المحتوى الرئيسى

احتجاجات مالي.. صعود سياسي لـ"إمام الشعب"

07/11 16:14

مع اتساع رقعة الاحتجاجات التي تشهدها مالي حاليا بدت الأنظار مشدودة نحو هوية الشخصية القيادية التي نجحت في قيادة ائتلاف سياسي يفتقد للتجانس، فرقته الخلفيات والمشارب الأيديولوجية ووحدته المطالب باستقالة رئيس البلاد بوبكر كيتا.

وفي الخامس من يونيو/حزيران تم الاعلان عن حركة (M5) بعاصمة مالي بامكو في تظاهرة مليونية غير مسبوقة في التاريخ السياسي الحديث لهذا البلد الإفريقي، ضمت ائتلافا من رجال الدين وهيئات المجتمع المدني والحركات السياسية، بالإضافة إلى تجمع القوى الوطنية المعارضة.

بزغ نجم رئيس المجلس الإسلامي السابق الإمام الموصوف بالاعتدال محمود ديكو قائدا للحراك ومفاوضا عن المحتجين.

يعتبر محمود ديكو الذي لُقب بـ"إمام الشعب" كان من المؤيدين سابقا للرئيس كيتا ويتحدث بعض المراقبين عن دوره الكبير في وصوله إلى الحكم في عام 2013، بوصفه شخصية دينية مؤثرة جدا في السنوات العشر الأخيرة بالبلاد  ترأس خلالها المجلس الإسلامي الأعلى.

ولد الإمام ديكو في منتصف الخمسينيات من القرن الماضي في منطقة "تمبكتو" بالشمال المالي، كان في الأصل مدرسًا للغة العربية، تلقى تعليمه الأول في المدرسة التقليدية لوالده حيث حفظ القرآن الكريم ثم انتقل إلى موريتانيا والمملكة العربية السعودية لإكمال دراسة الشريعة الإسلامية قبل أن يصبح إماما لأحد أكبر مساجد عاصمة البلاد باماكو.

ورغم انتمائه جغرافيا إلى إقليم "أزواد" مركز نشاط الحركات المتشددة، يوصف ديكو بالاعتدال، وعرف عنه رفضه لفكر هذه الحركات، كما قد سبق للحكومة أن اختارته لفتح قنوات الحوار مع بعض التنظيمات المسلحة.

عرف عنه تأييده للتدخل العسكري الفرنسي في مالي سنة 2013، تحت أسم عملية "السرفال"، ورفض في تلك الفترة وصف تدخل باريس بأنه احتلال، معتبرا أن فرنسا "جاءت لنجدة شعب منكوب" على حد وصفه.

وتخلى ديكو سنة 2017 عن قيادة منصبه الحكومي رئاسة المجلس الإسلامي الأعلى ليتفرغ لإنشاء حركته السياسية الخاصة بهذه، في خضم محاولات له لفتح حوار مع الحركات المتشددة وخاصة مع زعيم حركة "أنصار الدين" التي يقودها "أياد غالي"، وهو توجه للحوار كانت مالي رسميا أيضا قد دعت له قبل ثلاثة أشهر أيضا.

ويرى مؤيدو الحراك الاحتجاجي في الإمام الشخصية المعتدلة التي يمكن أن تملأ الفراغ الناتج عن الغياب المفاجئ للمعارض سوميلو سيسيه، المنافس الأول للرئيس كيتا، والذي اختطفه تنظيم مسلح يوم 25 مارس/آذار الماضي شمال البلاد أثناء خوضه حملة الانتخابات التشريعية.

لم يحمل ديكو غداة تزعمه الحراك الداعي لإقالة كيتا أي صفة سياسية وحزبية مركزا انتقاده ضد أداء الرئيس بسبب ما يصفها بالأزمات العميقة يتخبط فيها المجتمع المالي من فقر مدقع وانعدام للأمن والاستقرار.

انتقال الإمام محمود ديكو إلى المعارضة السياسية يشكل سابقة في مسار الشخصيات الدينية في البلاد، وتزيد الكاريزما التي يتمتع بها من المخاوف من أن يتحول إلى شوكة في حلق النظام الذي لم يتأخر في محاولة كبح زخمه السياسي حينما وُجهت له تهمة تتعلق بالمساس بالأمن العام، لكن نزول أنصاره إلى الشارع حال دون استمرار السلطات في مضايقته.

وصلت الاحتجاجات لذروتها مع عصيان مدني دعت له الحركة أمس الجمعة، سيطر خلاله متظاهرون لبعض الوقت على مباني حكومية من بينها الإذاعة والتلفزيون ومقر البرلمان قبل أن ينسحبوا ويعلن رئيس البلاد فتح تحقيق في خروج هذه المظاهرات عن سلميتها.

ويأتي تنظيم هذه المظاهرات بمبادرة من الجبهة من أجل الحفاظ على الديمقراطية والتي تضم أحزابا سياسية معارضة وشخصيات دينية وبعض منظمات المجتمع المدني.

وقبل ذلك أعلنت رئاسة مالي، في الخامس من شهر يوليو/تموز الجاري، أن الرئيس إبراهيم ببكر كيتا التقى في مكتبه بالقصر الرئاسي مع الإمام محمود ديكو، الرئيس السابق للمجلس الإسلامي الأعلى وأبرز قادة حراك الخامس من يونيو المعارض.

وقالت الرئاسية المالية إن الرئيس والإمام تباحثا حول سبل وآليات تهدئة الأوضاع الاجتماعية والسياسية في البلاد.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل