المحتوى الرئيسى

ثمر من الجنة.. قشور الفاكهة كنوز صحية مجهولة

07/08 16:30

اشتغل العلماء لعقود طويلة، على البحوث المختلفة في الطب، لمحاولة الوصول إلى الأسرار الكامنة داخل الفاكهة، لما تحتويه من فوائد عظيمة، فضلا عن فاعليتها المبهرة في العلاج، وهو ما أثبتته تجارب متعددة من باحثين كثر، وكانت الكتب السماوية ذكرت بعضها بشكل صريح، ولعل ثمرة الرمان "إحدى أشجار الجنة"، التي وردت في القرآن الكريم في قوله تعالى {فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ}، فضلا عن موضعين آخريين، بالإضافة إلى ذكره في الكتاب المقدس 30 مرة.

"الوطن" تستعرض فوائد قشور الفاكهة، بحسب باحثين وعلماء، خلال السطور التالية:

تواصل الدكتورة جوسلين يحيى، أستاذ الكيمياء العضوية بالمركز القومي للبحوث، عملها داخل معامل المركز، لاستكشاف المزيد من الفوائد الصحية والعلاجية لقشور الفواكه المختلفة، بعد أن أثبتت الدراسات التي أجرتها حتى الآن، فوائد كثيرة لها في علاج أمراض مختلفة تشمل السمنة والسكر والكلى والكبد والسرطان، بما يفوق فاعلية كثير من الأدوية المتداولة في السوق لعلاج مثل هذه الأمراض، وبدون آثار جانبية.

جاءت البداية بالنسبة لـ"جوسلين"، عندما كانت تبحث الاستفادة من مخلفات مصانع الأغذية من قشور الفواكه، وعلى رأسها قشور الرمان واليوسفي والبلح السماني، التي تتخلف بكميات كبيرة بعد عمليات التصنيع، ويكون مصيرها القمامة، على الرغم من فوائدها الكثيرة التي يعرف المتخصصون أنها قد تصل إلى 3 أضعاف فوائد الثمرة ذاتها من الداخل.

كانت أحدث دراسة أجرتها وعرضت نتائجها قبل أشهر قليلة في مؤتمر علمي بالمركز، عن فوائد قشر الرمان في علاج مضاعفات مرض السكر، وتحديدا تضخم الكلى والالتهابات المصاحبة له، حيث اتضح أن المستخلص الذي تم استخراجه منه "حسن أداء الجهاز الدفاعي للكلى في مواجهة المضاعفات التي نتجت عن مرض السكر، وقلل التضخم والالتهابات بها، وزاد من الإنزيمات التي تدافع عنها".

لم تكن تلك النتائج الإيجابية الوحيدة فيما يتعلق بفوائد قشر الرمان الصحية، فهناك دراسات أخرى سابقة أجراها زملاء آخرين، منهم الدكتور سيد التومي، القائم بأعمال رئيس شعبة الصناعات الكيميائية، الذي أثبت أنه مضاد للأكسدة ويقي الكبد، فضلا عن دراسات أخرى، أثبتت أنه مضاد للفطريات والبكتريا، ومضاد للأورام، خاصة أورام القولون.

وتُرجع الأستاذة بـ"القومي للبحوث"، تلك الفوائد العلاجية لقشر الرمان، إلى أنه يحتوى على نسبة مرتفعة جدا مما يُعرف بـ"مضادات الأكسدة"، أكثر من كل قشور الفواكه الأخرى، التي أجرت دراسات عليها، و"تُعتبر مضادات الأكسدة مفتاحا لعلاج أغلب الأمراض، وذلك من خلال مقاومتها للمواد المؤكسدة التي ازداد تعرضنا لها، نتيجة للتقدم التكنولوجي، إلى الحد الذي أصبح أكثر من قدرة أجسامنا على المقاومة".

وهي تتوسع في توضيح هذا الدور، مشيرة إلى أن "المواد المؤكسدة بتبوظ شكل خلية الجسم والأنزيمات الموجودة في جسمنا، ولما بتبوظ شكلها بتبوظ بالتالي تأثيرهم، فجسمنا والأنزيمات الموجودة به لهما تركيب كيميائي معين، وعندما يتغير شكل التركيب الكيميائي، يتغير تأثيره وعمله، ومن هنا يحدث الاختلال في الجسم، الذي قد يصل إلى حد الإصابة بالسرطان".

هنا يأتي دور المواد المضادة للأكسدة، الموجودة بوفرة في الفواكه والخضراوت، والذي تشبهه "جوسلين"، بـ"القيام بالقبض على المواد المؤكسدة وكلبشتها، وتكوين مركبات أخرى، يسهل أن تخرج في فضلات الجسم، بما يقلل كمية المواد المؤكسدة بالجسم ويساعده على القيام بمهامه، ويمنع حدوث الاختلالات التي قد تتطور إلى سرطانات".

وتلفت الأستاذة بـ"القومي للبحوث" النظر هنا، لوجود مراكز لعلاج السرطان ظهرت في أوروبا والغرب، خاصة في ألمانيا، تعتمد في علاجها للمرضى على نظام غذائي غني بمضادات الأكسدة، يعتمد على الفواكه والخضراوات، بنسب معينة، وهي طريقة إن لم تقضي على السرطان تماما، فإنها توقف نموه".

ولم يكن "قشر الرمان" هو الوحيد بالطبع الذي تم إجراء دراسات عليه، واكتشاف فوائده العلاجية، حيث أثبتت دراسة أخرى للدكتورة "جوسلين" على قشر اليوسفي، كفاءة المستخلص الناتج منه في علاج السمنة، حيث تم تصنيع مشروب طبيعي، ذو طعم محبب، وغير مكلف من مستخلص قشر اليوسفي، يساهم فى علاج مرض السمنة المنتشر بين الأسر المصرية، فى كل الأعمار والطبقات الاجتماعية.

وطبقا لملخص الدراسة التي تم الحصول على براءة اختراع بها، فقد تم إجراء تجربة بحثية على مجموعتين متماثلتين فى الجنس والعمر والوزن، عدد كل منهما 40 من زائدي الوزن من الجنسين، يترواح أعمارهم من 10 إلى 20 سنة، وذلك من عيادات المركز القومى للبحوث، وتم إعطاء المجموعة الأولى 800 مجم من المستخلص الجاف لقشر اليوسفي/ يوميا على مدى شهرين، وبالتوازى تم اتباع نظام غذائى ورياضى وعلاج سلوكي موحد لكلا المجموعتين.

وكانت النتائج إيجابية فى كل الحالات التى تعاطت مستخلص قشر اليوسفي، حيث تمثلت فى انخفاض مؤشر كتلة الجسم ونقص نسبة الدهون، وزيادة كل من الماء والكتلة العضلية، ومعدل الاحتراق الأساسي، ونقص محيط الوسط والدهون الثلاثية والدهون الضارة، عن مثيلاتها من المجموعة الأخرى، التى لم تتعاطى مستخلص قشر اليوسفى.

وتعتبر الدكتورة جوسلين يحيى، أن من أهم النتائج التي توصلت إليها هذه الدراسة هي قدرة المستخلص على تقليل دهون الوسط والبطن، التي تعتبر "عنيدة جدا وما بتنزلش بسهولة، ويمكن أن ينقص وزن الشخص ككل، وتظل هذه الدهون موجودة".

وبالاضافة لما سبق، كما تقول جوسلين، فإن المستخلص لم يكن له آثار جانبية تُذكر، على عكس ما هو معروف عن أدوية علاج السمنة وآثارها الجانبية السيئة، التي إما أنها تعمل على سد الشهية من خلال التأثير على مراكز عصبية بالمخ، وهو ما يصيب الشخص بالاكتئاب، أو تؤدي لإسهال لا إرادي، أو تقلل نسبة المياه في الجسم، وهو الأمر الذي يمثل خطرا صحيا.

