المحتوى الرئيسى

كمال الودغيري.. مغربي يربط الأرض بالمريخ

08/04 18:32

"لقد تم ربط الاتصال بنجاح"، هكذا أعلن المغربي كمال الودغيري، في 6 أغسطس/آب 2012، نجاح عملية نزول مركبة كيوريوسيتي روفر، التي أرسلتها وكالة ناسا الأمريكية لاستكشاف كوكب المريخ.

كمال الودغيري هو واحد من أعضاء مهندسي وعلماء الفضاء في وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا"، شارك في عدة مهام استكشافية نفذتها الوكالة الأمريكية للمريخ، وآخرها مهمة جديدة لاستكشاف الكوكب الأحمر أطلق عليها اسم "بيرسيفيرانس - المثابرة".

في فاس المغربية، عاصمة الثقافة والعلوم في المملكة، وُلد كمال، وظل فيها إلى أن بلغ الـ10 من عمره، ثم انتقل رُفقة والديه إلى الدار البيضاء، وهُناك حصل على شهادة البكالوريا.

يُغمض كمال عينيه، ثم يسترسل في حديثه إلى "العين الإخبارية" قائلا: "جذبتني السماء بحبها مُنذ صغري، في ليل كُل صيف، كان بصري لا يزيغ عن النجوم، أتخيل نفسي دائما مُحلقاً بينها، وكذلك كان، إلى أن حلقت نحو لوس أنجلوس، ومن هُناك بدأت الحكاية".

يصمت قليلاً ثُم يُواصل الحكي: "والداي كانا يُريدان مني إتمام دراستي في فرنسا، لكنني كُنت مُعلقا في الفضاء، وكُلي عزم على الاشتغال في ناسا، وفي أمريكا درست واجتهدت، وأكيد لم تكن الطريق مُعبدة، فأشواكها كانت أكثر من زُهورها. لكن العزيمة ترياق لكُل هذه المُعاناة، وكانت وقودي للحصول على شهادة هندسة في الاتصالات الفضائية من جامعة جنوب كاليفورنيا".

التخصص الذي اختاره كمال، كما يشرح لـ"العين الإخبارية"، يكمن في إرسال إشارات لاسلكية إلى الغلاف الجوي، قبل أن تعود مرة أخرى إلى الأرض عن طريق مركبات فضائية أو روبوتات في الفضاء، ثم يتم جمع هذه الإشارات وتحليلها ما يسمح ببناء تاريخ هذا الكوكب".

يسترجع كمال ذكرياته الأولى في وكالة ناسا، والتي تعود إلى منتصف التسعينيات: "سألوني لماذا تريد الالتحاق بالوكالة، فقلت لهم بكل بساطة، (لقد عبرت المحيط من أجل هذا، وإن لم يتم قبولي، سأرجع مُجدداً وأعيد الكرة إلى أن أتلحق بها وأحقق حُلمي)".

وأضاف: "لا أخفيكم سراً أنني كُنت خائفاً من عدم قبولي، فقد كان هناك ألف مُرشح، وعدد المناصب كان محدوداً ما بين 3 أو 5".

"فعلاً، حدثتني نفسي بأني لن أنجح، لكنني جاهدتها وبذلت كُل جهدي وقدراتي، وفعلاً نجحت وتم اختياري من بين 30 متقدما، وبعدهاً التحقت بمركز باسادينا، حيث مختبر الدفع النفاث (JPL)".

اسند إلى كمال العديد من المهام، منها استكشاف ودراسة كواكب زُحل والمريخ والقمر، من حيث تُربتهما وغلافهما الجوي عن طريق روبوتات تم برمجتها خصيصاً لهذه العملية.

ويعلق قائلا: "مُهمتي هي التواصل مع هذه الروبوتات والتأكد من موثوقية ما نتلقاه من معلومات عبر 3 لوحات مجهزة بلواقط، كل منها بحجم ملعب كرة قدم، تم إنشاؤها بالقرب من مدريد وكانبيرا (أستراليا) وكاليفورنيا".

مسار كمال الودغيري في وكالة الفضاء الأمريكية كان حافلاً جداً، إذ عمل ضمن الطاقم المشرف على هبوط المركبتين سبيريت وأوبورتيونيتي على المريخ، وشارك كذلك في عملية إنزال مختبر علوم المريخ، وكانت مهمته في هذه البعثة الأخيرة متابعة الإشارات التي يصدرها روفر كوريوسيتي خلال عملية نزوله على كوكب المريخ.

كما عمل في العديد من المهمات الفضائية، وخاصة تلك المتعلقة بالمعدات الاستكشافية للمريخ، مثل "كيريوزيتي"، "روفرز"، "سبيريت"، و"أوبورتينيتي"، والمهمة الدولية "كاسيني" التي استهدفت كوكب زحل، ومهمة القمر "جرايل"، ومهمة "جونو" حول كوكب المشتري.

هذا المسار مكنه من الحصول على ميدالية "الخدمة الاستثنائية" من طرف "ناسا"، التي منحته في السابق 5 جوائز لامتياز الفرق، والتي تمنحها الوكالة كدليل على أهمية العمل الجماعي في نجاح مهام البعثات الفضائية.

ويضاف إلى مسار الودغيري، مهمة جديدة إلى كوكب المريخ، اختارت لها الوكالة اسم "المثابرة"، يُشارك فيها إلى جانب العشرات من مُهندسي الوكالة الأمريكية، إذ ينصب الجميع على بحث الآثار القديمة لفرضيات وجود حضارات سابقة على المريخ، وأيضاً إمكانيات العيش المستقبلي على الكوكب الأحمر.

هذه الإنجازات الكبيرة للودغيري، لم تكن بالسهلة، فثمنها كان الكثير من المُثابرة والضغط والتوتر.

"العمليات التي تقوم بها ناسا مُكلفة جداً من حيث ميزانياتها، كما أن جهود الفرق المُشتغلة عليها لا تُحسب بالأشهر أو الأيام، بل قد تصل إلى ربع قرن"، يقول الودغيري.

ويضيف: "لنا أن نتخيل أن ليالٍ طوال من السهر على امتداد 25 سنة، ثم في النهاية يصل الروبوت، ينزل على الكوكب، لكن يفشل الاتصال".

أهم أخبار فن وثقافة

Comments

عاجل