المحتوى الرئيسى

وزير الصحة اليمني في حوار لـ"الوطن": مصر هي الرئة التي نتنفس منها

08/02 17:33

في زيارة رسمية الشهر الماضي لوفد الحكومة اليمنية برئاسة معين عبدالملك إلى مصر، أجرت حكومتا البلدين مباحثات حول سبل تعزيز التعاون المشترك في إطار تعزيز الأمن في البحر الأحمر، فضلاً عن تبادل الرؤى بخصوص عدد من الموضوعات المتعلقة بالعلاقات الثنائية وسبل تقديم الدعم للجانب اليمني بما يمكنه من تجاوز الأزمة الراهنة، وفي  إطار الجلسة العامة التي عقدت برئاسة رئيسي وزراء الدولتين تم تحديد لقاءات ثنائية بين كل الوزراء ونظرائهم.

والتقت "الوطن" وزير الصحةef='/tags/2841-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%87-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%85%D9%87'>الصحة العامة والسكان اليمني د. ناصر باعوم، الذي تحدث في حوار خاص عن تفاصيل لقائه مع وزيرة الصحة د. هالة زايد، والرعاية المصرية المقدمة لليمنيين المقيمين في مصر، وما وصل إليه ملف الصحة في الداخل اليمني خاصة مع تهديدات جائحة كورونا والأوبئة الأخرى التي يعاني منها اليمن، والدعم المصري المقدم للأشقاء للتغلب على الأزمة الإنسانية جراء الحرب الدائرة منذ الانقلاب الحوثي على الشرعية.. وإلى نص الحوار:

*بداية.. ما الملفات التي تم الاتفاق عليها خلال اللقاء مع وزيرة الصحة المصرية؟

- اتفقنا على عدة نقاط، أهمها التنسيق الكامل والتام في كل الملتقيات الإقليمية، وخاصة منظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط ومنظمة المؤتمر الإسلامي ومنظمة الصحة العالمية في جنيف، وآرائنا في هذا الجانب متطابقة، وأيضا فيما يتعلق بقرارات المكتب التنفيذي ومجلس وزراء الصحة العربية، وكذلك العلاقات الصحية بين البلدين وأهمها على الإطلاق موضوع المنح العلاجية والذي تم رفعه إلى 80 منحة بدلاً من 40 واتخذت الوزيرة قرارا شجاعا بإلغاء وجود سقف مالي للمنحة العلاجية، وكذلك اتفقنا على تسهيل وصول مرضى المنح إلى المستشفيات وكذلك تلقي الخدمة في القطاع الخاص.

ناقشنا في الجانب الآخر موضوع المنح الدراسية وخاصة الزمالة، واتفقنا بأن تحدد برسالة من قبل الملحقية الصحية بالسفارة، وتأخذ شقين: أولا تدريب كوادر يمنية في مصر لكي يعودوا لنا كمدربين للزمالة، وثانيا اعتماد مستشفيات في صنعاء وتعز وعدن وحضرموت وتكون بمثابة أكاديمية لبرنامج الزمالة، وبالتالي يمكن أن يكون جزء من الزمالة دراسة أونلاين وجزء تطبيقي سواء في اليمن أو في مصر.

اتفقنا أيضا على زيادة التبادل التجاري بين البلدين في مجال الأدوية والمستلزمات الطبية، ونحن من أكثر الدول المستوردة من مصر، ومعظم الشركات المصرية الدوائية لها مندوبين في اليمن. كما اتفقنا على مبادئ هامة فيما يتعلق بمكافحة الجائحات ومنها فيروس كورونا، وكيفية الاستفادة من خبرات مصر في مجال كورونا ومجال الوبائيات وأيضا معالجة فيروس سي، واتفقنا في نقطة أخيرة حول تأهيل بعض الكوادر في الجانب النفسي ونحن في أمس الحاجة خاصة مع الحرب التي يعيشها اليمن.

*لدينا أكثر من مليون مواطن يمني مقيم على أرض مصر.. ما هو وضعهم فيما يتعلق بالرعاية الصحية؟

- السلطات المصرية مشكورة تقدم الرعاية الصحية الأولية لليمنيين الموجودين في مصر، خاصة فيما يتعلق ببرامج التحصين ومراكز الأم الحامل ومتابعتها، أما فيما يتعلق بالجانب العلاجي فيذهبون إلى العيادات الخاصة ويساعدهم في ذلك أسعار الفحص والدواء المعقولة.  

أما بالنسبة لكورونا فقد تم تقديم الرعاية للجميع، وأيضا عند عودة العالقين نسقنا مع وزارة الصحة المصرية رغم الضغط الكبير على المختبرات وتم فحص جميع العالقين الراغبين في العودة بمبلغ معقول جداً.

وبالنسبة لنا كيمنيين مصر هي الرئة التي نتنفس منها، وبالتالي كل الطائرات التي تأتي إلى مصر معظمها فيها كثير من المرضى يتلقون الخدمة بشكل ممتاز من أشقائنا المصريين وأيضا يعززون الاقتصاد المصري من خلال توفير العملة الصعبة.

*وما طبيعة الدعم المصري المقدم في المجال الطبي داخل اليمن؟

- هناك زملاء مصريين من الأطباء يعملون داخل اليمن وأسهموا معنا في مجابهة الأزمة، وعقب زيارتنا إلى مصر أرسلت القيادة المصرية طائرتين محملتين بأطقم الحماية والوقاية والأدوات المستخدمة في هذه المرحلة كمساعدات طبية تم نقلها من خلال مطار الملك سلمان، وذلك في إطار الدعم من الأشقاء المصريين إلى إخوانهم في اليمن، وهذا يعكس التعاون والعلاقة المميزة بيننا.

وبشكل عام وليس في المجال الطبي فقط أود التأكيد على أن مصر هي القلب النابض للأمة العربية، ودائما وأبدا لم تتخل يوما ما عن دورها القومي، وما يربطها باليمن ليس وليد اليوم، فهي حضارات أقيمت منذ آلاف السنين، وكانت العلاقات قوية بيننا، وما هذه العلاقات المتواجدة في الوقت الحالي إلا امتداد لذلك التاريخ العريق.

*كيف كان تعاملكم مع أزمة كورونا خاصة في المناطق التي تقع خارج سيطرة الحكومة الشرعية بغض النظر عن الانتماءات السياسة؟

- منذ تسجيل أول حالة في اليمن في العاشر من أبريل بمحافظة حضرموت خرجت للشعب اليمني في خطاب متلفز للجميع، ودعوت في هذا الخطاب إلى ترك القنوات الصحية مفتوحة بين عموم المحافظات؛ للتبليغ عن الحالات وتبادل الخبرات وتغطية الاحتياجات والنقص أينما وجد، وبكل أسف وجدنا تعنت كبير من الإنقلابيين الحوثيين ورفضوا هذا، ولم يتم الإعلان في المحافظات التي تقع تحت سيطرة الإنقلابيين إلا عن 4 حالات فقط، وأبلغنا بدورنا منظمات الأمم المتحدة في صنعاء وطالبناهم بممارسة الضغط على الحوثيين وقالوا لنا: "لا نستطيع".

*وماذا عن آخر إحصائيات ضحايا كورونا في اليمن حتى الآن؟

- الحالات المؤكدة 1650 إصابة، والوفيات في حدود 460 حالة وفاة، من ضمنهم 75 من الكادر الطبي في عموم محافظات الجمهورية بما فيها التي تقع تحت سيطرة الإنقلابيين، بينما بلغت حالات التعافي 750 حالة، والأمور بدأت في الانحسار التدريجي ولكني قلق لأن هناك متابعة من الزملاء في تخصص الوبائيات يفيدوا بأن هناك مؤشرات لعودة الجائحة قريبا وخاصة مع قدوم الخريف ومن بعده الشتاء.

*وهل هناك علاقة بين كورونا وقدوم الخريف والشتاء؟

- لدينا تجربة مما حصل في عدن، حيث كانت هادئة ولا وجود لفيروس كورونا، ولا وجود لوفيات من الحميات إطلاقاً، حتى اليوم الذي حدثت فيه كارثة الأمطار والسيول في عدن في نهاية إبريل وراح ضحيتها 18 شخصا جراء السيول وغرقت المدينة في مستنقعات راكدة من المياه العذبة، وهذه المياه الراكدة مصدر لتكاثر البعوض وفجأة ظهرت في عدن أعداد مهولة من الحميات منها حمى الضنك والملاريا والمكرفس والتيفويد، وأتى فجأة فيروس كورونا، وأصبح الأطباء في المختبرات لا يستطيعون التفريق بين الوفيات وأسباب الوفاة، مع تأكيدي أن حمى الضنك كانت أشد فتكاً من فيروس كورونا، هي قاتلة خصوصا الحمى النزفية، ولهذا توجد العلاقة بين الخريف وهطول الأمطار والأوبئة، والآن مع ارتفاع درجات الحرارة الفيروس خامل تقريباً، وحتى الحالات التي تصاب تظهر سريعاً، أما في حالة هطول الأمطار والإصابة بالحميات ويأتي الفيروس مكمل لهذا، تكون النتيجة قاتلة.

*وهل ذلك يجعلكم تواجهون حمى الضنك والمكرفس بشكل أكبر من آلية مواجهة كورونا؟

- ليس بشكل أكبر لأن كورونا لا يضاهى، هذا وباء عالمي وعندما تعلن منظمة الصحة العالمية عن وباء عالمي فمعناه أنه خرج الحدود في كل العالم، لكن عندما نعلن عن حالة فردية موجودة في مجتمع معين مثل اليمن فنحن عانينا من حمى الضنك كثيراً وهي موجودة في اليمن منذ فترة طويلة وخاصة في الشريط الساحلي من ميدي إلى المهرة وهذا مرض ينقله البعوض، وبكل أسف الناس لا ينتهبون، لا المجتمع الإقليمي ولا المجتمع الدولي، ولكن عندما أتت جائحة كورونا بدأ العالم ينتبه لنا نوعاً ما. أما المكرفس فهو مرض يبدأ بحمى وآلام شديدة في العضلات والمفاصل، وإرهاق شديد جداً، وهنالك في بعض الحالات طفح جلدي، ولكن حمى الضنك هي الأشد.

*وماذا عن قراراتكم الأخيرة المتعلقة بتشغيل شركات الأدوية المصرية في السوق اليمني؟

- عندما يكثر الوكلاء للشركات داخل اليمن، هذا يدل على شيئين؛ أولا نجاح التاجر في التواجد بهذه الأدوية في السوق، وثانيا ثقة المواطن في هذه الأدوية، وحقيقة الأدوية المصرية ممتازة ولا يعلى عليها، وسعرها في متناول المواطن اليمني، ونحن نشجع الشركات المصنعة في مصر بأن يكون لهم وكلاء في اليمن مستوردين لهذه الأدوية.

*وبخصوص الأدوية المضروبة المنتشرة داخل اليمن.. من يسيطر على هذا السوق؟

- أؤيدك في الرأي وأحييك على سؤالك ونعترف بوجود هذا، فرغم أن معظم الأدوية تدخل من المنافذ البرية التابعة للحكومة الشرعية براً وبحراً وجواً، لكن الحوثيين لديهم أماكن كثيرة للتهريب، وأنشئت شركات ومؤسسات خاصة صحية باسم عناصر حوثية استغلت الحرب لعمل أشياء كثيرة، هناك تقليد وهناك تهريب أيضا والكثير من الأدوية دخلت في فترة الحرب سواء من ساحل البحر العربي أو البحر الأحمر.

ونعمل على مجابهة هذا من خلال الهيئة العامة للأدوية ومن خلال الإدارة العامة للصيدلة والتموين الطبي، وأيضا من خلال مكاتب الصحة في المديريات وباستمرار وبشكل يومي يتم غلق صيدليات وحرق أدوية.

*هل اختلف ملف الصحة كثيرا قبل وبعد الحرب؟

- الوضع لم يكن في أحسن أحواله قبل الحرب، وأتت الحرب لتزيد الطين بله، نحن نعاني حقيقة، نعاني من جائحة الكوليرا وهذه استمرت فترة طويلة ولازالت الآن ولكن في حدها الأدنى، ونعاني من الحميات، والآن نحن نجاهد، ويمكن ربنا جاء بفيروس كورونا لكي نستطيع أن نعزز قدرات القطاع الصحي، لعله خير، وبالفعل هناك تعاون الآن بين الحكومة والقطاع الخاص لتعزيز وسائل التشخيص، كانت لدينا 3 أجهزة PCR وخلال أسبوعين سيكون لدينا 9، وبالمثل أجهزة التنفس الصناعي وغرف العناية المركزة.

*مع سوء التغذية الذي يعاني منه المواطن.. كيف تأثرت مناعة اليمنيين؟

- نعم الحرب أثرت كثيرا في مناعة اليمنيين، وهي درجات وصلنا في الكثير من الحالات إلى الدرجة المخيفة خصوصا عند الأطفال في الساحل الغربي، وبالتالي هذا يعكس نفسه مناعيا في الجسم. الحرب أفرزت أشياء كثيرة؛ نسبة الوفيات مرتفعة في الأمهات الحوامل عما كانت عليه قبل الحرب، لعدم قدرة كثير من النساء الوصول إلى أماكن الرعاية الصحية وتلقي الخدمات بسبب الحرب، وأيضا نسبة الوفيات في الأطفال ارتفعت لأنه دون سن الخامسة نحن حريصون على التطعيم للأطفال، ولكن في صعده معقل الحوثيين يمنعون التطعيم، نحن بلد خالي من شلل الأطفال منذ العام 2006 ولكن لو أصبح لدينا حالة واحدة سيتفشى.

الحرب غيرت جزء من مناعة اليمنيين نحو الأسوأ مع شح الإمكانيات وعدم توفر الأدوية، لقد أبدينا قلقنا من بعض الحالات؛ نخشى تطور حالات الملاريا المقاومة للعلاجات، وكذلك حالات السل الرئوي.

*ما الوقت الذي يحتاجه الجسد اليمني للتعافي؟

- إيقاف الحرب يشكل 50% من عودة الصحة للمواطن اليمني، ثم يأتي أهمية تقديم الدعم لليمن في مرحلة التعافي وستكون مصر شريك في هذا بالدرجة الأولى إلى جانب أشقائنا في دول الخليج والتحالف العربي الذين سيسهمون في إعادة بناء القدرات الصحية وأيضا الشراكة التامة مع المنظمات الدولية وعلى رأسها منظمة الصحة العالمية. وأرى أن ما حدث في سنوات الحرب يضع اليمن في حاجة أقل شيء إلى 10 سنوات بالنسبة للقطاع الصحي.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل