فرنسا والاستعمار.. حين أجبرت شعب هايتي على دفع التعويض لمالكي العبيد

فرنسا والاستعمار.. حين أجبرت شعب هايتي على دفع التعويض لمالكي العبيد

منذ 3 سنوات

فرنسا والاستعمار.. حين أجبرت شعب هايتي على دفع التعويض لمالكي العبيد

بعد زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إلى العاصمة اللبنانية بيروت، ترددت أصداء الزيارة في أنحاء العالم، كما زاد الحديث عن فرنسا، وتاريخها، بما فيه التاريخ الاستعماري وقضايا العنصرية.\nومن القضايا المسجلة في تاريخ فرنسا القديم عن الاستعمار، كانت قصة شعب هايتي، وهي إحدى بلدان البحر الكاريبي، كانت مستعمرة إسبانية حتى احتلتها فرنسا في سنة 1626، وهو ما ذكرته مارلين دوت، أستاذ دراسات الشتات الإفريقي في جامعة فيرجينيا، في تقرير لموقع "ذا كونفيرزيشن" الأسترالي.\nقالت دوت: "ما فعلته فرنسا بشعب هايتي بعد الثورة الهايتية هو من الأمثلة سيئة السمعة على السرقة الاستعمارية، أنشأت فرنسا العبودية في هذه المنطقة في القرن السابع عشر، ولكن في أواخر القرن الثامن عشر ثار السكان المستعبدون وأعلنوا الاستقلال في النهاية، وفي القرن التاسع عشر ساد التفكير أن المستعمرين السابقين لشعب هايتي – الفرنسيون- بحاجة إلى التعويض!".\nوأكملت: "مثلما خلق إرث العبودية في الولايات المتحدة تفاوتًا اقتصاديًا هائلًا بين الأمريكيين السود والبيض، فإن الضريبة المفروضة على الحرية التي أجبرت فرنسا شعب هايتي على دفعها والتي يُشار إليها باسم التعويض في ذلك الوقت أضرت بشدة بالمستقل الحديث لهذا الشعب وقدرة البلد على الازدهار".\nأعلنت هايتي رسميًا استقلالها عن فرنسا عام 1804، وفي أكتوبر 1806، انقسمت البلاد إلى قسمين، حيث حكم ألكسندر بيتيون في الجنوب وحكم هنري كريستوف في الشمال.\nعلى الرغم من حقيقة أن كلا من حكام هايتي كانا من قدامى المحاربين في الثورة الهايتية، لم يستسلم الفرنسيون أبدًا لإعادة احتلال مستعمرتهم السابقة.\nوفي عام 1814، أرسل الملك لويس الثامن عشر، الذي ساعد في الإطاحة بنابليون في وقت سابق من ذلك العام، ثلاثة مفوضين إلى هايتي لتقييم استعداد حكام البلاد للاستسلام.\nكان حاكم الشمال يحاول مقاومة العروض التي ترسلها فرنسا ويستعد للحرب، بينما كان حاكم الشمال أكثر استعدادًا للتفاوض على أمل أن تتمكن البلاد من الدفع لفرنسا مقابل الاعتراف باستقلالها.\nفي عام 1803، باع نابليون لويزيانا إلى الولايات المتحدة مقابل 15 مليون فرنك، باستخدام هذا الرقم كبوصلة، اقترح بيتيون دفع نفس المبلغ، ورفض لويس الثامن عشر العرض لعدم رغبته في المساومة مع أولئك الذين اعتبرهم عبيدًا هاربين.\nتوفي بيتيون فجأة في عام 1818، لكن خليفته جان بيير بوير واصل المفاوضات، ومع ذلك، استمرت المحادثات في التعثر بسبب معارضة كريستوف العنيدة، وصرحت حكومته برفض دفع أي مقابل لسلطة فرنسا.\nفي 17 أبريل 1825، غير الملك الفرنسي رأيه فجأة، وأصدر مرسومًا ينص على أن فرنسا ستعترف باستقلال هايتي ولكن بمقابل دفع 150 مليون فرنك أو 10 أضعاف المبلغ الذي دفعته الولايات المتحدة لأراضي لويزيانا، كان الهدف من المبلغ تعويض المستعمرين الفرنسيين عن عائداتهم المفقودة من العبودية.\nالازدهار الفرنسي مبني على الفقر في هايتي\nتكشف مقالات صحفية من تلك الفترة أن الملك الفرنسي كان يعلم أن حكومة هايتي بالكاد قادرة على سداد هذه المدفوعات، حيث كان المجموع أكثر من 10 أضعاف الميزانية السنوية لهايتي.\nواضطررت هايتي إلى اقتراض 30 مليون فرنك من البنوك الفرنسية لتسديد أول دفعتين، وتخلفت عن السداد بعد ذلك بوقت قصير، ومع ذلك أرسل الملك الفرنسي الجديد رحلة استكشافية أخرى في عام 1838 مع 12 سفينة حربية لإجبار رئيس هايتي على الدفع.\nيذكر أن فرنسا ألغت العبودية في وقت متأخر في عام 1848 في مستعمراتها المتبقية من مارتينيك وجوادلوب وريونيون وغيانا الفرنسية، والتي لا تزال أراضي فرنسا حتى اليوم، بعد ذلك أظهرت الحكومة الفرنسية مرة أخرى فهمها لعلاقة العبودية بالاقتصاد عندما أخذت على عاتقها تعويض مالكي العبيد السابقين ماليًا.\nوكان التعويض الذي دفعته هاييتي لفرنسا هي المرة الأولى والوحيدة التي أُجبر فيها شعب مستعبد سابقًا على تعويض أولئك الذين استعبدوهم.

الخبر من المصدر