المحتوى الرئيسى

الصفعات الـ9 على وجه أردوغان في الوطية.. رسائل مجهولة لتركيا في ليبيا

07/09 08:01

لا يزال انخراط تركيا في المستنقع الليبي يطفو على السطح في ظل عديد الانتقادات الدولية التي تتهم تركيا ونظامها، بزعامة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بتأجيج الصراع بين طرفي الأزمة، واللهاث وراء ثروات البلد الأفريقي الغني.

مساء يوم السبت الماضي؛ تعرضت قاعدة الوطية الجوية الليبية، التي تعد أحد أهم مراكز العمليات الحربية التركية في ليبيا، للقصف خلال تسع غارات جوية من قبل طائرات حربية مقاتلة مجهولة لم يتحدد أصلها. وتعقيباً على تلك الواقعة، قالت كل من تركيا والحكومة الليبية في طرابلس التي يرأسها فايز السراج، إن تلك الطائرات الحربية تابعة لدولة أجنبية، أو بمعنى آخر؛ هذه الطائرات لا تتبع الجيش الوطني الليبي بقيادة الجنرال خليفة حفتر بحسب ما ذكره موقع "تركيا الآن".

خلال تلك الغارات التسعة، تم تدمير منظومة دفاع جوي تركية من طراز «هوك» أمريكية الصنع، وبعض منظومات «كورال» للتشويش، إلى جانب تحييد ثلاثة رادارات بشكل كامل.

ووفقاً لبعض المشاركات على وسائل التواصل الاجتماعي بتاريخ 4 يوليو، كانت تركيا قد نشرت بطاريتي دفاع جوي متوسطة المدى وعالية الارتفاع من طراز «MIM-23B هوك» في قاعدة الوطية الجوية ذات الأهمية الاستراتيجية. يذكر أن نفس هذه الأنظمة تم نشرها من قبل في مطار معيتيقة الدولي في العاصمة الليبية طرابلس الذي تسيطر عليه قوات حكومة الوفاق المتحالفة مع تركيا.

لقد وقع الهجوم بعد يوم واحد من اجتماعات ومباحثات استمرت يومين، خلال الأسبوع الماضي، عقدها وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، ورئيس الأركان العامة ياشار غولر مع حلفائهم حكومة الوفاق الليبية، وكذلك في أعقاب شروع تركيا في نشر جميع أنواع الأنظمة الهجومية والدفاعية في قاعدة «الوطية».

إن هذه القاعدة، التي سيطرت عليها حكومة طرابلس المدعومة من تركيا في مايو الماضي، استراتيجية ومهمة للغاية من حيث موقعها وهيكل تكوينها. وفي حالة استتابة الأوضاع لتركيا في تلك القاعدة؛ فمن الممكن أن تقوم بعد فترة بإحضار طائراتها الحربية شأنها في ذلك شأن روسيا.

في أواخر الشهر الماضي، طلبت تركيا رسمياً من حكومة طرابلس تمكينها من الاستخدام العسكري لقاعة الوطية الجوية والقاعدة البحرية في مصراتة، كما دارت أقاويل حول أن حكومة فايز السراج وافقت على ذلك.

وقبل الهجوم الذي وقع يوم السبت الماضي؛ كان المتصيدون والحسابات المزيفة القريبة من حكومة حزب العدالة والتنمية تروج لقيام تركيا بإرسال قوافل عسكرية مزودة بأسلحة ومعدات إلى «قاعدة الوطية الجوية»، وتشارك مشاهد حول قرب الانتهاء من نشر الأجهزة والمعدات في القاعدة.

إن تركيا لا تزال تواصل إرسال الأسلحة إلى ليبيا بحراً وجواً، على الرغم من الحظر الذي تفرضه الأمم المتحدة على تصدير الأسلحة. ومؤخراً، في 10 يوليو، أرادت سفينة حربية فرنسية، تعمل في إطار عملية «الحرس البحري» لحلف شمال الأطلسي «الناتو»، إيقاف سفينة تركية، تعمل بنظام «رورو» ترفع علم تنزانيا متجهة إلى مصراتة يشتبه في أنها تنقل أسلحة إلى ليبيا، إلا أنه كان هناك ثلاثة فرقاطات تركية مصاحبة لها لم تسمح بذلك، وأضاءت ثلاث مرات برادار التحكم في إطلاق النار.

وبينما تزعم تركيا أنها كانت ترسل في تلك السفينة أدوية ومعدات طبية إلى المستشفى المركزي في مصراتة،  تقول فرنسا والدول المعارضة لتركيا إن حراسة سفينة تحمل معدات طبية من خلال ثلاث فرقاطات حربية يبدو أمراً واهياً لا معنى له. ودعونا نقول إنه في حالة ما إذا كانت فرنسا أو روسيا هما من قاما بهذا الهجوم على القاعدة الجوية الليبية، فمن المحتمل جداً أن تتواصل تلك الضربات والهجمات في الأيام القادمة.

هناك 14 طائرة مقاتلة روسية في قاعدة «الجفرة» الجوية، وفقاً للصور التي سبق أن شاركتها القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا «أفريكوم». كما تمتلك فرنسا حاملة الطائرات «نابليون بونابرت» في البحر الأبيض المتوسط، ولديها أيضاً قاعدة عسكرية كبيرة في تشاد، الجار الجنوبي لليبيا.

ليس معروفاً حتى الآن من نفذ ذلك الهجوم على القاعدة الجوية الليبية التي تتمركز فيها تركيا وقواتها. ومع ذلك، يقول المتخصص في السياسات الأمنية وأحد الأسماء المقربة من حزب العدالة والتنمية، متى يارار، إنه حتى إذا تم إخفاء العلامات الإرشادية الملاحية في مدرج الطائرات، فيمكن تحديد المكان الذي تقلع فيه الطائرات ومكان هبوطها. يشير يارار كذلك إلى أن الوضع في ليبيا يتجه نحو حرب تقليدية، منوهاً إلى أن الهدف التالي قد يكون مصراتة.

إن خروج الحرب عن نطاق السيطرة يعد ـ دون شك ـ خطرا كبيرا بالنسبة لتركيا بشكل خاص؛ لأنها ستكون حينها في مواجهة مع دولتين تمتلكان جيشين من أقوى الجيوش في العالم هما فرنسا وروسيا. بالإضافة إلى ذلك، فإن كلا البلدين عضوان دائمان في مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة.

في حالة الحرب مع روسيا، لن تكون الحرب قاصرة على ليبيا فقط؛ فاحتمال امتداد الحرب إلى سوريا أيضاً مرتفع للغاية، وقد تكون القوات التركية في هذا البلد هدفاً لطائرات حربية روسية أو صواريخ بعيدة المدى.

وبالمثل؛ تعد فرنسا دولة قوية جداً في حلف شمال الأطلسي «الناتو» وفي الاتحاد الأوروبي. وعلى الرغم من أنه قد يبدو في البداية أنها لا تتلقى دعما قويا من حلفائها ضد تركيا، إلا أن ذلك الوضع قد يتغير في أي وقت.

إن تركيا، التي تضع كل هذه الاعتبارات والاحتمالات أمامها، ربما قد لا ترغب في الكشف عن اسم وهوية الدولة التي نفذت الهجوم سعياً منها نحو تناسي تلك الضربة الموجعة، وتجنب المزيد من التوتر في الوقت الراهن.

وتماشياً مع ذلك المنحى،  تبحث تركيا حالياً، من ناحية، عن سبل تضمن لها الاستيلاء على سرت والجفرة دون تصعيد حالة الحرب بصورة أكبر من ذلك؛ ومن ناحية أخرى، تحاول تعزيز العلاقات العسكرية والاقتصادية مع ليبيا.

على صعيد آخر؛ قال المتحدث باسم الكلية العسكرية في طرابلس، العميد طيار سعيد المالطي، السبت الماضي، إن 190 من طلبة الكلية غادروا إلى تركيا لتلقي التدريب واستكمال دراستهم. كما أعلنت جمعية رجال الأعمال والصناعيين المستقلين الأتراك «موصياد»، المقربة من الحكومة، إنها تستعد لجعل 30 % من التجارة الليبية مع تركيا.

ويقول ممثل الجمعية «موصياد» في ليبيا، مرتضى كارانفيل، إن حصة تركيا من التجارة الليبية حالياً تبلغ 19 %، كما أكد أن الصادرات إلى ليبيا في عام 2019 وصلت إلى حوالي مليار و900 مليون دولار.

لا ينبغي أن ننسى أن ليبيا هي حرب استعراضية لرجب طيب إردوغان. فعندما ننظر إلى وسائل الإعلام المؤيدة له، نجدها تزعم يومياً، من خلال عشرات الأخبار والمقالات، أن الأتراك يكتبون ويسطرون الملاحم في ليبيا.

سوف يعاني أردوغان أكثر من غيره في حالة حدوث أية خسارة أو انسحاب في ليبيا. ويكمن السبب وراء ذلك في أن أردوغان لديه الكثير من الأطماع التي يطمح إلى تحقيقها عبر بوابة هذه الحرب.

إن أكبر مطامعه ـ بلا شك ـ هو الاستيلاء على موارد النفط والغاز الطبيعي وبيع المزيد من الأسلحة إلى ليبيا مقابل تلك الموارد التي سيحصل عليها من ذلك البلد الغني، هذا بالإضافة إلى تحصيل مبلغ 25 مليار دولار غير مدفوعة خلال فترة القذافي يستطيع من خلاله دفع رواتب المرتزقة التي أرسلها إلى الداخل الليبي.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل