المحتوى الرئيسى

الإنترنت.. وسيلة للقمع أم أداة للتحرر منه؟

07/09 21:46

ضرورة فرض الرقابة ومحاربة الأخبار المزيفة وحملات التشويه، هذه حجج تلجأ إليها الدول ذات الأنظمة الاستبدادية لفرض سيطرتها على الإنترنت والتأثير على الرأي العام أو لتخويف المعارضين السياسيين والمنتقدين لها. هذه الأنظمة تعي أن احكام قبضتها على الفضاء الرقمي يعني امتلاك القوة والحفاظ على وجودها وسيادتها. خبر سيء لأكثر من ثلاثة مليارات شخص في جميع أنحاء العالم، خاصة أولئك الذين يعيشون في دول تحكمها ديكتاتوريات. لكن الجانب الإيجابي هو وجود أشخاص مثل ماريا ريسا أو لينا عطاالله ممن كرسوا أنفسهم لمحاربة هذا الاضطهاد، حتى لو أن الوضع يبدو في كثير من الأحيان ميؤوسا منه. 

شاركت ماريا ريسا في تأسيس بوابة أخبار "رابلر/ Rappler" في الفلبين. ولكونها رئيسة التحرير، تتعرض لضغوط  شديدة بسبب تقاريرها المعارضة للحكومة،  خاصة تلك التي تأتي ضمن حملة "الحرب على المخدرات" التي أعلن عنها الرئيس رودريغو دوتيرتي. وقد تم القبض على ريسا عدة مرات وادينت مؤخراً في قضية تشهير ، لم تحدد عقوبتها بعد. أما لينا عطا اللهفهي مؤسسة ورئيسة تحرير موقع "مدى مصر" الإخباري، إحدى آخر وسائل الإعلام المستقلة المنتقدة المتبقية في البلاد و التي حجبته حكومة عبد الفتاح السيسي خلال السنوات الاخيرة. وقد تحركت السلطات المصرية عدة مرات ضد موقع "مدى مصر" وفي تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، داهمت السلطات الأمنية مقر الموقع وأوقفت ثلاثة صحافيين بينهم عطا الله قبل أن تُخلي سبيلهم لاحقا. كما تم اعتقال عطا الله لفترة وجيزة في مايو/ أيار المنصرم.

ماريا ليسا: "الموت من خلال ألف لدغة"

ضمن حلقة حوارية افتراضية عقدت ضمن فعاليات منتدى الإعلام العالميالذي تنظمه مؤسسة DW كل عام، تحدثت الصحفيتان المثيرتان للجدل عن أهمية الإنترنت في الدول ذات الأنظمة الاستبدادية. كما حضر الاجتماع ماركوس ن. بيكو من منظمة العفو الدولية، والذي يرأس مجموعة "حقوق الإنسان في العصر الرقمي"، وأدارت نقاش هذه الحلقة الصحفية سارة كيلي من DW. تحدثت الصحفية الفيليبينية ماري ريسا عن "موت الديمقراطية من ألف لدغة"، في وصف للوضع الذي وصلت إليه حرية الصحافة.

وذكرت الصحفية الفليبينية بأن الإنترنت وخاصة الشبكات الاجتماعية ساعدت في بلادها على ذلك خلال السنوات الأخيرة وأن الحكومة تستخدم الشبكات الاجتماعية كسلاح من خلال إغراقها بالكثير من المعلومات والكراهية لدرجة أنه في وقت ما قد لا يستطيع الناس التفرقة بين ما هو حقيقي وما ليس كذلك".

​​ماركوس بيكو: القمع يزداد وما يحصل في الانترنت مرآة للواقع

في حين لا يزال الحديث عن تنوع إعلامي في الفلبين على الرغم من الانتهاكات القانونية والجسدية ضد الصحفيين المنتقدين، إلا أن الملاحقات القانونية والرقابة المكثفة في مصر قد قضت على ذلك كليا. وعن الوضع في الدول الواقعة في شمال أفريقيا، تقول لينا عطا الله: "جميع وسائل الإعلام غير الخاضعة للرقابة إما مملوكة بشكل مباشر للدولة أو تابعة للأنظمة بطريقة أو بأخرى. "من ناحية أخرى، لم تعد وسائل الإعلام المستقلة قادرة على القيام بعملها بعد الآن والأمر نفسه ينطبق على موقع "مدى مصر" ، حيث يعمل المرء "بأساليب نشر بديلة" بسبب حجب الموقع. من جهته  يري  ماركوس ن. بيكو أن ما يحدث عبر الإنترنت من تأثير السلطة في دول مثل مصر والفلبين ،وكذلك في الصين أو روسيا يعكس الواقع حيث يتصاعد القمع وتنتهك حقوق الإنسان وحرية الصحافة ويتعرض النشطاء والمحامون للاعتداء".

لينا عطالله: مواجهة الحجب بأساليب نشر بديلة

من ناحية أخرى، يوفر الإنترنت منصة مهمة تمكن العديد من الأشخاص من الحصول على المعلومات وتبادل الأفكار، خاصة عندما لا تتوفر بدائل أخرى. كما لا يمكن تخيل ظهور حملات مثل " حياة السود مهمة/Black Lives Matter" أو الاحتجاجات في هونغ كونغ من دون مساعدة تطبيقات المراسلة والمنتديات عبر الإنترنت وغرف الدردشة. ولهذا فالإنترنت يمكن اعتباره سلاحا ذو حذين، أداة قمع في أيدي البعض، وأداة تحرر لا غنى عنها للبعض الآخر. ماريا ريسا مصممة على عدم ترك المجال للنظام في الفلبين: "ما زلنا نبذل قصارى جهدنا لأنني أعتقد أننا نحدث فرقًا. هذه هي طريقتنا في القتال: المزيد من الصحافة."

أحد الجوانب التي تبعث على الأمل  في نفس لينا عطا الله هي أنه " لا يمكن التحكم في الإنترنت بالكامل، فهناك دوما ثغرات. كما تريد عطا الله الاستمرار في عملها طالما أنها لا تسجن مثل العديد من الزملاء الآخرين. مصر الآن من بين الدول التي تحتجر عددا كبيراً من الصحفيين.

تأمل كل من الصحفيتان عطاالله وريسا ألا تتلقى الدول القمعية من الشركات العالمية برمجيات يمكنها المساعدة في مراقبة أو فرض الرقابة على وسائل الإعلام عبر الإنترنت. وأن يتم إعادة هيكلة عمل الشبكات الاجتماعية بحيث تساهم في الفهم والمعلومات بدلاً من الاستقطاب.

وفقاً لمؤشر حرية الصحافة لعالم 2019 القائم على التصنيف السنوي لمنظمة "مراسلون بلا حدود"، تتصدر تونس قائمة الدول العربية في التصنيف العالمي لحرية الصحافة. وحققت تونس هذا العام قفزة ملحوظة إذ تقدمت بخمسة وعشرين مركزاً لتحتل المركز الـ 72.

رغم أن وسائل الإعلام اللبنانية تعمل في جو من الحرية، كما تقول مراسلون بلا حدود، إلا أنها "تتميز بالتسييس وبحدة الاستقطاب". وقد تراجعت لبنان مرتبة واحدة في التقرير السنوي لحرية الصحافة لتصبح في المرتبة 101. وبحسب التقرير فإنه "غالباً ما يحكم على الصحفيين بدفع غرامات أو بالسجن الغيابي".

تراجعت قطر في مؤشر حرية الصحافة في عام 2019 ثلاث مراتب لتصبح في المركز 128. وتقول مراسلون بلا حدود إن الصحفيين المحليين يواجهون "ترسانة قانونية قمعية إضافة إلى نظام رقابة صارم". وتضيف بأن الصحفيين الذين يقتربون من "الخطوط الحمراء لدول الخليج (الحكومة والعائلة الحاكمة والدين) يكون مصيرهم السجن".

بقيت المغرب في المرتبة 135 في نسخة 2019 من التصنيف العالمي لحرية الصحافة، كما كانت في عام 2018. وتقول مراسون بلا حدود إن "السلطات المغربية تتعمد عرقلة عمل وسائل الإعلام الوطنيّة والأجنبية التي عملت على ملف حراك الريف أو ملف الهجرة الذي يُعتبر ممنوعًا".

تراجعت الجزائر خمسة مراكز في مؤشر حرية الصحافة لعام 2019 لتحتل المرتبة 141. وتقول مراسلون بلا حدود إن حرية الإعلام في الجزائر "مهددة"، مضيفة أن "السلطات تواصل تضييق الساحة الإعلامية من خلال دعاوى قضائية ضد الصحفيين". وبحسب المنظمة "لا شيء يؤشر إلى تحسن وضع حرية الإعلام (في الجزائر) خلال سنة 2019".

رغم تقدم العراق أربعة مراكز في المؤشر السنوي لحرية الصحافة ليصبح في المرتبة 156، إلا أن الصحفيين "مازالوا ضحايا الهجمات المسلحة والاعتقالات والتخويف من طرف ميليشيات مقربة من الحكومة أو حتى من قوات نظامية"، كما تقول صحفيون بلا حدود، مشيرة إلى أن التحقيقات حول الفساد أو الاختلاس "خطيرة" على الصحفيين.

تقول منظمة مراسلون بلا حدود إن مصر "أصبحت أحد أكبر سجون الصحفيين في العالم" في عام 2018، مضيفة أن بعضهم "يقضي سنوات في الإيقاف التحفظي دون توجيه أي تهمة ودون محاكمة، وتصدر في حق آخرين أحكام ثقيلة بالسجن تصل إلى المؤبد في إطار محاكمات جائرة". وتراجعت مصر في نسخة 2019 من التصنيف العالمي لحرية الصحافة نقطتين لتحتل المرتبة 163.

تراجع اليمن في مؤشر حرية الصحافة لعام 2019 مرتبة واحدة ليصبح في المرتبة 168. ويتعرض الصحفيون في اليمن للاعتداءات وعمليات الاختطاف والتهديدات "بشكل يومي، هذا إذا لم يكونوا ضحية المواجهات التي يقومون بتغطيتها"، كما تقول مراسلون بلا حدود. وتشير المنظمة إلى أن الإعلام المستقل حول الصراع نادر، ووسائل الإعلام مراقبة من قبل كل الأطراف المتدخلة في الصراع.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل