المحتوى الرئيسى

"مملكة ترامب" ـ تنازع الصلاحيات بين الرئيس وعمدة واشنطن

06/04 09:38

مورييل بوزير، عمدة مدينة واشنطن انتقت كلمات واضحة لما حصل مساء الاثنين الماضي (الأول من يونيو/حزيران) في مدينتها. " فرضتُ حظر التجول للساعة السابعة"، كتبت الديمقراطية  على موقع تويتر. وعلى هذا النحو أرادت تفادي حصول صدامات عنيفة وأعمال نهب مثل ما حصل في الليالي الماضية. لكن رجال الشرطة تقدموا 25 دقيقة قبل بداية حظر التجول بعنف ضد المتظاهرين المتجمعين. "بدون استفزاز استخدمت الشرطة الاتحادية ذخيرة ضد متظاهرين مسالمين أمام البيت الأبيض، وهي جريمة ستصعب عمل الشرطة في المدينة. مخجل!".

عمدة مدينة واشنطن، مورييل بوزير

وأخلى عناصر الشرطة الاتحادية المنطقة أمام البيت الأبيض كي يتمكن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من التوجه سيرا على الأقدام إلى كنيسة سانت جون أمام مقر الحكومة من أجل التقاط صورة. وهذا الموقف العبثي ما هو إلا مثال يعكس الوضعية القانونية غير المعتادة لواشنطن: فعاصمة الولايات المتحدة لا تقع في ولاية اتحادية وليست مدينة مستقلة بالمقارنة مع بريمن أو برلين في المانيا. واشنطن ليست ممثلة بسيناتورات أو نواب داخل مجلس الشيوخ. ومحاولات نشطاء لتحويل المنطقة إلى ولاية اتحادية فشلت إلى حد الآن. ومن أجل تنفيد هذا التعديل، هناك حاجة إلى موافقة غرفتي الكونغريس ـ والكثير من الجمهوريين الذين لهم الأغلبية في مجلس الشيوخ يعارضون تحول العاصمة إلى ولاية اتحادية. ومن بين المعارضين يوجد أيضا الرئيس الذي قال في مايو الماضي بأن واشنطن لن تتحول أبدا إلى ولاية.

وفي نظام الولايات المتحدة تتمتع الولايات الاتحادية بمستو عال من تقرير المصير: فالحاكم يقرر كيف يمر تنظيم الانتخابات في الولاية، وكيف يتكون نظام التعليم وكذلك أي جعاز شرطة يجب عليه التدخل في كل حالة.  أما واشنطن ليس لها حاكم ـ لكنها مقر الحكومة الاتحادية. وهذا يقود إلى أن ترامب في مثل هذا الوضع يتعامل مثل ملك صغير على المدينة. واشنطن، كما هي رسالته ليست مدينة العمدة بوزير، بل إنها مدينته.

وبإمكان الرئيس أن يستعين بجهاز المخابرات الذي يهتم بحراسته وبالحرس الوطني لضمان "القانون والنظام"، كما أعلن. حتى ولو كان ذلك يعني طرد متظاهرين سلميين من الحديقة أمام البيت الأبيض. فالمجال المحيط بمقر الحكومة لا يخضع في النهاية لشرطة واشنطن. فبالنسبة إلى أمن محيط البيت الأبيض يكون جهاز المخابرات هو المسؤول ـ وهو يخضع لترامب مباشرة.

جنود الحرس الوطني في واشنطن

فرجينيا ترفض المساعدة العسكرية لترامب

ويوم الثلاثاء تقدمت عربات عسكرية مصفحة في شوارع العاصمة الأمريكية. وترامب وصف حكام الولايات في مكالمة هاتفية الاثنين بالضعفاء، لأنهم لم يقوموا بما هو كاف ضد الاحتجاجات. وفي مملكته الذاتية هو يريد التدخل بقوة وإنزال عدد أكبر من جنود الحرس الوطني ضد المتظاهرين. لكن ليس جميع الولايات الاتحادية التي يعول الرئيس على مساعتها تساهم في اللعبة. وحتى في الولايتين المجاورتين فرجينيا وماريلاند المتاخمتين لواشنطن لا يوجد إجماع. ففي الوقت الذي لبى فيه الحاكم الجمهوري لولاية ماريلاند، لاري هوغان طلب وزير الدفاع بإرسال 100 جندي من الحرس الوطني إلى واشنطن، رفض حاكم فرجينيا الديمقراطي، رالف نورثان الطلب. وأحد أسباب الرفض هو أن طلب الحكومة الأمريكية للحصول على مزيد من الجنود لم يُنسق مع عمدة واشنطن. وقال متحدث باسم رالف نورثان بأنهم قلقون من نية الحكومة الأمريكية تصعيد الوضع. وسعت الحكومة المركزية الأمريكية إلى بسط سلطتها على شرطة واشنطن إلا أن عمدة المدينة رفضت هذا التحرك، وقال رئيس فريقها بأنه لا يمكن لترامب أن يتصرف مثل الملك في واشنطن.

الاحتجاجات الغاضبة من وحشية الشرطة ضد السود لعقود من الزمن، انتشرت بسرعة من مينيابوليس إلى مدن أخرى في جميع أنحاء الولايات المتحدة. بدأت الاحتجاجات وسط الغرب في وقت سابق من هذا الأسبوع، بعد أن قام ضابط شرطة بتكبيل جورج فلويد والضغط على رقبته بركبته. وواصل الأمر رغم صراخ فلويد وهو رجل أسود يبلغ من العمر 46 عاما، بأنه لا يستطيع التنفس، إلى أن فارق الحياة.

نشأ فلويد في مدينة هيوستن بولاية تكساس، وانتقل إلى مينيابوليس بولاية مينيسوتا في عام 2014 للعمل. وقبل وفاته، كان يبحث عن عمل بعد تسريحه من عمله كحارس مطعم للوجبات السريعة بسبب إجراءات الإغلاق على خلفية تفشي فيروس كورونا. وصفه أصدقاؤه بالعملاق اللطيف نظرا لقامته التي كانت تبلغ المترين.

اتسمت غالبية الاحتجاجات السبت الماضي بالسلمية، غير أن عددا منها أصبح عنيفا مع حلول الليل. في العاصمة واشنطن تم نشر الحرس الجمهوري أمام البيت الأبيض. وفي وسط مدينة إنديانابوليس بولاية إنديانا، قتل شخص على الأقل في إطلاق للنار قالت الشرطة إنها لم تكن ضالعة فيه. وفي فيلادلفيا بولاية بنسيلفانيا أصيب عدد من عناصر الشرطة بجروح، في حين صدمت سيارتان تابعتان للشرطة حشدا من الناس في مدينة نيويورك.

في لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا واجه المتظاهرون عناصر الشرطة هاتفين "حياة السود مهمة!"، قبل أن تنهال عليهم الشرطة بالعصي وتطلق عليهم الرصاص المطاطي. وفي بعض المدن، بما فيها لوس أنجلوس وأتلانتا ونيويورك وشيكاغو ومينيابوليس، تحولت الاحتجاجات إلى أعمال شغب، قام فيها البعض بنهب المتاجر وتخريبها.

هدد الرئيس دونالد ترامب بإرسال الجيش لقمع الاحتجاجات، قائلاً إن "إدارته ستوقف العنف الغوغائي بشكل نهائي". ازدادت حدة التوتر في كافة أنحاء البلاد إثر تهديد ترامب، الذي ألقى باللائمة على الجماعات التي زعم أنها من أقصى اليسار. لكن حاكم ولاية مينيسوتا "تيم وولز" قال للصحفيين إنه سمع عدة تقارير غير مؤكدة تفيد بقيام مجموعات التي تنادي بتفوق البيض العنصرية بتأجيج العنف.

استهدفت قوات الأمن العديد من الصحفيين الذين كانوا يغطون الاحتجاجات. من بينهم مراسل CNN عمر خيمينيز وطاقمه الذين تعرضوا الجمعة الماضية للاعتقال أثناء تغطيتهم لأحداث مينيابوليس. وأصيب العديد من الصحفيين بقذائف أو احتجزوا أثناء بثهم على الهواء. كمت أطلقت الشرطة النار على مراسل DW ستيفن سايمنس أثناء تغطيته للاضطرابات في عطلة نهاية الأسبوع.

احتجاجات عالمية في كندا المتاخمة للولايات المتحدة الأمريكية من الشمال حيث نزل الآلاف من المتظاهرين إلى الشوارع في فانكوفر وتورنتو. وفي العاصمة الألمانية برلين، تجمع المغتربون الأمريكيون ومتظاهرون آخرون خارج السفارة الأمريكية. وفي عاصمة بريطاينا لندن، ركع المتظاهرون في ساحة ترافالغار قبل أن يسيروا أمام البرلمان ويتوقفوا أمام السفارة الأمريكية.

احتدمت الاحتجاجات في العاصمة الأمريكية واشنطن بعد أن بدء سريان حظر التجول في الساعة 11 ليلا. تجمع أكثر من 1000 متظاهر في حديقة لافاييت قبالة البيت الأبيض، وأضرمت بعض النيران خارج مقر إقامة الرئيس. وذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن المخابرات نقلت ترامب إلى مخبأ محصن كإجراء احترازي.

مددت نيويورك ولوس أنجلوس وشيكاغو وميامي وديترويت وواشنطن العاصمة ومدن أمريكية أخرى حظر التجول مع دخول الاحتجاجات الليلة السادسة. ولاية أريزونا في غرب البلاد فرضت حظرًا للتجوال على مستوى الولاية على مدار أسبوع بعد اشتباك المتظاهرين مع الشرطة. كما تم نشر حوالي 5000 جندي من الحرس الجمهوري في 15 ولاية أمريكية.

في مواجهة تجدد الاحتجاجات يوم الأحد، هدد ترامب بنشر الجيش إذا فشلت الولايات في "الدفاع عن سكانها". ثم سار ترامب من مقر إقامته إلى كنيسة في الحديقة، حيث كان يحمل إنجيلًا عالياً خلال فرصة لالتقاط الصور. هذا التصرف أثار استياء الأسقف ماريان إدغار بودي بعد أن زار ترمب كنسيتها دون إذن مسبق ودون الصلاة في الكنيسة.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل