المحتوى الرئيسى

بعد مقتل جورج فلويد.. هل هناك "فضائح مشابهة" للشرطة الألمانية؟

06/06 21:49

أظهر تحقيق استقصائي لبرنامج "ويست بول" التابع للقناة الألمانية الأولى تطورات جديدة في قضية اللاجئ السوري أحمد، الذي توفي نتيجة حروق تعرض لها داخل زنزانة سجن يوم 17 سبتمبر/ أيلول 2018.  ونقل التقرير المنشور يوم (24 مايو/ أيار) أن مكتب الادعاء العام في مدينة براونشفايغ أبلغ شرطة مدينة كليفه بعد ثلاثة أسابيع من الاعتقال، أنهم اعتقلوا الرجل الخطأ. ليس ذلك فحسب، بل أن مكتب الادعاء العام أكد للشرطة، عبر اتصال هاتفي خاص، أن صورة اللاجئ الذي تم اعتقاله، غير متطابقة مع الرجل المطلوب.

ووفقا لتقرير بثته القناة الألمانية الأولى حينها، بدأت قصة اللاجئ السوري في مدينة غيلدرن وتحديدا في السادس من تموز/ يوليو عام 2018. كان يوما صيفيا حارا وهو جالس على ضفاف إحدى البحيرات في المدينة، آنذاك اُتهم بالتحرش بأربعة نساء، ليصطحبه رجال الشرطة إلى المخفر في غيلدرن. عبر بصماته حصل رجال الشرطة على بياناته بعد مقارنتها مع بيانات مطلوبين آخرين. وعثر رجال الشرطة على اسم شاب آخر باسم مشابه لأحمد، بحقه مذكرة توقيف بتهمة السرقة.

هل كان القبض على أحمد أ. مجرد التباس؟

رجل أسود يصرخ تحت ركبة شرطي أبيض "أنا اختنق..لا أستطيع أن أتنفس"، صورة هزت الولايات المتحدة والعالم كله. مغردون عرب تفاعلوا بقوة مع مقتل جورج فلويد والاحتجاجات العنيفة التي خلفها. جمعنا بعض النماذج في هذا التقرير. (02.06.2020)

وفقا للتقرير الاستقصائي لبرنامج مونيتور التابع للقناة الألمانية الأولى، فإن الالتباس بين الشخصيتين كان مستبعدا، فالمشتبه به المطلوب هو رجل من مالي ولد في تومبوكتو. بل وحتى إن صورته لا تشبه الشاب المولود في حلب على الإطلاق "بمجرد النظر إليه وإلى الناس القادمين من مالي، من غير الممكن عدم ملاحظة الفرق في المظهر، فضلا عن أنه كان يتحدث بالعربية وهي ليست اللغة المتداولة في مالي" يقول دانييل نيرنز محامي اللاجئ السوري. ورغم ذلك تم سجنه. ليس ذلك فحسب، بل أظهرت بياناته تشابها مع بيانات سوري آخر متهم بجرائم اعتداء جنسي.

بريفان أيمز الناطقة باسم حزب الخضر في برلمان ولاية شمال الراين ويستفاليا أكدت عدم وجود أي مؤشر على الالتباس في الهوية، "هوية السوري المحتجز كانت واضحة تماما، فهو أدلى بتفاصيل بياناته في جلسة الاستماع لدى المكتب الاتحادي للهجرة واللجوء". ورغم ذلك بقي أحمد مسجونا.

أمر آخر أثار أسئلة غامضة حول حادث الوفاة. وهي أن الشاب، كان مسجلا بأنه يعاني من صدمات نفسية، وهذا ما تم تأكيده من قبل المسؤولين في السجن "في التحقيق الأولي الذي أجري معه، كشف رغبة شديدة بالانتحار" وفقا للتقرير الاستقصائي. لذا نقل أحمد أ. إلى ما يسمى بـ"السجن الانفرادي". وهنا تكون التجهيزات بسيطة جدا ويتم مراقبته كل 15 دقيقة. في البداية تمت مراقبته بشكل مكثف. لكن الطبيبة النفسية التابعة للسجن، أكدت فيما بعد "عدم وجود مؤشر على رغبته بالانتحار". ليتم نقله إلى سجن مشترك بدون رعاية نفسية ولا محام، ما أثار دهشة محاميه "كان من الواضح أن لديه مشاكل نفسية وكان يتلقى علاجا نفسيا بسبب ما عاشه في بلده وفي رحلة اللجوء"، وهو ما كان معروفا لدى إدارة السجن.

بحسب الراوية الرسمية لسلطات ولاية شمال الراين ويستفاليا، فإن المحتجز أشعل النار في كومة من الأغطية في 17 أيلول/ سبتمبر 2018، مما تسبب بحرق 40 في المئة من جلده وقضى على أثر ذلك في المشفى بعد الحادثة بأسبوعين. ولم يضغط اللاجئ السوري على جرس الإنذار إلا بعد ربع ساعة من إشعال الحريق ومن ثم قام بعد ذلك بفتح النافذة.

تشكيك في رواية النيابة الألمانية...

لكن خبيرا في الحرائق شكك في رواية الشرطة والنيابة الألمانية لواقعة وفاة الشاب في زنزانته. وقال كوربينيان باسيداج لبرنامج "مونيتور إن رواية الشرطة عن الحادثة "غير ممكنة الحدوث". وحسب الخبير فإن استنشاق الغاز السام الناتج عن الحريق لمدة 15 دقيقة يحول دون قدرة الشخص على الإتيان بأي فعل كفتح النافذة أو الضغط على جرس الإنذار.

صورة لنافذة الزنزانة التي توفي فيها اللاجئ السوري أحمد أ

ووفقا للتقرير الاستقصائي الذي نُشر على موقع القناة الألمانية الأولى، فإن هناك معلومات من بعض السجناء تفيد بأنهم سمعوا اللاجئ يستغيث طالباً النجدة. مما أثار علامات استفهام حول تأخر موظفي السجن في إنقاذه.

من جانبها أفادت وزارة العدل في ولاية شمال الراين-ويستفاليا، في بادئ الأمر أن جرس الإنذار لم يُقرع، غير أن الوزارة عادت لتقول إنه وبمراجعة ملفات الكمبيوتر في السجن تبين أن أحمد قرع الجرس بالفعل وأجابه أحد السجانين. واستمر فتح الخط ثوان معدودة، ولكن من غير المعروف حتى الآن فيما إذا كان قد دار حديث بين الاثنين في تلك الثواني أو فحوى الحديث، حسب وزارة العدل في الولاية الألمانية.

هذه التساؤلات دفعت النيابة العام لفتح تحقيق مع من لهم علاقة بالواقعة، وهم ثمانية رجال شرطة وطبيب السجن، بتهمة جريمة قتل غير متعمد ، بسبب الإهمال. كيف تم ذلك؟

 الخبير القانوني في حزب الخضر، شتيفان إنغستفيلد، اعتبر آنذاك أن ما جرى فضيحة للشرطة والقضاء: "كلما أمعنا النظر في القضية أكثر نجد الكثير من التناقضات والأسئلة التي تنتظر إجابات".

إغلاق التحقيقات في حادث الوفاة كانت هي الإجابة الأخيرة على الأسئلة والتناقضات التي طرحتها القضية. في (6 نوفمبر/تشرين الثاني) الماضي أعلنت النيابة العامة وقف التحقيق وإغلاق ملف القضية المتعلقة بحبس اللاجئ. وأرجعت النيابة العامة سبب إغلاق التحقيقات إلى "عدم إثبات ارتكاب الموظفين المسؤولين في السجن، أي جرم يعاقب عليه القانون".

سجن مدينة كليفه حيث توفي اللاجئ السوري أحمد أ.

 ووفقًا لنتائج المحققين ، قام أحمد أ. بإضرام النار في ملابسه ودوافعه غير واضحة. و من غير الممكن تحديد ما إذا كان هناك إهمال من جانب المسؤولين في السجن، فالتأكيد على أن الشاب طلب المساعدة عبر جهاز الاتصال الداخلي لم يتم إثباته!

 وكانت تصريحات سابقة للادعاء العام ووزارة العدل في ولاية شمال الراين فيستفاليا، أكدت أن اللاجئ  قام بتشغيل جهاز الإنذار الداخلي بعد ربع ساعة من نشوب الحريق، لكن خبراء شككوا في ذلك.

 وفيما يتعلق بالتساؤلات حول إهمال موظفي السجن للشاب وتركه بدون مراقبة رغم معرفتهم بأنه مصاب باضطراب نفسي. خلصت نتائج المحققين إلى أنه: لم يكن يعاني من أي اضطراب نفسي لدى وقوع الحريق، وأن موظفي السجن لم يمكن بإمكانهم معرفة أنه قد يعرض نفسه للخطر.

 كما أوقف الادعاء العام التحقيق مع عناصر الشرطة الذين ألقوا القبض على اللاجئ  بتهمة حجز الحرية. والسبب هو أنهم لم يقوموا بأي تصرف مخالف للقانون. فهم وبحسب النيابة العامة حصلوا على معلومات خاطئة من بنك معلومات الولاية تفيد بأن هناك مذكرة بحث وقبض بحق الشاب السوري. كذلك الموظفة المسؤولة عن تخزين بياناته وبيانات الشاب المالي، لم يتم إثبات قيامها عمدا  بخطأ يعاقب عليه القانون. وأكدت الموظفة أنها كانت ملتزمة بالتعليمات، ولكنها لا تتذكر من أعطاها التعليمات المتعلقة بالقضية.

 تناقضات القضية دفع بعض متابعيها إلى إطلاق مبادرة عبر فيسبوك تحمل اسم اللاجئ السوري وتطالب بمعرفة كيفية وأسباب وفاته. وكتب أصحاب المبادرة: "لا نصدق أبدا أن التباسا بشخصية أحمد أ. يمكن أن يحصل بهذا الشكل. وإغلاق التحقيقات فضيحة كبيرة وتأكيدا على عدم رغبة في توضيح ملابسات القضية. هناك قائمة طويلة من التناقضات والأكاذيب لا يمكننا تحملها. ينبغي عدم التستر ومحاسبة المسؤولين. نطالب بالعدالة وتوضيح أسباب الوفاة ومن المسؤول عن وفاته".

إن كانت التحقيقات في قضية وفاته أُغلقت. لكن ما وصفه شتيفان إنغستفيلد الخبير القانوني في حزب الخضر بـ"فضيحة الشرطة" يعيد ربما إلى الأذهان حادثة وفاة مشابهة تعرض لها اللاجئ أوري جالو عام 2005.

جاء جالو إلى ألمانيا عام 2000 هربا من الحرب في بلاده (سيراليون). ورغم رفض طلب لجوئه بقي جالو في ديساو. في 7 يناير/ كانون الثاني 2005، قُبض عليه بينما كان بطريق عودته للمنزل في أحد شوارع ديساو، واتهم بالسكر وتجارة المخدرات، بعد ساعات تمّ العثور على جالو في زنزانته محترقا وجثته كانت مربوطة على الفراش في الزانزنة. رغم مرور أكثر من 14 عاما على حادثة وفاة جالو، إلا أن المحاكم بقيت منشغلة في الكشف عن سبب وفاته.

وبعد إغلاق ملف التحقيقات في قضية وفاته عام 2017، وبحسب موقع "taz"، فإن تقريرا طبيا جديدا أظهر تعرض جالو إلى التعذيب قبل وفاته. محكمة نامبيرغ قضت بعدم فتح ملف التحقيقات في وفاة جالو ثانية. لكن عائلة اللاجئ السيراليوني طالبت، في أواخر شهر (أكتوبر/تشرين الأول) 2019، المحكمة الإدارية العليا بإعادة فتح التحقيق لمعرفة سبب وفاة ابنهم.

الاحتجاجات الغاضبة من وحشية الشرطة ضد السود لعقود من الزمن، انتشرت بسرعة من مينيابوليس إلى مدن أخرى في جميع أنحاء الولايات المتحدة. بدأت الاحتجاجات وسط الغرب في وقت سابق من هذا الأسبوع، بعد أن قام ضابط شرطة بتكبيل جورج فلويد والضغط على رقبته بركبته. وواصل الأمر رغم صراخ فلويد وهو رجل أسود يبلغ من العمر 46 عاما، بأنه لا يستطيع التنفس، إلى أن فارق الحياة.

نشأ فلويد في مدينة هيوستن بولاية تكساس، وانتقل إلى مينيابوليس بولاية مينيسوتا في عام 2014 للعمل. وقبل وفاته، كان يبحث عن عمل بعد تسريحه من عمله كحارس مطعم للوجبات السريعة بسبب إجراءات الإغلاق على خلفية تفشي فيروس كورونا. وصفه أصدقاؤه بالعملاق اللطيف نظرا لقامته التي كانت تبلغ المترين.

اتسمت غالبية الاحتجاجات السبت الماضي بالسلمية، غير أن عددا منها أصبح عنيفا مع حلول الليل. في العاصمة واشنطن تم نشر الحرس الجمهوري أمام البيت الأبيض. وفي وسط مدينة إنديانابوليس بولاية إنديانا، قتل شخص على الأقل في إطلاق للنار قالت الشرطة إنها لم تكن ضالعة فيه. وفي فيلادلفيا بولاية بنسيلفانيا أصيب عدد من عناصر الشرطة بجروح، في حين صدمت سيارتان تابعتان للشرطة حشدا من الناس في مدينة نيويورك.

في لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا واجه المتظاهرون عناصر الشرطة هاتفين "حياة السود مهمة!"، قبل أن تنهال عليهم الشرطة بالعصي وتطلق عليهم الرصاص المطاطي. وفي بعض المدن، بما فيها لوس أنجلوس وأتلانتا ونيويورك وشيكاغو ومينيابوليس، تحولت الاحتجاجات إلى أعمال شغب، قام فيها البعض بنهب المتاجر وتخريبها.

هدد الرئيس دونالد ترامب بإرسال الجيش لقمع الاحتجاجات، قائلاً إن "إدارته ستوقف العنف الغوغائي بشكل نهائي". ازدادت حدة التوتر في كافة أنحاء البلاد إثر تهديد ترامب، الذي ألقى باللائمة على الجماعات التي زعم أنها من أقصى اليسار. لكن حاكم ولاية مينيسوتا "تيم وولز" قال للصحفيين إنه سمع عدة تقارير غير مؤكدة تفيد بقيام مجموعات التي تنادي بتفوق البيض العنصرية بتأجيج العنف.

استهدفت قوات الأمن العديد من الصحفيين الذين كانوا يغطون الاحتجاجات. من بينهم مراسل CNN عمر خيمينيز وطاقمه الذين تعرضوا الجمعة الماضية للاعتقال أثناء تغطيتهم لأحداث مينيابوليس. وأصيب العديد من الصحفيين بقذائف أو احتجزوا أثناء بثهم على الهواء. كمت أطلقت الشرطة النار على مراسل DW ستيفن سايمنس أثناء تغطيته للاضطرابات في عطلة نهاية الأسبوع.

احتجاجات عالمية في كندا المتاخمة للولايات المتحدة الأمريكية من الشمال حيث نزل الآلاف من المتظاهرين إلى الشوارع في فانكوفر وتورنتو. وفي العاصمة الألمانية برلين، تجمع المغتربون الأمريكيون ومتظاهرون آخرون خارج السفارة الأمريكية. وفي عاصمة بريطاينا لندن، ركع المتظاهرون في ساحة ترافالغار قبل أن يسيروا أمام البرلمان ويتوقفوا أمام السفارة الأمريكية.

احتدمت الاحتجاجات في العاصمة الأمريكية واشنطن بعد أن بدء سريان حظر التجول في الساعة 11 ليلا. تجمع أكثر من 1000 متظاهر في حديقة لافاييت قبالة البيت الأبيض، وأضرمت بعض النيران خارج مقر إقامة الرئيس. وذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن المخابرات نقلت ترامب إلى مخبأ محصن كإجراء احترازي.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل