المحتوى الرئيسى

رحلة إنتاج أسطوانة الأكسجين: من كبس الهواء إلى التنفس الصناعي

07/12 10:07

عقب انتشار جائحة «كورونا» فى مصر، وازدياد الحاجة إلى أجهزة تنفس صناعى لبعض الحالات، نظراً لتدهور حالتهم، زاد الإقبال بشكل كبير على مصانع الغازات الصناعية التى تنتج غاز الأكسجين، حيث لم تعد تلجأ إليها المستشفيات المتعاقدة معها فقط، إنما أصبحت السبيل لكثير من الموزعين والمرضى الذين يترددون عليها من مختلف المراكز والمحافظات لتعبئة أسطوانة الأكسجين التى أصبح الحصول عليها فى الوقت الراهن أمراً شاقاً؛ إما لارتفاع سعرها بشكل مبالغ فيه أو لعدم توافرها من الأساس فى المستشفيات والصيدليات.

«الوطن»، زارت أحد مصانع إنتاج غاز الأكسجين لرصد مراحله، بدءاً من سحبه من الهواء الجوى وحتى تعبئته فى الأسطوانات المخصصة له، بجانب رصد مدى إقبال المستشفيات والمرضى عليها منذ بداية «كورونا»، وتكلفة تعبئتها خصوصاً بعد أن وصل سعر تأجير الأسطوانة فى بعض المناطق إلى 300 جنيه لليوم الواحد.

أمام بوابة المصنع الذى يقع تحديداً بمنطقة الكيماويات بالحوامدية، تتراص سيارات النقل خلف بعضها محملة بأنابيب أكسجين فارغة منتظرة دورها، ينظم دخولها لساحة المصنع موظفو الأمن الذين يرتدون زياً موحداً منعاً لأى خلافات، فبمجرد أن تطأ أقدامك للساحة تجد على يمينك المبنى المخصص للإدارة ومن بعده معدات إنتاج الأكسجين إما غاز أو سائل على حسب احتياج المصنع الذى ينقسم لأكثر من 5 أقسام، كل قسم منها مخصص لمرحلة معينة من مراحل الإنتاج، بحسب كلام الكيميائى «محمد عبدالرحمن»، المسئول عن خطوط الإنتاج بالمصنع، إذ تبدأ رحلة إنتاج الأكسجين الصناعى الذى أصبح يمثل السبيل للحياة للعديد من مرضى كورونا مؤخراً، بسحبه من الهواء الجوى عن طريق مكبس توربينى الذى يشبه الماسورة الضخمة، ثم يتم تمريره بوصلات إلى مكبس هواء لضغطه عند نسبة معينة وتبريده وتنقيته من الشوائب الموجودة به سواء غبار أو بخار ماء أو غاز ثانى أكسيد الكربون، ثم يتم تحويله لعمود الفصل المسئول عن فصل الغاز عن السائل، حيث يتم التحكم فى درجة حرارة الأكسجين وضغطه، فكل غاز له درجة غليان معينة بمجرد وصوله لها يتحول مباشرة لسائل، وفقاً لكلام «عبدالرحمن»: «عمود الفصل يعمل بشكل أوتوماتيكى، إحنا بنحدد بس محتاجين سائل ولا غاز من خلال غرفة التحكم وبناءً عليها بنظبط الحرارة والضغط، وبعد كده بيتم فصلهم، ولكل منهم شبكات معينة بينزل فيها».

بعد فصل الأكسجين، يتم تحويل السائل منه إلى «تانكات»، ومنها للعميل مباشرة، أما الغاز فيتم تمريره بشبكات لتعبئته فى أسطوانات الأكسجين الفارغة التى يأتى بها المستشفى أو الموزعون.

وعن الفرق بين الأكسجين الغاز والسائل، يوضح «عبدالرحمن» أنه لا يوجد فرق بينهما سواء فى الإنتاج أو الاستخدام، وإنما الاختلاف يتحدد وفقاً لاحتياج العميل، إذ تحتاج بعض المستشفيات التى لديها شبكة تبخير للأكسجين السائل وتحويله من خلال شبكتها لغاز ثم تعبئته فى أسطوانات الأكسجين، لكن أغلب المستشفيات تفضل التعامل مع الأسطوانات الجاهزة، وفقاً لكلامه.

بمجرد وصول أنبوبة الأكسجين للمصنع، يتم تعقيمها وقراءة بياناتها المكتوبة عليها، فكل أسطوانة يحفر عليها ضغطها ووزنها وتاريخ آخر اختبار أجرى لها، إذ لا بد أن تخضع للاختبار كل 5 سنوات للتأكد من أنها صالحة لتحمل ضغط الأكسجين، وفى حال انتهاء المدة يتم تحويلها لمعمل المصنع لإجراء جميع الاختبارات اللازمة لها والتى تتمثل فى قياس وزنها، فبعض الأسطوانات مع الاستعمال تتآكل من الداخل، فإن كان وزنها أقل 5% من وزنها الأساسى يتم رفضها، وإن كان وزنها سليماً يتم اختبارها على جهاز «الهايدروتيست» لقياس مدى تحملها لضغط الأكسجين، حيث يتم ملء الأسطوانة بمياه وضغطها للنسبة المكتوبة عليها، فإذا انكسر الجزء العلوى للأسطوانة فهى غير صالحة للاستخدام، أما إذا تحملت الضغط، فهى صالحة ويتم تحويلها لقسم الاختبار مرة أخرى لاستكمال بعض الاختبارات، بحسب كلام «رمضان رأفت»، أحد العاملين بقسم الاختبار، حيث يتم بعد اختبارها إلكترونياً، فحصها يدوياً للتأكد من أن صمام الأنبوبة يعمل بكفاءة منعاً لتسرب الغاز، وأن جسمها يخلو من أى كدمة أو صدأ يؤثر عليها.

يشير «رأفت» إلى إحدى أسطوانات الأكسجين الفارغة التى تتبع لأحد الموزعين قائلاً: «الأسطوانة دى آخر اختبار لها فى 2017، مش هتحتاج لمعمل، لكن لازم أفحصها، فى أسطوانات بعالجها لو فيها مشكلة زى مثلاً لو صمامها محتاج يتغير، بعرّف العميل، وبعملها هنا، أما لو فيها خبطة أو متآكلة برفضها وبنعدمها هنا فى المصنع عشان نتأكد إنه مش هياخدها أى ورشة تانية يملاها، لأن أى غلطة تساوى حياة مريض ودى مسئولية علىّ هاتحاسب عليها».

بعد إجراء الاختبار لها، يتم وضع أسطوانات الأكسجين على شبكة التعبئة التى تنقسم لخطين، كل خط يتحمل 25 أسطوانة تتم تعبئتها مرة واحدة وفقاً للضغط المطلوب من قبل العميل، حيث يتحكم الفنيون فى الضغط بعداد، وبمجرد أن يتم الوصول للضغط المحدد يتم إغلاق الأسطوانة يدوياً وتحويل الشبكة على الخط الآخر، بحسب كلام «عبدالفتاح أمين»، المسئول عن تسلَّم الأسطوانات من العملاء وتعبئتها، موضحاً أن مدة تعبئة الـ25 أسطوانة لا تستغرق سوى 15 دقيقة.

يوضح «عبدالفتاح» أن المصنع الذى يعمل على مدار 24 ساعة لتلبية احتياجات المستشفيات والموزعين، زاد الإقبال عليه من بداية أزمة كورونا، حيث يصل إليه يومياً ما لا يقل عن 15 سيارة كل منها محمل بـ120 أسطوانة أكسجين، الأمر الذى دفعهم إلى تشغيل مكبسين للهواء بعد أن كان الاعتماد على مكبس واحد فقط، حتى يتمكنوا من توفير متطلبات العملاء، بجانب إنتاج مخزون احتياطى للحالات الطارئة: «إحنا من وقت الأزمة وإحنا علينا ضغط شديد، فى اليوم بيتم تعبئة آلاف الأسطوانات، كل سيارة بتاخد منى ساعة ونص، وفيه حالات مرضية دلوقتى بقت تيجى المصنع معاها أسطوانة محتاجة غاز، طبعاً قبل الأزمة ماكانش ده بيحصل، لكن حالياً مانقدرش نقول لحد لأ، وباتعامل مع الأسطوانة كأنها لمستشفى وباختبرها لأن صاحبها مايعرفش حاجة، بيأجرها من واحد ممكن تكون غير صالحة، يستخدمها تموته».

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل