المحتوى الرئيسى

جدل لم ينتهِ بين نقاد السينما حول «صاحب المقام»

08/11 20:08

* طارق الشناوى: الفيلم يرفض الدروشة.. ويحرص على بقاء النفحة الإيمانية

* أندرو محسن: فكرة جيدة.. ومعالجة لم تصب الهدف

اثار فيلم «صاحب المقام» حالة واسعة من الجدل فى الاوساط الفنية، وذلك بعد عرض الفيلم أخيرا على إحدى المنصات الرقمية العربية كأول فيلم مصرى يعرض على منصة رقمية قبل عرضه بدور العرض السينمائية، ودارت العديد من النقاشات حول الفكرة والحالة التى يقدمها، وفى السطور التالية ترصد «الشروق» بعض آراء النقاد فى الفيلم.

يرى الناقد طارق الشناوى أن «صاحب المقام» يمثل تقدما كبيرا فى كتابة السيناريو للكاتب إبراهيم عيسى، والذى كان حضوره الشخصى كمحاور تلفزيونى وكاتب مشاغب خفيف الظل، طاغيا على روح السيناريو فى فيلميه السابقين.

وقال إن بعض أجزاء هذه الأفلام بعيدة كثيرا عن روح السينما، لكن مع «صاحب المقام» قل كثيرا الجدل الفكرى المباشر، وانسابت الأفكار فى نسيج العمل، كما أن آسر ياسين يبدو فى الفيلم إنه لم يتقيد بالشخصية التى رسمها إبراهيم عيسى بشكل كامل، بل وضع عليها بصمته ولمساته، وهو الأمر الذى ساعده عليه مخرج العمل محمد العدل، الذى من المؤكد تمكن من حسم هذا الأمر مع بطل الفيلم على الورق، وهى مهمة ليست سهلة عليه.

وأضاف الشناوى أن المخرج تمكن من تقديم فيلم تملؤه الروح السينمائية المناسبة للحالة التى يريد أن يوصلها، على الرغم من أنه استغرق وقتا كبير قبل أن يصل إلى الموضوع الرئيسى للفيلم، وهى أن الحياة تأخذنا حتى عن الإحساس بإنسانيتنا، ونتحول إلى آلات لا يعنيها إلا المال، وبالتبعية ابتعد عن ابنه وزوجته، حتى إن علاقته بربه أصبحت شبه مختفية، وعندما يمر بمحنة شديدة بعد إصابة زوجته بنزيف فى المخ وغيبوبة، ويعجز الطب عن إيجاد أى تفسير وحلول، فيتذكر ربه ويبدأ فى العودة له شيئا فشيئا.

وأوضح أن النقطة الجدلية فى الفيلم هى هدم الضريح الذى يتبارك به بعض الناس لإقامة مشروع تجارى، والذى يؤدى إلى غضب الدراويش، ولكن اتضح من أحداث الفيلم أنه يرفض فكرة الدروشة، حيث إن المخرج يوضح أن كل شىء يخضع للعقل، مع حرصه على بقاء النفحة الإيمانية، التى لا تتعارض مع المنطق.

وأشاد الشناوى بالأداء التمثيلى لأبطال الفيلم، وكان فى مقدمتهم يسرا التى أدت دور الشخصية التى تقف فى منطقة متوسطة بين الجسد والروح، وقامت بها بتفهم وإدراك لهذا الخط الفاصل، وبيومى فؤاد الذى جسد الانقسام والجدل داخل الإنسان، من خلال دور التوءم، وصولا إلى آسر ياسين الذى لم يتقيد بالسيناريو ورؤية الكاتب بشكل كامل، وأطلق العنان لموهبته وإبداعه، يأتى بعدهم أداء الممثلين المبدعين فى الأدوار الصغيرة، ومنها إبراهيم نصر، الذى لم يتجاوز دوره الثلاثة مشاهد إلا أنه قدم اداء عبقريا.

وتابع قائلا: «المخرج أجاد فى تسكين الممثلين فى أدوار مؤثرة مهما تضاءلت مساحاتها، مثل ريهام عبدالغفور وإنجى المقدم ومحمود عبدالمغنى وسلوى محمد على وفريدة سيف النصر وهالة فاخر والراحل محمود مسعود، كما أجاد أيضا توجيه الطفل الذى لعب دور ابن آسر محافظا على تلقائيته.