ولا تتوقف آثار قشر اليوسفي الصحية والعلاجية، وفقا لـ"جوسلين"، على علاج السمنة فقط، فهو يحتوي على مضاد أكسدة يعرف بـ"البروستين" الذي يباع بالصيدليات، ومن شأنه أن "يحسن عمل الأوعية الدموية ودورة الدم".

وإلى جانب قشر الرمان واليوسفي، تم إجراء دراسات أيضا على قشر البلح السماني، الذي ترميه مصانع إنتاج المربات أيضا، في الوقت الذي اتضح فيه للأستاذة بالمركز القومي للبحوث، أنه بالرغم من أن الثمرة نفسها بها كمية جلوكوز وسكر مرتفعة جدا، إلا أن "قشر الثمرة يقلل معدل السكر في الدم، ونسبة الدهون في الجسم، وشملت الدهون التي انخفضت: الكوليسترول الكلي، والدهون الثلاثية، والدهون الضارة".

في هذه الدراسة، تم فصل مركبيين مضادين للأكسدة طبيعيين (فلافونيدين) جديدين من مستخلص قشر البلح السماني، وتم تقييم هذان المركبان لنشاطهما البيولوجي على الجرذان المصابة بداء "السكري آلوكسان"، بإعطائهم جرعة 1.5 مل/ 100 جم بالوزن من المركبين لمدة 30 يوما عن طريق الفم.

وأدى معاملة الجرذان المصابة بداء السكري بالمركبين، لتحسن ملحوظ حيث انخفض مستوى الجلوكوز في الدم من 330+ 5.5 ملغ/ ديسيلتر إلى 140+ 1.2 مل/ دل، وتحسنت وظائف الكبد بشكل ملحوظ، وزادت مستويات الأنزيمات التي من شأنها الدفاع عنه، كما تحسنت وظائف الكلى.

وتؤكد "جوسلين" هنا، على أن هناك دراسات يتم إجرائها على قشور فواكه أخرى، فضلا عن أوراقها وبذورها، لا يمكن الإعلان عنها الآن، لكن على الرغم من النتائج الإيجابية التي ظهرت حتى الآن، على الأقل فيما يتعلق بقشور الرمان واليوسفي والبلح السماني، وما تم إثباته من فوائد علاجية كبيرة لها، فإنه "لم يتم الاستفادة منها حتى الآن على نطاق تجاري أو دوائي واسع، لتعم الاستفادة على المصريين، ونسد ولو جانب من نزيف العملة الصعبة الذي ننفقه على الأدوية المستوردة"، بحسب تأكيد الأستاذة بالقومي للبحوث.

هنا تشير "جوسلين"، إلى أنها حاولت التواصل مع أحد مصانع الصناعات الغذائية (مصنع عصائر)، حيث تتوافر قشور هذه الفواكه، ويتم التخلص منها كمخلفات، وكان رد إدارة المصنع "هنفكر ونرد عليكم، لكن لم يحدث شيء"، وهو ما تفسره بـ"وجود حلقة مفقودة بين المجتمع البحثي والصناعي"، وهو ما يستدعي تدخل الجهات المعنية مثل هيئة التنمية الصناعية أو غيرها، لتبني الفكرة وتطبيقها في الواقع، علما بأن الأمر لن يتطلب "أشياء صعبة"، فقط "أواني استخلاص، وجهاز لتركيز المستخلص أكبر".

وهنا يثار سؤال أيضا.. لماذا لم تتبنى أي من مصانع الأدوية المصرية الفكرة؟

وتجيء الإجابة صادمة: "ما هو أنا اكتشفت في رحلة البحث عن مصنع يتبنى الفكرة، إننا ما عندناش صناعة دواء، صحيح لدينا شركات أدوية، لكن ليس لدينا صناعة أدوية، بمعنى أن الدواء يأتي إلينا مُصنع جاهز، والمادة الفعالة مستوردة من الخارج، فقط نضيف (أ+ ب)، ونضعها في شكل قرص أو كبسول، لكننا لا نُصنع من الألف للياء مثلما تفعل شركات الدواء في الخارج".

فقط شركة وحيدة عرفت الأستاذ بالمركز القومي للبحوث، أنها بدأت طريق "إنشاء أدوية" بدون آثار جانبية، وأنها أنشأت قسم داخلها يعمل على هذا الغرض، وهي تجري حاليا اتصالات معهم، من أجل تبني إنتاج مستخلصات قشور الفواكه التي أثبتت الدراسات فائدتها.

وحتى تنجح هذه الشركة أو إحدى الشركات الأخرى في انتاج هذه المستخلصات، وطرحها بشكل تجاري كأدوية، تؤكد الدكتورة جوسلين أن الحيل القديمة لربات البيوت المصريات في الاستفادة من قشور هذه الفواكه، وإدخالها ضمن أطعمتنا، مفيدة بالطبع، لحين الوصول إلى الاستفادة الكاملة عبر انتاجها بالتركيزات والجرعات التي أثبتت الدراسات قدراتها في علاج الأمراض السالفة.

وفي السياق ذاته، يؤكد الدكتور أشرف عبدالعزيز، أستاذ التغذية وعميد كلية الاقتصاد المنزلي السابق، وعضو اللجنة الوطنية للتغذية، أن كثير من قشور الفواكه، لها فوائد غذائية بالفعل، على الرغم من أنه يتم إلقائها في المخلفات، لافتا إلى أنه يمكن إدخالها في أكلات مثل الكيك، أو طحنها وإضافتها على السلطة أو تناولها "على الريق".

وكشف "عبدالعزيز"، أن هناك رسالة دكتوراه يشرف عليها، وسيتم مناقشتها قريبا عن "قشر البرتقال الناضج وغير الناضج"، أثبتت أن قشر البرتقال عموما، وخاصة الناضج، يحتوي على مركبات "فينولية وفلافونيدز"، تحارب السمنة وتمنعها من البداية قبل حدوثها.

وأشار إلى أن هذه الدراسة، أثبتت أن قشر البرتقال أثبت فاعلية كذلك، في تحسين مستويات الكوليسترول، ووظائف الكلى، فضلا عن إنزيمات الكبد، لافتا إلى أنه يمكن بناء على هذه النتائج، تجفيف قشور البرتقال، واستخدامها بكميات معتدلة، في أطعمتنا كما كانت الأمهات تفعل فيما مضى.

وبالاضافة لما سبق، كشف "عبدالعزيز"، أن قشر الموز يعتبر من قشور الفواكه التي ثبت علميا، وجود دور لها في محاربة السمنة والسكر، حيث يمكن تجفيفه وطحنه واستخدامه بكميات بسيطة أيضا، في أنواع من الأطعمة أو الحلوى، لافتا إلى أن طعمه مقبول على عكس ما قد يتخيل الكثيرون.

وتؤكد الدكتورة إيمان سالم، مدير معهد تكنولوجيا الأغذية، التابع لمركز البحوث الزراعية، على الفوائد الصحية والغذائية لقشور الفواكه، مشيرة إلى أن المعهد سبق وأجرى دراسات عديدة لاستخدامها غذائيا والاستفادة منها، إلا أنها لم تجد طريقها للتطبيق على نطاق صناعي واسع بعد.

وأشارت "سالم"، إلى أن المعهد أجرى دراسات على قشر الرمان، أيضا، وأثبت إمكانية استخدامه لعمل متبلات للحوم والمشويات، فضلا عن مشروب للتخسيس، وصبغة طبيعية لأغذية الأطفال والمرضى، فضلا عن استخدامه كمادة حافظة مع قدرته على زيادة مدة صلاحية الأغذية، نظرا لغناه بمضادات الأكسدة.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل