المحتوى الرئيسى

ليبيا ـ أوروبا تستعد لسيناريو حرب إقليمية في ضفتها الجنوبية؟

08/07 17:03

برميل بارود ـ شرارة حرب قد تندلع في كل لحظة

عجز أوروبي ـ سيناريو الحرب يقترب كل يوم

هل تنجح الفرقاطة "هامبورغ" فيما فشل فيه الآخرون

أردوغان ـ طموح الهيمنة والتحول لقوة عالمية

المنطق يستبعد مواجهة مسلحة بين مصر وتركيا

برميل بارود ـ شرارة حرب قد تندلع في كل لحظة

تسع سنوات بعد التدخل العسكري الغربي الذي أطاح بنظام معمر القذافي، لا تزال ليبيا تترنح تحت وطأة حرب أهلية تؤججها قوى دولية وإقليمية، وباتت برميل بارود على وشكالانفجار في الضفة الجنوبية لأوروبا. تطورات الأسابيع القليلة الماضية توحي أن الفاعلين في الأزمة يقتربون كل يوم من نقطة اللاعودة. عدة مواقع إخبارية ومنصات للتواصل الاجتماعي تداولت بداية هذا الأسبوع صورا، لم يتم التأكد بعد من مصدرها، لكن قيل إنها مُلتقطة بواسطة الأقمار الصناعية لبعض المنشآت العسكرية جنوب مدينة مصراتة الليبية. المثير هو أن أسطح المباني التي تشرف عليها إيطاليا كتب عليها اسم إيطاليا باللغة الإنجليزية بحروف بارزة، ما جعل بعض المعلقين يستنتج أن ضربات جوية على وشك الوقوع، وإيطاليا تحاول بذلك حماية منشآتها بجعلها بارزة من الجو، الأمر الذي أشعل التكهنات بشأن قرب اندلاع حرب شاملة قي ليبيا.

لكن هناك من الخبراء من يعتقد أن سيناريو تقسيم ليبيا هو الأرجح حاليا. كريستيان فايسلوغ سرد في مقال في صحيفة "نويرتسوريخرتسايتوغ" الصادرة في سويسرا (الرابع من أغسطس / آب 2020) كيف احتلت ميليشيا فاغنر الروسية بدعم إماراتي حقول النفط الليبية، بل وأوقفت انتاج النفط بسبب ادعاء ميليشيا حفتر أن عائداته لا تقسم بشكل عادل. تطور مقلق يعزز سيناريو القسيم حسب فايسلوغ. وكأن روسيا والإمارات تقولان لحكومة لوفاق: فشلنا في السيطرة على طرابلس، والآن سننفصل عنكم تماما، اتركونا لحالنا مع نفطنا.

عجز أوروبي ـ تهديد مباشر للأمن الأوروبي

في الأسابيع الأخيرة حدثت عدة تطورات، فقد هددت مصر بالتدخل، فيما عززت روسيا تواجدها في ليبيا بالعتاد والرجال عبر ميليشيا فاغنر. أما الإمارات فكثفت دعمها لميليشيا حفتر. في المقابل تصر تركيا على دعم حكومة الوفاق في معركة قد تعيد خلط الأوراق في الشرق الأوسط. وتدعم تدعم أنقرة حكومة رئيس الوزراء فايز السراج المعترف بها دوليًا، بإرسال عتاد من كل الأنواع، كالمصفحات العسكرية وأنواع مختلفة من الأسلحة، منها أنظمة دفاع جوي، متطورة فيما يقدم طاقم من المستشارين العسكريين والقوات الخاصة التركية المشورة لرئيس الوزراء الليبي.

عدد من المعلقين الألمان دعوا أوروبا للاستعداد لسيناريو حرب إقليمية غير محمودة العواقب في الضفة الجنوبية للمتوسط. غيدو شتاينبيرغ، الخبير الألماني في شؤون الأمن والإرهاب والباحث في مؤسسة العلوم والسياسة في برلين، انتقد اختزال الاهتمام الألماني بالأزمة الليبية من زاوية تدفق للاجئين ليس إلا، واعتبر أن ما يحدث هناك يهم الأمن الأوروبي برمته. وأكد في تحليل نشره موقع "سيسيرو" (السادس من أغسطس / آب 2020) أن " أوروبا تحاول منذ بضعة أشهر العمل بشكل مكثف على الملف الليبي، ولكن بات من الواضح مدى ضعف الاتحاد الأوروبي، بمجرد أن تخلت الولايات المتحدة عن الاهتمام بليبيا". وليست هذه المرة الأولى التي يُظهر فيها التكتل القاري ضعف سياسته الخارجية، ذلك أن الدول الأعضاء منقسمة في مواقفها ولها أحيانا مصالح متناقضة في ليبيا، كما يتجلى ذلك في الخلاف الفرنسي الإيطالي على سبيل لمثال لا الحصر. أما "ألمانيا، القوة الأكبر في القارة، فليست مهتمة بما يكفي بالسياسة الأمنية" على حد تعبير شتاينبيرغ.

هل تنجح الفرقاطة "هامبورغ" فيما فشل فيه الآخرون

في (الرابع من أغسطس / آب 2020) غادرت الفرقاطة "هامبورغ" ميناء فيلهلمسهافن الألماني في مهمة تستغرق خمسة أشهر عرض البحر الأبيض المتوسط ​​قبالة السواحل الليبية. ويشارك 250 من الجنود الذين تقلهم الباخرة في مهمة "إيريني" الأوروبية لمراقبة حظر الأسلحة على ليبيا من قبل مجلس الأمن لدولي، إضافة إلى جمع المعلومات حول صادرات النفط غير القانونية ومنع التهريب. مهمة في غاية الصعوبة والتعقيد عسكريا وسياسيا. ومن المقرر أن تعود "هامبورغ" إلى قواعدها في فيلهلمسهافن في 20 ديسمبر كانون الأول من العام الجاري. وبهذا الصدد، ذكرت إذاعة "إن.دي إير 1 نيدرساكسن" بأن هذه المهمة معقدة وخطيرة. فهل ستنجح في مراقبة ومنع تدفق السلاح من كل من تركيا والسعودية والإمارات وروسيا إلى ليبيا؟ موقع "إير.تي.إل.دي.إي" الألماني أسهب في استعراض صعوبة إضافية تزيد من صعوبة هذه المهمة، وتتعلق بالشروط الصحية الصارمة التي يتعين على طاقم الفرقاطة الالتزام بها، والتي قد تعني عدم السماح لهم بمغادرتها طيلة خمسة أشهرن المدة التي تستغرقها المهمة.

الفرقاطة الألمانية "هامبورغ أثناء مغادرتها ميناء فيلهيلمسهافن صوب السواحل الليبية في الرابع من أغسطس / آب 2020

بالإضافة إلى استعمال السفن وطائرات الاستطلاع والأقمار الصناعية لرصد حظر الأسلحة، تدعم ألمانيا عملية "إيريني" منذ شهر مايو/ أيار الماضي بطائرة استطلاع بعيدة المدى من طراز P-3C Orion، والتي أنجزت حتى الآن نحو 20 طلعة جوية. ويذكر أن ألمانيا وفرنسا وإيطاليا لوحت بفرض عقوبات على الدول التي تنتهك حظر الأسلحة على ليبيا. وجاء التهديد بمبادرة من فرنسا بعد أن منعت سفينة حربية تركية قرفاطة حربية فرنسية من تفتيش سفينة شحن مشتبه بها. ووفقًا للوصف الفرنسي، فإن السفينة التركية وجهت راداراها إلى الفرقاطة الفرنسية كرادع، وهي المرحلة التي تسبق عادة إطلاق النار في عرف سلاح البحرية، وهو ما اعتبرته باريس في حينه "عدوانيًا حاد".

أردوغان ـ طموح الهيمنة والتحول لقوة عالمية

أكد موقع "ميركولر.دي. إي" الألماني (الثالث من أغسطس / آب 2020) أن الرئيس التركي رجب طيب  أردوغان يعمل على تعزيز القدرات العسكرية لبلاده بكل الوسائل، مؤكدة أنه يسعى لاستعادة أمجاد الإمبراطورية العثمانية بجعل تركيا قوة عالمية، متبعا في ذلك استراتيجية واضحة المعالم. كاي هارتفيغن مراسل الصحيفة في إسطنبول استدل بما قاله الرئيس التركي في لحظة عاطفية، خلال حفل تحويل آيا صوفيا إلى مسجد، حين قال "إنه فجر عهد جديد"، سيعيد تركيا إلى "حجمها الحقيقي". واستطرد هارتفيغن أن تركيا تعمل بكل قوتها لتوسيع حضورها ونفوذها في شمال إفريقيا وجنوب الصحراء وشرق المتوسط ". وتردد الولايات المتحدة وأوروبا جعل أردوغان يصنع من سوريا وليبيا عنصرا أساسيا في سياسته الخارجية، وتمكن بالفعل بتحقيق نجاحات استراتيجية هناك".

إرسال Facebook google+

من وجهة نظر تركيا، فإن ليبيا تحتل أهمية استراتجية قصوى لأنها تملك أكبر احتياطي نفطي في أفريقيا، إضافة لدورها كدولة معبر للمهاجرين من جميع أنحاء العالم الذين يسعون للتوجه لأوروبا. كما أن الاتفاق البحري المثير للجدل بين البلدين قد يمنح تركيا إمكانية الوصول إلى مخزون الغاز الطبيعي المفترض وجوده في البحر الأبيض المتوسط، والذي كان سببا في توتر العلاقات مع اليونان.

كاي هارتفيغن أوضح في موقع "ميركولر.دي. إي" كيف تسعى تركيا إلى تعزيز نفوذها في ليبيا على نفس منوال ما فعلته في سوريا، إذ أنشأت قوة من المرتزقة الإسلاميين، ما جعل منها فاعلا مؤثرا في مسار المعارك هناك. وتعمل أنقرة على تعزيز "قوتها الناعمة" عبر الهيمنة الثقافية في الأراضي السورية التي تحتلها، حيث يتم تدريس اللغة التركية والدين الإسلامي على الطريقة التركية، إضافة إلى تداول الليرة التركية كوسيلة للدفع. أردوغان يوظف ضد الاتحاد الأوروبي قرابة 3.6 مليون لاجئ سوري مستقرين في تركيا كأداة ضغط، بل وكسيف مسلط على عنق التكتل القاري: "ألم يستعرض أردوغان عضلاته في بداية العام، حين جلب عشرات الآلاف من السوريين إلى الحدود اليونانية، ما أجج أزمة لاجئين جديدة؟" على حد تعبير هارتفيغن.

المنطق يستبعد مواجهة مسلحة بين مصر وتركيا

كتبت رانيا سالوم في موقع "شبيغل أونلاين (24 يوليو/ تموز 2020) أن "هناك خط أحمر غير مرئي يقسم ليبيا. وينطلق من سرت الساحلية تم يعبر الصحراء إلى القاعدة العسكرية في الجفرة، التي يقال إن طائرات مقاتلة روسية تتمركز فيها". ويذكر أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي كان أول من تحدث عن هذا الخط في يونيو/ أيار، بعد سلسلة الهزائم التي تكبدتها قوات العقيد حفتر.

في تحليل مستفيض، استعرضت إذاعة "فرانس أنفو" الفرنسية مدى قوة الجيش المصري وفقًا لمعلومات لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA) ، فالجيش المصري يعتبر واحدا من أكبر الجيوش في الشرق الأوسط، ويتكون من حوالي 450.000 جندي. كما أنه أحد المستفيدين الرئيسيين من المساعدات العسكرية الأمريكية التي تقدر بـ 1.15 مليار يورو سنويًا. الإذاعة أكدت أن المحللين يستبعدون فرضية حرب مفتوحة في ليبيا. ورأت استنادا لآراء عدد من الخبراء أن تهديد السيسي بالتدخل في ليبيا هو رسالة سياسية أكثر مما هي عسكرية. كما أن تهديدات حكومة السراج بمهاجمة سرت، هي حرب نفسية ليس إلا.

في السنوات الأخيرة تحولت مصر إلى أحد بلدان العبور إلى أوروبا المثيرة للقلق. ولا توجد أرقام دقيقة من جانب السلطات المصرية عن أعداد اللاجئين والمهاجرين السريين، الذين انطلقوا من السواحل المصرية على متن قوارب الصيد. لكن بحسب الوكالة الأوروبية لمراقبة الحدود "فرونتكس"، فقد انطلقت عام 2016 نحو ألف سفينة تهريب بشر من مصر. كما شكلت مصر كابوساً للهجرة غير الشرعية إلى أوروبا عام 2016.

أثار قرار إقامة مراكز لجوء أوروبية في دول شمال افريقيا، بينها مصر انتقادات المنظمات الحقوقية التي تعنى بشؤون اللاجئين، و تتهم هذه المنظمات نظام عبد الفتاح السيسي بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. وأبدت مصر عن موقف متحفظ إزاء إقامة أوروبا مراكز لاستقبال اللاجئين على أراضيها. في المقابل يُشاع أن مصر تسعى للدخول في مساومة مع أوروبا لمنع تدفق المهاجرين إلى أوروبا مقابل مساعدات مالية.

تعد ليبيا واحدة من أهم دول عبور المهاجرين واللاجئين السريين نحو أوروبا. ظلت موجة الهجرة المتدفقة من هذا البلد تمثل هاجساً للزعماء الأوروبيون، الذي لم ينجحوا لحد الآن في إيجاد حل له. في عام 2008 اُبرم اتفاق أوروبي ليبي لمكافحة الهجرة مقابل 500 مليون دولار. وكان الزعيم الليبي معمر القذافي قد تنبأ بتدفق ملايين المهاجرين لأوروبا وطالب آنذاك بروكسل بدفع خمسة مليارات يورو سنويا لليبيا.

في عام 2017 وصل حوالي 150 ألف مهاجر إلى أوروبا عبر المتوسط. و من أجل كبح جماح هذا التدفق اتفق زعماء الاتحاد الأوروبي على خطة جديدة وكان أهم مقترحاتها إقامة مراكز خارجية لاستيعاب المهاجرين في دول شمال أفريقيا. وقوبل هذا المقترح الأوروبي بالرفض من أغلب دول شمال أفريقيا، بينها ليبيا، التي أعلنت رفضها لأي إجراء يتعلق بإعادة المهاجرين السريين إليها.

بالرغم من تشديد الحكومة اليمينية الشعبوية في إيطاليا ودول الاتحاد الأوروبي من استقبال قوارب المهاجرين ومراكب المنظمات الناشطة لإنقاذ المهاجرين في البحر، إلا أن الفترة الأخيرة شهدت موجة رحلات هجرة غير شرعية انطلقت من السواحل التونسية باتجاه ايطاليا. فبحسب أرقام للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين ومنظمة الهجرة الدولية، فإن 3811 مهاجرا تونسيا سري وصلوا السواحل الإيطالية هذا العام حتى نهاية آب/أغسطس.

لا يختلف موقف تونس عن موقف دول شمال أفريقيا الرافضة لقرار تقديم الاتحاد الأوروبي المزيد من الدعم المالي لدول شمال أفريقيا مقابل المساعدة في التصدي للهجرة غير الشرعية من خلال إقامة معسكرات للمهاجرين.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل