المحتوى الرئيسى

ترامب يدمر السياسة الخارجية الأمريكية

08/04 22:27

نشر موقع Foreign Policy مقالا للكاتب Wendy R. Sherman، تناول فيه سوء إدارة ترامب للسياسة الخارجية سواء مع روسيا، الصين، كوريا الشمالية، إيران وحتى منطقة الشرق الأوسط وذلك بما يتعارض مع مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية... نعرض منه ما يلى:

إن انعدام وجود أى رد أمريكى صريح على ما تم الكشف عنه من أن روسيا عرضت أموالا على طالبان لقتل القوات الأمريكية يسلط الضوء على النقص والخلل فى السياسة الخارجية للرئيس الأمريكى دونالد ترامب. ومع اقتراب موسم الانتخابات الرئاسية، يجب أن يذكر الناخبون الأمريكيون فشل إدارة ترامب فى أهم التهديدات العالمية: جائحة COVIDــ19 وروسيا والصين وإيران وكوريا الشمالية. يجب أن تكون كل هذه الإخفاقات وغيرها من إخفاقات السياسة الخارجية فى قلب النقاش مثلها مثل مخاوف وإخفاقات السياسة الداخلية.

ففى العديد من القضايا، تتكون سياسة ترامب الخارجية بشكل أساسى من سلسلة من التغريدات والتى تكون خالية من أى هدف أو استراتيجية يمكن تمييزها. وفى الواقع، بعد ثلاث سنوات ونصف فى منصبه، لم يطور ترامب سياسة خارجية على الإطلاق. ما نراه هو الدوافع العشوائية، وحملات «الضغط الأقصى» تجاه إيران، والإعجاب غير المحدود بالقادة الاستبداديين، والاستخفاف بالحلفاء الديمقراطيين، وإبرام ما يسمى بالصفقات التجارية التى تفتقر إلى أى هدف استراتيجى.

نتيجة لإخفاقات ترامب، فإن الشرق الأوسط أبعد ما يكون عن السلام وأقرب إلى انتفاضة فلسطينية جديدة، ويواجه شعب كوبا وفنزويلا مستقبلا مريرا، بالإضافة إلى تهميش الوعد بالتجديد الأفريقى، ولا يوجد تحدٍ حقيقى للولايات المتحدة ضد روسيا أو الصين.

نهج ترامب تجاه إيران هو مثال آخر مؤلم ويدل على فشل سياسته الخارجية. فبعد أكثر من ثلاث سنوات من انسحاب إدارة ترامب من الاتفاق النووى، تمتلك إيران اليوم اليورانيوم العالى التخصيب تمهيدا لامتلاك سلاح نووى، بالإضافة لامتلاكها المزيد من المنشآت النووية وتكنولوجيا أكثر تعقيدا، وبالتالى وقت أقصر لبناء سلاح نووى.

إن سلوك إيران الخبيث فى الشرق الأوسط لم يتوقف، وما زال الأمريكيون محتجزين لدى طهران، كما تفاقمت مسألة حقوق الإنسان فى إيران. وها هو وزير الخارجية الأمريكى مايك بومبيو والمبعوث الأمريكى الخاص بإيران «بريان هوك» يعلنان أنهما ينتهجان حملة «الضغط الأقصى»، لكن هدفهما النهائى ــ الذى يصران على أنه ليس تغيير النظام ــ يظل لغزا.

أما فيما يتعلق بمسألة الأسلحة النووية فى كوريا الشمالية، فبخلاف الإعلان عن الحاجة إلى «نزع السلاح النووى بشكل كامل يمكن التحقق منه» من قبل كوريا الشمالية، يبدو أنه لا توجد استراتيجية واضحة لاتخاذ خطوة إضافية واحدة نحو تحقيق هذا الهدف. وبالنسبة إلى تعامل واشنطن مع حلفائها فى سيول وطوكيو، فإنها تركتهما فى حالة من التخبط، وعرضتهما بشكل خطير لكوريا الشمالية مع وجود سياسة متخبطة من قبل الولايات المتحدة، بمعنى انعدام أى أمل لتهدئة التوترات مع بيونج يانج.

فى الشرق الأوسط، كانت خطة السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين ــ والتى وضعها صهر ترامب جاريد كوشنر ــ سرية للغاية. ومع اقتراب انتخابات نوفمبر، لا يوجد هدف واضح لسياسات ترامب بخلاف التقارب الشخصى مع رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، والأهم من ذلك، مع القاعدة المسيحية الإنجيلية لترامب. حتى حلفاء الولايات المتحدة مثل الإمارات العربية المتحدة والأردن يعارضون الآن خطة إسرائيل المدعومة من ترامب لضم أجزاء من الضفة الغربية. كل ذلك أدى إلى تقويض الاستقرار فى الشرق الأوسط أكثر.

ولعل أكثر ما يضر بالمصالح الاستراتيجية الأمريكية والاستقرار العالمى هو سوء تعامل ترامب مع روسيا والصين، حيث انحرف عن اتخاذ تكتيكات للتعامل معهما إلى رغبته فى التقاط الصور مع رجال استبداديين أقوياء. وبعد سنوات من الآن، نأمل أن نكتشف الطبيعة الدقيقة لعلاقة ترامب الشخصية مع الرئيس الروسى فلاديمير بوتين بما يتجاوز مجرد حسده على سلطته. فقد أعرب ترامب بالفعل عن حسده لوضع الرئيس الصينى شى جين بينج باعتباره رئيسا مدى الحياة. وفى كلتا الحالتين، يبدو أنه لا يوجد هدف شامل، ولا استراتيجية واضحة ولا حتى عملية سياسية متماسكة للتعامل مع روسيا والصين. على سبيل المثال، لا يوجد دليل على وجود رغبة فى الحفاظ على «الحد من التسلح» مع روسيا أو إيقاف حملات التضليل المستمرة التى تقوم بها روسيا (أو أى دولة أخرى) كتهديد متزايد لسلامة الانتخابات الأمريكية. ومن خلال إرسال المكافآت الروسية للجنود الأمريكيين فى أفغانستان، يؤكد ترامب موقفه المستمر المتمثل فى وضع روسيا فوق المصالح الأمريكية وحياة المواطنين الأمريكيين.

فى الوقت نفسه، لم تبذل إدارة ترامب أى جهد للعثور على مجالات للتعاون مع الصين، مثل تغير المناخ، بل على العكس تتحدى وتواجه الولايات المتحدة الصين فى قضايا مثل سرقة الملكية الفكرية، والممارسات التجارية غير العادلة، والسيطرة على بحر جنوب الصين.

ما نستنتجه بعد كل هذه الإخفاقات هو جهد واضح من قبل ترامب وحلفائه للحصول على مساعدة روسية وصينية لإعادة انتخابه. ويجب علينا جميعا ألا ننسى نداء ترامب لروسيا بالتدخل فى الانتخابات الأمريكية عندما كان لا يزال مرشحا فى عام 2016: «روسيا، إذا كنتِ تستمعين إلى، آمل أن تتمكنى من العثور على 30 ألف رسالة إلكترونية مفقودة». وفى هذه الانتخابات، نعلم من مستشار الأمن القومى السابق «جون بولتون» أن ترامب، فى قمة مجموعة العشرين التى عقدت فى يونيو 2019 فى اليابان، توسل إلى «شى» لمساعدته فى إعادة انتخابه. وفى نفس القمة، خلال اجتماعه مع بوتين، سخر ترامب من التدخل الروسى فى الانتخابات الأمريكية. وفى الأسبوع الماضى، فى جلسة استماع فى الكونجرس حذر فيها مسئول كبير فى مكافحة التجسس من أن روسيا والصين وإيران تحاولن بقوة التأثير على انتخابات نوفمبر، وتردد النائب العام «وليام بار» فى القول أنه من غير المناسب أن تطلب أو تقبل الحملة الرئاسية أى مساعدة أجنبية.

الاستنتاج الوحيد الممكن هو أن الهدف من علاقات ترامب مع الدول الأخرى ليس الأمن القومى لأمريكا ولكن أمن ترامب!!. لا شىء آخر يفسر النهج العبثى للسياسة الخارجية لترامب والتى هى بدون أهداف، وبدون استراتيجية، وأخيرا لا تحمى وتطور مصالح الولايات المتحدة.

فى الختام، مع دخول الولايات المتحدة الأشهر الأخيرة من حملة الانتخابات الرئاسية، من المفهوم أن الأمريكيين منشغلون بجائحة الفيروس التاجى، وقضايا التمييز العنصرى، وتحدياتهم المتعلقة بالاقتصاد المنهار والذى يشكل معضلة كبيرة فى نظر المواطنين الأمريكيين. ولكن إذا علمنا الفيروس أى شىء، فهو بلا شك علمنا أن مصير الولايات المتحدة لا ينفصل عن العالم. فتعافى الولايات المتحدة من الوباء والانهيار الاقتصادى يعتمد على دول أخرى. ومع اقتراب شهر نوفمبر، ينبغى أن يكون افتقار ترامب الكارثى لأى سياسة خارجية متماسكة لتعزيز المصالح الأمريكية والحفاظ على صحة الأمريكيين وازدهارهم وأمانهم ــ بالإضافة إلى سلسلة إخفاقاته التى لا تزال تتراكم ــ فى قلب الجدل الدائر فى البلاد.

نرشح لك

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل