الحرب لم تنته مع إيران.. رسل الموت مازالت تحصد العراقيين

الحرب لم تنته مع إيران.. رسل الموت مازالت تحصد العراقيين

منذ ما يقرب من 4 سنوات

الحرب لم تنته مع إيران.. رسل الموت مازالت تحصد العراقيين

رغم مرور عقود على انتهاء الحرب بينهما، إلا أن الألغام التي زرعتها القوات الإيرانية داخل أراضي العراقي مازالت تحصد أرواح المدنيين، ومن بينهم محمد الذي كان سعيدا عندما أنقذته دراسته الجامعية خوض المعارك، ولكنه عاد لأهله بساق واحدة بعد 16 عاما من انتهاء الحرب. \nمحمد يسكن قرية حدودية مع إيران، تسمى الدرعية تقع ضمن ناحية قزانية شرقي بعقوبة، تحاصرها الألغام التي زرعت خلال حرب الثمان سنوات بين العراق وايران.\nقرية محمد تأتي بين 8 آلاف منطقة في العراق يطاردها كابوس الحرب، ومفرقعات الموت في حكاية لا تريد أن تسدل الستار على خطاياها وأخطارها، ويروي الرجل الخمسيني حادثة فقدان ساقه بمرارة وحزن كبيرين.  \nيتحدث عن أيام دخوله كلية الهندسة عام 1987 وفرحة الأهل بخلاص مؤقت لولدهم من الحرب والالتحاق بصفوف الجندية، ثم سرعان ما يعود للحديث عن قدمه المفقود في انفجار لغم ارضي، نجوت من الحرب ولكن لم اخلص من تبعاتها ".\nويروي محمد لـ "العين الإخبارية"، تفاصيل ما جرى في أحد أيام شهر مارس/أذار 2004، حين خرج قاصداً سوقاً شعبيا قرب قريته لكنه تعذر وصوله بعد انفجار تركه فاقدا للوعي حتى استفاق على سرير مستشفى حكومي في محافظة ديالى، وهو بقدم واحدة.\nمناطق الموت معرّفةَ لدى سكان تلك القرى، ويخشون الرعي أو التنزه فيها، ولكن السيول التي تضرب المناطق الحدودية تغير في شكل خرائط الألغام وتضع الجميع أمام متاهة من المتفجرات التي ربما ستعثر عليها عند مدخل بيتك.  \nسبق حادثة اللغم الأرضي، كما يروي محمد لـ "العين الإخبارية"، أمطارا غزيرة تبعها بعد أيام سيول جارفة اقتلعت مقذوفات من أماكن زرعت فيها، متهكماً "كان لي نصيب في واحدة منها".\nوتشير إحصائيات الأمم المتحدة إلى أن المواقع المزروعة بالألغام في العراق تغطي نحو 1730 كيلومتراً مربعاً، وتؤثر على نحو 1.6 مليون نسمة.\nوفي إحصائيات لمنظمة رفع الألغام العراقية، تشير إلى وجود نحو 25 مليون لغم في جميع المناطق العراقية، 10 ملايين منها في إقليم كردستان، بجانب وجود ثلاثة ملايين قنبلة غير منفجرة في شتى المناطق العراقية.\nويلفت المهندس القزاني محمد إلى أوضاع الضحايا الأخرين، قائلا إن البعض منهم يعاني أوضاعا معيشية صعبة تجعلهم يحلمون بالحصول على قدم صناعي في ظل إهمال صحي وحكومي لتلك الشرائح.\nوتندرج ثمانية آلاف منطقة في العراق ضمن المناطق الخطرة، منها 446 مليئة بالقنابل، وثلاثة آلاف و385 منطقة أخرى مليئة بالمخلفات الحربية، و271 منطقة من الأماكن العسكرية.\nوديالى واحدة من محافظات التي يوجد الكثير من الألغام في أراضيها، ويؤكد مدير بيئة ديالى عبد الله هادي الشمري ، أن حقول الألغام تنتشر على طول الشريط الحدودي الممتد من قضاء خانقين إلى ناحية قزانية .\nيؤكد مدير ناحية قزانية الحدودية مع ايران، مازن اكرم الخزاعي ، وجود 10 مواقع للألغام في قزانية و3 مواقع أخرى في ناحية مندلي الحدودية مع ايران، مركز محافظة ديالى، ومنذ نحو 30 عاما، مشيراً إلى "أنها لم تشهد أي عمليات رفع أو معالجة رغم الخطط والبرامج التي اعلن عنها مسبقا، بسبب ضعف الإمكانيات الفنية أو لمشكلات مالية بجانب الانشغال التام بأحداث داعش بعد عام 2014".\nويحمل الخبير الأمني احمد الشريفي صناع القرار السياسي في العراق مسؤولية التهاون وعدم التعامل بجدية مع موضوع الألغام رغم توفر الإمكانيات التي تتمتع بها البلاد قبل تراجع أسعار النفط، وما سبقها من مرحلة المواجهة مع داعش.\nوأضاف في تصريحات لـ "العين الإخبارية"، أن "إزالة أثار الحروب هو احدى الضرورات لتجاوز المرحلة لأمرين رئيسين أولهما، أنها تذكر العراقيين بمأساة الحروب وثانيا مادة قابلة للانفجار تمثل تهديداً لحياة المواطنين ".\nوكانت المديرية العامة لدائرة شؤون الألغام ، أعلنت في الـ5 من يونيو/حزيران الماضي توقف جميع أنشطتها الرامية لإزالة الألغام والأجسام غير المنفلقة بسبب تفشي فايروس كورونا.\nوتصف الأمم المتحدة عمليات إزالة الألغام في العراق بأنها "الأصعب من بين الدول التي تعاني من وجود هذه الأجسام".\nويزداد المشهد تعقيداً ما بعد سيطرة تنظيم داعش الإرهابي على محافظات شمال وغرب البلاد، وزرعه لملايين الألغام بصورة عشوائية في المناطق التي سيطر عليها، لإعاقة تقدم القوات الأمنية أثناء عمليات التحرير، لتصبح هذه الأجسام لاحقا إحدى أهم التحديات التي تواجه عودة النازحين إلى ديارهم.

الخبر من المصدر