المحتوى الرئيسى

كنوز.. فى النفايات

06/03 22:39

ينظر العالم كله للمخلفات على أنها كنز ثمين يجب استغلاله، من خلال تدويره وتحويله إلى طاقة ومكونات أخرى مفيدة، فيما ظلت مصر لعقود طويلة تتعامل مع النفايات على أنها «هم كبير» و«حمل ثقيل» وتنفق على التخلص منه مليارات الجنيهات سنويا.

ومؤخرا شهدت مصر تغيرا استراتيجيا فى التعامل مع المخلفات، وتكاتفت الوزارات المعنية بقضية المخلفات لوضع استراتيجية للاستفادة من المخلفات، وبالتوازى مع ذلك بدأت شركات مصرية وأجنبية لاقتحام مجال تدوير المخلفات فى مصر، ولا سيما أن حجم المخلفات فى مصر يصل إلى 75 مليون طن سنوياً.

فى هذا الملف نرصد حجم الثروات المدفونة فى النفايات المصرية، وكيفية الاستفادة منها، وخطة الدولة لتحويل النفايات إلى مصدر من مصادر الدخل القومى.

75 مليون طن.. ثروة مدفونة فى التراب

 75 مليون طن هو حجم مخلفات المصريين سنويا، وهو ما يعنى أن المصريين يخلفون 205 أطنان مخلفات كل طلعة شمس، أى أن متوسط المخلفات الناتجة عن كل مواطن مصرى يوميا يبلغ 2 كيلوجرام!..

والمخلفات فى مصر أشكال وأنواع وفى مقدمتها ٢٢ مليون طن من مخلفات السكان، و٣٨ طنا من المخلفات الزراعية والصرف الصحى، وتنفق سنويا مبالغ تصل إلى ٢ مليار و٣٠٠ مليون جنيه للتخلص منها.

وتشير البيانات إلى أن حجم المخلفات الزراعية، هى من أفضل المواد الخام التى تلزم لإنتاج الغاز الحيوى، وهو مصدر متجدد للطاقة.

وتقدر الدراسات الصادرة عن المركز المصرى للدراسات البيئية قيمة الأموال المهدرة فى أكوام القمامة بحوالى 17 مليار جنيه، وتبلغ قيمة المخلفات البلاستيكية نحو 5 مليارات جنيه، فضلا عن مخلفات الألومنيوم فى عبوات الكانز والمشروبات الغازية والتى قدرت بنحو 3 مليارات جنيه.

ووفقا لتقارير وزارة البيئة بلغت نسبة إعادة تدوير المخلفات البلدية 20% من إجمالى المخلفات فقط, ويتم جمع معظمها من القطاع الرسمى, بينما يتم التخلص من نحو 8% من المخلفات بالمقالب العمومية والعشوائية, و7% فى المدافن الصحية بينما تظل المخلفات المختلطة مثل مخلفات الهدم والبناء منتشرة فى كل شوارع محافظات مصر المختلفة.

وبحسب تأكيدات الخبراء فإن حجم ما يتم تدويره من المخلفات يتراوح بين 15% و20% فى الوقت الذى يصل فيه عدد مصانع تدوير القمامة إلى 66 مصنعاً, ولا يعمل أغلبها بكفاءة، فيما تنفق الحكومة سنويا حوالى 2 مليار و300 مليون جنيه للتخلص من تلك المخلفات.

وتتصدر ألمانيا الدول الأكثر تدويراً للنفايات بنسبة ٦٥٪، حيث يقدر حجم المخلفات التى يتم إنتاجها سنويا فى برلين ٤٣٠ مليون طن، من بينها ٢٤٠ مليون طن من المخلفات المعدنية، و٦٠ مليون طن نفايات صناعية، وتصل كفاءة المنظومة إلى ٧٠٪، خاصة الورق والزجاج، وحوالى ٦٠٪ من نفايات البناء، وتوجد بها ٩٠٠٠ محطة لمعالجة المخلفات العضوية وتوليد الطاقة من الغازات الصادرة منها، وتضم برلين وحدها حوالى ١٥ مستودعاً للمخلفات الإلكترونية و٧٠ محطة للخردة، بين مملوكة للحكومة والقطاع الخاص، و٧٠ محرقة بقدرة ٢٤ مليون طن سنويا، وأجرت ألمانيا دراسة لإقناع مواطنيها بأهمية إعادة التدوير، وأوضحت من خلالها أن الورق المعاد استخدامه يوفر ٨٣٪ من الماء، و٧٢٪ من الطاقة، و١٠٠٪ من الخشب، و٥٣٪ من ثانى أوكسيد الكربون، كما أن إعادة تدوير الزجاج الأبيض والأخضر يوفر ٥٠٪ من الطاقة، ثم جاءت فى المرتبة الثانية عالمياً كوريا الجنوبية بنسبة بلغت ٥٩٪، إثر إطلاق مشروع وطنى فى أواخر التسعينيات، كما بلغت سلوفينيا والنمسا نسبة التدوير فيهما إلى ٥٨٪، بينما بلغت بلجيكا نسبة ٥٥٪، سويسرا بنسبة ٥١٪، والسويد وهولندا بنسبة ٥٠٪، ولوكسمبورج بنسبة ٤٨٪، وآيسلندا بنسبة ٤٥٪، والدنمارك ٤٤٪، وإنجلترا ٤٢٪.

تدوير القمامة.. 25 مليون فرصة عمل و20 مليار جنيه

النفايات سلعة، وتجارة رابحة، بات معها اللجوء لتكنولوجيا إدارة المخلفات أولوية قصوى، مع نجاح ذلك المشروع الطموح فى العديد من البلدان الأخرى.

وخلال السنوات الأخيرة بدأت مصر تنفيذ خطة متكاملة لتطوير منظومة المخلفات ضمن خطة لتنويع مصادر الطاقة النظيفة، تعتمد على فصل المخلفات من المنبع وتدويرها لتوليد الطاقة الكهربائية، للخروج من أزمة النفايات التى تراكمت سنوات عديدة، وكان التفكير فى كيفية الاستفادة منها يسيطر على تفكير العديد من المختصين، حيث وافقت وزارات «الإنتاج الحربى» و«البيئة» و«التنمية المحلية»، على تشكيل لجنة مختصة لدراسة إمكانية تنفيذ «المشروع القومى لتدوير المخلفات»، وتعظيم الاستفادة منها -كضرورة استراتيجية- لكونها تمثل ثروة مهدرة ينبغى حسن استغلالها بالشكل السليم، فى خدمة المشروعات الصناعية، بمعاونة الهيئة العربية للتصنيع وعدد من الشركات المحلية والأجنبية، بما يعود بالنفع على الاقتصاد والتنمية المستدامة، ويجعلنا نتفادى مخاطر التلوث التى تضر بصحة الإنسان والبيئة، والكائنات عموماً.

لأجل ذلك تمثل الاستراتيجية الجديدة التى تبنتها الحكومة، حلاً مثالياً.. لأن المخلفات ستتحول من نقمة إلى نعمة، ومن نفايات يمثل التخلص منها عبئاً على الموازنة إلى ثروة قومية، تكون مصدراً للطاقة الكهربائية، مما يسهم فى تعميق التصنيع المحلى، وحماية الصحة والبيئة، إلى جانب دمج القطاع غير الرسمى، وإتاحة حوالى ١,٢٥ مليون فرصة عمل للشباب، زيادة فرص الاستثمار، وفوق هذا كله تحقق عائداً اقتصاديا يقدر بقيمة ٢٠ مليار جنيه، كذلك تطوير الشكل الحضارى، وتزامن معها ٦ مبادرات توعوية، أشهرها «صوتك مسموع»، «مصر نظيفة.. ابدأ بنفسك»، «اتحضر للأخضر»، «شارك ونضف»، «حلوة يا بلدى».. هذه المبادرات تشارك فى تنفيذها المؤسسات المختلفة، وفق «رؤية مصر ٢٠٣٠».

إعادة تدوير المخلفات.. ليست بدعة أو ترفاً فكرياً، وإنما واقع معمول به فى العديد من الدول، من خلال منظومة يتم تطبيقها فى عدد من المحافظات، وتشتمل على ثلاثة برامج يستهدف الأول منها المشروعات العاجلة لتطوير البنية التحتية وإغلاق مقالب النفايات العشوائية والبالغ عددها ٥٧ مقلباً، من خلال الاستثمارات الموجهة للمحافظات بقيمة ٩٫٣ مليار على مدار خمس سنوات، وإنشاء محطات وسيطة «٣٦ محطة ثابتة و٥٦ متحركة» بإجمالى ٩٢ محطة، و٥٩ خلية دفن صحى، مع رفع كفاءة ١٤ خطاً أخرى بإجمالى ١٧ مصنع تدوير ومعالجة للمخلفات، وإنشاء ٤٥ خطا جديدا لإجمالى ٣٠ مصنعاً، ويشمل البرنامج الثانى: تمويل تكاليف التشغيل منها عقود تشغيل عمليات الجمع والنقل ونظافة الشوارع والمدافن الصحية الجديدة، ويمثل البرنامج الثالث الدعم المؤسسى مستهدفاً التطوير المؤسسى لمنظومة إدارة المخلفات على مستوى المحافظات إلى جانب تنمية القوى البشرية والعمل على المشاركة والتوعية المجتمعية مع دعم القطاع غير الرسمى ودعم صناعات التدوير الصغيرة.

وعن العائد الاقتصادى لكيفية استغلال المخلفات الصلبة وإدارتها، قال الدكتور شريف الدمرداش، الخبير الاقتصادى: إن الاتجاه نحو فصل المخلفات من المنبع يحولها من مشكلة إلى مصدر دخل وذلك بتنفيذ نظام جديد «مستدام» يعتمد على رفع كفاءة عمليات جمع ونقل النفايات والمعالجة والتدوير والتخلص الآمن منها، مما يسهم فى استخلاص المواد النافعة بها والاستخدام الأمثل لها

وأضاف «الخبير الاقتصادى» أن هذا المشروع يمكنه توفير عائد اقتصادى بقيمة ٢٠ مليار جنيه سنويا، ويتراوح متوسط تكلفة إنشاء مصنع لتدوير المخلفات ١٠ ملايين جنيه، ويعتمد توليد الطاقة من النفايات على معالجة المخلفات الصلبة كيميائياً لإنتاج طاقة كهربائية أو حرارية أو وقود حيوى أو وقود اصطناعى، وهو مشروع ناجح على المستوى الاقتصادى والبيئى، لما يسهم فى عملية الاستفادة من عمليات التدوير بشكل أكبر ونحقق أعلى ربحية عن طريق الاستفادة من تلك النفايات وتحويلها من مشكلة تعانى منها الدولة لقطاع جاذب للاستثمار، ويوفر فرص عمل، ويرفع مستوى النظافة، ويحسن من مستوى الصحة العامة، فضلاً عن مزايا طاقة المخلفات عن نظيرها من الطاقة الشمسية.. إذ يولد مليون طن مخلفات ٨ ملايين ساعة كهرباء لمدة ٢٠ عاماً، بالإضافة إلى استدامة طاقة المخلفات بدلاً من الطاقة الشمسية الموسمية، واستدامة كفاءتها حيث تقل كفاءة محطات الطاقة الشمسية سنوياً، كما أنه يقلل من فاتورة الطاقة المستوردة فى البلدان غير المنتجة للنفط، ومما يجعل لمصر مكانة متميزة بين الدول المنتجة للطاقة عالمياً، لذا تزداد ثقة العالم بهذه العمليات المتطورة، لأنها توفر طاقات متجددة مأمونة تتماشى مع المعايير البيئية الصارمة.

وأشار إلى أن إعادة تدوير المخلفات واستخدامها فى صناعة منتجات وتوليد الطاقة هو دليل على تقدم الدولة المصرية، وهناك دول كثيرة منها ألمانيا والسويد والصين، وأيضاً الفاتيكان ولوكسمبورج اللتين تطلقان على نفاياتها «المناجم الحضارية»، لما تحتوى عليه من ثروات يمكن استخراجها منها، وذلك تشبيهاً لها بمناجم الذهب.

وأوضح «الخبير الاقتصادى» أهمية تشجيع المواطنين على فصل المخلفات من المنبع، من خلال نشرات التوعية لمخاطبة ربات المنازل، وفى المقابل يتم الحصول على أشياء رمزية كتحفيز على ذلك، فتستفيد مالياً وتفيد المجتمع صحياً وبيئياً وجمالياً، وهو ما يتطلب التوسع فى إنشاء مصانع متطورة لإعادة تدوير ومعالجة المخلفات مقارنة بمثيلاتها فى ألمانيا، وكذلك منافذ الاستقبال المنتشرة فى القاهرة والمحافظات، مضيفاً أن المخلفات تنقسم إلى أنواع فمنها الصلبة وهى مخلفات الحديد، البلاستيكية، الورقية، الزجاجية، حتى إطارت السيارات التالفة يمكن إعادة تدويرها بطريقة لا تلوث البيئة، وتحويل المخلفات الغذائية إلى كومبوست «مخصبات تربة»، ويمكن استثمارها وتعود بالنفع على الوطن والمواطن.

المخلفات تتحول إلى طاقة.. فى 18 محافظة

النفايات من أفضل المواد الخام لإنتاج الغاز الحيوى، فهى ثالث مصدر من مصادر الطاقة المتجددة فى العالم بعد طاقتى الشمس والرياح وتتحول المخلفات إلى غاز حيوى من خلال إضافة بعض المواد العضوية إليها, كبقايا الطعام ومخلفات المنازل، وبحسب تقديرات الخبراء فإن مليون متر مكعب من المخلفات الحيوانية من الممكن أن تنتج 20 مترا مكعبا من الغاز الحيوى.

ومنذ سنوات عديدة توسعت العديد من الدول المتقدمة فى إنتاج هذا الوقود لتأمين مصادر الطاقة لديها فى ظل التقلبات المستمرة فى أسعار النفط، ولضمان مصدر دائم للطاقة المتجددة، وتعد اليابان من أوائل الدول التى استخدمت تكنولوجيا حرق النفايات الصلبة باستخدام العديد من الشبكات الواسعة لنقل القمامة من المدن الكبيرة لمد المحارق التى تم انشاؤها للقمامة لتضمن لها تغذية مستمرة، وقد استطاعت الاستفادة من القمامة فى توليد الكهرباء.

وفى بريطانيا يتم استغلال القمامة فى إنتاج الطاقة الحرارية، وهو نفس ما فعلته الولايات المتحدة الأمريكية، التى يوجد بها أكثر من 100 مصنع لتحويل النفايات إلى طاقة، بينما يوجد أكثر من 400 مصنع فى اليابان، كما أنتجت الصين والهند وفيتنام البيوجاز من المخلفات، وتخطط كل هذه الدول حاليا لتطوير اعتمادها على طاقة النفايات التى لا تنفذ، وهو ما يجعل هذا المصدر المتجدد للطاقة ثالث أنواع الطاقة المتجددة من حيث المساهمة فى إنتاج الطاقة.

وفى مصر ظهرت محاولات لتحويل المخلفات إلى بيوجاز، وكانت البداية من محافظة الفيوم التى كانت من أوائل المحافظات التى بدأت تطبيق تلك التجربة بإنشاء الأهالى لوحدات بسيطة لإنتاج البيوجاز وإمداد المنازل بالغاز, ثم انتشرت فى عدة محافظات أخرى.

وإنتاج الغاز فى القرى يتطلب خزاناً يحتوى بداخله على المواد العضوية التى يلزم تحليلها، وخزان آخر لتخزين الغاز الناتج من عملية التحلل وتلك الوحدات يتم تشييدها تحت الأرض، وتتم تغذيتها يوميا بكميات محددة من روث الحيوانات مخلوطة بالمياه، ويعرف البيوجاز بأنه المخلوط الناتج عن تخمير المركبات العضوية المكونة من روث الحيوانات ومخلقات الحقل وبقايا الاطعمة المنزلية وبقايا الصناعات الغذائية المختلفة، عند خلطها بالماء بمعزل عن الهواء، مما ينتج عنه تخمر لاهوائى فينتج غاز الميثان بنسبة 50 إلى 70% وهو الجزء القابل للاشتعال فى المخلوط، ويتم توصيله بالبوتاجاز لاستخدامه فى الأغراض المنزلية، يمكن أيضاً توصيله بوحدات الإنارة لأغراض الإضاءة، وبسخانات الغاز بعد تعديلها لتسخين المياه. وتنتج كل وحدة من تلك الوحدات حوالى 60 متراً مكعباً شهريا، إضافة إلى سماد عضوى.

وفى عام 2017 نفذت وزارة البيئة العديد من وحدات البيوجاز فى 14 محافظة، وتم تسليم أكثر من 1000 وحدة بيوجاز بمحافظتى أسيوط والفيوم، وتعمل الوزارة حاليا على إنشائه بشكل كامل فى عدة محافظات، على أن يمتد لباقى المحافظات كبديل للوقود التقليدى، ومؤخرا نفذت الوزارة العديد من وحدات البيوجاز، فى أكثر

وفى عام 2018 تم إنشاء وحدة لإنتاج البيوجاز فى محافظة كفرالشيخ، وتشغيل بوتاجازات الفلاحين بعدد من قرى مركز الحامول، ونجح مهندسو شركة مياه الشرب والصرف الصحى المصرية، بالتعاون مع خبراء ألمان فى إنتاج وتوليد الكهرباء من ناتج مخلفات الصرف الصحى، وذلك من خلال تجربة تعد الأولى فى مصر لإنتاج البيوجاز الناتج عن خليط الغازات، بعد تخمر المواد العضوية عند خلطها بالماء.

ويقول الدكتور سيد عبدالبارى أستاذ الكيمياء بجامعة المنصورة: الغاز الحيوى هو عبارة عن غاز ينتج عن تحلل المواد العضوية وتخمرها بعد أن يتم كمرها بطريقة جيدة لاستخراج غاز الميثان، وتعد المواد الغذائية من أفضل أنواع المخلفات التى يستخرج منها الغاز لأنها تستغرق وقتا قصيرا لإنتاج الغاز، تليها المخلفات الحيوانية، وهى عملية غير مكلفة، لكن لا يمكن تحويل كل المخلفات إلى وقود، وتكمن أهمية تدوير المخلفات فى استخراج الوقود الذى يعد من الطاقات المتجددة، كما يساهم فى التخلص من النفايات بطرق آمنة تدر عائدا اقتصادياً، ومن ناحية أخرى يرى أن إنتاج الوقود الحيوى من المخلفات سيساهم فى توفير الغاز للمنازل فى ظل ارتفاع أسعار انابيب البوتاجاز، وقال «هناك بعض الدول الأوروبية تقوم بجمع المخلفات وتدويرها عن طريق عمل تحلل حرارى بمعزل عن الهواء لاستخراج الغازات التى يتم استخدامها فى توليد الطاقة، واستخراج الوقود، لكن هذا الأمر يعد مكلفا، وفى مصر يتم التخلص من بعض المخلفات بدفنها فى التربة، وحرق البعض الآخر أو إلقاؤه فى المناطق الجبلية.

ومن ناحية أخرى يرى حسين أبوصدام نقيب الفلاحين أن المخلفات كنز لم يستغل بالقدر الملائم حتى الآن، فمن الممكن أن يتم إعادة استخدامها كأسمدة وأعلاف ووقود بحسب نوع المخلفات، فتدوير المخلفات من الاتجاهات المربحة والمفيدة، وإهمالها يؤدى لأضرار بيئية، خاصة أن هناك من يلجأ للتخلص منها عن طريق الحرق أو إلقائها على جانبى الطريق أو إلقائها فى المصارف، ويقول: فى الآونة الأخيرة لجأ بعض الأهالى فى القرى لاستخراج الغاز من المخلفات عن طريق إنشاء خزانات بعمق معين ومواسير لإمداد المنازل بالغاز, وهذا الأمر غير مكلف، فهناك بعض التجارب الشخصية التى تمت مؤخرا فى هذا المجال، لكن الأمر لم يتم تعميمه على نطاق واسع، بسبب عدم دراية الكثير من الفلاحين بتلك المشاريع، وذلك نتيجة لضعف الإرشاد، والتوعية من قبل المسئولين فى المناطق القروية، ويطالب المسئولين بضرورة نشر التوعية والاهتمام بتلك المشروعات الحيوية حتى يتم التخلص من المخلفات بطرق آمنة تعود بالفائدة على المواطنين.

مؤخراً شهد الدكتور محمد سعيد العصار، وزير الدولة للإنتاج الحربى، توقيع بروتوكول تعاون بين الهيئة القومية للإنتاج الحربى وشركة «JST» وهى إحدى الشركات الكورية العاملة فى مجال تكنولوجيا تحويل المخلفات الصلبة إلى الوقود البديل, لتنفيذ خطة متكاملة لإدارة المخلفات والمساهمة فى تحسين الأوضاع البيئية والصحية والمعيشية للمواطنين، وأشار «العصار» فى تصريحات صحفية إلى أن التعاون مع الشركة الكورية يهدف إلى زيادة عملية الجمع لأكبر قدر ممكن من المخلفات، وتقليل عملية الدفن، بهدف إنتاج وقود يتم استخدامه فى أفران مصانع الأسمنت، من خلال منظومة تعتمد على عناصر أساسية وهى جمع، ونقل، وفرز، ومحطات وسيطة، ومصانع التدوير، ومدافن. وأضاف أن جمع هذه المخلفات وإعادة تدويرها من تلك العناصر، كان يتم فى بعض مصانع الإنتاج الحربى وتحويلها إلى سماد عضوى، ولكن هذه العملية لم يتم الاستفادة فيها سوى من 20% من المخلفات فقط، ويتم دفن الباقى.

وأكد المهندس محمد شيرين، رئيس الإدارة المركزية لشئون مكتب وزير الإنتاج الحربى فى تصريحات صحفية أن جمع هذه المخلفات وإعادة تدويرها كان يتم فى بعض مصانع الإنتاج الحربى وتحويلها إلى سماد عضوى.

وأشار إلى أن التعاون مع الشركة الكورية يهدف إلى زيادة عملية الجمع لأكبر قدر ممكن، وتقليل عملية الدفن، بهدف إنتاج وقود يتم استخدامه فى أفران مصانع الاسمنت، وبالتالى يتم تقليل استخدام الفحم.

وأكد أحمد مدحت مدير مؤسسة الطاقة الحيوية التابعة لوزارة البيئة، أن الوزارة نفذت 1300 وحدة بيوجاز، فى أكثر من 18 محافظة، وأسست قرابة 20 شركة لمهندسين تدربوا داخل المشروع.

وأوضح مدحت أن الوزارة تقدم مساعدات عينية وفنية للمواطن، وتمده بـ«البوتاجاز» المعدل على استخدام البيوجاز، الذى يمثل 20% من تكلفة الوحدة، والدعم المالى فى صورة قرض مسير لبناء هذه الوحدات، للمزارع غير القادر على إنجازها وتقسيطها على دفعات.

المهندس حسام محرم، مستشار وزير البيئة الأسبق، قال: تجرى فى مصر خطة طويلة الأجل لتطوير منظومة المخلفات الصلبة والخطرة منذ عدة سنوات، ولكن الوضع تغير الآن، حيث بدأت الدولة تخطو خطوات صحيحة فى هذا الملف، والبرنامج يتضمن تأسيس جهاز إدارة المخلفات، بهدف رفع كفاءة المنظومة، وإنشاء البنية التحتية اللازمة فى مختلف المحافظات منها تنفيذ المحطات الوسيطة ومصانع التدوير والمدافن الصحية الآمنة، وتعظيم الاستفادة منها، سواء بإعادة التدوير أو توليد الطاقة أو أى بدائل أخرى، كما ستعمل المنظومة على حث مولدى المخلفات على تبنى مفهوم فصل المخلفات من المنبع.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل