خبير ألماني لـDW: النزاع بشرق المتوسط أكبر من موارد الغاز بكثير

خبير ألماني لـDW: النزاع بشرق المتوسط أكبر من موارد الغاز بكثير

منذ 3 سنوات

خبير ألماني لـDW: النزاع بشرق المتوسط أكبر من موارد الغاز بكثير

منذ أسابيع والوضع يزداد تأزما وخطورة في بحر إيجه، حتى أن مصاجر متطابقة تحدثت عن تدخل للمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل حال دون حصول نزاع مسلح بين اليونان وتركيا. والسبب هو عزم أنقرة القيام بأعمال التنقيب عن الغاز في منطقة بحرية تعلن اليونان سيطرتها عليها. وكتعليل للتحرك التركي أعلنت أنقرة أن هذه المنطقة، وحسب اتفاقية مبرمة مع حكومة الوفاق الليبية في طرابلس، باتت منطقة نفوذ تركية. وأرسلت اليونان مثل تركيا سفنا حربية إلى المنطقة. ويبدو أن الانفراج الذي حصل بفضل تدخل المستشارة ميركل كان لوقت وجيز فقط. ففي الأسبوع الماضي وقعت اليونان ومصر على اتفاقية تحددان بموجبها مناطقهما الاقتصادية في شرق البحر المتوسط حيث تعلن تركيا أن مياهها الإقليمية تمتد إلى هناك وتهدد أنقرة باستخدام الوسائل العسكرية.\nوحول الوضع في شرق البحر المتوسط وأبعاد وتداعيات النزاع التركي اليوناني ودخول مصر طرفا فيه أجرت دويتشه فيله (DW) مقابلة مع خبير الشرق الأوسط، شتيفان رول، من العهد الألماني للسياسة الدولية والأمن (SWP) في برلين.\nDW: استمرت المفاوضات بين اليونان ومصر حول تقسيم المناطق الاقتصادية في البحر المتوسط حوالي 15 عاما، والآن سارت الأمور بسرعة، إذ قام وزيرا الخارجية في الدولتين بتوقيع اتفاقية بينهما في القاهرة في الأسبوع الماضي. فلماذا هذا الاستعجال؟\nشتيفان رول: الاتفاقية المبرمة الآن لها علاقة مباشرة مع اتفاقية المناطق الاقتصادية التي وقعتها تركيا وحكومة الوفاق الليبية في نوفمبر/ تشرين الثاني 2019. فاليونان ومصر رأتا في تلك الاتفاقية تهديدا واضحا لمصالحهما. لا أعرف إلى أي مدى تم التفاوض بين أثينا والقاهرة حول الاتفاقية الجديدة، لكن الأمر يتعلق في نهاية المطاف بسد الأبواب أمام تركيا.\nبالفعل الاتفاقية اليونانية المصرية ليست إلا اتفاقية مؤقتة. فالتوزيع الحالي للمناطق الاقتصادية لا يولي الاعتبار للمناطق البحرية شرقي الجزر اليونانية رودوس إلى جزيرة كاسالوريزو. وهذه المفاوضات ماتزال مستمرة. ما هو السبب في ذلك؟\nالأمر يتعلق بالأساس بإرسال إشارة سريعة جدا في اتجاه أنقرة بأنه لا يمكن قبول أن ترسم تركيا من جديد الحدود البحرية. وهذا قد يفسر أيضا لماذا تم التوقيع الآن على الاتفاقية وسيستمر التفاوض على التفاصيل.\nليس فقط بين اليونان وتركيا بل أيضا بين مصر وتركيا توجد توترات. فحول ماذا يدور النزاع هل حول موارد الغاز؟ \nبالطبع يتعلق الأمر أولا بموارد الغاز. بالنسبة إلى مصر يكون من المهم احتواؤها. فاستراتيجية الطاقة المصرية تهدف للقيام بصادرات غاز بحجم كبير. لكن في النهاية النزاع المصري مع تركيا أكبر من ذلك بكثير، إنه يعود إلى الانقلاب العسكري في 2013 في مصر الذي كان موجها ضد حكم الإخوان المسلمين حينها. فالقاهرة تتهم تركيا بدعم الإخوان المسلمين، وهو صحيح إلى حد كبير. فالكثير من كوادر الإخوان المسلمين يعيشون في المنفى في تركيا. والقيادة المصرية تشعر بالتهديد من طرف تركيا وتتهمها بالتخطيط للانقلاب المضاد.\nمن جهة أخرى أخذ النزاع المصري التركي القائم دينامية جديدة من خلال الاتفاقية التركية الليبية حول المناطق الاقتصادية وكذلك التدخل التركي في ليبيا. وبالنسبة إلى القاهرة خلق هذا الأمر وضعا جديدا وهو أن تكون تركيا نشطة في ليبيا حيث أرسلت مرتزقة يقاتلون إلى جانب حكومة الوفاق في طرابلس ضد الجنرال حفتر الذي تدعمه مصر. فالتدخل التركي في الحديقة الخلفية لمصر، أي ليبيا، يعتبر تهديدا مباشرا في نظر القاهرة.\nما هي المواقف التي تمثلها الدول العربية الأخرى بخصوص توزيع المناطق الاقتصادية في شرق البحر المتوسط؟\nمادامت غير متاخمة لها فالأمر سيان بالنسبة إليها، هي تنظر للنزاع من بعده الأشمل. فقطر مثلا تقف بوضوح إلى جانب أنقرة. وتركيا لها وجود عسكري في البلاد كما أن قطر تدعم الإخوان المسلمين. والدول المساندة لمصر، في مقدمتها السعودية ودولة الإمارات، تنظر بتوجس للدور التركي ولها مواقف نقدية واضحة تجاه أنقرة. ودول شمال أفريقيا لها موقف حيادي ولا تتخذ موقفا مباشرا وتحاول في النهاية ربط علاقات جيدة مع كلا الطرفين.\nالدكتور شتيفان رول الخبير والباحث في المعهد الألماني للسياسة الدولية والأمن ومقره برلين.\nالمناطق الاقتصادية التي اتفقت عليها مصر واليونان تتطابق جزئيا مع المناطق الاقتصادية التي تطالب بها تركيا والحكومة الليبية. فهل هذا يؤدي حتما إلى نزاع مسلح؟\nلا أتصور أن يقود ذلك إلى نزاع مسلح. لا تركيا ولا اليونان وبالأحرى مصر، كلها ليست مهتمة بمواجهة مباشرة علما أن النتيجة غير معروفة. وحتى الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو غير مهتمين البتة بأن تحصل مواجهة بين اليونان وتركيا. لقد حصلت في الماضي لحظات تصعيد تم احتواؤها، وحاليا هي عبارة عن تهديدات. لكن لا نعرف أبدا ماذا يحصل في المنطقة. فقد تصدر طلقات نارية وتتحول هذه الحادثة إلى دينامية خاصة. لكن لا أحد مهتم بجدية بذلك.\nكرد فعل على التدخل التركي في ليبيا أعطى البرلمان المصري الضوء الأخضر للرئيس عبد الفتاح السيسي لإرسال قوات مصرية إلى ليبيا. ألا يجب أخذ هذا بجدية؟\nبلى، يجب أخذ ذلك بجدية. يمكن لي تصور أن تتدخل مصر في نزاع ليبيا وتنشر وحدات ما وراء الحدود. لكن الأمر سيتعلق بالحفاظ على خطوط جبهات قائمة. فلا يتعلق الأمر باستراتيجية توسعية. ليس هناك نية للتقدم حتى طرابلس والمخاطرة بمواجهة مباشرة مع تركيا. فمصر تعتزم دعم حلفائها وقوات الجنرال حفتر.\nمن بوسعه التوسط في الخلاف حول حقوق المناطق البحرية؟ الولايات المتحدة الأمريكية مثلا؟\nالولايات المتحدة الأمريكية لم تقرر بعد إلى أي جانب ستقف بخصوص النزاعات في شرق البحر المتوسط: في نزاع ليبيا إلى جانب تركيا وضد مصر وروسيا أو العكس؟ علاوة على ذلك هناك تطور جديد. فعلاقة الولايات المتحدة مع مصر لم تعد كما كانت عليه في السابق، إذ حصلت فيه مؤخرا بعض الشروخ. فمصر لها سلوك في الكثير من المستويات يشبه سلوك تركيا. فالقاهرة مثل أنقرة اشترت ضد إرادة الولايات المتحدة أنظمة صواريخ دفاعية روسية. فكل واحد يلعب لعبته ولا يتقيد ببنى التحالف التقليدية.\nإرسال Facebook Twitter google+ Whatsapp Tumblr Digg Newsvine stumble linkedin \nيبدو أن الاتحاد الأوروبي غير مؤهل للتوسط بما أنه لا يملك موقفا موحدا تجاه تركيا. ففرنسا مثلا أخذت موقفا واضحا ضد تركيا. فهل بإمكان ألمانيا اتخاذ موقف الوسيط؟ وهل هذا مقبول لجميع الفرقاء؟\nمقبول نعم، لأن الألمان ليس لهم مصالح خاصة هناك. السؤال هو هل تملك ألمانيا ما يكفي من النفوذ لتحصيل نتائج في هذه المنطقة؟. هنا لدي شكوك. فلو أخذنا عملية برلين التي أطلقتها ألمانيا لحل النزاع في ليبيا، فماذا حدث في النهاية؟ ما حصل هو أن ألمانيا لم تكن قادرة على التأثير على أطراف النزاع حتى تلتزم بالاتفاقية. ألمانيا ليس لها القوة المطلوبة، وهي قادرة الآن فقط لوقت وجيز على تقديم المساعدة، مثل المكالمة الهاتفية للمستشارة ميركل مع الرئيس التركي أردوغان قبل أسابيع قليلة، تلك المكالمة التي ساهمت في تفادي حصول مواجهة مسلحة بين سفن حربية تركية ويونانية في بحر إيجه.\nفيما يخص النزاع حول موارد الغاز في شرق البحر المتوسط تتحلى إسرائيل بشكل مفاجئ بالهدوء. وقد أبرمت اتفاقية مع قبرص ويبدو أن هناك تفاهما مع لبنان ومصر حول ملكية المناطق البحرية. علاوة على ذلك لا تدع أنقرة أي مناسبة لتوجيه سهام النقد لتل أبيب، فلماذا تنأى إسرائيل بنفسها عن الخلاف الحالي؟\nإسرائيل تجد نفسها في وضع صعب، فالعلاقة مع مصر تطورت فعلا، لكن على مستوى الحكومة وجهاز الاستخبارات والمؤسسة العسكرية فقط، أما مع السكان فالأمر يختلف. وعلى المدى البعيد ليس من الواضح إلى أين تتجه مصر. وحتى اقتناء القاهرة لمقاتلات روسية قبل أسابيع لا يروق لإسرائيل. الدولة المهمة أكثر بالنسبة لإسرائيل في المنطقة هي تركيا التي لها ما تقدمه اقتصاديا وهي مهمة أكثر بالنسبة إلى الاقتصاد الإسرائيلي. وفي الحقيقة ليس لإسرائيل اهتمام بأن تتدهور العلاقة مع تركيا، وإسرائيل لها حاليا مشاكل سياسية داخلية أكبر تجعل من النزاع المحتدم في شرق البحر المتوسط قضية جانبية.\nتمتلك قطر ثالث أكبر احتياطي للغاز في العالم (نحو14 بالمئة من الاحتياطي العالمي) وتعتزم قطر نقل الغاز إلى تركيا عبر خط أنابيب يمر عبر السعودية وسوريا ومنها إلى تركيا التي ستتولى توزيعه إلى أوروبا.\nوترجع أهمية هذا الخط إلى أن روسيا لن تصبح مصدر الغاز الوحيد لأوروبا. ويربط كثير من الخبراء والمحللين الأزمة الخليجية الأخيرة مع قطر بأطماع في ثرواتها الهائلة من الغاز.\nتم إنشاؤه في البداية لنقل الغاز الطبيعي المصري من العريش بمصر إلى عسقلان بإسرائيل داخل المياه الإقليمية المصرية ثم الإسرائيلية في البحر المتوسط بطول 100 كم. وكانت إسرائيل تتسلم الغاز المصري بأسعار تفضيلية. تعرض الخط لعشرات العمليات التخريبية ما كلف مصر مبالغ طائلة.\nلكن شركات ديليك دريلينج الإسرائيلية ونوبل إنرجي (مقرها تكساس) وغاز الشرق المصرية اعلنت التوصل لاتفاق لشراء حصة من شركة غاز شرق المتوسط نسبتها 39 بالمئة من الأسهم مقابل 518 مليون دولار، وهي صفقة ستمكن إسرائيل من توريد 64 مليار متر مكعب من الغاز إلى مصرعلى مدى عشر سنوات من حقلي تمار ولوثيان البحريين الإسرائيليين في إطار اتفاق التصدير الموقع سلفاً بين البلدين.\nأعلنت حكومات أوروبية وحكومة إسرائيل دعمها لإنشاء مشروع خط أنابيب بالبحر المتوسط لنقل الغاز الطبيعي من إسرائيل إلى أوروبا وحددت موعداً مستهدفا لاستكماله في عام 2025. ويهدف خط الأنابيب الذي يمتد لمسافة 200 كيلومتر إلى ربط حقول الغاز قبالة سواحل إسرائيل وقبرص باليونان وربما إيطاليا بتكلفة تصل إلي ستة مليارات يورو (6.4 مليار دولار).\nوقعت قبرص ومصر اتفاقاً يمهد الطريق لإنشاء أول خط أنابيب تحت المياه في البحر الأبيض المتوسط لنقل الغاز الطبيعي من قبرص إلى الأراضي المصرية لاسالته في المحات المصرية تمهيداً لإعادة تصديره الى أوروبا. وفق الاتفاق سيتم نقل الغاز من حقل "أفروديت" القبرصي إلى مصر ما يفتح الباب أمام جذب استثمارات بمليارات الدولارات للبنية التحتية.\nوقعت شركة الكهرباء الوطنية الأردنية ووزارة الطاقة مع إسرائيل وشركة "نوبل إنيريجي" اتفاقا يقضي باستيراد عمان للغاز الإسرائيلي المستخرج من حقل ليفياثان، وهو الاتفاق المعطل حتى اليوم بسبب الرفض الواسع من النقابات والأحزاب والمبادرات الأردنية سواء لأسباب سياسية أو بيئية. من المقرر أن يبلغ طول خط الأنابيب نحو64 كيلومتراً على أن يبدأ استقبال أولى دفعات الغاز الإسرائيلي بنهاية عام 2019 ولمدة 15 عاماً.\nيوضح الانفوغرافيك أهم خطوط الغاز الطبيعي في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط، بعضها يعمل بالفعل والبعض الآخر قيد الإنشاء. ومع تزايد عدد اكتشافات حقول الغاز الطبيعي في المنطقة تعاظمت أهميته وأثره على العلاقات السياسية والاقتصادية بين الدول.

الخبر من المصدر