المحتوى الرئيسى

لماذا يستبعد المراقبون اندلاع نزاع بين إسرائيل وحزب الله؟

08/02 16:40

تنذر التصريحات المتبادلة على جانبي الحدود بين إسرائيل ولبنان بحرب وشيكة، فحزب الله يؤكد أن عملاً ضد إسرائيل "آتٍ حتماً"، بينما تحذره الأخيرة من "اللعب بالنار". لكن المحللين يرون أن تحول الأمر إلى حرب خطوة لا يرغب فيها أي من الطرفين.

وكانت إسرائيل قد أعلنت الاثنين الماضي، بعد هدوء نسبي استمر أشهراً، أنها  أحبطت هجوماً "إرهابياً" وأطلقت النار على مسلحين عبروا "الخط الأزرق" الذي يفصل بين لبنان وإسرائيل، قبل أن يعودوا إلى الجانب اللبناني. ونسب  رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو  عملية التسلل إلى حزب الله اللبناني المدعوم من إيران والذي يتمتع بنفوذ واسع في جنوب لبنان وتعتبره الدولة العبرية عدوها.

عقب حظر ألمانيا لأنشطة حزب الله كانت إيران أول من علق على الأمر، مستبقة حتى رد فعل اللبناني، الأمر الذي يشير إلى مدى قلق طهران إزاء القرار الألماني، ومن ثم إلى تبعات محتملة على العلاقات بين كل من برلين وطهران وبيروت.

تزداد المخاوف في المنطقة من حرب وشيكة تشنها إسرائيل ضد لبنان ممثلا بحزب الله وضد سوريا. ما الذي يبرر هذه المخاوف؟ وهل الظروف ملائمة لخوض مثل هذه الحرب؟ ومن المستفيد منها الأكبر منها؟

بعد عدة جلسات بين ممثلي صندوق النقد الدولي والحكومة اللبنانية، توقفت المفاوضات بين الطرفين عملياً "لغياب الإرادة الحقيقية للإصلاح" كما نقلت مصادر مفاوضة. ومن دون دعم الصندوق الدولي، يرى خبراء أن لبنان "ينحدر إلى الجحيم".

من جانبه نفى حزب الله أي تورط له، بينما اعتبر رئيس الوزراء اللبناني حسان دياب الحادثة "تصعيداً خطيراً". وجاء هذا التصعيد بعد ضربات جديدة في سوريا ونسبت إلى إسرائيل، وأسفرت عن مقتل خمسة مقاتلين موالين لإيران بينهم عضو في حزب الله.

وقال نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم في مقابلة مع قناة الميادين الشهر الماضي إنّ "معادلة الردع قائمة مع إسرائيل، ولسنا بوارد تعديل هذه المعادلة، ولا تغيير في قواعد الاشتباك، كما أن إسرائيل لم تخرج من لبنان إلا بالمقاومة، ومنع اعتداءاتها وخروقاتها لا يكون إلا بالقوة".

بدورها أكدت أورنا مزراحي، المسؤولة الأمنية السابقة في مكتب رئيس الوزراء التي تعمل حالياً في المعهد الوطني للدراسات الأمنية، أنه في مواجهة احتمال رد، يبقى الجيش الإسرائيلي في حالة تأهب على طول الحدود. وبعد نفي حزب الله تورطه في عملية التسلل: "أبقي على حالة التأهب" على قول مزراحي.

مدفعية إسرائيلية موجهة إلى منطقة الحدود مع لبنان

وتعود آخر مواجهة كبيرة بين الدولة العربية وحزب الله إلى 2006 وأسفرت خلال أكثر من شهر عن سقوط أكثر من 1200 قتيل في الجانب اللبناني معظمهم من المدنيين، و160 قتيلاً في الجانب الإسرائيلي غالبيتهم من العسكريين.

 وقبل عشرة أيام من الحادث الحدودي الأخير، وخلال زيارة لوكالة فرانس برس إلى قواعد عسكرية إسرائيلية على طول الخط الأزرق، لخص الكابتن جوناثان غوشين الوضع قائلاً إن "قواتنا ترى حزب الله يستعد للحرب المقبلة".

ومنذ نشر الجيش اللبناني على الحدود بعد حرب 2006، يؤكد الصحافيون الذين يذهبون إلى الجنوب اللبناني أن الوجود العسكري لحزب الله غير مرئي. لكن تقريرا للأمم المتحدة أكد في آذار/ مارس الماضي أن الحزب ما زال لديه مقاتلون وأسلحة في المنطقة.

وقال جوناثان غوشين، وهو على متن سيارة جيب خلال دورية على طرق متعرجة بالقرب من بلدة المطلة التي تقع في آخر نقطة بشمال إسرائيل، إن "الحدود تبدو هادئة لكنها ليست كذلك". وأضاف بالقول: "عندما نقترب، تكفي عشر دقائق لنراهم يصلون (أعضاء حزب الله) لمحاولة جمع معلومات واختبار ردود فعلنا".

في ذلك اليوم، كان عدد من الأشخاص يتنقلون بين الأشجار المثمرة على الجانب الآخر من السياج. هل هم أعضاء في حزب الله أم مزارعون؟ يرد الضابط الشاب بثقة "حزب الله!".

ديدييه لوروا، الخبير في شؤون حزب الله: يشكل الاستياء الشعبي والتظاهرات ضد السلطة بما في ذلك في معاقل حزب الله  "عاملاً لا يمكن إهماله في حسابات" الحزب.

 المراقبون يؤكدون أن المعسكرين يدركان أن حرباً جديدة لن تخدم مصلحتهما الآنية. ففي الجانب اللبناني، حسب ديدييه لوروا الخبير في شؤون حزب الله،  يشكل الاستياء الشعبي والتظاهرات ضد السلطة بما في ذلك في معاقل حزب الله  "عاملاً لا يمكن إهماله في حسابات" الحزب.

ويضيف لوروا بالقول إنه بوجود أزمة اقتصادية وسياسية وصحية "الجو في لبنان ليس ملائماً لأجندة حربية ضد إسرائيل". ويرى الباحث في شؤون حزب الله أن الحزب يواجه ضغطاً مالياً أيضاً مثل إيران التي تدعمه، ما يؤثر على الاستراتيجية "العسكرية".

من جهته، اعتبر نعيم قاسم أن "الأجواء لا تشي بحصول حرب في ظل الإرباك الداخلي الإسرائيلي، وتراجع ترامب في الداخل الأمريكي (...) كما أن محور المقاومة كان، ولا يزال، في موقع الدفاع، وبالتالي أستبعد أجواء الحرب في الأشهر المقبلة".

إرسال Facebook google+

بدورها تشير أورنا مزراحي إلى أن الدولة العبرية في وضع اقتصادي أقل خطورة "لكن لديها مشاكلها" أيضاً مثل تصاعد تداعيات وباء كوفيد-19 من جديد ونسبة بطالة مرتفعة وتظاهرات متزايدة ضد الحكومة.

الفكرة نفسها كررها ناحوم بارنيا في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، مؤكداً أن طريقة عمل الجيش الإسرائيلي تدل على أنه يسعى إلى تجنب أي انفجار. وكتب في الصحيفة الإسرائيلية قائلاً: "ما هو غير معتاد (...) هو أن الأمر أعطي للجنود: حتى إذا كان الإرهابيون مسلحين وحتى إذا عبروا الحدود، لا تطلقوا النار. لا تطلقوا النار إلا إذا تعرض الجنود للخطر".

وتابع المعلق الإسرائيلي: "المنطق الرئيسي واضح: قتل أعضاء الخلية كان سيؤدي إلى يوم من القتال في الشمال إن لم يكن أكثر"، لكن "المسؤولين لا يريدون التورط في حرب ثالثة في لبنان".

وفي اتصال مع وكالة فرانس برس، لم ترغب قيادة الجيش الإسرائيلي التعليق على تلك التصريحات.

ع.غ/ و.ب (آ ف ب)

أدخلت المظاهرات ضد النخبة الحاكمة في لبنان البلاد في اضطرابات سياسية تزامنا مع أزمة اقتصادية حادة وأثارها الغضب المتصاعد من "ساسة طائفيين" يهيمنون على الحكومة منذ الحرب الأهلية التي دارت رحاها بين عامي 1975 و1990. والاضطرابات الحالية التي تمثل إحدى أسوأ فترات القلاقل منذ انتهاء الحرب.

قُتل رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري في 14 فبراير/ شباط 2005 إثر انفجار قنبلة ضخمة لدى مرور موكبه في بيروت، وهو ما أدى لمقتل 21 آخرين. وتلى ذلك سلسلة من المظاهرات الحاشدة وضغوط دولية أجبرت سوريا على سحب قواتها من لبنان. ونظم حلفاء دمشق الشيعة في لبنان سلسلة من التجمعات الحاشدة دعما لسوريا. وحصل حزب الله على تمثيل في الحكومة لأول مرة.

في يوليو/ تموز خطف حزب الله جنديين إسرائيليين وقتل آخرين وهو ما أدى لنشوب حرب استمرت خمسة أسابيع وقُتل فيها ما لا يقل عن 1200 شخص في لبنان و158 إسرائيليا. وتصاعد التوتر إزاء ترسانة حزب الله القوية بعد الحرب. وفي نوفمبر تشرين الثاني، انسحب حزب الله وحلفاؤه من الحكومة المدعومة من الغرب والتي كان يقودها رئيس الوزراء السابق فؤاد السنيورة.

واصل حزب الله وحلفاؤه اعتصاما ضد حكومة السنيورة استمر لنحو عام كامل. وكانت مطالبهم المعلنة هي الحصول على الحق في نقض قرارات الحكومة. وفي مايو بدأت اشتباكات بين الجيش اللبناني ومتشددين من السنة ينتمون لجماعة فتح الإسلام داخل مخيم نهر البارد الفلسطيني في شمال لبنان، مما أرغم آلافا من اللاجئين الفلسطينيين على الفرار منه. وسيطرت قوات لبنانية سيطرة كاملة على المخيم في سبتمبر.

أُطيح بحكومة سعد الحريري الأولى في يناير إثر انسحاب حزب الله وحلفائه منها بسبب خلاف بشأن المحكمة الخاصة بلبنان والتي تدعمها الأمم المتحدة. وجهت المحكمة لاحقا اتهامات إلى أربعة من قياديي حزب الله فيما يتعلق بمقتل رفيق الحريري. ونفى حزب الله أي دور له في اغتيال رفيق الحريري. (الصورة تعود لعام 2009)

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل