ما مدى جدية التقارب التركى الإسرائيلى؟

ما مدى جدية التقارب التركى الإسرائيلى؟

منذ 3 سنوات

ما مدى جدية التقارب التركى الإسرائيلى؟

طرح مركز بيجن ــ السادات للدراسات الاستراتيجية سؤالا حول التقارب التركى الإسرائيلى وما مدى جديته وإمكانية تعاون الطرفين لحل العديد من العقبات مثل الأزمة فى سوريا ومكافحة فيروس كورونا. شارك فى الإجابة عدد من الباحثين والمحللين... نعرض منه ما يلى:\nيقول أميكام ناشمانس ــ أستاذ العلوم السياسة بجامعة بار إيلان بتل أبيب ــ أن العلاقات الخاصة بين تركيا وإسرائيل التى استمرت من تسعينيات القرن الماضى وحتى أوائل القرن الحادى والعشرين تميزت بتعاون استراتيجى مفتوح وقيام اللوبى الإسرائيلى بحمل المصالح التركية فى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى إلا أن شكل هذا التعاون مختلف عما هو مألوف بسبب الرغبة فى إبقاء العلاقة سرية بين الطرفين.\nمن المرجح أن تختلف شكل العلاقات بين الفاعلين فى المستقبل. فلم تعد أنقرة فى حاجة إلى الضغط الإسرائيلى بالنيابة عنها. والأهم من ذلك، أصبح هناك ترددا متزايدا لدى الإسرائيليين لممارسة الضغط لصالح تركيا منذ بداية القرن الحالى، وهذا التردد أصبح عنصرا مهما فى تدهور العلاقات الثنائية فيما بعد.\nبدأت العلاقات بين إسرائيل وتركيا فى التدهور لأول مرة فى 2004ــ2005 بعدما وجد تردد بين جماعات الضغط الإسرائيلية فى دعم الموقف التركى تجاه قضية الإبادة الجماعية للأرمن فى وسائل الإعلام ودوائر صناعة القرار فى الولايات المتحدة، مما أصبح بمثابة مفترق طرق فى العلاقة التركية الإسرائيلية وفرصة لتركيا للتخلص من هذه العلاقة المحرجة. كانت وجهة نظر أنقرة أن الضغط اليهودى والإسرائيلى كان شكلا من أشكال الابتزاز. لسنوات، فضل النظام التركى تبنى سياسات معادية لإسرائيل ولم يكن لديه مصلحة حقيقية فى إقامة علاقات وثيقة معها. ولكن بسبب الحاجة إلى المساعدة الإسرائيلية، اضطرت تركيا إلى تقليص سياساتها الحقيقية المعادية لإسرائيل.\nلا تزال هناك قضايا تستدعى التعاون التركى الإسرائيلى، بما فى ذلك سوريا وإيران والأكراد والإرهاب. قد تؤدى هذه القضايا إلى تبادل المعلومات الاستخبارية (غير العسكرية) خلف الأبواب المغلقة. وقد تقوم مشاريع مشتركة محدودة.. لكن قيام علاقات استراتيجية مفتوحة تتضمن القيام باللوبى لصالح تركيا لن تتكرر...\nأما مايكل هارارى ــ زميل فى معهد Mitvim وسفير إسرائيلى سابق فى قبرص ــ يرى أن العلاقات بين إسرائيل وتركيا فى العقد الأخير دخلت فى مرحلة ركود مستمر خاصة بعد حادثة سفينة مرمرة التى كانت متجهة إلى غزة وداهمتها القوات الإسرائيلية فى 2010 وقتلت 10 ناشطين أتراك كانوا على متنها. لم يؤد توقيع اتفاقية التطبيع فى يونيو 2016، التى حسمت قضية مرمرة، إلى استعادة الثقة بين الطرفين أو استئناف للحوار رفيع المستوى. مازال التمثيل الدبلوماسى على مستوى القائم بالأعمال وليس السفير، وهو مؤشر على رد أنقرة على نقل السفارة الأمريكية إلى القدس واستخدام العنف فى الاشتباكات مع سكان غزة.\nيكمن التحدى الرئيسى فى صعوبة إيجاد مصالح مشتركة بين الطرفين. فالخلافات العميقة بينهم تتركز حول الصراع الإسرائيلى الفلسطينى وتطبيق السيادة الإسرائيلية على أجزاء من الضفة الغربية ودعم أنقرة للإسلام السياسى سواء فى فلسطين (حماس) أو فى الشرق الأوسط بشكل عام. علاوة على ذلك، قامت إسرائيل بتوطيد علاقاتها مع خصوم تركيا فى البحر المتوسط إلى جانب ذلك يختلف موقف إسرائيل عن الموقف التركى فى ليبيا حيث تدعم إسرائيل حفتر.\nيرى هارارى أنه فى الوقت الحالى هناك آمالا ضئيلة بأن تتحسن العلاقات بين الطرفين بالنظر إلى الاختلافات العميقة فى الرأى وغياب المصالح السياسية الاستراتيجية المشتركة. ومع ذلك، يبقى من المهم مواصلة البحث عن سبل لاستعادة الحوار السياسى.\nتقول دفنى أرسلان ــ ممثلة المجلس الأطلسى ومديرته فى تركيا ــ أن تركيا وإسرائيل مروا بالكثير من التحديات منذ حادثة سفينة مرمرة. وعلى الرغم من التحديات، فإن هناك الكثير ليجنيه كلا الطرفين إذا تحالفوا كقوة إقليمية. قد يكون استئناف العلاقات الدبلوماسية على مستوى السفراء خطوة حكيمة للبدء فى حل الخلافات.\nهبطت طائرة تابعة لشركة الطيران الإسرائيلية «إل عال» فى مطار إسطنبول مايو الماضى بعد أن كانت أعلنت وقف رحلاتها إلى تركيا بعد حادثة سفينة مرمرة، وبحسب ما ورد منحتها تركيا الموافقة على العمل مرتين فى الأسبوع بين إسطنبول وتل أبيب.\nعلى الرغم من علاقتهما المضطربة، لم تتوقف التجارة بين البلدين. فوفقا لمكتب الإحصاء التركى، بلغ حجم التجارة الثنائية 4,7 مليار دولار فى عام 2015 و6,1 مليار دولار فى عام 2019. لذلك تعتقد أرسلان أن هناك العديد من المجالات المشتركة للتعاون، وعلى وجه الخصوص، يمكن أن يكون الأمن السيبرانى فى قطاع الطاقة والطاقة المتجددة مجالات جيدة للتعاون، وكذلك غاز شرق المتوسط فى وقت لم تعد فيه أسعار الغاز قادرة على تحمل مثل هذا المشروع المكلف تحت الماء.\nتقول آنا أهرونهيم ــ مراسلة الشئون العسكرية والدفاعية فى صحيفة Jerusalem Post – أنه على الرغم من استمرار توتر العلاقات بين إسرائيل وتركيا وخاصة بعد نقل السفارة الأمريكية إلى تل أبيب، مازال هناك مؤشرات إيجابية تتعلق بإمكانية عودة العلاقات.\nالتقى رئيس المخابرات التركية هاكار فيدان ونظيره الإسرائيلى يوسى كوهين عدة مرات خلال العام الماضى. خلال جائحة فيروس كورونا، سمحت تركيا بتصدير مساعدات طبية إلى إسرائيل، وهبطت طائرة شحن تابعة لشركة إل عال فى تركيا. هناك أيضا حديث عن اجتماع مسئولين من البلدين لمناقشة المصالح المشتركة فى البحر المتوسط.\nتواجه كل من تركيا وإسرائيل، الناشطان فى سوريا، عدوا مشتركا وهو حزب الله. وبينما كانت تحركات أردوغان فى المنطقة عدوانية، لم توقع إسرائيل على إعلان من فرنسا واليونان وقبرص ومصر والإمارات يدين تصرفات أنقرة فى شرق البحر المتوسط.\nوعلى الرغم من اللغة العدائية بين الطرفين، تدرك كل من إسرائيل وأنقرة أن تجارتهما القوية ستساعد فى الحفاظ على كلا الحاكمين فى السلطة، خاصة خلال الأزمة الاقتصادية التى أعقبت الوباء.\nولكن مع إصرار نتنياهو على ضم المستوطنات وإبراز أردوغان نفسه كحارس للقضية الفلسطينية، فلن يتمكن الطرفان من إعادة تقوية علاقاتهم الثنائية.\nيرى كان سيرناز ــ محرر فى صحيفة ميلييت التركية ــ أن التطورات الأخيرة فى ليبيا تمثل فرصة كبيرة للطرفين. ففى الأسابيع القليلة الماضية، انقلب الموقف فى ليبيا وتحولت الحكومة فى طرابلس الآن من الدفاع إلى الهجوم بفضل المساعدات التركية، والآن من الممكن تماما أن تكسب حكومة طرابلس الحرب. فإذا تمكنت تركيا من إبرام اتفاق مماثل مع إسرائيل بشأن التنقيب عن الغاز، فقد يؤدى ذلك إلى إنشاء مثلث تركيــإسرائيليــليبى يفيد جميع المشاركين بشكل كبير.\nبينما يرى بوراك بيكديل ــ كاتب سياسى تركى ــ أن «التطبيع» يبدو احتمالا بعيدا. فكيف سيفسر الإسلاميون الأتراك التطبيع مع حكومة إسرائيلية نشأت على أساس خطط للسيادة؟ هناك نقطة أخرى يجب مراعاتها وهى الحقيقة المؤسفة المتمثلة فى أن النزاع الفلسطينى كان منذ فترة طويلة جزءا لا يتجزأ من العلاقات التركية الإسرائيلية. إن الكراهية الشخصية العميقة التى نشأت على مر السنين بين أردوغان ورئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو أصبحت عاملا مؤسسيا أكثر من كونه عاملا شخصيا. على حد تعبير مصدر حكومى فى أنقرة فإن «نائب رئيس الوزراء بينى جانتس ليس خيارا يمكن الركض لمصافحته. فالحقيقة أنه لن يكون هناك تطبيع فى ظل الضم».\nإعداد: ابتهال أحمد عبدالغنى\nالنص الأصلى

الخبر من المصدر