المحتوى الرئيسى

في ذكرى وفاته.. عبدالمنعم مدبولي كوميديان بنكهة مأساوية

07/10 23:33

في 9 يوليو من كل عام تحل ذكرى رحيل أحد فناني مصر المحبوبين، عبدالمنعم مدبولي، بعد رحلة فنية كبيرة ومليئة بالعطاء الفني على كافة المستويات، سينمائيا ودراميا وإذاعيا ومسرحيا، بدأها مع فرق مسرحية شهيرة مثل فرقة فاطمة رشدي وجورج أبيض، وبلغ رصيده الفني ما يصل إلى 60 فيلمًا و120 مسرحية و30 مسلسلا تلفزيونيا.

مدبولي أو "بابا عبده" من مواليد حي باب الشعرية عام 1921، درس في قسم النحت بالفنون التطبيقية، ثم التحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية، وعمل في أكثر من فرقة مسرحية بداية من مسرح التلفزيون، ثم تولى إدارة المسرح الكوميدي، وشارك في تكوين فرقة الفنانين المتحدين وأسس فرقة المادبوليزم.

اشتهر مدبولي بالأدوار الكوميدية، وإخراج الأعمال الفنية الضاحكة سواء على خشبة المسرح، أو كتابتها للسينما، ولكنه برع في تقديم أدوار أخرى، عبرت عن الحزن والرفض والألم والظلم في أعمال مختلفة، نتعرف على جانبا منها في هذه السطور.

قدم مدبولي الأدوار ذات الطابع التراجيدي في سن متقدم، وكان أول أدواره في هذا السياق في فيلم "مولد يا دنيا" الذي أدى فيه أغنية"زمان وكان ياما كان" والتي رثى فيها الماضي ولياليه ثم رقص على أحزانه بالعصا، قائلًا: "آه يا زمان العبر سوق الحلاوة جبر، احنا اللي كانوا الحبايب بيسافروا بينا القمر، بقينا أنتيكة..دقّي يا مزيكا"، وكانت من كلمات مرسي جميل عزيز.

ثم قدم أغنية درامية أخرى عن ليالي زمان والمسرح، في فيلم "ألف بوسة وبوسة" وكانت بعنوان "لحد امتة" من كلمات حسين السيد، وسط ديكورات وملابس مسرحية وآلات موسيقية امتلئت بالأتربة، وهو يقول: "فين المسرح فين الصالة فين الجمهور.. فين البناوير داير ميدور...".

ومن الغناء إلى التمثيل، شارك مدبولي في بطولة فيلم "إحنا بتوع الأتوبيس"، وإلى جواره الفنان الشاب وقتها عادل إمام، وكانت أولى تجاربه في تقديم الأدوار ذات الطابع المأساوي المٌجسد للظلم، وأخرجه حسين كمال وتأليف جلال الحمامصي وقصة فاروق صبري.

وهو فيلم سياسي يقدم رؤية ومعالجة لقضية المعتقالات والتعذيب، وقدم مدبولي شخصية موظف بسيط، يدفعه القدر للشجار مع جاره في العمارة وسواق أتوبيس نقل عام إلى قسم الشرطة ويكون رهن الاعتقال في هذا اليوم مجموعة من المعارضين السياسيين، يٌرحل جميع المعتقلين إلى أحد المعتقلات ومعهم جابر ومرزوق عن طريق الخطأ ويتعرضان لتعذيب وحشي.

وقال الناقد اللبناني محمد رضا عن هذا الفيلم، وقد كتب عنه كثيرين، يعد هذا الفيلم من أهم أفلام السينما المصرية، القصة مقتبسة من قصة حقيقية في كتاب "حوار خلف الأسوار" للكاتب الصحفي جلال الدين الحمامصي، واستطاع الفيلم أن يبين نفسية المساجين في الداخل، ومواقفهم المتباينة فمنهم من فقد الأمل وآخر لايزال يبحث، واستطاع مدبولي بعبقرية إظهار الجانب الطيب من الموظف المسكين الذي يسعى إلى "المشي جنب الحيط" ليحافظ على أسرته.

ومن السينما إلى المسلسلات التلفزيونية، حيث قدم مدبولي أدوار الرجل البسيط المظلوم أحيانا، في دراما اجتماعية، تناقش أمور الحياة والعلاقات الأسرية، وكان من هذه الأعمال، مسلسل "لا يا ابنتي العزيزة"، ويحكي قصة أب وأم أنجبا ثلاث بنات، يدخل الأب السجن بعد الحكم عليه بالسجن المؤبد في جريمة قتل لم يرتكبها، تتركه زوجته وتأخذ بناته وتتزوج من شخص آخر، يخرج مدبولي من السجن ويبدأ رحلة البحث عن بناته.

والعمل من تأليف يوسف فرانسيس وإخراج نور الدمرداش، وبطولة هدى سلطان وأنور اسماعيل ومجموعة من الوجوه الشابة وقتها.

ولكن العمل الأكثر شهرة لمدبولي في التلفزيون، هو "أبنائي الأعزاء شكرا" والذي عرف بلقب "بابا عبده" نسبة لاسم البطل، الأب الذي لديه 3 أولاد وفتاة، يقوم على تربيتهم بعد وفاة والدتهم، يكبر الأبناء ويتزوج كل منهم، وتبدأ الصراعات والمشاكل بسبب اختلاف شخصياتهم، واختلافتهم مع مواقف والدهم.

المسلسل بطولة صلاح السعدني ويحى الفخراني وفاروق الفيشاوي وآثار الحكيم وفردوس عبدالحميد، وإخراج محمد فاضي وتأليف عصام الجمبلاطي.

وقدم شخصية الموظف المظلوم في أكثر من عمل، من بينهم مسلسل" أولادي"، ولعب فيه دور موظف حكومي فقير يريد أن يلبي احتياجات أولاده الأربعة المتزايدة بعد وفاة زوجته، فيضطر إلى تحمل مسؤولية قضية مخدرات بدلًا من مديره، ويدخل السجن ليقضي بداخله خمس عشر عامًا، ثم يخرج يبحث عن أبنائه، وكان من تأليف محسن زايد وإخراج رائد لبيب.

وشارك مرة أخرى الفنان عادل إمام في فيلم "حب في الزنزانة"، وقدم شخصية محامي معدوم الضمير، يعمل لدى رجل أعمال وتاجر في الأغذية الفاسدة، يدفعه جشعه وبتعاونه مع محاميه للاتفاق مع أحد الشباب للاعتراف بجريمة بدلًا منه ويحكم عليه بالسجن.

ومن المشاهد السينمائية الأخيرة لمدبولي، في فيلم "عايز حقي"، وظهر في العمل في مشهد واحد مع الفنان هاني رمزي، وقدم دور رجل مسن جالس أمام النيل يلتقي به الشاب صابر بالصدفة ويوجه له الرجل اللوم على ما فعله وتفكيره في بيع الوطن لجهات أجنبية، ويحكي له قصة ابنه الوحيد الذي استشهد في حرب 1973.

وتدور أحداث الفيلم عن صابر الطيب وهو سائق تاكسي قرأ نص المادة الدستورية التي تقر أن من حق كل مواطن جزء من الملكية العامة بالصدفة، فيرفع قضية مطالبًا بحقه في المال العام، وأن يحصل على شقة يتزوج فيها، ينتشر الأمر، ويبدأ الجميع بالمطالبة ببيع الوطن، مرسلين له توكيلات بأحقيته في بيع حقهم في الوطن.

أهم أخبار فن وثقافة

Comments

عاجل