المحتوى الرئيسى

تحقيق ناشونال انتريست ـ خبايا القوة التي دمرت بيروت

08/09 13:56

استخدم نترات الأمونيوم كعبوات ناسفة رخيصة من قبل سلاح الجيش الجمهوري الإيرلندي على نطاق واسع في حربه في إيرلندا الشمالية، وكان السلاح المختار لتيموثي ماك فاي في هجومه الإرهابي عام 1995 ضد مبنى الفريد مورا الفدرالي في مدينة اوكلاهاما سيتي. ومع ذلك فإن شاحنة ماك فاي المفخخة كانت تحمل طنين فقط من نترات الأمونيوم، بينما كان مستودع بيروت الذي انفجر يحوي حوالي ثلاثة آلاف طن من هذه المادة القاتلة.

رد حسن نصر الله عن تنظيم حزب الله في وجه الاتهامات بتخزين مادة نترات الأمونيوم التي يُعتقد أنها المتسببة في انفجار مرفأ بيروت، داعياً إلى إجراء تحقيق عادل وتقديم المتسببين للمحاكمة.

بينما ينظم اللبنانيون مظاهرة حداداً على ضحايا تفجير بيروت، لايزال أكثر من ستين شخصاً مفقودين بعد أربعة أيام من الانفجار الذي أودى بحياة أكثر من 150 شخصاً، بينهم 43 على الأقل سوريون. كما أعلن حزب لبناني استقالة برلمانييه.

يجري ممثلون عن المجتمع الدولي الأحد مشاورات بتقنية الفيديو من أجل تقديم مساعدات فورية للبنان، إثر انفجار الثلاثاء الرهيب الذي عمّق جراح ومآسي اللبنانيين، فخرجوا إلى شوارع بيروت المنكوبة في احتجاجات "وقت الحساب".

مع الانفجار الذي دمر مرفأ بيروت يفقد لبنان أحد أهم شرايينه الاقتصادية المتبقية. والآن تكمن الخطورة في تضييع الوقت وتأخير إعادة تأهيله رغم رغبة الصين بالدخول على خط الاستثتمار فيه. ما هي مخاطر التأخير وكيف يمكن تجاوزها؟

لبى متظاهرون لبنانيون نداء "وقت الحساب"، وتقاطروا على ساحة الشهداء للدعوة إلى استقالة الحكومة بعد فاجعة تفجير المرفأ. غير أن الاحتجاجات تحوّلت إلى مواجهات مع قوى الأمن، التي ردت بإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع.

وذكرت مجلة ناشونال انتريست في تحقيق لها حول الموضوع إن الانفجار أكثر مأساوية لأنه كان متوقعا من جانب مسؤولي المرفأ مرارا وتكرارا. ففي كانون الثاني/ يناير الماضي كتب مسؤولو الجمارك اللبنانية إلى الهيئة القضائية المسؤولة رسالة طالبين فيها أمرا من المحكمة بالتخلص من نترات الأمونيوم، ومحذرين من أنها إذا بقيت في مكانها يمكنها "أن تنسف بيروت كلها"- وكانت هذه هي الرسالة الأحدث والأكثر إلحاحا في سلسلة من الرسائل التي لم تلق ردًّا منذ عام 2014.

أعقب الكشف عن هذه المعلومات غضبا كان متوقعا، وعلى الفور رتب رئيس الوزراء اللبناني حسان دياب لإجراء تحقيق فوري لتحديد المسؤولية عن الحادث. وليس من المرجح أن يسفر التحقيق عن ذلك. ومن المؤكد أنه سوف يتم التوصل لسبب مباشر للشرارة التي أشعلت الحريق، وسوف يتم إلقاء حفنة من الموظفين منخفضي المستوى في السجن للخضوع لبعض المراقبة الطفيفة (وعلى نطاق محدود، وقد حدث ذلك بالفعل؛ إذ وُضع العديد من مسؤولي المرفأ تحت الإقامة الجبرية). ولكن من المرجح أن يظل المجرمون الحقيقيون- سوء الإدارة الحكومية، والفساد الممنهج، والتجاهل السائد لحكم القانون من جانب كل المستويات العليا والدنيا- طليقين أحراراً في المستقبل المنظور.

 وأضافت المجلة أنه في أي دولة لها حكومة تؤدي عملها على أكمل وجه، كان سيتم فيها اتخاذ إجراءات تفاعلا مع تحذيرات المسؤولين المتكررة. لكن لبنان ليست من هذا النوع من الدول. فعلى الرغم من أنها أكثر الدول تنوعا عرقيا في الشرق الأوسط، ما زالت منقسمة بشكل عميق على أساس ديني منذ تأسيسها. فنظام التمثيل النسبي الذي تم إقراره وقت استقلال لبنان، لم يتوافق مع تطورها الديموغرافي، مما أدى لحرب أهلية وحشية استمرت من عام 1975 حتى عام 1990.

الفساد الطائفي ينهك اقتصاد البلاد

لم يتم على الإطلاق إصلاح ما ألحقته من أضرار بالبنية الأساسية للبلاد بشكل كامل. وعلى الرغم من أن لبنان حقق بعض التعافي خلال السنوات العشر الأولى من هذا القرن، أدت مجموعة كبيرة من الأزمات السياسية والاقتصادية بعد ذلك إلى إضعاف الحكومة المركزية وأصبحت على حافة الانهيار. ففي بيروت التي كانت توصف في وقت من الأوقات بأنها "باريس الشرق الأوسط"، يعيش ثلث سكانها كما سكان لبنان تحت خط الفقر. وفي ظل هذا الكم الهائل من المشاكل يحتمل أنه لم يتم التعامل بجدية كبيرة مع أي تحذيرات غامضة تتعلق بمحتويات مستودع المرفأ. وأحد أسباب تعقيد وصعوبة معالجة أزمات لبنان هو وجود ثقافة فساد منتشرة في كل مستويات الحكومة. وربما ليس هناك مثال أفضل لهذه المأساة من ما حدث في مرفأ بيروت نفسه.

إرسال Facebook google+

 وقبل تدمير المرفأ يوم الثلاثاء الماضي كان السكان المحليون يصفونه بــ"كهف علي بابا والأربعين حرامي"، في إشارة إلى الفساد الواسع النطاق- التهرب من الضرائب، والتهريب بكل أنواعه، ومبيعات السوق السوداء-التي كانت تتم فيه. وقد وصف وزير الأشغال العامة والنقل السابق غازي العريضي شبكة معقدة للتهريب في المرفأ، تعتمد على كثير من الوسطاء والرشاوي على كل مستويات عملها. وقال العريضي إن هذا كان يكلف المرفأ حوالي مليار دولار من إيرادات الرسوم كل عام.

ويعتبر سوء إدارة المرفأ صورة مصغرة للطبقة السياسية اللبنانية الأوسع نطاقا، المقسمة على أساس الطوائف الدينية والرعاة الأجانب -حيث الميول تجاه الغرب أو تجاه سوريا- ولكن تبدو هذه الطبقة متحدة في قبولها الضمني للوضع القائم الذي يزداد سوءا وتجاهلا لوضع اللبنانيين العاديين. ودفعت المناورات السياسية الحكومة إلى التحول من موالاة دمشق إلى موالاة واشنطن والعودة مرة أخرى، لكنها ظلت غير فعّالة على الدوام.

غياب الدولة ـ حزب الله يملأ الفراغ

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل