المحتوى الرئيسى

بايرن ميونيخ وبرشلونة.. عبقرية ميسي أم ثعلبية ليفاندوفيسكي؟ – توووفه – صحيفة رياضية إلكترونية

08/13 19:40

دور ربع نهائي دوري أبطال أوروبا دور لا يرحم، عليك أن تفعل كل شيء وأي شيء يحول بينك وبين السقوط في الوحل، هذه العبارة من بنات أفكاري ، وفي تصوري أن خير من يفهم تفاصيلها هو الداهية ليونيل ميسي و الدبابة البشرية روبرت ليفاندوفيسكي..

قناعتي أن كفتي ميزان مباراة بايرن ميونيخ و برشلونة متكافئتان تقريبا، مع الفارق أن الفريق الألماني يبدو أكثر قدرة على التعاطي مع كل المتغيرات و الضوابط التكتيكية بحكم ثقافة الألمان و بساطة الإسبان ..

دائما يفقد برشلونة هوية التيكي تاكا أمام الفرق التي تلعب بأسلوب الضغط العالي على حامل الكرة ، ودائما ينفر برشلونة نفسيا أمام الفرق التي تلعب بانضباط تكتيكي صارم ، و بايرن ميونيخ من هذا الطراز الذي يضغط على أنفاس منافسيه بدنيا ، و يمارس على منافسيه صيغة تكتيكية يصل انضباطها حد الصرامة ..

لا يختلف برشلونة عن بايرن ميونيخ كثيرا من الناحية الفنية ، بل إن نجما كبيرا مثل ليونيل ميسي قادر على إضاءة كل دروب العتمة قبل أن يرتد طرف مانويل نوير إليه، لكن الفتى المدهش يعلم أن الألمان بكرتهم الانضابطية لن يدعوه يستمتع بالحفلة على سجيته دون مضايقة..

ما هي خيارات مدرب برشلونة كيكي سيتين الأخرى إذا نجح لاعبو بايرن من احتواء المارد الأرجنتيني و إعادته إلى قمقمه دون أن يتنفس في المساحات التي يحبذها من الخلف ..؟

قد ينزعج عشاق برشلونة كثيرا عندما أجيب: لا خيارات أخرى أمام سيتين، فإما أن يجد ميسي الحلول بنفسه أو يختنق الفريق فنيا ويتوفى برشلونة إكلينيكيا ..

ليونيل ميسي

حقيقة واضحة يعلمها لاعبو بايرن ميونيخ: إذا تم تحييد ميسي و عزله و تفكيك ألغام عقله سيصاب برشلونة بالجفاف الفني بالسكتة القلبية تكتيكيا ، ولن يقوى على تليين أسلوب لعبه الذي يقوم على مبدأ التدوير و كثرة النقلات ، لكن ما أن تصل الكرة إلى ميسي حتى يرفع الإيقاع بمهاراته العالية وغير المسبوقة بطريقة غير متوقعة ، فيصل إلى المرمى من أقصر الطرق .. فكيف سيكون حال برشلونة إذا تم تعطيل ميسي و القضاء على فيروسات تمريراته القاتلة ..؟

يحلو للمتابعين اختزال برشلونة في ليونيل ميسي دون سواه، لأنه دائما المنقذ الذي يحافظ على كبرياء الفريق الكاتالوني ، وهم محقون بعض الشيء، إلا أنني أرى أن تأثير الحارس تير شتيجن لا يقل عن تأثير ميسي ، فإذا كان الأخير هو من يفك شيفرة المباريات الصعبة و يخلق الفارق بفضل مهاراته الخارقة، فإن الأول دائما ما يمنح ميسي فرصة رد الفعل ، لأنه باختصار ينقذ مرمى فريقه من كرات مستحيلة و أهداف لا يسأل عنها ..

عن نفسي لا أعلق آمالا عريضة على فكر مدرب برشلونة كيكي سيتين ، فمهما فكر أو دبر فلن يقود انقلابا تكتيكيا لفريق يؤمن بفلسفة البساطة و إطلاق العنان للاعبيه فنيا، بعيدا عن الموضة التكتيكية التي يعتنقها الآخرون، و المسألة هنا مسألة جينات، فمن يلعب لبرشلونة يجب أن يندمج فنيا في بوتقة التيكي تاكا ، فعندما يرسل مدافعا كرة طويلة لاختزال المساحات يتعرض لوابل من التصفير و اللوم و الغضب ..

بايرن ميونيخ صاحب تراث تكتيكي كبير ، وهو يستلهم من تكتيكات مدربيه واقعية الانضباط الذي يبرر الوسيلة من خلال الإخلاص لغاية واضحة لا تعتمد على جماليات و كماليات كرة القدم ..

فعندما يرسل مدافعا في بايرن ميونيخ مثل بواتنج كرة طويلة على رأس المهاجم الدبابة ليفاندوفيسكي ينال من الإطراء ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ، أما لو فعل مدافعا في برشلونة ذلك الخرق فالويل والثبور و عظائم الأمور تنهال عليه، فيتمنى ساعتها أن تنشق الأرض و تبتلعه ..

يمكن القول إن مباراة بايرن ميونيخ الألماني و برشلونة الإسباني ، مواجهة على صفيح ساخن بين اللعب الآلي البسيط و اللعب التكتيكي الصارم ، وكأننا بالفعل أمام مواجهة تمثل مدرستين كرويتين ، مدرسة لاتينية تعتمد على الخلق الفني و الاستحواذ العالي ، و مدرسة انجلوسكاسونية عتيقة مغلفة بصناعة تكتيكية وفقا و نظام صارم لا تمر منه النملة أو البرغوث ..

لكن .. ماذا عن الواقع ..؟

هل تمتلك المدرستان كل عناصر الإثارة الهتشكوكية في ظل مباراة تخلو من ملح و بهارات الملاعب ، أقصد الجماهير العاشقة لهكذا مواعيد ..؟ بالطبع يبدو بايرن ميونيخ في وضع معنوي أفضل بكثير من برشلونة ، فالفريق البافاري بعد إقالة مدربه السابق استعاد بسرعة مدهشة توازنه النفسي ، فأجهز على الدوري المحلي (البوندزليجا) بلا منافس حقيقي ..

ولا يخفى على عشاق برشلونة أن البلوجرانا تعذب كثيرا محليا، ففشل في الاحتفاظ بلقب لاليجا لمصلحة الغريم ريال مدريد ، فيما كان خروجه من بطولة الكأس (الكوبادريه) خروجا مبكرا من منافس لا يساوي شيئا اسمه أتلتيك بلباو ..

ربما كان ليونيل ميسي هو الشمعة التي تتوقد و لا تتآكل تحت تأثير حرارة الموسم الكبيس الذي عصف بالنملة ارنستو فالفيردي، فهو اللاعب الوحيد الذي يجاهد ويكابد للحفاظ على مخزون برشلونة الفني القائم على الإبهار و الإبداع ، ولست أبالغ عندما أقول إن كل أحلام برشلونة بتجاوز عقبة بايرن ميونيخ الصعبة معلقة فقط على إلهام ليونيل ميسي، ومن ثم قدرة الحارس العملاق تير شتيجن على إحباط قذائف الدبابة روبرت ليفاندوفيسكي، عدا ذلك فان برشلونة فريق مثل الأسفنج مليء بالثغرات و العيوب التي تصيب أي برشلوني بالصلع في وقت قياسي ..

يفكر مدرب برشلونة في تغيير النهج أمام بايرن، للقضاء على ضعف عمق الدفاع و تضعضع رواقيه ، وهو يدرس بينه وبين نفسه اللجوء إلى شاكلة 3/5/2 لتأمين العمق و إسداء خدمة لجيرار بيكيه و لانجليت البطيئين ..

لكن هذا المتغير التكتيكي سيشكل عائقا أمام العناصر التي ستطبق هذا النهج الغريب على برشلونة ، فميسي مثلا سيجد نفسه في العمق محاصرا ، وربما تتضارب مهامه مع المهاجم القار و الصريح لويس سواريز ..

ربما كانت هذه الطريقة محببه بالنسبة للفرنسي أنطوان جريزمان ، لأنه سيلعب رأس مثلث الوسط ، وهو ما يجعله يتحكم في الرتم و الإيقاع كما يفعل مع منتخب فرنسا ، وهذا النهج لا يناسب ليونيل ميسي الذي تعود منذ رحيل العملاقين المبدعين تشافي هيرنانديز و أندرياس أنييستا على القيام بمختلف الأدوار في الوسط ، وهنا لن يجرؤ سيتين على تغيير نهج برشلونة ، وسيفضل اللعب بنفس الشاكلة التي يعشقها ميسي ، نهج يبدأ بتيكي تاكا مملة بعض الشيء إلى أن تصل الكرة إلى الثلث الهجومي حيث ميسي ، عندها تلتهب المشاعر و يرتفع إيقاع اللعب بشكل جنوني ..

خطة مثل هذه لن تنطلي بالتأكيد على فريق ثقيل الحجم أوروبيا مثل بايرن ميونيخ ، ولاشك أن مدربه سيجهز الكثير من الأساليب التي تحرم ميسي من رفع الإيقاع في الثلث الهجومي.. هل سيلجأ بايرن ميونيخ إلى فرض رقابة فردية صارمة على ميسي؟

لا أعتقد هذا، لأن الرقابة الفردية دخلت متحف التاريخ منذ اعتزال الإيطالي جينتيلي و الألماني كارل هينز فورستر، وفي تصوري أن البايرن سيطبق رقابة المنطقة نفسها بأسلوب الضغط العالي على ميسي، لمنعه من التفكير أو الانسياب نحو المرمى من الوضع متعرجا كما هي عادة أو هواية الأرجنتيني المذهل ..

وبايرن ميونيخ ملتزم بشاكلة ورقية قوامها 3/5/2 ، لكنها في الواقع أقرب إلى 4/4/2 ، لأن صانع الالعاب وملك الأسيست في أوروبا توماس مولر يلعب دائما في مساحة واحدة تقريبا مع الهداف ليفاندوفيسكي ..

بالطبع غياب الظهير الأيمن الفرنسي بنجامين بافار عن المباراة ، سيحتم على مدرب البايرن نزع المتألق كيمتش من الوسط لتعويض بافار في اليمين ، وهذا يعني أن كل عهدة الوسط ستنتقل أوتوماتيكيا إلى الإسباني ألكنتارا ، وهذا من حسن طالع برشلونة، لأن ألكنتارا ضعيف في العراك البدني و يعتمد كثيرا على التمرير القصير الذي يخدم خط وسط برشلونة بلا أدنى شك ..

أهم أخبار الرياضة

Comments

عاجل