وألمح الشناوى إلى الموسيقى التصويرية، والتى كانت بحاجة إلى التكثيف ليصبح لها دور فى تعميق الإحساس، والأمر هنا ليس له علاقة بدرجة الصوت، ولكن كثافة الاستخدام، أدى للصخب قتل الهمس، والتى هى روح الموسيقى، وهى مسئولية المخرج.

وعلق الشناوى على تعرض إبراهيم عيسى لهجوم حاد، واتهامات بسرقة «صاحب المقام» من الفيلم الإسرائيلى «مكتوب»، الذى يعرض على منصة «نتفليكس»، وقال: «عندما شاهدت الفيلم أيقنت أنها اتهامات غير صحيحة».

وأشار إلى أن عرض الفيلم على منصة «شاهد VIP» هو ظلم له، لأنه يمتلك روحا سينمائية حاضرة بقوة، ستزداد حضورا عندما يتاح للفيلم العرض الجماهيرى، فى مكانه الطبيعى على الشاشة الكبيرة.

وقال الناقد أندرو محسن إن «صاحب المقام» مبنى على فكرة جيدة جدا، وهى مناقشة التعلق والتضرع للأولياء فى مصر، وأن العمل طرح وجهة نظره بشكل مباشر وواضح جدا، غير قابل للاشتباك معه فى الفكر أو يثير التفكير للمشاهد، معتمدا على تحولات فى الشخصية الرئيسية ليوضح منها كيف دخل الإيمان إلى قلبه.

وتابع أندرو إن انتقال الشخصية من المرحلة الأولى للمرحلة الثانية، كان سريعا وحادا جدا، لم يكن به تردد، على الرغم من إن الشخصية الرئيسية فى البداية لم تكن مقتنعة بفكرة أولياء الله الصالحين، ولكن منذ أن بدأ يسير فى طريق الذهاب لهم، توغل فيه بقلبه بشكل غير مقنع للمشاهد. وعلق قائلا: «فكرة الفيلم جيدة ولكن المعالجة لها كانت أضعف من الفكرة».

وأضاف أندرو إن «صاحب المقام» به أجواء صوفية وإنه كان يسوقه على أنه أول فيلم صوفى، وهو فعليا لا يوجد شىء اسمه فيلم صوفى، فالصوفية ليست نوعا سينمائيا، ولكنه فيلم يقدم الأجواء الصوفية، على الرغم من أنه لم يوفق فى إصابة قلب الموضوع، وأنه قارن الفيلم بالأجواء التى قدمها المخرج داوود عبدالسيد فى فيلم «قدرات غير عادية»، وكان مقنعا أكثر بكثير مما قدم فى «صاحب المقام»، فى المشاهد التى تم تصويرها فى الحسين، والتجمهر، والصلاة، والذكر، والحضرة، كل ذلك كان مقدما بشكل أقرب أوصل روح وحالة الموضوع من خلال الشاشة، وهو ما لم نشعر به فى «صاحب المقام»، الذى لم يقدم أى تغيير عن أى فيلم سابق فى مشاهد الصلاة فى الحسين أو الأضرحة.

وأشار إلى أنه لديه العديد من الملاحظات على مخرج العمل، فهو حاول أن يقدم حالة رمزية بالفيلم، ولكنها كانت واضحة ومباشرة، فأضاع فكرة الرمزية بالوضوح الزائد، إلى جانب تقديم شخصية يسرا، فهى مشكلة فى سيناريو الفيلم وإخراجه، فالمشاهد لم يعرف إذا كانت شخصيتها حقيقية أم تخيلية، فكان المشاهد يراها فى العديد من الأشكال وفى الكثير من الأماكن على الرغم من أنه تم التأكيد على أنها شخصية حقيقية متواجدة بالمستشفى منذ زمن، فأصبح هناك مزيج بين الشخصيتين الحقيقية والتخيلية، والذى لم يكن مزيجا مقبولا، بالإضافة إلى وجود الكثير من المشاهد الكلاسيكية فى الفيلم أبرزها مشهد استفاقة الزوجة بالمستشفى واحتضان الزوج لها وتصفيق الحاضرين، فهو مشهد غير مقنع ولم يقدم بشكل جيد.

أهم أخبار فن وثقافة

Comments

عاجل