المحتوى الرئيسى

انفجارات إيران .. حوادث عابرة أم فاعل مجهول؟

07/14 08:01

شهدت إيران منذ أواخر يونيو/ حزيران سلسلة انفجارات في محيط منشآت حساسة منها منشآت عسكرية ونووية وصناعية. آخرها حريق اندلع يوم أمس الأحد (12 تموز/ يوليو) بمنشأة تابعة لشركة شهيد توندجويان للمواد البتروكيماية جنوب غرب إيران وتم إخماده على الفور، حسب ما نقلت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية عن مسؤول  محلي.

اعترف مسؤول إيراني بأن حريق منشأة نطنز النووية أحدث أضراراً جسيمة قد تبطئ من صنع أجهزة طرد مركزي متطورة. من جهة أخرى هدد قائد بالحرس الثوري "أعداء" إيران بصواريخ شُيدت تحت الأرض على سواحل الخليج وخليج عُمان. (05.07.2020)

على النقيض من سرعة انتشار فيروس كورونا، يسير انسحاب إيران من الاتفاق النووي بخطوات هادئة. رغم ذلك تقول طهران أنها ستواصل التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا. (04.04.2020)

أعلنت إيران عن خفض جديد لالتزاماتها الدولية التي نص عليها الاتفاق النووي، مؤكدة التخلي عن أي قيود بالنسبة إلى عدد أجهزة الطرد المركزي. لكنها أكدت استمرار تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. (05.01.2020)

وكان مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي قد أفادوا يوم (الجمعة 10 يوليو/ تموز) بسماع انفجارات مدوية في مدينتي قرمداره وقدس، أحدها تسبب في إنقطاع التيار الكهربائي، وفقا لوسائل الإعلام الرسمية في إيران. في المقابل نفى مسؤولون إيرانيون تقارير عن حدوث انفجارات جديدة غربي العاصمة طهران، فيما أقرت متحدثة بانقطاع التيار الكهربائي في المنطقة.

منذ نهاية شهر يونيو/ حزيران، توالت تقارير تحدثت عن انفجارات مماثلة، لكن التفاصيل بشأنها بقيت غير واضحة. غير أن حجم الضرر الذي تسبب فيه الانفجار الذي وقع في منشأة ناتانز النووية الإيرانية قبل بضعة أيام، والذي يحتمل تسببه في تدمير كامل للمبنى تقريبا، بات معروفاً الآن، بحسب ما أفادت منظمة الطاقة الذرية الإيرانية (AEOI)التي تحدثت عن "أضرار جسيمة"، كما أكد محللون آخرون أيضاً.

مبنى منشأة ناتانز الإيرانية النووية الذي وقع فيه الانفجار يعتبر أكبر منشأة لتخصيب اليورانيوم وتصنيع واختبار أجهزة الطرد المركزي في إيران. وبحسب تحليل معهد العلوم والأمن الدولي (ISIS ) للصور المأخوذة عبر الأقمار الإصطناعية، فإن شدة الأضرار تشير إلى أنه يجب هدمه بالكامل وإعادة بناءه من الصفر.

صور التقطت في 21 يوليو تموز 2004 بالأقمار الصناعية لمفاعل ناتانز الذري

يعتقد المحللون أن المنشأة عبارة عن مصنع إنتاج ضخم لإنتاج وتطوير أنواع مختلفة من أجهزة الطرد المركزي الخاصة بتخصيب اليورانيوم، وهي تقنية مهمة لتحويل اليورانيوم إلى وقود نووي. ويتم تصنيع الآلاف من هذه الأجهزة كل عام هناك. ووفق المعهد، فإنه: "على الرغم من أن الانفجار والحريق لم يؤثرا على قدرة إيران في تصنيع وتطوير أجهزة الطرد المركزي الحديثة، إلا أن الدمار الذي لحق بالمنشأة يمكن أن يشكل ضربة موجعة لها خلال السنوات المقبلة".

هل كان حادث منشأة ناتانز النووية الإيرانية، حادثاً عابراً أم بفعل فاعل؟ تساؤل يثير في الوقت الحالي العديد من النظريات. من جهته كتب المحلل العسكري النمساوي، ماركوس رايزنر في تحليله لمجلة “زينيت” zenith الألمانية المتخصصة بشؤون الشرق الأوسط "أن في الوقت الحالي هناك بعض المؤشرات التي تتحدث عن تغيير جذري في مستوى التشغيل يمكن أن يكون قد تسبب في انفجار المحولات الكهربائية، ما قد يشير إلى هجوم إلكتروني مستهدف".

إرسال Facebook google+

انفجار ناتانز كان حادثاً من ضمن سلسلة حوادث غير متوقعة للبنية التحتية في إيران. تم الإبلاغ عن ما مجموعه ستة حوادث على شكل حرائق وانفجارات وحوادث كيميائية طالت منشآت مختلفة في البلاد، منها إنفجار في إحدى العيادات الطبية قرب طهران، ومحطة للطاقة في الأهواز جنوب غرب إيران ومصنع للبتروكيماويات في مهاشار. ووفق المحلل العسكري النمساوي فأنه "من المحتمل أن تكون سلسلة الانفجارات التي استهدفت المرافق المدنية، ناجمة عن هجوم إلكتروني“.

لا يزال هذا السؤال مفتوحاً لحد الآن. من جانبه قال عباس موسوي، المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، يوم الخميس (9 يوليو/ تموز 2020) إن"التحقيقات التي يجريها الخبراء وقوات الأمن ما زالت جارية، ولهذا السبب لا يزال من السابق لأوانه الحديث عن السبب الحقيقي للحادث". لكن داخل إيران، فإن الشكوك بشأن عمليات التخريب هذه، تحوم حول إسرائيل.

بيني غانتس وزير الدفاع الاسرائيلي

وخلال الأيام القليلة الماضية جاء النفي من إسرائيل، لكن في صورة غامضة، كما قال وزير الخارجية الإسرائيلي، غابي اشكنازي "نحن نتخذ إجراءات، لا ينبغي علينا الإفصاح عنها“. ولم تختلف نبرة رئيس حزب أزرق - أبيض، ورئيس هيئة الأركان الإسرائيلي السابق بيني غانتس كثيراً وقال: "ليست كل حادثة تحدث في إيران مرتبطة بنا."

لكن الأمر المؤكد هو أن الحكومة الإسرائيلية ترى في إيران، تهديداً كبيراً لها. في تل أبيب، لم يعد القلق يقتصر على إمتلاك إيران أسلحة نووية ذات يوم، لكن هناك شعور بالتهديد من الوجود الإيراني في سوريا، حيث اكتسبت إيران موطئ قدم ثابت هناك. بعض المصادر تحدثت عن أن إسرائيل قد قامت بتنفيذ عشرات الهجمات على مواقع الحرس الثوري الإيراني وقوات أخرى في سوريا.

ما علاقة الانفجارات بالعام  2002 ؟

في مقال لصحيفة "هآرتس"الإسرائيلية، ربط الصحفي يوسي ميلمان انفجارات وحرائق الأيام الأخيرة التي حدثت في إيران بسياق تاريخي أكبر، يعود حسب تصوره إلى عام 2002. ويقول ميلمان إنه في ذلك الوقت، تم الكشف عن مخطط إيران المتمثل في بناء مصنع من أجل تخصيب اليورانيوم في ناتانز. ومنذ ذلك الحين، لم يعد هناك أدنى شك لدى تل أبيب وواشنطن حول طموح طهران في أن تصبح قوة نووية.

وقال الصحفي أنه نتيجة لذلك تم تنفيذ العديد من أعمال التخريب والتدمير. كما تم استخدام فيروس الكمبيوتر المسمى  Stuxnet أيضاً لهذا الغرض وهو ما أدى فيعام 2010، إلى شل أجهزة الكمبيوتر التي كانت تسيطر على أجهزة الطرد المركزي في ناتانز. ويعتقد ميلمان بأنه يمكن أن تكون لإسرئيل صلة بعمليات التخريب الأخيرة التي حدثت في إيران وطالت منشآت حساسة. كما أنه لم يستبعد أن تكون هذه العمليات قد حدثت بالتعاون مع الأقليات العرقية في إيران، المعارضين بشدة للحكومة  في طهران.

تفجير استهدف نهاية شهر يونيو حزيران 2020 مركز سينا الطهار الصحي شمال العاصمة طهران

التعاون مع الأقليات العرقية في إيران

وتابع ميلمان أن رئيس الموساد السابق لوح مرارا إلى أن إسرائيل ستتعاون مع هذه الجماعات خلال فترة ولايته. التصريحات التي أدلى بها اشكنازي وكذلك غانتس قد تحمل معنى جديد إذا ربطت في هذا السياق وأن أعمال التخريب الأخيرة يمكن أن يقف خلفها معارضو النظام الذين يعيشون في إيران. وخلص ميلمان إلى أن "إسرائيل" تبذل كل ما في وسعها لمنع إيران من متابعة برنامجها النووي وذلك بالتزامن مع تعرض البلاد للحوادث والهجمات الإرهابية".

لكن بغض النظر عما إذا كانت إسرائيل مسؤولة عن أعمال التخريب هذه أم لا، هناك شيء واحد واضح حسب ميلمان، وهو "حقيقة أن اتهام الإيرانيين لإسرائيل يرفع من شأن المخابرات الإسرائيلية، وفي الوقت نفسه، يضر بالروح المعنوية وصورة إيران".

قراءة تحليلية مماثلة للهجمات الأخيرة التي حدثت في إيران على صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، إذ علقت أن "الانفجارات إن كانت ناجمة عن أعمال تخريب، فهي تبعث برسالة واضحة للجمهورية الإسلامية ومفادها: أنها معرضة للخطر، وأنه يمكن الوصول إلى أكثر مرافقها الحساسة ومهاجمتها".

قبل أيام من اتخاذ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لقرار متوقع بشأن الاتفاق النووي مع إيران، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو عن حيازته لوثائق تثبت أن "إيران خدعت العالم بإنكار أنها كانت تسعى لإنتاج أسلحة نووية".

ردود الفعل الغربية على تصريحات نتنياهو جاءت متضاربة، فقد تحفظ الأوروبيون إلى حد كبير في مواقفهم مؤكدين على أهمية الاتفاق مع طهران، فيما أعلنت الخارجية الأمريكية أن الوثائق التي كُشف عنها "حقيقية".

بدأت قصة البرنامج النووي الإيراني في خمسينات القرن الماضي في إطار برنامج الرئيس الأمريكي آيزنهاور "الذرة من أجل السلام". وفي عام 1967 تم التوقيع على اتفاقية بين الوكالة الدولية للطاقة الذرية والولايات المتحدة وإيران لتوريد اليورانيوم المخصب والبلوتونيوم. وفي العام نفسه تأسس مركز طهران للبحوث النووية بدعم أمريكي.

في الأول من يونيو/ حزيران عام 1968 وقعت إيران على معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية.

في السبعينات أعلن شاه إيران محمد رضا بهلوي عن خططه لبناء 23 مفاعلاً نووياً حتى نهاية التسعينات، معللاً ذلك بالتهيؤ لفترة ما بعد النفط، ومؤكداً أن بلاده لا تسعى لبناء أسلحة نووية، ولكنه أضاف "في حال بدأت دول صغيرة في المنطقة ببناء ترسانة نووية، فستعيد إيران النظر في سياستها."

في عام 1975 كرافت فيرك أونيون التابعة لشركة سيمنز الألمانية العملاقة توقع اتفاقية مع إيران لبناء مفاعل بوشهر النووي. وفي 1977 وافقت الحكومة الألمانية لكرافت فيرك أونيون على بناء 4 مفاعلات إضافية في إيران.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل