المحتوى الرئيسى

في الذكرى الـ30 لغزو الكويت.. كواليس الحرب في مرآة حسنين هيكل

08/02 19:47

• صدّام انتظر استقبال الفاتحين بالكويت ولقى الصدمة في النهاية

الولايات المتحدة كانت تحتاج لمصر بجانبها لأبعاد سياسية أكثر منها عسكرية

• هل كانت الولايات المتحدة تجهز لـ"عاصفة الصحراء" قبل اندلاع الحرب؟

قبل 30 عاما من اليوم (2 أغسطس 1990) تفتحت أعين الشعوب العربية على أحد أكثر الأخبار المفزعة في تاريخ الأمة العربية، وذلك بتحرك قوات من الجيش العراقي باجتياح الأراضي الكويتية، والذي تلاه بعد ذلك إعلان صدّام حسين ضم الأراضي الكويتية للعراق؛ لتكون رقم 19 في ترتيب المحافظات العراقية.

بعد ساعات قليلة من تلك "الخطوة العدوانية"، بدأت جهود عربية ودولية؛ سعيا لرد هذا العدوان عن الشعب الكويتي، ورد الأمور لنصابها الصحيح، وبعد فشل كل طرق إقناع صدام بأن يسحب قواته، ويترك مسار "التفاوض والتفاهم" من خلال القمة العربية وجلسات مجلس الأمن الدولي، لوضع حل عادل للموقف وسماع رؤية الجميع، تعنت صدام وتمسكه بموقفه، وضعه أمام قوة كبيرة متمثلة في تحالف عسكري تقوده الولايات المتحدة، وتشاركها عدد من الدول العربية على رأسها مصر، وبعد من القوى الغربية الأخرى. لتبدأ من بعدها "حرب تحرير الكويت"، التي ضمت عددا من العمليات على رأسها عملية "عاصفة الصحراء".

تنتهي الحرب ويعود للكويتيين السيادة على أرضهم، لكن قراءة التاريخ علمّتنا جميعا أن للحروب عواقب ونتائج لا تمح آثارها مع توقف ضربات المدافع وطلقات الرصاص. لذا؛ تتجه أنظار المحللين، لبحث آثار تلك الحروب من موازين مختلفة، ومن بين هؤلاء كان الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، والذي وضع كل تحليلاته، بعد وضعت الحرب أوزارها، في كتاب حمل رؤيته أسماه بـ"حرب الخليج.. أوهام القوة والنصر"، الذي كتبه في البداية بالإنجليزية، قبل أن يقرر أن يترجمه بنفسه، وينشر في الذكرى الأولى لنهاية الحرب في 1992 عن "مركز الأهرام للترجمة والنشر".

وفي الذكرى الـ30 لـ"غزو الكويت"، نتعرض لإجابات بعض من الأسئلة الصعبة، وكواليس وحسابات الحرب من منظور الأستاذ هيكل في السطور التالية:

• مطامع صدّام البترولية

يبدأ الأستاذ هيكل في وضع الأسباب الأولى لتلك الحرب، التي كانت في نظره مبكرة وواضحة ولم يكن التحرك مفاجئًا؛ فصدام كان خارجًا لتوه من حرب كبيرة مع إيران، وكان أول طرق تعويض تلك الخسائر هو النظر لحسابات أخرى، وبالفعل كنت مناوشاته القديمة مع الكويت بخصوص الحصص البترولية. فقد رأى أن مكسب السيطرة على نحو نصف إنتاج العالم من النفط (العراق والكويت) يستحق المغامرة وأن كانت كل الحسابات الأولية ليست في صالحه.

• الغزو حقق هدفه العسكري الأول وفشل في الهدف السياسي الأهم

يتابع هيكل في كتابه، ويؤكد أن المؤكد أن عملية الغزو الأولى فجر 2 أغسطس، قد حققت أهدافها بشكل كامل من السيطرة على الأماكن الحيوية، والوصول لقلب العاصمة.

لكن تلك لم تكن كل ترتيبات صدّام وقعت أمام مأزق كبير، عندما استطاع أفراد الأسرة الأميرية الحاكة، التحرك خارج حدود الكويت؛ فلم يتمكن من أحد منهم.

كذلك كان يرى أن يتم استقباله بالورود من الشعب الكويتي، وينظر له نظرة "الفاتح والمخّلص" وأنه هناك فجوة بين الشعب وأسرة "الصباح" لكن ذلك الرهان كان خاسراً أيضاً.

• أحلام "بوش" وحسابات "مبارك"

يرى الأستاذ هيكل من ضمن الأسباب القوية التي دعمت التدخل الأمريكي بتلك الطريقة المباشرة، هي جزء من "العقيدة الأمريكية"، وهي أن يكون لكل رئيس حربه العادلة، لذا نجد حلم الرئيس بوش الأب هو أن تتاح تلك الظروف، ليبدأ حربه العادلة، حتى وأن لم تكن كذلك، فإنه سيبذل مجهود أمام شعبه لإقناعهم بعدالتها، وأن التدخل الأمريكي ما هو إلا نموذج من صور الانحياز للخير والإنسانية.

على جانب آخر من نفس المعسكر، كان الرئيس مبارك، لديه هو الآخر حسابات أخرى، تتمثل أبرزها:

أن الواقع العربي لم يكن مرضياً أو مطمئناً على الإطلاق.

وأن الانفجار محققاً في أي لحظة، وكان حسابه الأكبر أنه في حالة حدوث هذا الانفجار، وجاءت الحرب، فلابد أن يكون في معسكر المنهزمين، فهو بذلك يتحمل تبعات لا دخل له بها، وإن كان لا بد من تحرك لمقامة هذا الانفجار؛ فلابد أن يكون لحد لا يمكن تجازوه.

• كواليس رد فعل الزعماء في القصور العربية والبيت الأبيض عند "لحظة الانفجار"

ومع فجر الثاني من أغسطس، حدث الانفجار التي كانت حسابات الرئيس مبارك تشير إليه، لكن كيف كانت ردود الفعل الدولية والعربية على تلك اللحظة الفارقة، والتي عمقت أزمة عربية لمستوى لم يكن مشهوداً من قبل، البداية يتحدث هيكل عن تلقى الملك فهد بن عبدالعزيز اتصالا عند الفجر يؤكد له هذا التحرك العراقي، ليتصل بدوره بسفيره لدى الكويت والذي أكد له حجم الكارثة، بأن العمليات العسكرية تتم في العمق، وأن هناك خططاً لاحتلال "القصر الأميري".

من الرياض لمدينة برج العرب بالإسكندرية، يتابع هيكل روايته، التي وصلت إليه من مصادر موثوقة لديه، وكان اتصالاً هاتفياً، على الجانب الأول منه السفير الكويتي بالقاهرة، والجانب الآخر الدكتور مصطفى الفقي سكرتير الرئيس مبارك للمعلومات، وشرح السفير الوضع بشكل مختصر للفقي، ثم طلب منه إيقاظ الرئيس لهذا الأمر الخطير. ويشير هيكل إلى أن ظن مبارك كان في البداية أن العمليات على المناطق الحدودية وبشكل محدود؛ لكن التأكيدات وصلت إليه بأن قوات صدام في قلب العاصمة.

على الجانب الآخر، كان وقع تلك المعلومات على الرئيس بوش في البيت الأبيض في واشنطن، أكثر هدوءا وأقل دهشة من زعماء العرب، فلم تكن هناك حاجة لإيقاظ رئيس أو جنرال؛ إذ تمت العمليات مع الرابعة عصراً بتوقيت واشنطن، ومن جهة أخرى أكثر واقعية، بينما كان العرب شاغلهم هو احتواء الازمة قبل شهور، كانت الولايات المتحدة تعد تقريرا استخباراتيا كل ساعتين تقريباً عن الحشد العسكري في العراق وجاهزيته.

• الأبواب مغلقة وصدّام يتحرك

تحليل هام خاص بحسابات "صّدام" أثارت دهشته؛ فالوضع بكل طرقه الظاهرة وغير الظاهرة كان يشير بأن التحرك صوب الكويت في تلك الظروف لم يكن منطقياً أو مقبولاً، فرهانات صدّام على الاتحاد السوفيتي كانت خاسرة، فلم يكتف السوفيت فقط بعدم مساندته، بل كان المانع الوحيد لعدم اشتراكهم في تحالف عسكري تقوده أمريكا هو وعد جورباتشوف لشعبه، بأن التحرك خارج الحدود ودفع الشباب السوفيتي للموت أصبحت تجربة غير قابلة للتكرار، بعد خسائرنا في أفغانستان، كذاك كان الدعم العربي مغلقا بوجه صدام؛ حيث كانت أقصى طريقة للدعم هي عدم القبول التحركات العسكرية بشكل مباشر، تأجيل التوصل لقرار حاسم، يرد صدام عن تحركاته. كذلك كانت الأمم المتحدة، والتي كانت أول من رحب بأن يتم ردع "طوح صدام" بالطريقة التي تراها الدول مناسبة.

• عاصفة الصحراء.. عملية مرسومة بدقة من قبل التحرك العراقي

أغلقت كل الطرق والحلول الدبلوماسية، ولم يتبق سوى خيار الحرب؛ لرد العدوان عن الشعب الكويتي، وحدث التوافق العربي مع القوى الكبرى على رأسها الولايات المتحدة، وتم إعلان "التحالف الدولي"، الذي كانت خطواته الأولى تتمثل في أمين بعض الحدود في الدول المجاورة، من خلال نشر جنود بالقواعد العسكرية الموجودة بالمملكة السعودية (الظهران وحفر الباطن)، بالإضافة لقطع بحرية بالبحر المتوسط.

أهم أخبار منوعات

Comments

عاجل