كتب مسيحية محرفة تتداول في الأسواق.. الكنيسة تحذر ومفكرون يكشفون أصلها

كتب مسيحية محرفة تتداول في الأسواق.. الكنيسة تحذر ومفكرون يكشفون أصلها

منذ ما يقرب من 4 سنوات

كتب مسيحية محرفة تتداول في الأسواق.. الكنيسة تحذر ومفكرون يكشفون أصلها

مجهولون يطوفون على بعض الأقباط يوزعون كتبا تخالف العقيدة المسيحية، حملت قدرا كبيرا من الأفكار المغلوطة والتي لا تمت للإيمان الصحيح بصلة، ما دعا الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تصدر بيانا تحذيريا لمنع تداول هذه الكتب.\nوقال القس بولس حليم، المتحدث الرسمي باسم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، في بيان، إن الكنيسة ترفض رفضا تاما لمحتوى هذه الكتب وغيرها من الكتب الفاسدة التي تحاول أن تجذب القارئ بإقحام عبارة "إنجيل المسيح" في عناوينها.\n"ترجمات فاسدة ذات صبغة أريوسية لإحياء هرطقات انتصرت عليها الكنيسة منذ قرونها الأولى" كانت وصف المركز الثقافي القبطي بالكنيسة القبطية الأرثوذوكسية للكتب الأربعة المتداولة، حيث أصدر المركز بيانا أشار فيه إلى أن هذه الكتب تنشر بدعًا وهرطقات لهدم الإيمان المسيحي السليم، وأن المقصود من هذا التحريف نقض وهدم العقيدة المسيحية وإضاعة لاهوت وجوهر السيد المسيح.\nوقال القس بيشوي حلمي، أستاذ اللاهوت العقيدي بالكلية الإكليريكية، والأمين السابق لمجلس كنائس مصر، إن بعض الآيات التي اطلع عليها والواردة في تلك الكتب الأربعة تختلف ترجمتها اختلافا جوهريا عن ترجمتنا المعتمدة والمراجعة، حيث تعتمد ترجمات الكتب على إخفاء الحقائق الأساسية للعقيدة المسيحية بمساواة المسيح مع الآب.\nوتابع حلمي في حديثه لـ"الوطن"، أن الترجمة الصحيحة تعتمد على الأصل اليوناني ومقارنة النسخ بعضها ببعض، موضحا ان الأناجيل التي نقرأها الآن ترجمت منذ وقت بعيد عن اليونانية وأن أي كلمة جديدة يكون التلاعب بها واضحا، نظرا لوجود عدة نسخ تعتمد عليها الترجمات وتكون بالاتفاق بين الكنائس.\nويوضح أن الكتب الموزعة بين عموم الأقباط في الوقت الحالي، تعمدت بين طياتها إخفاء حقائق الكتاب المقدس المعلنة، والمعروفة على مدار التاريخ المسيحي عن مساواة الابن بالأب، وأتت بمعانٍ جديدة تشبه الأفكار الأريوسية والتي تهدف لزعزعة الإيمان وعمل زوبعة بين الناس وبعضها.\nمن جانبه أوضح كمال زاخر المفكر المسيحي، أن الكتب خرجت من لبنان لمجموعة من المؤلفين في عام 2008 وكان السبب المعلن آنذاك محاولة للتقريب بين أتباع الأديان، خاصة المسيحية والإسلام بمحاولة تقريب المصطلحات المسيحية والإسلامية ولكن عند التطبيق ظهرت عدة مشاكل، تتعارض تعارضا فجا مع الإيمان المسيحي.\nوأوضح زاخر لـ"الوطن"، أنه قرأ أجزاء من الكتب ووجد أنها تستخدم تعبيرات ومصطلحات تتصادم مع المفهوم المسيحي المتأصل في الذهنية المسيحية، حيث إن الكتب أظهرت تماهيا بين الفكر المسيحي والاتجاه الذي تبناه أصحاب الترجمات التي تنقذ لاهوت المسيح، مشيرا إلى أن الأزمة الحقيقية تتمثل في اشتباك بعض الرموز المسيحية المرموقة كباحثين وكتاب في هذه الكتب.\nوتابع زاخر أن هناك فروقات بين الترجمة والتعريب والتحليل، وإذا كانت الكتب تحليل فقط فهي بالطبع لا مشكلة بها وإنما ما لا يقبل هو الترجمة غير الصحيحة لنص الإنجيل وهو ما جعل الكنائس السميحية بطوائفها تتسارع لإعلان رفضها للكتب المزورة بالأسواق.\nوأشار المفكر القبطي إلى أن عودة الجدل حول كتب صدرت قبل نحو 12 عاما يجعلنا نتساءل عن سبب التوقيت كما أنه يسلط الضوء على المنظومة التعليمية المسيحية وهل هي كفاية لإشباع المسيحيين وخصوصا الشباب منهم في ظل فضاء ثقافي مفتوح.\nوأضاف "نحن لا نملك المنع، أولا لأن الكتب تطبع في لبنان، ثانيا الكتب موجودة نسخ إلكترونية وليست ورقية فقط، مشيرا إلى أننا بحاجة إلى مواجهة الفكر بالفكر و"عصرنة التعليم" أي تجديد التعليم الكنسي ليكون تعليما معاصرا.\nأما الكتب التي حملت صبغة أريوسية كانت عناوينها كالآتي: المعنى الصحيح لإنجيل المسيح، والبيان الصحيح لحواري المسيح، والإنجيل قراءة شرقية، وقراءة صوفية لإنجيل يوحنا، وهي كتب لم تصدر من دار الكتاب المقدس، ولم تطبع به وهو الجهة الوحيدة المنوط لها طباعة الكتاب المقدس فى العالم.\nوتتشابه أفكار الكتب الأربعة مع أفكار واحد من أقدم الهراطقة الذين ظهروا في تاريخ الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والذي تصدت له الكنيسة في القرون الأولى منها وهو "أريوس" والذي ابتدع "بدعة أريوس" وتصدت له كنيسة الإسكندرية والقديس إثناسيوس الرسولي في مجمع نيقية الأول.\nولد بالقيروان عام 270 وكان ملما بعلوم كثيرة و"اللطافة والفصاحة" وجاء إلى الإسكندرية ودرس في مدرسة الإسكندرية اللاهوتية ونال الكهنوت، لكنه انضم لأسقف أسيوط الذي ساعده في خلافه مع بطريريك الإسكندرية البابا بطرس، وحينها حرم من الكهنوت ولكن في عهد البابا أرشلاوس عاد مرة أخرى للكهنوت، بحسب كتاب تاريخ الكنيسة القبطية للقس منسى يوحنا 209.\nويشرح موقع تراث الكنيسة القبطية الأرثوكسية، قصة حرمان أريوس من الكهنوت كالتالي: بدأ أريوس يعلِّم هرطقته وهو يعد شماسا في عهد البابا بطرس خاتم الشهداء البابا السابع عشر من عداد بطاركة الإسكندرية.\nوحاول البابا بطرس إرجاع أريوس عن معتقده الخاطئ وهو الذي ينكر لاهوت المسيح، ولما لم يقبل حرمه البابا وحرم تعاليمه الخاطئة، وبالتالي مُنع من ممارسة الشماسية والتعليم.\nوذكر الدكتور يوسف زيدان في كتابه اللاهوت العربي، أن أريوس بعد دراسته الأولى في الإسكندرية ارتحل إلى الشام، وكانت له أعمال شعرية، وبدأ الإشكال "الهرطوقي" الهائل المرتبط بأريوس في النصف الثاني من حياته وتحديدا بعد انتقاله إلى الشام والتفاف الناس حوله وإعجابهم بآرائه ثم أخذت الأزمة في التصاعد.\n كانت للبابا ألكسندروس كتابات ضد الأريوسية، وهو أول من عقد مجمع بالإسكندرية حضره مائة أسقف للحكم على أريوس وحرمه فيه، لكن في ذلك الحين أثناء الصراع مع أريوس والرد على الآيات التي كان يستخدمها ويسيء تفسيرها كان الأمر يتطلب محورا قويا مثل أثناسيوس. فكان المعلم والتلميذ معًا في المجمع، وكان التلميذ متفوقًا وبارعًا جدًا أمام كل المجمع بدرجة أثارت انتباه العالم المسيحي كله بالرغم من الاضطهادات التي وقعت عليه حتى أنه أخذ لقب "الرسولي" بعد أن صار بطريركًا.\nانعقد المجمع المسكوني بأمر الملك قسطنطين خوفًا من الانقسام الحاد الحادث في الإمبراطورية بسبب بدعة أريوس. وكان انعقاده سنة 325م في نيقية بعدد 318 أسقفًا، في البداية كان 16 أسقفًا مؤيدين لأريوس، و22 أسقفًا مؤيدين للبابا ألكسندروس، والباقي لم يكن موقفهم قد تحدد بعد، أما بنهاية المجمع فقد ظل أسقفان فقط مؤيدين لأريوس وهما سيكوندوس وثيئوناس اللذين رفضا التوقيع على إيمان المجمع مع الكهنة الملتصقين بهم وكان بفضل شرح القديس أثناسيوس للإيمان ورده على افتراءات أريوس.\nويذكر تاريخ الكنسية أنه "مر وقت كاد فيه العالم كله تقريبًا أن يصير أريوسيًا لولا أثناسيوس". ففي وقت من الأوقات عزل الإمبراطور البابا الروماني وعين آخر مكانه ليوقع على قانون الإيمان الأريوسي، ولما عاد البابا من سجنه إلى كرسيه وقّع على قانون الإيمان الأريوسي الذي كان قد رفض التوقيع عليه من قبل. ولم يبقي في هذه المرحلة سوى أثناسيوس وأساقفته في مصر وحدهم هم المتمسكون بالإيمان الصحيح.

الخبر من المصدر