بأن المنظمة لا تتخلى أبداً عن فرد من أعضائها وعمن تثبت جديتهم وإخلاصهم.

وطلب من أشمت أن يلبس أفخر ما لديه من ملابس، ويقابله يوم 3/10 ثم دعاه إلى مكان فخم للغاية حيث شربا كثيراً وتناولا العشاء واستمر أشمت في تحذيره لسمير إن هو وشى بهم فبكى سمير وذكر له أشمت أنه اصبح لا يعتبره مصرياً وأنه سوف يعتبره يهودياً من هذه اللحظة وأن عليه أن يثبت نفسه مرة أخرى بالقاهرة وأنه لن يتخلى عنه وخلال المقابلة طلب منه أشمت الآتى:

- المبادرة بفتح صندوق بريد بالقاهرة باسمه فور وصوله.

- إرسال خطاب أو كارت عادى بمجرد وصوله إلى مصر، وبعدها يحاول الالتحاق بفرق الضباط الاحتياط.

- عليه أن يخطره قبل إلحاقه بالوحدات عند التوزيع بالجهات التي يمكنه الالتحاق بها حتى يختاروا الجهة الأكثر صلاحية ويستحسن أن تكون رئاسة هيئة الأركان حرب أو الإمداد والتموين.

- بعد الالتحاق بالوحدة عليه أن يكتب تقارير عنها وطريقة تكوين الوحدات مع موافاتهم بصور بعدد التقارير التي يستطيع الحصول عليها أو ملخصها.

- إجراء المعاينات الآتية خلال الثلاثة أسابيع الأولى بعد عودته لمصر:

1- محطة رادار موجودة بالقلعة.

2- مخبأ بجوار مستشفى الدمرداش يلجأ إليه الرئيس ومعاونيه في حالة الطوارئ وأثناء هجوم عسكرى لوضع الخطط.

3- عامود خرسانى بجوار كوبرى قصر النيل به رادار.

4- المصانع الحربية ويعتقد أن أرقامها «23 أو 26 أو 27» بين حلوان والمعادى.

ذكر له أشمت أنه سيتقاضى مرتبه كل ثلاثة شهور بمعدل 100 دولار شهرياً خلاف المنح والمكافآت في كل مرة يوافيهم فيها بمعلومات ذات قيمة وذلك عن طريق أفراد لا يعرفهم.

طلب أشمت من سمير أن يرسل له أربعة تقارير شهرياً على الأقل.

■ سألت رفعت جبريل: كيف تأكدتم من صلاحية سمير الإسكندرانى للعب دور العميل المزدوج؟

- فقال: علاوة على إخلاصه ووطنيته وولائه واستعداده للتضحية بمستقبله في سبيل نجاح العملية، فإننا لمسنا ميله الطبيعى وحبه للمغامرة واستعداده لمواجهة ما قد يتعرض له من صعاب ومشاكل، وكانت هذه العملية مهمة للغاية لنا لأنها أول تجربة من نوعها لإدارة مقاومة الجاسوسية في مجال تشغيل العملاء المزدوجين بالنشاط الإسرائيلى، مع تطبيق مبادئ المخابرات في مجال العمليات السرية على موضوع حى في الميدان، إضافة إلى جميع المشاكل التي تعترض مثل هذه العمليات وكيفية التغلب عليها سواء كان ذلك من ناحية سير العملية أو من الناحية النفسية للعميل المزدوج، فضلا عن اكتساب الخبرة العملية سواء كان ذلك عن طريق تشغيلنا للعملاء المزدوجين أو أساليب المخابرات المضادة في تشغيل هؤلاء العملاء».

■ لكن لماذا لم تقوموا بإجهاض العملية وتوقيف الشبكة من البداية؟

- كان هدفنا الأساسى أبعد من إيقاع عدد من الجواسيس فقط، ولكننا كنا نخطط للتعرف على الوسائل المختلفة التي يتبعها العدو في تشغيل عملائه، واستنتاج نوايا العدو المستقبلية من خلال احتياجاته المختلفة، فضلا عن كشف وسائل الاتصال مع المخابرات الإسرائيلية بالخارج، والوصول إلى مصادر ووسائل تمويل العمليات السرية التي يقوم بها العدو داخل البلد، مع كشف العملاء الجدد لمخابرات العدو بالطبع، وكان من الضرورى لتحقيق هذه الأهداف كسب ثقة المخابرات الإسرائيلية في العميل المزدوج، وافترضنا أن المخابرات الإسرائيلية لابد أنها ستجرى اختبارات مستمرة على عميلها الجديد، ويتوقف اختياره على تخطيه هذه الاختبارات بنجاح تام، الأمر الذي يستدعى منا اليقظة التامة والدراسة الوافية للأساليب التي قد يتبعها العدو، مع دراسة وافية لإمكانات العميل الفعلية من النواحى الاجتماعية والعلمية والشخصية.

■ نعود لسمير الإسكندرانى ومراحل تجنيده!

- من خلال عدد من الاختبارات وتسجيلنا لاعترافاته تأكدنا أن تقديره للمسؤولية كان ضعيفاً وذلك لصغر سنه، إضافة إلى الغرور الذي كان يتملكه من آن لآخر، حيث كان خيالياً في تفكيره وآرائه، وكان ذهنه خالياً من أساليب المخابرات وقواعد العمل السرى. بناءً على ذلك كانت طريقة معاملته أثناء تشغيله خلال سير العملية ترتكز على عدد من الأمور من بينها تقوية الدافع باستمرار لديه، مع إعطائه تعليمات أمن مشددة وإبراز الخطورة التي قد تنجم عن أي خطأ أو تهاون في تنفيذ التعليمات، مع إبراز أن العملية مازالت في البداية ولم تحقق أي نجاح، وأنه باتباع تعليماتنا بدقة سنصل في النهاية إلى النتيجة التي ترضيه، والتوجيه المستمر سواء كان ذلك باتباع قواعد الأمن أو لتنفيذ التعليمات الخاصة بسير العملية، وإجابة الاحتياجات المطلوبة في المواعيد المحددة.

أهم أخبار فن وثقافة

Comments

عاجل