المحتوى الرئيسى

أسباب تأخر انتشار السيارات الكهربائية

07/15 20:14

نشرت جريدة الشرق الأوسط اللندنية مقالا للكاتب وليد خدورى تناول التحديات أمام انتشار السيارات الكهربائية وضرورة التعاون بين الحكومات والسلطات المحلية لمواجهة هذه التحديات والانتقال إلى السيارة الكهربائية... جاء فيه ما يلى.

تتراود أسئلة عدة عن أسباب تأخر تسويق السيارة الكهربائية. فى الحقيقة، إن استبدال السيارة ذات محرك الاحتراق الداخلى (السيارة التقليدية) ليس بالأمر السهل بعد أن تم استعمالها لقرن من الزمن. وأصبح المستهلك فى مختلف أرجاء العالم معتادا عليها، نظرا لتوفر إمكانية تزويدها بالوقود بسهولة من محطات البنزين المنتشرة فى الطرق، ناهيك عن محطات الصيانة. وامتازت السيارة التقليدية باستعمالها لمسافات طويلة دون الحاجة للتوقف وتزويدها بالوقود. كما امتازت بتعدد أنواعها وأثمانها.

تحاول منذ سنوات شركات السيارات العالمية الكبرى، وشركات جديدة مثل تسلا فى الولايات المتحدة، إنتاج وتسويق السيارة الكهربائية (السيارة الحديثة). لكن بعد سنوات من اختراع المركبة الكهربائية، لا تزال مبيعاتها محدودة العدد نسبيا مقارنة بالمركبة التقليدية. إذ يبلغ عدد المركبات التقليدية التى يتم إنتاجها سنويا على الصعيد العالمى حوالى 90 مليونا سنويا.

وهناك نحو مليار مركبة على الطرق فى الوقت الحاضر. والتوقعات تشير إلى إمكانية ازديادها إلى مليارى مركبة بحلول عام 2035 أما بالنسبة للمركبة الكهربائية، فيشير التقرير السنوى لوكالة الطاقة الدولية حول المركبات الكهربائية، إلى أن مبيعات المركبات الكهربائية عالميا قد سجلت رقما قياسيا فى عام 2019 لتسجل نحو 2,1 مليون مركبة، وأن مجمل عدد المركبات الكهربائية فى 2019 بلغ 7,2 مليون مركبة. تشمل المركبة الكهربائية كلا من السيارات والحافلات والشاحنات والدراجات.

من الواضح أن الفرق فى العدد شاسع جدا بين التقليدية والحديثة. هذا أمر متوقع، نظرا إلى حداثة صناعة المركبة الكهربائية، مقارنة بالتقليدية.

تكمن أهمية المركبة الكهربائية فى كونها أكثر صداقة للبيئة من السيارة التقليدية. كما تستخدم أحدث التقنيات العلمية. من المهم الأخذ بنظر الاعتبار أن الانتشار الواسع المستقبلى المتوقع للمركبة الكهربائية سيترك أثرا مهما على الطلب على النفط، إذ إن الوقود المستعمل فى قطاع النقل البرى يشكل أعلى نسبة من مجمل الاستهلاك العالمى النفطى سنويا. وهذا ما يشجع الحركات البيئية فى تشجيع السيارة الكهربائية لما قد تتركه من آثار إيجابية على البيئة. كما تكمن أهمية المركبات الحديثة فى محاولتها تنفيذ القوانين البيئية الجديدة فى بعض الدول الأوروبية والولايات الأمريكية (خاصة كاليفورنيا) حيث التشريعات بعدم الموافقة على استخدام السيارات التى ينبعث منها ثانى أكسيد الكربون بحلول منتصف القرن الحالى.

هناك محاولات حثيثة تجرى خلال السنوات الماضية حول أداء وتكلفة بطاريات السيارة الكهربائية. يكمن أحد التحديات لبطارية السيارة الكهربائية فى مدى توسيع سعة تخزينها للطاقة. وهناك أيضا المحاولات لتقليص انبعاثات ثانى أكسيد الكربون بحيث تنعدم هذه الانبعاثات كليا من السيارة الكهربائية لكى تجارى السيارة القوانين الجديدة التى يتم تشريعها، والتى تفرض صفرا من انبعاثات ثانى أكسيد الكربون بحلول منتصف هذا القرن.

وتدور التجارب أيضا حول الأمور المتعلقة بتشريج البطاريات، مثلا فى أوقات الطلب الأعلى على الكهرباء، أو التخطيط لتوفير محطات تشريج البطاريات فى الأماكن العامة أو بالقرب من مناطق العمل أو المساكن. كما تستمر الأبحاث فى دراسة إمكانية استعمال بدائل طاقة مستدامة أخرى فى السيارة وتحويلها إلى سيارة هجينة مما يؤدى إلى تقليص الاعتماد على الكهرباء، أى أن السيارة تستعمل من خلال الطاقة الشمسية والكهربائية. وتحاول الشركات المصنعة للسيارة الكهربائية التنافس على إنتاج نماذج متعددة للسيارة الكهربائية لترغيب المستهلكين على شرائها.

لكن، إلى جانب الأبحاث العلمية الجارية لتطوير السيارة الكهربائية، هناك أيضا التجارب والدراسات حول المسائل العامة المتعلقة بسياسات الحكومات لتوفير الدعم المالى للشركات. والسؤال هنا، ما هى المجالات المحددة لإنفاق هذه المساعدات لدعم تطوير السيارة الكهربائية، وما هى أولويات هذا الدعم، كما ما هى السياسات العامة الواجب تشريعها لتشجيع تسويق السيارة؟

هناك أيضا عامل لافت للنظر يلعب دورا مهما فى تشجيع ترويج السيارة الكهربائية. هو كيفية تحسين ودعم دور الحكومات والسلطات المحلية فى تنفيذ سياسات الدول، وكيفية تعاملها مع السكان المحليين لكى يتقبلوا شراء السيارة الكهربائية، وكيفية التعامل والتعايش معها رغم التباينات مع السيارة التقليدية التى أصبحت جزءا مهما من حياتهم اليومية. وقد أصدر معهد أكسفورد لدراسات الطاقة ملخصا لدراسات وبحوث قدمت فى ندوة عقدها مؤخرا عن آفاق السيارة الكهربائية، حيث تم بحث هذا الموضوع الشائك من جوانبه المتعددة. وسنستعرض هنا الأمور المتعلقة بأهمية تعاون الحكومات والسلطات المحلية مع السكان وكيفية استطلاع ردود فعل كل من السكان والشركات المحلية للسيارة الحديثة، وكيف تحاول السلطات المحلية التوفيق ما بين انطباعات وأولويات السكان مع الأهداف والسياسات الحكومية. إذ تدل هذه المحاولات إلى الصعوبة والوقت الطويل الضروريين لاستبدال سلعة أساسية معروفة لدى المستهلك واستبدالها بواسطة سلعة حديثة العهد. يشير ملخص معهد أكسفورد للطاقة إلى الآتى:

يدل واقع الأمر أنه لا يوجد تنسيق كاف ومستمر ما بين الحكومات والسلطات المحلية، الأمر الذى قد يؤدى إلى إبطاء سرعة الانتقال إلى السيارة الكهربائية. ومثال على ذلك، أن الأهداف فى أوروبا للانتقال إلى السيارة الكهربائية يتم إعدادها من قبل الاتحاد الأوروبى، بينما تبقى الحكومات الأوروبية حرة لتبنى السياسات لتنفيذها. فالأهداف الحكومية تحاول التوفيق والتنسيق ما بين شركات السيارات ومنتجى قطع السيارة المتعددة وطرق التمويل (البطاريات، الوقود، الأسواق المالية والبورصات، والبنى التحتية). لكن، تقع المسئولية النهائية لاتخاذ القرارات على كل من الحكومات والسلطات المحلية. إذ إن مسئولية السلطات المحلية هى التوفيق ما بين أهداف الحكومة والشركات المحلية والمستهلكين الذين يتوجب عليهم الموافقة وقبول عملية التغيير وشراء السيارة الحديثة فى نهاية المطاف.

تواجه السلطات المحلية صعوبات فى التنسيق. إذ يتوجب عليهم استمزاج آراء السكان والشركات المحلية من خلال استشارتهم قبل اتخاذ الخطوات الأولى لتنفيذ السياسات الحكومية. تؤدى هذه الاستشارات فى بعض الأحيان إلى تقليص التوقعات الأولية للاستفادة من السيارة الكهربائية. وكمثال على ذلك، تحديد المساحات فى بعض الطرق والأحياء كالمناطق القليلة الانبعاثات للغازات الملوثة. وبناء على هذه الاستشارات الأولية، قد تضطر السلطات إلى تغيير مساحة المناطق القليلة الانبعاثات.

نرشح لك

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل