المحتوى الرئيسى

مجلة فرنسية: النهضة التونسية لم تعد قادرة على إخفاء صراعاتها الداخلية

08/05 22:04

تناول تقرير لمجلة "لوبوان" الفرنسية، الطريقة التي يدير بها راشد الغنوشي حركة النهضة التونسية، مشيرة إلى أنه أحكم قبضته من خلال "دائرة ضيقة"، تضم نجله معاذ، وصهره وزير الخارجية الأسبق رفيق عبدالسلام، و"بارونات'' يدينون له بالكثير، ما أدى إلى مزيد من التصدع في الحركة.

وأضافت المجلة الأسبوعية الفرنسية، في تقرير تحت عنوان: "اهتزاز القلعة الإسلاموية في تونس": "إن حركة النهضة، التي تم تقديمها في كثير من الأحيان باعتبارها نموذجا للانضباط والتنظيم، لم تعد قادرة على إخفاء صراعاتها الداخلية، والقرارات داخلها أصبحت تتخذ بالأغلبية بإصرار من راشد الغنوشي، مما فتح الباب أمام استقالة العديد من الوجوه التاريخية".

وقال التقرير، إن إدارة الغنوشي لحركته "في تراجع مستمر"، مشيرة إلى استقالة مستشاره السياسي، مدير مكتبه لسنوات عديدة، لطفي زيتون في يوليو 2019، التي اعتبرتها نوعا من احتجاج على طريقة إدارة الحركة.

وتشهد حركة النهضة منذ نحو سنة العديد من الاستقالات في صفوف قيادات الصف الأول، من التيار المعارض لرئيسها راشد الغنوشي.

وقدم في مارس الماضي، عبدالحميد الجلاصي، أحد أبرز قيادات الحركة منذ الثمانينيات، استقالته احتجاجا على هيمنة الغنوشي على الحركة.

وقال الجلاصي في رسالة استقالته، التي نشرت في وسائل الإعلام المحلية، إن الحركة "لم تمر في تاريخها بمثل حالة المركزة الراهنة في الموارد والمصالح والقرار في الكبير والصغير، وبمثل حالة التهميش للمؤسسات والسفه في إدارة الموارد المادية والبشرية والتجويف للهياكل. والمركزية مورثة لكل الأمراض، ومنها أن تنتشر الشللية والتدخلات العائلية".

وفي نوفمبر الماضي، استقال أمينها العام زياد العذاري "رفضا لخيارات الحزب في مسار تشكيل الحكومة".

كما أعلن هشام العريض، ابن القيادي في الحزب، رئيس الحكومة الأسبق علي العريض، وزياد بومخلة، وهما من أبرز القيادات الشبابية، استقالتهما بتاريخ 14 يناير الماضي.

وقبل ذلك، كان مدير مكتب الغنوشي، زبير الشهودي، قد أعلن في سبتمبر 2019 استقالته من الحركة، مطالبا رئيسها بـ اعتزال السياسة، وإبعاد صهره رفيق عبدالسلام و"كل القيادات الذين دلسوا إرادة كبار الناخبين، في إقصاء مباشر لكل المخالفين في الرأي من نساء وشباب وقيادات تاريخية".

ورأى الكاتب والمحلل السياسي عبدالجليل معالي، في تصريحات لـ"سكاي نيوز" أن حركة النهضة ''تعيش سلسلة امتحانات ومآزق عميقة وخطيرة، لن تخرج منها بلا أضرار أو جراح".

واعتبر معالي، أن هذه "المآزق تعود إلى تناقض جوهري بين أدبيات الحركة، وبين ما يقتضيه العمل السياسي، فقد عجزت الحركة أن تتحول إلى حزب حقيقي، وظلت وفية إلى مرجعيتها بوصفها جماعة دينية تنهل من تراثها القديم وأدبياتها الإخوانية، وإن ادعت انفصالها عنها، لأن ذلك الانفصال كان انفصالا للتسويق السياسي التكتيكي".

وعرج التقرير الفرنسي على الانقسام الذي ساد داخل مؤسسات الحركة، على خلفية سحب الثقة من حكومة إلياس الفخفاخ، مشيرا إلى أن "مجموعة الغنوشي العائلية قررت بسرعة طي صفحة الفخفاخ نهائيا من خلال عقد مجلس الشورى".

لكن النتائج أظهرت وجود عدد كبير من أعضاء الشورى ضد القرار، حيث صوت 54 عضوا مع مقترح الغنوشي وعارضه 38 آخرون، وقد بدا أن الانقسام أصبح "واضحا" داخل أعلى مؤسسة في الحزب، وفقا لمجلة "لوبوان".

وقدم الفخفاخ استقالته في 15 يوليو الماضي، للرئيس قيس سعيّد، بعد 5 أشهر فقط على توليه المنصب، وجاءت الاستقالة أثر إعلان حركة النهضة أنها قررت سحب الثقة منه على خلفية اتهامات في ملف تضارب مصالح.

وقالت "لوبوان"، إن النقاشات داخل المجلس كانت نارية وشاقة، لكن الغنوشي خلافا لما يقدمه من صورة الرجل الحكيم، فرض أهدافه السياسية، مشيرة إلى أنه "أسقط تلك الصورة التي حاولت الحركة رسمها لنفسها منذ عام 2015، باعتبارها عنصر استقرار الحياة السياسية في تونس، ليؤكد أن صرح التنظيم يتصدع".

وأوضح التقرير، أن قرار إسقاط حكومة الفخفاخ "يعجل الرغبة في التغيير داخل الحركة، خلال المؤتمر المقبل"، ومن المتوقع أن يتخلى الغنوشي عن الرئاسة، وهو أمر يفرضه نظام داخلي، لكن الحركة لم تحدد حتى اليوم تاريخ المؤتمر، الذي من المفترض أن يعقد خلال العام الحالي.

وأشار الكاتب عبدالجليل معالي، إلى أن "مسار الصراعات الداخلية للحركة يتطور باطراد، وهو تطور ينبع من أمرين: الأول هو تزايد هيمنة جناح الغنوشي على الحركة، والثاني هو الدور الذي تلعبه وسائل التواصل الاجتماعي في كشف ما يحدث داخل الحركة، مما أصبح يحول دون محاولة قياداتها إخفاء خلافاتها أو تأجيلها".

وأضاف التقرير الفرنسي، أن حركة النهضة خسرت الكثير، بسبب إدارة الغنوشي، حيث لم تكسب في الاستحقاق الانتخابي الأخير في 2019 سوى 560 ألف صوت من مليون ونصف كانوا قد صوتوا لها في عام 2011، وشددت المجلة على أن سياسات الغنوشي "أفقدت الحركة قاعدتها الجماهيرية".

وأشار معالي، إلى "أن حركة النهضة التي تكابد من أجل التوفيق بين الوفاء لما تنتظره قواعدها الشعبية - وهي قواعد سلفية في أغلبيتها-، وبين الوفاء بالتزاماتها السياسية تجاه التجربة التونسية وتجاه ما يقتضيه ادعاؤها كونها حزبا سياسيا تونسيا، هي أمام اختبار مستمر لن يفرز إلا عن مزيد من التفجيرات الداخلية".

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل